مع تراكم المشاكل التي يعاني منها لبنان والتي تتزايد يومًا بعد يوم، ومع تفاقم ازماته المتعددة الوجوه وعلى كافة المستويات، وفي ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن إيجاد حل لأي من مشاكله وأزماته. 
فمن مشكلة الكهرباء إلى مشكلة النفايات إلى مشكلة الأمن والسلاح المتفلت إلى مشكلة البطالة وتزايد جيش العاطلين عن العمل بشكل مضطرد إلى تراكم الدين العام والذي تجاوز السبعين مليار دولار دون توفر أي إمكانية للجمه وايقافه عند سقف معين إلى الغلاء الفاحش الذي يغزو الأسواق وخصوصًا سوق المواد الغذائية دون اي رقابة إلى الفساد المتفشي في كل زاوية من زوايا الدوائر والمؤسسات اللبنانية إلى مشكلة سلسلة الرتب والرواتب إلى الانهيار الاقتصادي والمالي إلى آخر معزوفة الأزمات والمشاكل المتداخلة والمتشابكة، تبقى مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان من أبرز المشاكل تعقيدًا وأكثرها خطورة بسبب الفوضى التي رافقت نزوح آلاف العائلات السورية وإنتشارها على كافة الأراضي اللبنانية بدون أي تنظيم في توزيعها على مخيمات يتم إعدادها وتجهيزها بالوسائل المطلوبة لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ومع عدم تشكيل لجان متخصصة لأحصاء اعداد الوافدين والتحقق من هوياتهم ومن إنتماءاتهم حفاظًا على أمنهم ودرءًا لمخاطر تغلغل عناصر مشبوهة بينهم.

إقرأ أيضًا:  داعش في الطريق إلى الزوال
وما يزيد من مخاطر مشكلة اللاجئين السوريين ويفاقم تعقيداتها هو تداخل العامل السياسي بالعامل الإقتصادي بالعامل الأمني بالعامل الإنساني بحيث يتعذر الفصل بين هذه العوامل، وبالتالي عدم توحيد رؤية الأطراف السياسية والحزبية اللبنانية لهذا النزوح السوري القسري. 
بعض الجهات اللبنانية ترى أن هروب السوريين من جحيم الحروب ونار المعارك ولجوئهم إلى لبنان من المفترض ان يتم النظر إليهم من الجانب الإنساني نظرا للحالة المأساوية التي تعرضوا لها في بلدهم وعلى الحكومة اللبنانية إيجاد الوسائل والحلول التي تخفف من مأساتهم ومعاناتهم بانتظار انتهاء الأزمة السورية وعودة السوريين إلى بلادهم، وتعتبر أن المداهمات الأمنية لبعض مخيمات اللاجئين السوريين تفرض حالة من العداء للوجود السوري برمته في لبنان، مما يعطي مبررًا لتزايد ظواهر الحقد والكراهية ضد الغريب السوري خصوصًا مع تنامي مقولة أن العامل السوري يزاحم العامل اللبناني في لقمة عيشه. 
وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري قال في تصريحات سابقة أن لبنان يقترب من نقطة الإنهيار بسبب الضغوط المترتبة عليه جراء تواجد أكثر من مليون ونصف لاجيء سوري على أراضيه، مضيفًا أنه يخشى من اضطرابات قد تندلع بسبب التوتر بينهم وبين اللبنانيين، سيما وأن وعود المجتمع الدولي بتقديم مساعدات مالية إلى لبنان لتغطية نفقات النزوح السوري إليه لم تتحول إلى حقيقة واقعية وبقيت أدنى مما تتطلبه المشكلة من إمكانيات. 

إقرأ أيضًا: خطيئة الحاج الثمانيني
وفي ظل هذه الأجواء قام الجيش اللبناني بعملية أمنية استباقية مؤخرًا حيث داهم أحد مخيمات اللاجئين السوريين في منطقة عرسال وتم إلقاء القبض على العشرات من السوريين ممن تم التثبت من ارتباطهم بالجماعات الإرهابية كجبهة النصرة وتنظيم داعش. 
وهذه العملية أعادت الجدل بين الأطراف اللبنانية إزاء مخيمات النازحين السوريين، فريق يرى أن هذه المخيمات تشكل قواعد وبؤر للإرهاب فيما يرى فريق آخر أن اللاجئين السوريين هم ضحايا لنظام ديكتاتوري ولحروب همجية يدفع المدنيون ثمنها من أرواحهم ودمائهم. 
وهذا الجدل بين العامل الأمني والعامل الإنساني يكشف مدى التباين في رؤية الأفرقاء اللبنانيين للمسألة السورية.