تقول مصادر قيادية اسلامية في بيروت: إن الصواريخ الـ 59 التوماهوك ، التي اطلقتها البحرية الأميركية الأسبوع الماضي بأمر من الرئيس الاميركي دونالد ترامب ضد مطار الشعيرات في سوريا ، هي الشرارة الاولى في معركة قاسية سنشهدها في الأسابيع المقبلة حول مستقبل سوريا والعراق ودول المنطقة، فهذه الضربة الترامبية العسكرية الأولى في سوريا أعادت خلط الاوراق وأوضحت الكثير من المعطيات حول طبيعة الصراع في المرحلة المقبلة.
 

وتوضح المصادر: أن الأجواء داخل المحور الروسي– الايراني– السوري وحلفائهم كانت منقسمة على وجهتي نظر، الاولى وتمثل روسيا والنظام السوري وكانت تعتبر أن المطلوب انتظار سياسات الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب لتحديد الموقف منها ، وكانت تأمل ان يتخذ ترامب خطوات ايجابية تمهد للتعاون الروسي – الاميركي لمواجهة داعش والارهاب وان هذا سيكون لصالح الرئيس بشار الاسد، وأما وجهة النظر الاخرى، والتي كانت تعبر عن رأي القيادة الإيرانية وحزب الله وبعض الاوساط العراقية والقومية والاسلامية، فقد كانت تقول: أن الرهان على سياسات ترامب الجديدة ليس في محله وأن المنطقة ستكون أمام مرحلة تصعيد كبيرة من قبل اميركا وحلفائها وان المطلوب الاستعداد لكل الخيارات.

وتضيف المصادر: أنه بغض النظر عن حقيقة ما جرى في بلدة خان شيخون من استهداف للمدنيين بأسلحة كيميائية ومن يتحمل المسؤولية وراء هذا النجوم ، فان مسارعة الرئيس ترامب للاستفادة منه للقيام بالضربة العسكرية الاولى ضد الجيش السوري وتدمير أقسام من مطار الشعيرات يؤكد ان التخوف الذي كان قائما لدى ايران وبعض حلفائها كان في محله ، وان الرهان الروسي- السوري على ترامب ليس صحيحا، ومن أجل ذلك جرت مراجعة سريعة للتطورات وكل هذا مهّد لاطلاق قيادة العمليات في سوريا المواقف المحذرة للقيادة الاميركية من أن أية ضربة عسكرية ثانية ستواجه برد فعل مباشر.

وتكشف المصادر الإسلامية المطلعة في بيروت: أن الخلفية الأساسية وراء التصعيد الاميركي تعود إلى احتدام الصراع حول مستقبل سوريا والعراق ودور ايران وحزب الله في المرحلة المقبلة وخصوصا في المنطقة الممتدة من الموصل والانبار من جهة ، إلى الرقة ودير الزور وحمص من جهة اخرى، لان رهان إيران وحلفائها في سوريا والعراق كان يتركز على ضرورة فتح الطريق بين البلدين وإعادة التواصل بين دول المنطقة  بعد أن أدت سيطرة داعش على هذه المناطق إلى قطع طرق الإمداد بين البلدين، وبالمقابل فإن اميركا تسعى منذ فترة للإمساك بالمناطق السورية القريبة من العراق ومنع سيطرة ايران وحلفائها على خطوط الامداد بين البلدين.

وتتابع هذه المصادر: ان الضربة الترامبية ضد مطار الشعيرات اكدت ان اميركا لن تسمح ان يتم رسم الخريطة المستقبلية لسوريا من قبل روسيا وايران وحلفائهما وانه سيكون هناك دور بارز لاميركا في المفاوضات المقبلة ، مما يعني اعادة طرح كل الملفات ومن بينهم مستقبل ودور الرئيس السوري بشار الاسد في النظام المقبل في سوريا ، وانه لم يعد هناك اي امر محسوم على الصعيد السوري ، وان ماحققه المحور الروسي – الايراني مع حزب الله والجيش السوري وحلفائهم على ارض الميدان في الاشهر الماضية سيكون معرضا للاهتزاز في الاسابيع المقبلة.

وعلى ضوء هذه المعطيات تتوقع المصادر الاسلامية في بيروت : اشتداد اجواء التصعيد السياسي والميداني في المرحلة المقبلة بين اميركا وحلفائها من جهة وبين روسيا وايران وحلفائهما من جهة اخرى ، وان كل الخيارات والاحتمالات ستكون قائمة ، فاما سيؤدي التصعيد الى العودة مجددا لطاولة المفاوضات حول مستقبل سوريا ولكن وفق شروط جديدة، او سيفتح هذا التصعيد الباب امام مخاطر جديدة قد تتعرض لها دول المنطة ولن يكون بالامكان اليوم تقدير مدى حجم التصعيد والى اي نتائج سيؤدي.