فتح قرارُ الولايات المتحدة زيادةَ تسليح الكرد شمال سوريا الأبواب على مصاريعها حول مدى قدرة أميركا في المحافظة على تحالفها مع تركيا والكرد تساوياً. توازياً مع إستنفارٍ على الحدود الأردنية - السورية حيث تتمّ مناوراتُ «الأسد المتأهّب» والحشودُ العسكرية المنتشرة هناك وقصف الطيران السوري أهداف المعارضة.قال المحلّل العسكري العميد المتقاعد هشام جابر في حديث إنّ «الموافقة الأميركية عبر الكونغرس على تسليح المجموعات الكردية في سوريا ليست جديدة إطلاقاً، بل إستمرار لدعمها وهذه المرة تزويدها بدفعة جديدة من الأسلحة قد تكون متطوِّرة أكثر ممّا زوّد به الكرد سابقاً من أيام الرئيس السابق باراك أوباما وحتّى الرئيس دونالد ترامب».

وأضاف أنّ «الأميركيين مهتمون منذ أكثر من سنة بتسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُقاتل ضمن «قوات سوريا الديموقراطية»، موضحاً أنّ «أميركا لا تملك حتّى هذه اللحظة ورقة ضاغطة قوية في سوريا باستثناء ورقة الأكراد، ما يزعج تركيا».

ولفت جابر إلى أنّ «واشنطن في مأزق جدّي، فمن جهة تركيا حليف تاريخي ولا يمكن التخلّي عنه وعضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والكرد يُعتبروا أعداءً لتركيا من جهة أخرى»، معتبراً أنّ «أنقرة أبدت انزعاجها مراراً ليس فقط بسبب تسليح الكرد، بل لأنّها لم تستكمل المُربّع خلال عملية «درع الفرات» التركية التي دخلت سوريا بضوء أخضر روسي لا أميركي».

وأشار إلى أنّ «الأتراك يطالبون منذ 4 سنوات بمنطقة آمنة رفضتها إدارة أوباما، وكانت تريد إقامة مُربّع تحدّث عنه الرئيس رجب طيب أردوغان يمتد إلى 5000 كلم مُربّع قاعدته شمال سوريا (جرابلس وإعزاز) وجنوباً (الباب ثم منبج)»، مؤكداً أنّ «روسيا سهّلت لتركيا عملية الفرات والسيطرة على الباب، لكنّ طريق منبج أوقفت في وجه تركيا من الأميركيين الذين نشروا سيارات هناك رافعين علمهم قائلين لأنقرة: «هنا خطّ أحمر».

وتابع أنّ «المربّع التركي تحوّل إلى مثلّث تركي وتقلّصت مساحته، وإصرار أميركا على مشاركة الكرد في تحرير الرقة أزعج أنقرة لأنّها مُنعت من عبور الفرات نحو الشرق»، مشدِّداً على أنّ «الولايات المتحدة تُحاول إرضاء تركيا وعدم خسارة الكرد في آن».

وأكّد العميد المتقاعد أنّ «تحرير الرقة ليس سهلاً أبداً، فعشرات آلاف المقاتلين الكرد لن يُحرّروها، فلديك مئات آلاف المقاتلين مدعومين بنحو كبير في الموصل ولم يستطيعوا تحريرها بعد»، متابعاً: «عندما تُحرَّر الموصل سيعيد تنظيم «داعش» انتشاره في المناطق السورية».

إلى ذلك، قال جابر إنّ «هناك 4700 مقاتل درّبهم الأردن كانوا ضدّ النظام السوري يُشاركون في مناورات «الأسد المتأهّب»، وهناك وجود عسكري أميركي - بريطاني كبير على الحدود السورية قرب درعا».

ولفت إلى «إمكان دخولهم سوريا، لكنّ دخولهم من دون موافقة موسكو ودمشق يؤدي إلى مشكلة»، مشدّداً على أنّ «أميركا تُفتّش عن ورقة أخرى غبر الكرد، ونظراً إلى أنّ جنوب سوريا سائب وروسيا ليست موجودة هناك فلم لا تستخدم الأردن للدخول بإشرافها؟

وتصبح لديها ورقتا ضغط: الكرد والجنوب». وقال إنّ «موسكو لن تقبل بهذا التدخّل إلّا إذا، هناك احتمال، إعتماد آلية إشراك قوات عربية إقليمية لمراقبة حماية «مناطق تخفيف التصعيد»، وجنوباً ليس هناك أحد للحماية سِوى الأردن».

رسالة لإيران

وفي السياق، لفت مصدر عسكري إلى أنّ «التدخل الأميركي شمال سوريا يزداد تدريجاً، والتسليح جزءٌ منه رسالة لإيران أنّ هناك حدوداً للنجاحات الإيرانية، ولسنا هنا لطردهم وعلى إيران تقسيم الجبنة»، مضيفاً أنّ «الحشود العسكرية على الحدود السورية الجنوبية هي لحماية مناورات «الأسد المتأهّب»، ولن يحشدوا هذا العدد الضخم للتدخّل في سوريا في منطقة مكشوفة»، موضحاً أنّ «هذه الحشود هي أيضاً رسالة لدعم الموقف السياسي من أجل أن يأخذ كل طرف حصة له في التسوية».

وفي حال تريد دول معيّنة التدخل، فهو لحماية منطقة أمنية على الحدود ضمن المناطق الأربع، ولفعل ذلك يجب إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي وليس باتفاق ثلاثي، وفق المصدر نفسه.


كريم حسامي