من يتابع بشكلٍ دائم ما ينشره سكان بعلبك من آراء وصور لما يجري في عقر دارهم على وسائل التواصل الاجتماعي، يدرك حجم المأساة التي يعيشها أبناء المدينة على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية.
 

مدينة الشمس تحوّلت إلى مدينة الموت، هو الوصف الذي أجمع عليه اهالي بعلبك خلال الفترة الماضية، فيما يجمع كل اللبنانيين أنّ بعلبك مدينة غير آمنة حتى انّ البعض يعتبرها خارج إطار الدولة، علماً أنّ الدولة بكلّ أجهزتها حاضرة بكثافة في المدينة وبمحيطها، ولكن عند زيارات الوفود الرسمية وخلال المهرجانات الدولية، حينها تنعم المدينة بالطمأنينة لبعض الوقت في اعتبار أنّ هناك قراراً سياسياً بضبط الأمن، وما عدا ذلك وعلى مدار السنة فهي مدينة مُستباحة لكل من يرغب في اغتصابها بسلاح حربي او سياسي.

لا أودّ ان أتناول تفاصيل مقتل الطفلة البريئة التي شيّعت على أدراج سراي بعلبك بالأمس لأنني لا أؤمن بالكلام في حضرة الموت فكيف اذا كان الموت إعداماً للطفولة.

مقتل الطفلة لميس نقوش إبنة الثماني سنوات منذ يومين ليس حدثاً طارئاً في مدينة الشمس، فهي اعتادت بشكل دوري وبعد كل جولة من جولات السلاح الشرعي المتفلّت أن ترتدي وشاحها الأسود وتنتظر الكشف عن هوية الضحية التالية تمهيداً لإقامة مراسم الدفن، التي أصبحت بدورها أمراً طبيعياً لا بل مسلّياً في ظل البطالة المستفحلة.

نعم السلاح الذي يصول ويجول على مرأى ومسمع السلطات الأمنية هو سلاح شرعي لا سيما أنه تمّ ضَخّه وبكثرة خلال السنوات القليلة الماضية تحت شعار أنّ المدينة تقع في منطقة متاخمة للحدود مع سوريا حيث تسيطر عليها منظمات إرهابية، ولكنّ أحداً لم يحاول حصر هذا السلاح ضمن الإطار المحدد له، وهو حماية المدنيين من مخاطر تمدّد الجماعات التكفيرية.

امّا اليوم وبعدما تمّت السيطرة على كل المناطق الحدودية من قبل «حزب الله» والجيش اللبناني، لا بد من التساؤل حول دور الأجهزة الأمنية الرسمية والحزبية ايضاً في عملية تصويب هذا السلاح باتجاه العدو حصراً، وإلى ذلك الحين فإنّ صوتاً لن يعلو فوق صوت الرصاص في مدينة الموت.