الجمهورية : أسبوع الحسم: القانون أو الحائط... والتفاهمات ما زالت شروطاً

 

هذا الأسبوع سيكون أسبوع «الحسم» أو «الفصل» في مصير قانون الانتخاب، على حد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد ساعات على لقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري أكدا خلاله ضرورة إنجاز هذا القانون «في اسرع وقت». لكن بدت البلاد في عطلة نهاية الاسبوع غارقةً حتى الآن في تكهّنات، منها ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي، وبالتالي فإنّ الأجواء ضبابية تميل إلى السواد أكثر منه الى البياض، وهناك خشية لدى المواكبين للاتصالات الجارية من أن يكون خلف أكمةِ البعض رغبات دفينة في الوصول بالوضع الداخلي الى المأزق الكبير، وهذا يتبدّى من السلال التي تستولد سلالاً، والطروحات التي تستولد طروحاتٍ، والتعجيزات التي تستولد تعجيزات، على النحو الذي جعلَ كثيرين يتساءَلون أين من هنا؟ ومن يستطيع دفع ثمن المأزق إذا وقعنا فيه؟حتى الآن ما زالت الطروحات في منطقة التعجيز، وتبدو الأيام الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل أشبَه بالأيام التي كانت سائدة قبل أشهر، إذ يبدو انّ البعض كأنه غير عابئ بالوقت ومروره من خلال التشبّث بطروحات لا علاقة لها بأصل القانون ويمكن أن يؤتى عليها في مرحلة ما بعد إقراره، وبدل ذلك يضَعها هذا البعض شروطاً أساسية للعبور بالقانون.

ومن هنا أكدت مصادر معنية بالاستحقاق النيابي لـ«الجمهورية» أنّ اليومين المقبلين حاسمان على هذا الصعيد، خصوصا لجهة تحديد البوصلة، إمّا في اتجاه القانون، وإمّا في اتجاه الحائط المسدود. واضافت هذه المصادر أنه خلافاً لكلّ ما قيل عن انّ هناك طروحات تمّ التوافق عليها وحسمها، فإنّها حسِمت شكلاً بينما ما زال البعض يضعها في الغرف المغلقة عنصراً أساسياً على الطاولة، ومنها على سبيل المثال «الصوت التفضيلي» الذي ما زال موضعَ تباين حتى الآن، إذ إنّ الوزير جبران باسيل ما زال يصرّ على طرحه المتعلق بطائفية هذا الصوت، في مقابل موقف الثنائي الشيعي وآخرين المصرّين على إخراجه من القيد الطائفي.

ويضاف الى ذلك موضوع عدد اعضاء المجلس النيابي لجهة تقليصه من 128 إلى 108 نواب، ويقابل ذلك موضوع تمثيل المغتربين الذي يشكّل العقدة الكبرى، الى جانب نقلِ المقعد الماروني من طرابلس الى البترون.

كل هذه الأمور يفترض أن تبتّ في الساعات الـ48 المقبلة، وإذا كانت القوى المعنية بالاتصالات لم تسجل في ما بينها اتصالات تُذكر خلال عطلة نهاية الاسبوع، على حد تأكيد الوزير علي حسن خليل، فإنّ مصادر مواكبة ترجّح عَقد اجتماع اليوم وصِف بالحاسم يمكن أن ينعقد في «بيت الوسط».

على انّ هناك مادة أخرى قيد النقاش وهي رهنُ بالتوافق النهائي على القانون الانتخابي بكلّ تفصيلاته، وتتعلق بالفترة الزمنية التي ستمدّد فيها ولاية مجلس النواب تحت العنوان التقني، مع الترجيح أنّ هذا التمديد الذي اقترحه وزير الداخلية نهاد المشنوق أن يكون من 6 إلى 7 أشهر، بات المرجّح أن يكون 9 أشهر بالحد الأدنى، وهذا ما سيبتّ به مجلس الوزراء في جلسته الاربعاء، شرط أن تكون الامور سالكة مع اتّجاه للتوافق على القانون.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «كنت أودّ أن أتفاءلَ ولكنّي الآن في ظلّ الجو الراهن اقفُ في النقطة الوسط ما بين التفاؤل والتشاؤم، ومع أنّني أتمنى ان ترجح كفة التفاؤل، فإني أخشى أن تسير الامور في اللحظة الاخيرة نحو التشاؤم، وبالتالي الترحّم على القانون والشروع مع مرحلة جديدة لا أستطيع أن اضَع لها عنواناً من الآن.

بين عون والحريري

واستعداداً لجلسة مجلس الوزراء الأربعاء التي ضمّ جدولُ اعمالها قانونَ الانتخاب العتيد، التقى عون والحريري عصر أمس وأجرَيا جردةً بالمعطيات والمواقف من القانون الانتخابي وما حقّقته الاتصالات حتى الآن استعداداً للبحث فيه على طاولة مجلس الوزراء.

وخلال اللقاء الذي استمرّ ساعةً ونصف ساعة و«تمشَّيَا» خلاله في حديقة القصر الخلفية، تبادَل عون والحريري ما لديهما من معلومات حول المواقف الأخيرة من بعض بنود قانون الانتخاب التي قيل إنه تمّ التفاهم عليها، وتلك التي ما زالت قيد البحث وتُبذل الجهود لتقريب وجهات النظر في شأنها، واتّفقا على السعي قبل جلسة مجلس الوزراء كلٌّ مِن موقعه لتذليل آخِر العقبات التي تَعوق الاتّفاق على الصيغة النهائية للقانون.

وبعد اللقاء اكتفى الحريري بالقول إنّ «أجواء اللقاء مع الرئيس عون إيجابية ويجب إنجاز قانون جديد للانتخابات في اسرع وقت ممكن». وأضاف: «يجب الانتهاء من صوغ القانون قبل جلسة مجلس الوزراء».

برّي

ومن جهته بري، قال أمام زوّاره امس: «يوم الاربعاء المقبل يفترض ان يكون «يوم الحسم» أو «يوم الفصل»، اي بإنجاز القانون الانتخابي. ولقد تشاورتُ مع الرئيس سعد الحريري حول موضوع جلسة الاربعاء، واستعجلتُه ضرورةَ إنجاز القانون، فإذا تمّ ذلك وأحالوه إليّ في اليوم نفسه عندها نَطبعه ونوزّعه على النواب في اليوم نفسه، وأُثبّت عندئذ موعدَ الجلسة التشريعية يوم الجمعة المقبل».

وردّاً على سؤال عمّا يمكن ان يكون عليه الموقف في حال تعذّر إنجاز القانون الاربعاء، قال بري: «هذه مسؤوليتهم، عليهم ان يبتّوا سريعاً بالقانون، إذ لم يعُد لدينا وقت أبداً».

وفي المعلومات انّ موضوع تمثيل المغتربين في مجلس النواب هو العقدة التي ما زالت ماثلة في طريق القانون الانتخابي، وإنّ استعصاءَها على الحلّ يمكن ان يطيحَ بالقانون تبعاً للتصلب المتبادل، سواء في طرح باسيل له على نحو يحسم ستة نواب من عدد المجلس الحالي البالغ 128، أو من حيث رفض الثنائي الشيعي له، وتحديداً بري الذي يؤكّد «أنّ هذا الأمر ليس وارداً أبداً، أي موضوع الحسم من عدد اعضاء المجلس النيابي».

وقال بري: «لا يُزايدنَّ أحد عليّ في موضوع المغتربين، أنا الذي احدثتُ وزارةً لهم، وغيري ألغاها، وبالتالي هناك من يقول انّ لبنان بجناحيه المسلِم والمسيحي وأنا أضيف لبنان بجناحيه المقيم والمغترب، ولذلك انا من حيث المبدأ لستُ أبداً ضدّ تمثيل المغتربين، بل على العكس، أنا مع ان يتمثّلوا ليس في المجلس المقبل فحسب، بل غداً، لكن قبل ذلك يجب ان تتوافر الشروط والإمكانات لذلك، فإن توافرَت فلا مانع أبداً.

هم يطرحون ستّة وإن توافرَت الشروط فليس ما يَمنع من ان يكون أكثر من ذلك بكثير. امّا بالنسبة الى تخفيض عدد النواب فهذا أمر مستحيل ولن نمشي فيه على الإطلاق».

وردّاً على سؤال، قال بري: «وافَقنا على مشروع الـ 15 دائرة، ولقد سمعتُ من الرئيس عون انّه هو صاحب المشروع، وأنا أوّل مسلم اقبَل به، نحن وافَقنا على مشروعهم كما اتّفقوا عليه في بكركي، ولكن فوجئنا بأنّه بدلاً من ان نمضي به سريعاً توالت الشروط تلو الشروط ممّن يُعتبَرون أصحابه، لماذ؟ لا نعرف».

وعن طرح البعض نقلَ مقاعد نيابية، اشار بري الى حصول «خرق» في هذا المضمار تَمثّلَ بموافقة الحريري على نقلِ المقعد الانجيلي الى دائرة الاشرفية، وقال: «أمّا بالنسبة الى نقل مقعد طرابلس الماروني فلا يمكن أن أوافقَ عليه».

باسيل «الديمومة»

إلى ذلك، أشار باسيل خلال تمثيله رئيس الجمهورية ميشال عون في تدشين سدّ القيسماني «أنّ قانون الانتخاب متى تمَّت الموافقة عليه يصبح ملكَ الجميع، وهذا يتمّ بالاقتناع والتوافق بين الجميع، لأنه في بلد تعدّدي مِثل لبنان محكوم بالديموقراطية التوافقية، فإنّ النسبية بحاجة الى ضوابط حتى تؤمّن الديمومة. وعدم المطالبة لاحقاً بتغيير القانون»، لافتاً إلى أنّ «العدالة لا تتجزّأ، وهذا هو المفهوم الذي على أساسه نحن نقول إنّ القانون بحاجة الى ضوابط وإصلاحات، حتى يصبح مكتملاً ويعطيهم الحقوق الكاملة».

«المردة»

من جهته، أعلن رئيسُ تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية «أنّنا نمدّ يدَنا الى الجميع الى أقصى العالم، والذي يريدنا يعرف العنوان»، مؤكّداً أنّ «الانتخابات آتية وسيكون لنا مرشحون وسنكون داعمين لأصدقاء وحلفاء، ونتمنّى لكلّ حليف أن ينجحَ قبلنا، لسنا من النوع الذي يحارب حلفاءَه».

وشدّد فرنجية على «أنّ المراكز والمواقف لا تجعلنا ننحني، الشخص هو الذي يصنع المركز ويقوّيه وليس المركز هو الذي يقوّي الشخص، كما ترون اليوم هناك مَن يعتبرون أنفسَهم اقوياء بالمراكز ويستقوون على العالم».

وأضاف: «من مذبح الكنيسة في بكركي واليوم على هذا المذبح سامحنا وغفَرنا لأنّ المسيحي الحقيقي هو الذي يغفر ويسامح، علّمنا المسيح التواضع وليس التكبّر، علّمنا الرجاء وليس الإلغاء، وسامحنا في بكركي وسامحنا في السياسة وسامحنا في الدين، إنقلبوا هم على إتفاقنا في بكركي وبدأوا من خوفهم يفصّلون قوانين على قياسهم، ولا زالوا كلّ ما إتفق إثنان يقولون أنتم ضد المسيحية وخرجتم عن المبادئ».

ضغوط على لبنان

وعلى صعيد الأزمة الخليجية ـ القطرية، بدأ لبنان يتعرّض لضغوط لكي يتّخذ موقفاً من هذه الأزمة. وسجّلت دوائر ديبلوماسية سعودية وإماراتية ومصرية استياءَها من سياسية النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان على اساس انّه معنيّ بمواجهة الارهاب.

وقد تناول عون والحريري في جانب من لقائهما امس الأزمة الخليجية ـ القطرية وتردّداتها على الجاليات اللبنانية في المنطقة، وذلك في ضوء عودة الحريري من السعودية حيث ادّى مناسك العمرة وأجرى اتصالات بقادة المملكة.

ونَقل الحريري أجواء مطمئنة خصوصاً بالنسبة الى الجاليات اللبنانية التي تلتزم قوانين الدول والإمارات والممالك التي تقيم فيها إذ لم يتعرّض ايّ منها لأيّ تدبير إستثنائي، وإنّ ما يصيب اهالي هذه الدول وقاطنيها ينسحب عليهم.

واتّفق رئيسا الجمهورية والحكومة على متابعة هذا الوضع بدقة وإبقاء لبنان في منأى عن هذه الأزمة، متمنّين انتهاءَها سريعاً لكي تستعيد دول الخليج العلاقات في ما بينها بنحو طبيعي.

 

المستقبل : شدّد بعد لقائه عون على وجوب إنجاز صياغة قانون الانتخاب قبل الأربعاء ... الحريري لجمهور الرئيس الشهيد: أنتم ثروتي

 

لليوم الثاني على التوالي، أطلق رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري سلسلة مواقف سياسية وجردة مشاريع إنمائية بين أهل البقاع، في مأدُبة إفطار رمضانية أقامتها منسّقيّتا تيّار «المستقبل» في البقاع الغربي – راشيا وعرسال- الهرمل، بحضور سياسي وشعبي أرادها مناسبة يُعرب فيها عن شكره «للمحبة والوفاء» اللذين لمسهما «منذ بداية هذا الشهر المبارك وفي كل إفطار أحضره، من الشمال الى بيروت الى البقاع لأقول أمامكم وبينكم: أنا سعد رفيق الحريري أغنى سياسي في لبنان.. لأنّكم أنتم أهلي وربعي وعشيرتي.. هذه العملة الحقيقيّة والوحيدة التي تقاس فيها الثروة، وأنتم كنتم ثروة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنتم ثروتي الأصلية».

«وفاء» أهل البقاع بادله الرئيس الحريري بشكر ثانٍ على «دفاعكم عن العيش المشترك وعلى تمسّككم بمشروع الدولة.. وعلى وقوفكم مع الاعتدال بوجه الفتنة والتطرّف والتعصّب». منوّهاً بأهل البقاع بوصفهم «أوّل من فَهِمَ أنّ الاعتدال قوّة وليس ضعفاً وأنّ التسويات لمصلحة أهلنا وبلدنا ليست تنازلات، وأنّ البطولة الحقيقية ليست بالمزايدات وإنّما بحماية البلد واستقراره من دون التفريط بأي واحدة من ثوابتنا».

وإذ عدّد بالتفصيل مجموعة من المشاريع التي هي في طريق الإنجاز أو قيده، كهربائيّاً وصحيّاً وبيئيّاً وغذائيّاً وصناعيّاً وزراعيّاً وإنمائيّاً، مذكّراً بأنّ الليطاني «نهر الحياة وممنوع أن يتحوّل لمجرى الموت»، أكّد الحريري أنّ همّه «كان وما يزال وسيبقى همّكم، وحقكّم بفرص عمل وحياة كريمة، بالتربية، بالطبابة، بالخدمات الأساسية، وهذا عنوان عملي في الحكومة، بخدمتكم جميعاً». 

وفي لفتة خاصة لأهل عرسال التي «ظُلمت وضحّت لحماية الدولة وقاسمت رغيف الخبز مع النازحين»، قال رئيس الحكومة: «أنا أقف معكم، ومن ضمن أولوّياتي إنشاء وتأهيل المدارس والمستوصفات والمستشفى الحكومي وتحسين البنى التحتية والكهرباء والمياه والخدمات العامة في منطقة عرسال».

قانون الانتخاب

في الغضون استمرّت الاتصالات في عطلة الأسبوع لإنجاز ما تبقّى من قانون الانتخاب قبل جلسة مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء، فعقدت لقاءات بعضها علني وبعضها الثاني غير علني كان أبرزها لقاء الرئيس الحريري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا بعد ظهر أمس، حيث أجرى معه على مدى ساعة ونصف الساعة جولة أفق تناولت الأوضاع العامة والتطورات السياسية ونتائج الاتصالات للاتفاق على قانون جديد للانتخاب.

وبعد اللقاء اكتفى الحريري بالقول إنّ أجواء اللقاء مع الرئيس عون «إيجابية ويجب الإسراع في إنجاز قانون جديد للانتخاب في أسرع وقت ممكن». وأكد أنّه «يجب الانتهاء من صياغة القانون قبل جلسة مجلس الوزراء».

كما نشر الحريري، بعد اللقاء، صورة سيلفي له وللرئيس عون، على موقع «انستغرام» معلّقاً عليها: «تمهيداً للأربعاء» في إشارة الى جلسة مجلس الوزراء.

 

الأخبار :مبادرة مضادّة للدوحة: لا مفاوضات قبل كسر الحصار

 

 

في ظلّ فشل الوساطات المتكررة التي تدخل دول جديدة على خطّها، يزيد «الكباش» بين الرياض وأبو ظبي من جهة، والدوحة من جهة أخرى، تعقيداً واشتعالاً، مع مؤشرات إلى أن قطر أطلقت مبادرة مضادة تستهدف أولاً معرفة رأي عدد من العواصم إذا ما تصاعدت الأمور

في ظل تواصل الخطوات التصعيدية السعودية والإماراتية بوجه قطر، حاولت الكويت، أمس، إعادة بث الروح في وساطتها، التي بدا خلال الأيام القليلة الماضية أنه تم وأدها في مهدها. إلا أن استمرار الرياض وأبو ظبي في تكثير حلقات خناقهما المفروض على الدوحة، أوحى بأن الأزمة في طريقها نحو مزيد من التعقيد والاشتعال، وسط بروز مؤشرات إضافية إلى إمكانية تحول التوقعات بنوع من «التدويل» للأزمة، إلى واقع على الأرض.

مؤشراتٌ تترافق مع مبادرة مضادة بدأتها قطر، لا تستهدف تقديم إيضاحات وردود فعل على ما قامت به رباعية السعودية والإمارات ومصر والبحرين، بقدر ما تستهدف سبر أغوار عدد من العواصم الإقليمية والدولية، من أجل الوقوف على رأيها في ما لو تصاعدت الأمور أكثر. وفي هذا السياق، يسأل الدبلوماسيون القطريون محدثيهم عن موقفهم في حال قررت السعودية، بوجه خاص، التورط في مغامرة من شأنها تفجير الأمور.
يحصل ذلك بينما تقفل السعودية والإمارات الباب أمام أي وساطة فعلية. وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الكويتي، صباح الخالد الصباح، أعلن أمس أن قطر مستعدة لـ«تفهّم هواجس أشقائها، والتجاوب مع مساعي تعزيز الأمن والاستقرار»، مشدّداً على ضرورة حل الخلاف «من خلال الحوار المباشر، في إطار البيت الخليجي»، إلا أن المعلومات تؤكد أن أمير الكويت عاد خائباً، حتى إنه رفض نقل المطالب السعودية والإماراتية إلى أمير قطر لأنه مقتنع بأنها غير واقعية، ما دفع الرياض وأبو ظبي إلى التعرض للكويت، من خلال بعض الأصوات السعودية القريبة من الحكم، والتي عادت بالزمن إلى يوم استقبلت السعودية الهاربين من عدوان صدام حسين على الكويت.

 

على أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ إن المشكلة التي تواجه السعودية اليوم ترتبط بالخطوات الواجب اتخاذها للضغط أكثر على قطر، بعدما تبيّن أن الدوحة ليست في وارد تقديم تنازلات حتى الآن، إلى درجة ينقل فيها دبلوماسي غربي عن مسؤولين قطريين استبعادهم الدخول في مفاوضات قبل إلغاء قرارات الحصار. وتبيّن، لاحقاً، أنّ الأميركيين تدخلوا لدى السعودية والإمارات من أجل الشروع في خطوات «تخفيفية»، فتم تجميد قرار وقف التعامل مع العائلات التي تضم قطريين وآخرين من دول الخليج، وطُلب من البحرين إعادة فتح الأجواء أمام رحلات معينة. لكن الواضح أن كل ذلك لم يخفف من حدة التوتر.
على الصعيد القطري الداخلي، تتحدث مصادر من الدوحة عن أن أمير قطر ينشط مع فريقه من أجل تعزيز الوحدة الداخلية، فيما تُعقد يومياً اجتماعات مع جميع العائلات القطرية ورجال الأعمال. وفي حين تعمل الحكومة على صرف أموال إضافية مقابل إبقاء الأسواق في حالة وفرة دائمة، يجري، على خط مواز، تعزيز التواصل مع جهات إعلامية محلية وخارجية بقصد الحصول على أكثر موقف موحد خلف أمير قطر. وفي خضم ذلك، يردّد المقيمون في قطر عبارات موحدة حول «رفض الوصاية»، وشروحات متطابقة عن «قدرة قطر على الصمود»، وعن «رفض الإملاءات التي إن فُتح الباب لها فلن يقفل من جديد»، على حدّ تعبير أحد المسؤولين القطريين، الذي ينفي أن تكون بلاده قد تلقّت «دفتر شروط» من الرياض أو أبو ظبي.
على جبهة تركيا وإيران، يبدو واضحاً أنّ القطريين يستوضحون البلدين حول إمكانية القيام بخطوات أكبر لكسر الحصار. وإذا كانت أنقرة معنية بتفعيل اتفاقية الدفاع مع قطر من خلال تعزيز وجودها العسكري في قاعدة الريان، فهي لن تعزز من خطواتها خارج التنسيق مع حلف الـ«ناتو». أما إيران فلا يبدو أنها في وارد الإقدام على أي خطوة من شأنها إفساح المجال أمام أعدائها في السعودية، ومن خلفها الولايات المتحدة، لجرّها إلى مواجهة. حتى إن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أكد، خلال الاتصال الذي جرى بينه وبين نظيره القطري، رفض بلاده الحرب. ويدرس الإيرانيون كيفية رفع وتيرة الرحلات الجوية والبحرية التي تخفف من الحصار على قطر لا أكثر. وفي هذا السياق، أرسلت إيران، خلال اليومين الماضيين، ست طائرات محمّلة بعشرات الأطنان من المواد الغذائية والخضر إلى قطر، في الوقت الذي أعلن فيه مرفأ «دير» في محافظة بوشهر أن «350 طناً من المواد الغذائية تم تحميلها إلى الدوحة أيضاً على متن ثلاث سفن صغيرة».
غير أن إيران تبدي خشية من محاولة الأطراف الأخرى التصعيد، حتى إن محللين إيرانيين عمدوا خلال اليومين الماضيين إلى تقديم شروحات حول الاتفاقية الدفاعية بين قطر وإيران، موضحين أن التحرك الإيراني مشروط بتعرض قطر لهجوم خارجي، وأن المواجهة بين قطر ودول خليجية ليست مواجهة مع قوى خارجية. وما تجدر الإشارة إليه، هنا، أن ثمة رأياً في إيران يقول إن الأميركيين هم من يقفون خلف كل ما يحصل، وإنّ الرئيس دونالد ترامب الداعم لخطوات الرياض وأبو ظبي لا يمنع الإدارات الأخرى في الخارجية والدفاع من نصح القطريين بالصمود، ونصح أطراف خليجية أخرى مثل الكويت بمواصلة المساعي السياسية وعدم الانجرار إلى المعركة القائمة. وهو ما يعتقد الإيرانيون أنه لعبة، تهدف إلى توريط قوى إقليمية كبرى، مثل إيران وتركيا، وحتى باكستان، في مواجهة تكون مدمّرة للجميع.
وإلى جانب المواقف الإيرانية والتركية، برز موقف مغربي لافت، أعلنت فيه المملكة، التي مالت بوضوح إلى صف السعودية خلال السنوات الأخيرة، التزامها «الحياد البنّاء» في الأزمة المندلعة راهناً. وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن «المملكة حرصت على عدم... اتخاذ المواقف المتسرعة، التي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف»، حاضّة دول الخليج على «التحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة، وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي».
وفي إثيوبيا، البلد الأفريقي الذي يشكل ساحة رئيسة من ساحات التنافس الخليجي، أعلنت حكومة هيلي ماريام ديسالين دعمها الجهود الكويتية لإيجاد حل للأزمة، مؤكدة أنها «ستلعب دوراً بنّاءً في الجهود المبذولة» من أجل ذلك. والتقى ديسالين، أمس، مبعوث الملك السعودي، أحمد الخطيب، الذي وصل الجمعة إلى أديس أبابا، في زيارة مفاجئة. ولم يكد يمر يوم على بدء الخطيب زيارته، حتى وصل إلى العاصمة الإثيوبية وفد قطري برئاسة وزير الدولة، سلطان المريخي، الذي «سيطلع المسؤولين الإثيوبيين على آخر التطورات في الخليج»، وفق ما ذكر مصدر دبلوماسي أفريقي.

 

عزل قطر... دينياً

وجّهت وزارة التعليم السعودية أمس بسحب كتب رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» يوسف القرضاوي من مكتبات الجامعات السعودية، «بشكل عاجل»، كونها تشكل «خطراً على فكر الطلاب والطالبات»، بينما وجّه مفتي السعودية، عبد العزيز آل الشيخ، انتقادات إلى «الإخوان المسلمين»، داعياً إياهم إلى «الابتعاد عن العصبية والمغالطات». ورأى آل الشيخ أن «القرارات الأخيرة التي اتخذتها المملكة وعدد من الدول ضد قطر أمور إجرائية، فيها مصلحة للمسلمين ومنفعة لمستقبل القطريين أنفسهم»، واصفاً إياها بأنها «قرارات مبنية على الحكمة والبصيرة وفيها فائدة للجميع». وذكّر بالبيان الذي أصدره أحفاد محمد بن عبد الوهاب، مؤخراً، وتضمن التبرّؤ من انتساب أمير قطر السابق، حمد آل ثاني، إلى مؤسّس الطريقة الوهابية، قائلاً: «من يحاول أن ينتسب للشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو ليس منه فعليه ترك ذلك».

 

الديار : قانون الإنتخاب : آخر المساومات على حافة الهاوية ... باسيل لـ «الديـار» : هذا ما يتطلّبه اكتمال الإتفاق

 

 

انه اسبوع ولادة قانون الانتخاب. 
تبدو هذه المعادلة شبه حتمية على بُعد ايام قليلة من انتهاء ولاية المجلس النيابي وبداية «جاهلية الفراغ»، إلا إذا كان هناك من يريد للبنان ان يدفع مرة اخرى  ثمن نوبة جديدة من نوبات الجنون السياسي، مع ما يعنيه ذلك من انهيار لكل طوابق التسوية الكبرى التي دشنها انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.
ولم يتردد احد المفاوضين الاساسيين في القول لـ «الديار» ان اي اجهاض لقانون الانتخاب في هذا التوقيت الحساس والمصيري، بحجة تفصيل هنا او هناك، سيكون كانتحار ذاتي ودمار شامل، مؤكدا ان الجميع وصل الى لحظة الحقيقة وبالتالي حان أوان حسم الخيارات.
وأبلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «الديار» ليلا ان اكتمال الاتفاق يتطلب ضوابط واصلاحات معينة، يجب تكريسها في قانون الانتخاب الجديد، مشيرا الى ان النقاش مستمر في شأنها، فيما قال النائب جورج عدوان لـ «الديار»: لقد اصبحنا بين حدّين، فاما القانون الذي يقود الى تثبيت الاستقرار واما العصفورية التي ستطلق العنان للفوضى الهدامة. 
هو سباق الامتار الاخيرة بين جهد الكواليس، وشياطين الكوابيس التي تترواح بين الفراغ المدمر والتمديد المحبط والستين المعيب. 
والارجح ان لعبة حافة الهاوية لن تتفلت من الضوابط المستترة، وان مجلس الوزراء سيقر في جلسته بعد غد الاربعاء مشروع مروان شربل المستند الى النسبية على اساس 15 دائرة، تهميدا لاقراره في الجلسة النيابية العامة الجمعة المقبل، بعدما تكون آخر المساومات قد اكتملت عبر الاتصالات المستمرة حتى الرمق السياسي الاخير. 
أما إذا اراد البعض ان يخوض مغامرة ما، انطلاقا من حسابات ضيقة، فان هناك من أعد خطة طوارئ، ستستخدم في اللحظة المناسبة، لمنع الانزلاق نحو «وادي المجهول» التي ستتسبب في انفراط عقد الدولة وتبعثر جميع «حباتها الدستورية»، من رئاسة جمهورية ومجلس نيابي وحكومة...
ولعل الرئيس ميشال عون هو المعني الاول بالتدخل الحاسم في الساعات المقبلة للدفع في اتجاه اتمام الاتفاق النهائي وتفادي السيناريو الأسوأ الذي سيكون العهد في طليعة ضحاياه، باعتبار ان قوة العصف المترتبة على الفراغ ستؤدي الى تداعي كل مؤسسات الدولة التي ستتحول الى مجموعة من حجارة الدومينو المتدحرجة.
وفي حال اخفقت الاتصالات المتواصلة في ايجاد تسوية لبعض النقاط التفصيلية، فمن البدائل المطروحة ان يتم اخضاعها الى التصويت في مجلس الوزراء الاربعاء، كما تطالب القوات اللبنانية، فيما ابلغ مصدر قيادي في التيار الحر «الديار» ان التيار لا يمانع في ذلك، إذا لم يكتمل التوافق حتى موعد الجلسة. 
وينفي المصدر ان يكون اصرار باسيل على ربط الصوت التفضيلي بالقضاء نابعا من حسابات بترونية، لافتا الانتباه الى ان المصلحة الشخصية لرئيس «التيار» هي في توسيع البيكار وربط هذا الصوت بالدائرة، لو انه قلق على مصيره الانتخابي.
وضمن سياق تزخيم مشاورات ربع الساعة الاخير، عقد امس اجتماع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، تخللته نزهة في حديقة القصر الجمهوري. وأكد الحريري بعد اللقاء ان الاجواء ايجابية، ويجب الانتهاء من صياغة القانون الانتخابي قبل جلسة مجلس الوزراء.
اما أهم التفاصيل العالقة، فتتصل بوجهة الصوت التفضيلي وما إذا كان سيربط بالقضاء ام بالدائرة، وبمقاعد المغتربين الستة وما إذا كانت ستضاف فوق الـ 128 مقعدا ام ستُحسب من ضمنها، علما ان هناك تفاهما بين جميع الاطراف على ان انتخاب نواب الانتشار لن يحصل في هذه الدورة الانتخابية وانما في الدورة المقبلة بعد اربع سنوات، ما دفع شخصية سياسية تشارك في المفاوضات الى التساؤل: هل يجوز ان تخاض الآن معركة، حول امر مؤجل لاربعة أعوام، ولدينا كل الوقت لمعالجته، معتبرة ان هذه المعركة وهمية وعبثية.
وتضيف الشخصية: إن التعاطي السلبي وهدر الفرص سيحولنا جميعا الى مغتربين في نهاية المطاف، وعندئذ ستنقلب الأدوار، وسيكون هناك 128 نائبا عن الانتشار وستة عن لبنان المقيم!
ويؤكد مصدر سياسي مطلع لـ «الديار» انه ليس مسموحا لاحد ان يأخذ لبنان الى الفراغ، مشددا على ان الخيار صار محصورا بين ان تتم ولادة قانون الانتخاب بشكل طبيعي او بطريقة قيصرية.
وتقول اوساط بارزة في القوات اللبنانية لـ «الديار» ان الضمانة الاخيرة للمسيحيين في هذا الشرق هي الدولة، وليس مقبولا ضرب الدولة في لبنان وتفكيك مؤسساتها نتيجة خلاف حول تفاصيل غير اساسية في قانون الانتخاب، لافتة الانتباه الى ان المطلوب هو تحصين نظامنا السياسي في وقت تتفكك الانظمة من حولنا.
وتشير الاوساط الى ان المسيحيين سيكونون من أوائل المتضررين في حال التدحرج نحو الفراغ بعد 20 حزيران، محذرة من ان مفاعيله ستكون كارثية عليهم، وهذا ما يفسر الجهد الكبير الذي تبذله «القوات» في كل الاتجاهات للحؤول دون الوقوع في المحظور.
وتعتبر الاوساط القواتية ان التفاصيل التي يتواصل الاخذ والرد في شأنها لا تستأهل التضحية بأصل القانون من أجلها، مشددة على ان هذه التفاصيل باتت في كفة ومصير لبنان اصبح في الكفة الاخرى، وبالتالي لا يوجد اي عاقل يمكن ان يُغلب الاولى على الثانية.
وتدعو الاوساط الى الفصل بين مبدأ القانون المتفق عليه والذي يجب اقراره وبين النقاط العالقة التي يمكن ترحيلها الى مرحلة اخرى لاستكمال مناقشتها بهدوء بعد اجراء الانتخابات النيابية، وإلا فيجب طرح تلك النقاط على التصويت في مجلس الوزراء للبت بها.
واكد الوزير علي حسن خليل أمس الاستعداد لاستكمال النقاش بأعلى درجات الايجابية والانفتاح، «ونحن نريد ان نصل الى نتيجة وسنصل اليها، ومن غير المسموح لاحد ان يعيدنا الى الوراء»، منبها الى ان الفراغ لن يكون في المجلس النيابي بل على مستوى الدولة ومؤسساتها من الحكومة الى كل المواقع. وأشار الى انه لا يمكن المخاطرة، مشددا على ان المسألة أصبحت مسألة ايام، وهي لا تحتمل منطق «التشاطر» او تسجيل الانتصارات الوهمية لفريق على آخر.

عين الحلوة 
امنيا، وبعد وقوع اعضاء احدى أخطر المجموعات الارهابية في قبضة الامن العام وفرع المعلومات، كشف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عن وجود الرأس المدبر للشبكة الارهابية خالد السيد في مخيم عين الحلوة، ما جدد التساؤلات حول مصير البؤر الامنية في هذا المخيم والتي تأوي المطلوبين وتشكل منطلقا لاعمال ارهابية ضد مناطق لبنانية، اضافة الى ان مصداقية الفصائل الفلسطينية باتت مرة اخرى على المحك، بعدما عجزت حتى الآن عن الايفاء بالتزاماتها السابقة بتسليم المرتكبين والمطلوبين الى الدولة اللبنانية.
وفي هذا السياق، قالت مصادر امنية لـ «الديار» ان المنتظر من الفصائل الفلسطينية لم يتحقق بعد، ملاحظة ان بلال بدر توارى عن الانظار بعد المعركة الاخيرة في عين الحلوة، ليُفرّخ في المقابل اكثر من بلال بدر، لكنها استبعدت حصول انفجار كبير للوضع في المخيم، مشيرة الى ان الخلايا التكفيرية لا تملك القدرة على انتزاع المبادرة العسكرية، إلا انها ستظل تحاول احداث اختراقات امنية في الساحتين الفلسطينية واللبنانية.
وتكشف المصادر عن ان المعلومات المتوافرة تفيد بأن الارهابي خالد السيد موجود في وسط المخيم، وهو يقيم ضمن رقعة يسيطر عليها اكثر من فصيل فلسطيني، مشيرة الى ان تنفيذ عملية عسكرية لاعتقاله هو امر معقد وينطوي على محاذير عدة، وموضحة ان توقيفه بطريقة نظيفة، على غرار ما حصل مع عماد ياسين سابقا، يتطلب جهدا مكثفا وتعاونا دؤوبا من الفصائل التي لا نزال ننتظر منها المزيد من التعاون، علما ان ياسين كان موجودا عند أطراف المخيم عندما جرى توقيفه، خلافا لوضع السيد. 
وتشير المصادر الى ملف خالد السيد سيزيد من الاعباء الملقاة على المخيم وسيضيف تعقيدا جديدا الى وضعه، المتشابكة خيوطه.
الى ذلك، علمت «الديار» ان اجتماعا سيعقد اليوم بين اللواء ابراهيم ووفد من حركة حماس برئاسة نائب رئيس مكتبها السياسي موسى ابو مرزوق. ومن المتوقع، ان يشمل البحث آخر تطورات القضية الفلسطينية وواقع المخيمات في لبنان. كما سيزور الوفد الرئيس الحريري.

 

اللواء : الحريري يشترط الإتفاق على القانون قبل مجلس الوزراء

 

 

لم تنتكس «الأجواء الإيجابية» التي أشار اليها الرئيس سعد الحريري من بعبدا، بعد لقاء الساعة ونصف مع الرئيس ميشال عون.. لكن اشارة الى وجوب «الاسراع في إنجاز قانون جديد للإنتخابات في أسرع وقت ممكن» أرخت ظلالاً من التخمين والتشكيك بأجندة الأسبوع من الأربعاء الى الجمعة، من دون ان يعني ذلك «انتهاكاً لحرمة الرهان الإيجابي على ما تم انجازه من مسودة قانون الانتخاب، وان الكفة ما تزال ترجح اقراره يوم الجمعة المقبل، وفقا لتوقعات النائب جورج عدوان.
وهذه المقاربة، بلغة الترجيحات، دفعت الرئيس نبيه بري الى ضرب أخماسه بأسداسه، كما يقال، والتفكير ببدائل، لا سيما وان الوقت بات أكثر من داهم، إذ نسب الى اوساطه انه سيعمد الى إلغاء جلسة الجمعة وعقد جلسة الاثنين في 19، قبل يوم واحد من نهاية ولاية المجلس، اذا لم تسر الأمور على ما هو مرسوم ومنشود إيجاباً.
لا توحي مؤشرات المواقف بما ينبئ بتطورات سلسلة خلال الفترة الممتدة من اليوم الاثنين الى الجمعة، وبدا السباق بين نفاد الوقت وإمكان تثبيت التفاهمات الانتخابية بأن دخل حافة الهاوية فعلاً.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع لـ «اللواء» ان الاتصالات ستشهد زخماً قوياً حتى ليل غد، فإذا اسفرت عن اتفاق، يذهب الوزراء الى جلسة بعبدا لإقراره، والا فلا حاجة لجلسة، يخوض فيها الوزراء في جدالات، قد تقودهم الى استقطابات، او خلافات علنية، او حتى تصويت، ليس من اليسور السير به..
لقاء عون – الحريري
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس في بعبدا ناقش النقاط التي لا تزال عالقة في مشروع قانون الانتخاب وهي: الصوت التفضيلي ومقاعد المغتربين والتأهيلي .
وذكرت أن الرئيس الحريري وضع رئيس الجمهورية في أجواء الاتصالات حول المشروع وأنه سيعمل على تذليل النقاط التي لم يتم التفاهم حولها. وأكدت أن الرئيسين أبديا إصرارا على عرض المشروع في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء من أجل إقراره وإحالته على مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية.
وأفادت أن هناك تعويلا على الاتصالات التي تعقد في اليومين المقبلين للوصول إلى تفاهم، لكن المصادر نفسها لم تستبعد إقرار المشروع في مجلس الوزراء على أن تبقى نقطة أو اثنين تدرس لاحقا، او ربما تناقش في جلسة مجلس النواب التي ارجئت من اليوم الى الجمعة في 16 حزيران الحالي، علماً ان الرئيس نبيه بري كان شدد في آخر لقاء لنواب الاربعاء على وجوب اقرار قانون الانتخاب بمادة وحيدة، للحيلولة دون اطالة المناقشات.
والى ذلك، ناقش الرئيسان عون والحريري، في لقائهما الذي استغرق ساعة ونصف الساعة الى جانب النقاط التي ما زالت تعيق وضع مشروع القانون، موضوع التمديد التقني، في ضوء التباين في وجهات النظر حيال هذا الامر، بين من يريد اجراء الانتخابات في الربيع المقبل بسبب التحضيرات اللوجستية، غير ان الرئيس عون يريد الا يتعدى التمديد الاربعة اشهر والا يتأخر عن شهر تشرين، وقالت ان الامر يبحث مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من اجل بت المهلة المطلوبة والتفاهم على التمديد التقني. علماً ان الوزير المشنوق سبق ان اعلن انه يحتاج الى قرابة سبعة اشهر ليتمكن من اجراء الانتخابات، خاصة وانها ستجري وفق قانون جديد هو النسبية والذي يحتاج الى تدريب واعداد وإفهام سواء للموظفين الاداريين او حتى الناخبين، فضلا عن طباعة اللوائح الانتخابية، وما يتصل بكل احتياجاتها اللوجستية.
وكانت دوائر رئاسة مجلس الوزراء، دعت السبت الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تعقد في بعبدا قبل ظهر الاربعاء، ووزعت مع الدعوة جدول اعمال يتضمن 47 بنداً، احتل مشروع قانون الانتخاب بنده الاول.
غير ان الوزراء لم يتسلموا حتى الساعة اي مشروع يتصل بقانون الانتخاب، وفق النظام الداخلي الذي يفترض توزيع اي مشروع على الوزراء قبل 48 ساعة، مما يشير الى أن اليوم يفترض ان يكون المهل المتاحة قانوناً لوضع مشروع القانون، وهو ما شدد عليه الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون، اذ قال انه «يجب الانتهاء من صياغة القانون قبل جلسة مجلس الوزراء.
مجلس الوزراء
اما جدول اعمال الجلسة فلا يتضمن قضايا مهمة، باستثناء البند 33 الذي يلحظ تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء لدراسة مسودة ملف التلزيم العائد لمناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات الى طاقة والذي اعده الاستشاري «رامبول» واعداد الاقتراحات المناسبة ورفعها الى مجلس الوزراء خلال مهلة شهر واحد، على ان تستعين اللجنة عند الاقتضاء في انجاز مهمتها بمن تراه مناسباً.
– مشروع مرسوم النظام الداخلي لمجلس التعليم العالي.
– طلب وزارة الزراعة اجراء مباريات لملء المراكز الشاغرة في ملاك التعليم الزراعي.
– طلب وزارة الثقافة تسمية الدكتور محمّد امين فرشوخ كممثل للبنان في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو).
– مشروع قانون يرمي الى الاجازة للحكومة ابرام التعديلات التي اجريت على الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية التي أقرها مؤتمر القمة العربي الحادي عشر في عمان بتاريخ 26/11/1980 والتي اصبحت نافذة اعتبارا من 7/9/1981.
عدوان
وكان النائب عدوان قد جزم امس بأنه سيكون هناك قانون انتخاب، مشيرا الى ان هدف «القوات» ان يكون هناك قانون انتخاب يراعي التمثيل والعدالة، لافتا الى انه اذا لم يقر مجلس الوزراء القانون الاربعاء، فيمكن تقديم اقتراح قانون معجل مكرر على جلسة مجلس النواب والتصويت عليه، لكنني لا افضل هذا الامر.
وبالنسبة لمقاعد المغتربين، لفت عدوان إلى أن الجميع يسلم بعدم إمكانية تطبيق بند تمثيل المغتربين في الدورة الحالية، لذلك يمكن تأجيل خوض هذا النقاش إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد، وبالنسبة للصوت التفضيلي على اساس الدائرة او القضاء فقال إذا لم نتوصل الى اتفاق فلا خيار الا بالتصويت، لافتاً إلى أن القوات مع الدائرة في الصوت التفضيلي، فيما «التيار الوطني الحر» مع القضاء.
باسيل
اما الوزير جبران باسيل، فاوضح في الكلمة التي مثل فيها الرئيس عون في افتتاح سد القيسماني في فالوغا والممول من الصندوق الكويتي للتنمية، ان عمل الخير ينطبق على الانماء وعلى السياسة، مشيراً الى انه عندما يقر قانون الانتخاب يصبح ملكاً لكل اللبنانيين حتى ولو قدمه فريق معين ووافق عليه أربعة فرقاء، مذكراً باتفاق الطائف الذي فرض على بعض اللبنانيين بقوة السلاح لكن عندما اصبح دستوراً ارتضاه كل اللبنانيين.
ولاحظ أن النسبية بحاجة إلى ضوابط حتى تؤمن الديمومة طالما لبنان بلد تعددي محكوم بالديمقراطية التوافقية، لافتاً إلى ان العدالة لا تتجزأ، وهو المفهوم الذي على أساسه نحن نقول أن القانون بحاجة إلى ضوابط واصلاحات حتى يصبح مكملاً ويعطي الحقوق كاملة.
الحريري:
لا لازدواجية السلاح
وكعادته في إفطارات رمضان، لم يشأ الرئيس الحريري الحديث في قانون الانتخاب، مكتفياً بالحديث عن مشاريع المناطق التي يزورها، الا انه لدى تناوله موضوع الأمن في بعلبك وفي البقاع بشكل عام، شدد على ان الأمن لا يحتمل أي ازدواجية، لا ازدواجية السلاح ولا ازدواجية السلطة، غامزاً من سلاح «حزب الله» من دون ان يشير اليه بالاسم، مؤكداً أن مشروعه سيبقى حصرية السلاح وحصرية السلطة بيد الدولة والدولة فقط، لافتاً إلى ان الجيش وقوى الأمن وكل أجهزة الدولة تقوم بواجباتها وتقدم التضحيات لكن هذا الامر لا يكفي المنطقة من شر حفنة من الزعران والخارجين على القانون، كاشفاً بأن الدولة ستقوم بعمليات نوعية بحق المخلين بالأمن، وعلى كل واحد تحمل مسؤوليته.
ولفت انتباه المراقبين في كلمتي الرئيس الحريري في افطار «المستقبل» للبقاع الأوسط وبعلبك غروب السبت، وللبقاع الغربي وراشيا وعرسال أمس في شتورة، اشادته بنواب «المستقبل» في البقاع، بما يؤشر إلى استمرار ترشحهم عن التيار في الانتخابات المقبلة، وكذلك تأكيده بان الاعتدال قوة وليس ضعفاً، وان التسويات لمصلحة الوطن ليست تنازلات والبطولة لا تكون بالمزايدات أو التفريط بالثوابت، لكنه لفت، في سياق تذكره للذكرى العاشرة لاستشهاد النائب وليد عيدو الى ان تيار «المستقبل» يتعرض لمحاولات اغتيال سياسي عبر فبركة الاخبار عنه وعن «التيار»، مشيراً الى أن الوفاء بات قليلاً في السياسة خاصة ممن كانوا معه وتحديداً من التيار، الا انه لم يسم أحداً، ودعا لهم بالتوفيق.
فرنجية
اما رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية فكانت له كلمة مطولة، بعد القدّاس الذي اقيم في دارة الرئيس الراحل سليمان فرنجية في اهدن لمناسبة الذكرى 49 لمجزر اهدن التي ذهب ضحيتها النائب طوني فرنجية وزوجته فيرا وطفلتهما جيهان و31 من أبناء المنطقة، لم تخل من رسائل مبطنة وواضحة تجاه خصومه لا سيما المسيحيين والحلفاء أيضاً.
واتسمت الكلمة والتي ألقاها للمرة الأولى منذ سنوات في مثل هكذا احتفال، بسقفها العالي، بالنسبة للمواقف التي أطلقها والتي طاولت تحديدا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من دون أن يسميها بالاسم.
ولفت فرنجية إلى انه منذ 39 سنة ولغاية اليوم نفتخر اننا ما زلنا نتكلم اللغة السياسية ذاتها، موضحاً أن المراكز لن تجعلنا ننحني، فالشخص هو الذي يعطي قيمة للمركز لا العكس، مشدداً على أن الوجود المسيحي يكون بالانفتاح والانصهار وعدم المتاجرة بمسيحيي الجبل، ومشيراً إلى ان المسيحيين كانوا دائماً أساس الاعتدال والانفتاح والتجذر.
وبالنسبة لمجزرة اهدن قال أن المسيحي الحقيقي هو الذي يغفر ويسامح، ونحن سامحنا في بكركي وسامحنا في السياسة لكنهم انقلبوا على بكركي وعلى ما اتفقنا عليه، لافتاً إلى اننا نحيي اليوم ذكرى مجزرة من إنتاج مخلصي المسيحيين، في إشارة واضحة إلى «القوات» وإلى رئيسها سمير جعجع شخصياً.
وختم معلناً بأنه سيخوض معركة الانتخابات بمرشحين وداعمين لفرقاء وحلفاء، ونتمنى أن ينجح كل حليف قبل نجاحنا، مشيراً إلى ان تحالفاته ثابتة مثل قناعاته، لكنه أعلن في النهاية انه يمد يده للجميع، للحلفاء وللخصوم، قائلاً: «الذي يريدنا يعرف العنوان».