صبيحة ذات يوم,طرق طارق باب داري,طرقات متواليات تدل على أن صاحبها مستنفر استنفار النعاج من غارة الذئاب,تهيبت استعدادا لأسوأ الاحتمالات 
تقدمت نحو الباب,واذ برجل ملتح, عليه سمات التديّن,والبراءة بادية على وجهه,مرتبك حيث دقات قلبه تُسمع عن بعد,قلت: يا أخي ما 
خطبك ,قال: مولاي هل لك حظ في تأويل الاحلام,قلت :هوّن من نفسك ولا تخف ,لعل رؤياك أضغاث أحلام,محاولا بذلك التخفيف من روعه.ولكن لم 
تفلح محاولاتي للتخفيف من روعه,لأنه يعتقد أن الاحلام مصدر من مصادر المعرفة,كيف لا وهو اعتاد على سماع الخطباء الدينيين وهم يستدلون على كثير 
من القضايا برؤى وأحلام ,تشعر وكأنها أبدعت ابداعا ونسبت لاكابر القوم لاضفاء القدسية عليها,على قاعدة قدسية الرؤيا وأهميتها من 
قدسية الرائي وأهميته,بل أكثر من ذلك وأخطر,هو تأسيس بنية معرفية دينية مصدرها الحلم والمنام,حاولت ثانية ,موضحا له الفرق بين رؤيا رسول السماء وبين 
غيره من البشر,لأننا نعتقد كمسلمين أن الرؤيا التي يراها النبي (ص) هي طريقة من طرق الوحي الالهي ,والوحي من لوازم النبوة ومختصاتها,وهي حجة عليه وعلى 
الناس جميعا كونها رؤية نبوية,ويجب على النبي (ص) اعتبار رؤياه حقيقة وواقع,وقد أكد القرآن هذه الحقيقة في سيرة نبي الله ابراهيم(ع)اذ قال في سورة الصافات 
آية 102مخاطبا ابنه النبي اسماعيل(ع) "...اني أرى في المنام أنّي أذبحُك....."فامتثلا للأمر وصدقاه لأنهما يعرفان أن رؤيا النبوة حقيقة يجب امتثالها,وأثبت 
الله هذا التصديق في السورة نفسها آية 105 "قد صدّقت الرؤيا.....".فلا حجة لمنام اذا لم يكن الرائي نبيا,ولا مصدرا لأي معرفة,ولا دليلا على أي قضية
قال:اني أسمع منك شيئا غريبا ,وكأنك من عالم آخر,لا تدري ما تقول,وأنصحك أن تسمع رؤياي ,لعلها تشفي غليلك وتؤنسك في غربتك ,وان كنتَ لا تؤمن 
بأحلام اناس ألفوا القهر والحرمان,واستلاب الحريات , وألفوا الغيبة والنميمة والبهتان,وألفوا الظلم والبغضاء والعدوان,حتى أصبح شرار القوم خيارهم
وبدأ يروي رؤياه,قائلا :اني أرى في المنام رجالا ونساءً يستدبرون القبلة في صلاتهم ,يؤمهم رجل بلباس امرأة ,استرقت السمع وكأنه يخاطبهم بلغة ليست عربية
أخذت روايته مني مأخذا,فقلتُ له:كأنك تروي واقعنا وحالنا بلغة المنام,وأظنك خائفا من مواجهة الحقيقة ,وهذا حال الناس اليوم ,يهربون من واقعهم المأساوي 
الى عالم الغيب,الذي بات المتنفس الوحيد بعد خراب البصرة؟؟ 
أما زلتَ يا مولاي لا تؤمن بالاحلام,قلت: من أنت ومن أي البلاد أنت وماذا تريد؟ قال:بلّغ أمتي عني السلام......وغادر....