الانظار تتجه إلى خان شيخون مذهولة , وموقف أميركي جديد

 

النهار :

حذرت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي أمس من أن بلادها "قد تضطر" الى الرد بلا تفويض من مجلس الأمن على استخدام الأسلحة الكيميائية مجدداً في سياق الحرب السورية، موجهة مع نظرائها الغربيين وغيرهم أصابع الإتهام الى نظام الرئيس بشار الأسد في هجوم خان شيخون. فيما ترقب العالم الموقف النهائي لروسيا والصين في ظل شبح ممارستهما حق النقض، (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الى المجلس.

 

وبلغت الجلسة العلنية الطارئة ذروتها في نهايتها حين وقفت المندوبة الأميركية التي تتولى رئاسة مجلس الأمن للشهر الجاري، رافعة صور ضحايا من الأطفال قضوا اختناقاً بسبب ما يعتقد أنه أسلحة كيميائية استهدفت خان شيخون بمحافظة إدلب. وحملت بشدة على روسيا التي رأت أنها "فقدت انسانيتها"، متسائلة: "كم مزيد من الأطفال ينبغي أن يموتوا قبل أن تهتم روسيا؟... لا يمكننا أن نغض النظر عن هذه الصور. لا يمكننا أن نغلق عقولنا عن مسؤولية التصرف". وأضافت: "نعلم أن الهجوم يحمل كل بصمات استخدام نظام الأسد الاسلحة الكيميائية...نعلم أن الأسد استخدم هذه الأسلحة ضد الشعب السوري قبل ان يؤكد ذلك فريق المحققين المستقل الذي شكله هذا المجلس". وهددت بصورة مبطنة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها ربما ردت على استخدام السلاح الكيميائي من خارج مجلس الأمن، قائلة: "حين تخفق الأمم المتحدة باستمرار في واجبها العمل الجماعي، ثمة أوقات في حياة الدول تضطرنا الى أن نقوم بعملنا".
وكانت الجلسة استهلت بإحاطة من الممثل السامي للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح كيم وان سو الذي قال إن تفاصيل الحادث في إدلب "لا تزال غير معروفة تماماً"، مشيراً الى التقارير عن أنه "هجوم كيميائي حصل وأدى الى وفاة 70 مدنياً على الأقل وإصابة أكثر من مئتين آخرين".
وقال المندوب الفرنسى السفير فرنسوا دولاتر: "إننا نتحدث عن جرائم حرب". وحض روسيا على "ممارسة ضغوط أقوى على النظام" ولكن "بصراحة نحن أيضاً في حاجة الى أميركا ملتزمة جديا حلاً فى سوريا وتضع كل ثقلها وراءها".
ووجه المندوب البريطاني السفير ماثيو رايكروفت سؤالاً الى مندوب روسيا: "ما خطتك، ما خطتك لوقف هذه الهجمات المروعة التي لا معنى لها؟ لدينا خطة، وحصلنا على الدعم ورفضتها لحماية الأسد".
ونفت روسيا أن تكون القوات السورية مسؤولة عن الهجوم الكيميائي. واتهم نائب المندوب الروسي فلاديمير سافرونكوف القوى الغربية بممارسة حملة "ايديولوجية" تهدف الى تقويض المحادثات الديبلوماسية التي تقودها روسيا وتركيا مع ايران، والى اسقاط نظام الأسد. وقال إن الطائرات السورية استهدفت مخزناً في خان شيخون أعده المسلحون لإنتاج اسلحة كيميائية. وأكد أن بلاده "لا ترى حاجة" الى قرار جديد عن الاسلحة الكيميائية السورية، ذلك أن آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة والتي تألفت عام 2014 للتحقيق في تقارير عن استخدام غاز الكلور، قادرة الآن على إجراء تحقيق. وليس لهذه البعثة ولاية أن تنسب المسؤولية عن استخدام هذه الأسلحة.
ورد سافرونكوف على تساؤلات زميله البريطاني، مؤكداً أن لدى روسيا أكثر من خطة، لكن الأولى هي لمكافحة الإرهاب، مطالباً نظيره البريطاني بالكف عن مشاريع القرارات الهادفة الى اطاحة النظام.
وأكد المندوب المصري لدى الأمم المتحدة تأييد بلاده لأي تحرك جاد في مجلس الأمن، داعياً "كل الأطراف الى التعاون الوثيق مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للوقوف على حقيقة" هجوم خان شيخون.
ونفى نائب المندوب السوري منذر منذر الإتهامات لحكومته، وقال: "نحن نرفض رفضاً قاطعاً الادعاءات الكاذبة عن استخدام القوات المسلحة السورية أسلحة كيميائية ضد المدنيين". وأضاف: "الجيش السوري ليس لديه أي شكل من أشكال الأسلحة الكيميائية. لم نستخدمها قط ولن نستخدمها أبداً".
وعلمت "النهار" من مصدر ديبلوماسي رفيع في مجلس الأمن ان روسيا قدمت مشروع قرار مضاد للمشروع الغربي، وأن المفاوضات متواصلة لإيجاد لغة وسطية، وخصوصاً للفقرة العاملة الخامسة التي تتضمن إشارة الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ولاحظ ان الولايات المتحدة تدفع بقوة الى التصويت على مشروع القرار صباح هذا اليوم (الخميس) بتوقيت نيويورك.

 

وفي موقف اميركي عالي النبرة حيال سوريا، اكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان الهجوم الكيميائي المفترض غير موقفه حيال الرئيس بشار الاسد، واعدا برد اميركي على ما اعتبره "اهانة للانسانية".
وقال ان "هذا الهجوم على اطفال كان له تأثير كبير علي"، واضاف ان "موقفي من سوريا والاسد تغير بوضوح ... ما حصل غير مقبول بالنسبة لي"، رافضا ان يكشف ما يعتزم القيام به.

مؤتمر بروكسيل
وفي بروكسيل (الوكالات) ندد المشاركون في مؤتمر بروكسيل حول مستقبل سوريا بالهجوم الذي يعتقد انه كيميائي في خان شيخون، وقطعوا وعدا بتقديم مساعدات انسانية بقيمة ستة مليارات دولار الى السوريين خلال 2017.
واعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي شارك في رئاسة المؤتمر عن "ثقته" بأن مجلس الأمن "سيتحمل مسؤولياته" بتبني قرار عن الهجوم.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني إن اكثر من 70 بلدا ومنظمة دولية شاركت في المؤتمر نددت بـ"استخدام الحكومة وداعش (تنظيم "الدولة الاسلامية") الاسلحة الكيميائية" وبـ"الهجمات على خان شيخون".
في غضون ذلك، التزم المشاركون في المؤتمر تقديم مساعدات انسانية خلال 2017 بقيمة ستة مليارات دولار الى السوريين من سكان ولاجئين والى المجتمعات التي تستضيفهم.

 

 

المستقبل :

بلسان حال أربعة ملايين لبناني، أسمع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري العالم أمس «قصة» مجتمع مضيف وضعيف أثقلت كاهله أزمة النزوح السوري وجعلت الوضع فيه «بمثابة قنبلة موقوتة» جراء التلكؤ الدولي عن تحمّل واجب تقاسم الأعباء مع الدول المتاخمة لحزام النار السوري وخصوصاً منها الخاصرة اللبنانية الرخوة التي عانت الأمرّين على امتداد سنوات الأزمة السورية: خسارة في النمو والناتج المحلي، وعجز في البنية التحتية والخدماتية والاجتماعية. «قصة لبنان والنازحين» التي رواها الحريري على مسامع الأسرة الدولية خلال مؤتمر بروكسيل وضعت العالم أمام مرآة مسؤولياته، إن تجاه وضع حدّ للصراع الدموي المستدام في سوريا أو إزاء وضع حلّ لاستنزاف المجتمعات المضيفة للنازحين السوريين، سيّما وأنّ لبنان، رغم أنّ 40% من سكانه باتوا إما نازحين أو لاجئين، قد أوفى بالتزاماته، سواءً الأخلاقية والإنسانية تجاه اللاجئين أو تلك المترتبة عليه دولياً وأممياً خصوصاً بموجب مقررات «مؤتمر لندن»، وهو لا يزال حتى الساعة مستمراً في «توفير الصالح العام العالمي بالنيابة عن بقية الدول»، بحيث بات لزاماً في المقابل على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته ويحدد مساره تجاه الأزمة: إما الاستثمار في الأمل أو الاستسلام لليأس.

ففي كلمته أمام مؤتمر بروكسيل «حول مستقبل سوريا والمنطقة» في صالة مجلس الاتحاد الأوروبي، وبعدما استعرض تداعيات النزوح السوري المستمرة على لبنان بمختلف قطاعاته الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والبنيوية والحيوية، وسط انخفاض مستوى الأمل بعودة النازحين قريباً إلى وطنهم تحت وطأة استمرار الصراع في سوريا، صارح رئيس الحكومة المؤتمرين بالقول: «لقد حان الوقت لتنفيذ حلول طويلة الأمد لهذه الأزمة الطويلة. لم تُظهر أي دولة السخاء الذي أظهره لبنان، لكنني أخشى أن لا يتمكن من الاستمرار، وهو لن يستمر في تحمل عواقب دعمه استضافة مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه ما لم يتم وضع خطة جديدة حيّز التنفيذ»، واضعاً بذلك الأسرة الدولية أمام مسار من إثنين: «إما الاستثمار في الأمل والسير في الرؤية التي وضعتها الحكومة اللبنانية والدخول في عصر النمو والاستقرار والتطور» خدمةً للنازحين واللبنانيين على حد سواء، أو «الاستسلام لليأس والسماح للفقر والبطالة في لبنان بالازدياد»، مع تحذيره من أنّ مسار اليأس سوف يدفع النازحين السوريين إلى أحضان «التطرّف» وإلى البحث عن «ملاذات أخرى» غير لبنان إذا ما ازداد تدهور الاقتصاد وانعدام الأمن. 

وإثر انتهاء المؤتمر، أكدت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل لـ«المستقبل» أنه حقق غايته «بنجاح كبير خصوصاً أنّ الرئيس الحريري تمكّن في كلمته من تسليط الضوء بطريقة واضحة وعلمية على حجم الأزمة اللبنانية أمام المشاركين في المؤتمر، خصوصاً لناحية تضمينها رسائل مباشرة حول تعاظم تداعيات النزوح السوري على المجتمع اللبناني في مقابل قصور رد الفعل الدولي عن القيام بواجباته تجاه الأزمة بشكل بلغ معه لبنان منعطفاً مفصلياً وضعه في حاجة ماسة لدعم دولي عاجل ونوعي يتيح الاستثمار في إنعاش اقتصاده ويفسح المجال أمام خلق فرص عمل وتعليم للنازحين ربطاً بكون الأزمة السورية طالت وباتت تستوجب مقاربة طويلة الأمد مغايرة للصيغ السابقة التي كانت تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية».

وعن سلسلة اللقاءات الثنائية التي عقدها رئيس الحكومة مع رؤساء الحكومات والوفود المشاركين في المؤتمر، أوضحت المصادر الديبلوماسية أنّ الحريري نجح خلال هذه اللقاءات في أن «يُشعر الدول المانحة بحجم المشكلة»، في حين سمع من معظم الذين التقاهم تطمينات إلى أنّ استعادة لبنان «بيئته الدستورية والمؤسساتية» أصبحت تؤهله لكي يكون جاهزاً لتلقي المساعدات الدولية بعدما كانت مرحلة الفراغ الرئاسي والشلل الحكومي والمؤسساتي تحول دون ذلك. علماً أن كلمة الحريري أمام مؤتمر بروكسيل جرى توزيعها على المشاركين في المؤتمر مرفقة بخطة الحكومة اللبنانية لمقاربة أزمة النازحين ودراسة جدوى تفنّد النتائج الإيجابية المتوخاة منها.

قانون الانتخاب: «نجم الساحة»

وإلى ساحة النجمة، تتجه الأنظار مباشرة عبر الهواء اليوم لرصد مشهدية المناقشات النيابية مع الحكومة، وسط توقعات بأن يكون ملف قانون الانتخاب «نجم الساحة» خصوصاً وأنّ عدد طالبي الكلام يناهز الخمسة وعشرين نائباً، حسبما أكدت مصادر عين التينة لـ«المستقبل» مشيرةً في هذا المجال إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد فتح المجال أمام المجلس اليوم لكي يعبّر و«يفشّ خلقه» لعلّ النقاش النيابي يعيد البحث في قانون الانتخاب إلى السكة السليمة «بعيداً عن متاهة المشاريع اللامتناهية التي تُطرح على مدار الساعة وتكاد تُدخل البلد في فراغ تشريعي لا تُحمد عقباه». 

وبهذا المعنى، جاء تحذير بري خلال لقاء الأربعاء النيابي أمس من أنّ «الذهاب إلى الفراغ هو تطيير للبلد وأي تفكير لدى البعض أو استسهال لهذا الأمر يعني المزيد من السقوط والانهيار للمؤسسات»، مشدداً على «ضرورة الإسراع في التوافق على قانون جديد للانتخاب اليوم قبل الغد»، ومنبهاً إلى مغبة «الاستمرار في حالة التخبط والمراوحة» السائدة.

 

الديار :

أغلب الظن، ان جلسة المناقشة النيابية العامة للحكومة اليوم وغدا، مرشحة لأن تتحول الى «طاولة بلياردو» سياسية، سيحاول عبرها النواب المتكلمون ان يصيبوا أكبر عدد ممكن من الكرات، في تسديدة خطابية واحدة.
وبرغم ان الحدود تبدو متداخلة ومتشابكة بين مفهومي الموالاة والمعارضة، مع تمثل معظم الكتل النيابية في مجلس الوزراء وبالتالي انتفاء المسافة الفاصلة التي تسمح بانتظام اللعبة الديموقراطية، إلا ان ذلك لن يمنع معظم النواب من التصويب على الحكومة، انطلاقا من اعتبارات متفاوتة، ابرزها:
- تنفيس «الكبت الخطابي» الناتج من ندرة جلسات المناقشة خلال فترة الشلل المؤسساتي الذي رتّبه الشغور الرئاسي.
- دغدغة عواطف المواطنين- الناخبين، ومحاولة وصل ما انقطع معهم على مدى سنوات من التمديد النيابي، وذلك تحسبا لاحتمال حصول الانتخابات النيابية في الصيف او الخريف المقبل.
- تصفية الحسابات الجانبية بين بعض النواب من جهة، ورئيس الحكومة وبعض الوزراء من جهة أخرى.
- الاستفادة من النقل التلفزيوني المباشر لاثبات الوجود وتوجيه الرسائل عبر «البريد السريع».
ويمكن القول ان رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل والنائب بطرس حرب سيكونان من بين المتكلمين الاكثر «شراسة» في الهجوم على الحكومة، خلال الجلسة «الكر والفر»، لانتفاء الالتباس في موقعهما السياسي، كونهما معارضَين صريحين، وبالتالي فهما سيستثمران فرصة مثول الحكومة امام المجلس، للانقضاض عليها من الزاوية التي يفترضان انها تشكل «خاصرتها الرخوة»..
 ويقول حرب لـ«الديار» انه سيسمّي الأشياء بأسمائها في الكلمة المقرر ان يلقيها غدا امام مجلس النواب، وسيفصح عما يعرفه في شأن كل القضايا المطروحة، من الكهرباء الى الغاز مرورا بقانون الانتخاب وسياسات الحكومة، مؤكدا ان ملفه مُحكَم لان أهل السلطة يقدمون لنا من خلال أدائهم هدايا مجانية.
ويعتبر حرب ان ما يجري على المستويات كافة يندرج في خانة الغرائب والعجائب التي سألجأ الى تفنيدها وشرحها، انما من دون نكايات او كيديات، «لان هذه ليست طريقتي في معالجة الشأن العام، علما ان أخطاء الحكومة الكثيرة تسهل عليك المهمة وتقودك تلقائيا الى المعارضة».
وبالنسبة الى قانون الانتخاب، يوضح حرب ان هذا الملف يتأرجح بين هبة باردة واخرى ساخنة، معربا عن اعتراضه الشديد على مشروع الوزير جبران باسيل «المزدحم بالخزعبلات والذي يتعارض مع وحدة لبنان والمصلحة الوطنية»، مشيرا الى ان هذا المشروع هو كناية عن خلطة غريبة عجيبة، سواء على مستوى نظام الاقتراع او على مستوى توزيع الدوائر، ومستنتجا ان صاحبه يريد تعيين النواب قبل اجراء الانتخابات.
وعما إذا كانت لا تزال توجد حظوظ لطرح باسيل، يقول حرب: ما أخشاه إذا جرى اقرار طرح من هذا النوع هو الا تبقى حظوظ للبنان الذي سينتهي عندئد، وأنا أحذر من ان اعتماد قانون باسيل معناه ان لبنان الذي نعرفه «راح»...
وحول البديل الذي يقترحه، يعتبر حرب ان الصيغة الانسب في هذه المرحلة هي الدائرة الفردية التي تسمح بإيصال الاشخاص الاكثر تمثيلا للناس وتعبيرا عنهم الى مجلس النواب، مشددا على ان تطبيق النسبية في الوقت الحاضر لن يساهم في تغيير الطاقم السياسي الحالي بل ستكرس هيمنته على مؤسسات الدولة ومقدراتها.
ويرى حرب ان لبنان يحتاج، في مرحلة انتقالية على الاقل، الى الدائرة الفردية التي من شأنها ان تمهد لخروج لبنان من برج بابل، وبعد ذلك يمكن ان نعتمد النسبية في ظروف ملائمة ووفق اسس سليمة.

 «حزب الله» يصارح «التيار» 

وإذا كان «التيار الوطني الحر» قد روّج بانه ينتظر ردا نهائيا اليوم من «حزب الله» على المشروع الاخير للوزير باسيل، فان معلومات «الديار» الموثوق بها تؤكد ان الحزب لا يعتبر نفسه معنيا بهذا الموعد، مفترضا انه قدم رده عندما طرح ملاحظتين جوهريتين على قانون باسيل، من شأنهما إذا جرى الأخذ بهما، ان يعيدا صياغته جذريا، وبالتالي فان «الحزب» هو الذي ينتظر «التيار»، لا العكس.
صحيح، ان «الحزب» حاذر ان يبلغ رئيس «التيار» بالمباشر جوابا سلبيا، لكنه اعتقد انه أوصل رسالته الاعتراضية على الصيغة المقترحة، عبر معادلة «نعم.. ولكن». 
وما لا يبوح به «حزب الله» علنا لدواعي مراعاة التحالف الاستراتيجي مع «التيار الحر»، يمكن سماعه بوضوح في الغرف المغلقة، حيث يعلو منسوب الصراحة لدى اوساط قيادية في «الحزب»:
«ان ما عرضه باسيل «يقتلع» حلفاءنا، وهذا ما لا نستطيع ان نقبله. نعم، نحن متعاونون الى اقصى الحدود الممكنة، لكن هذه المرونة لن تدفعنا الى القبول بأي قانون كان وكيفما اتفق. ان الاعتبارات الاخلاقية والسياسية لا تسمح لنا بالموافقة على اي قانون يهدد مصالح حلفائنا ووجودهم السياسي، وكما احترمنا في السابق التزامنا بدعم ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية وبقينا على هذا الالتزام الاخلاقي والسياسي حتى انتخاب الجنرال برغم كل الضغوط، فاننا اليوم وانطلاقا من المعيار ذاته لسنا في صدد التخلي عن الحلفاء، لان مصداقيتنا ثابتة وليست استنسابية او «على القطعة». ونتمنى على «التيار الحر» ان يتفهم موقفنا وان يدرك ان المصداقية التي حكمت تعاملنا معه في ملف الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات، هي ذاتها تحكم سلوكنا حيال حلفائنا على مستوى قانون الانتخاب، وبالتالي ليس مقبولا ان يلحق الظلم بمن يجمعنا معهم الصف الواحد والخيار المشترك، في الطوائف الاخرى... هكذا كنا وهكذا سنبقى».
 ووفق ما يتسرب من النقاشات الداخلية في صفوف «حزب الله»، فان «التيار» مُطالب من ناحيته ايضا بأن يتجاوز حدود المقاربة الذاتية والآحادية الجانب لقانون الانتخاب، والتي تدفعه الى حصر حساباته في نطاق ما يمكن ان يربحه هو فقط او مع حليفه المسيحي، ليطل على الساحة الاوسع والمساحة الاكبر، «حيث توجد قوى سياسية حليفة لنا وله، ينبغي ان تُراعى حيثياتها كذلك».
ولا يخفي «الحزب» قناعته بان الطبعة الاولى من مشروع باسيل تنتج محادل مموهة في ساحات كل الطوائف، خصوصا انها تسحب من النسبية عصبها وجدواها بعد ربطها بالصوت التفضيلي في القضاء، الامر الذي يمنحها مفعول النظام الاكثري.
ويرى «الحزب» ان النسبية الكاملة هي الطرح الاصلي للرئيس عون، ولو انه ابدى استعدادا للقبول بـ«المختلط»، من أجل تسهيل التسوية الانتخابية. وعليه، يشدد «الحزب» على ان وضع قانون عادل للانتخابات سيمثل انجازا تاريخيا للعهد، الذي هو صاحب المصلحة، قبل غيره، في انتاج قانون من هذا النوع، لانه سيكون كالعلامة الفارقة في سجله ومسيرته.

 

الجمهورية :

على وقع الأزمات المتنوعة إنتخابياً وسياسياً ومطلبياً، تنطلق اليوم جلسة المناقشة العامة للحكومة في مجلس النواب. وعلى ما يبدو انّ الشهية النيابية مفتوحة لاعتلاء المنبر المجلسي، خصوصاً في الزمن الانتخابي الراهن والذي يتطلّب في مفهوم بعض المكونات النيابية حضوراً مرئياً ومسموعاً لعرض العضلات السياسية والشعبية على باب الاستحقاق الانتخابي. وبلغ عدد طالبي الكلام ما يزيد عن 25 نائباً حتى الآن، وهو مرشّح للارتفاع تبعاً للتجارب السابقة مع جلسات من هذا النوع.

الواضح عشيّة جلسة المناقشة انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يسعى الى تقديمها جلسة مضبوطة بسقف الواقعية من دون ارتفاع النقاش الى حد الاستفزاز والمناكفات المفتعلة، الّا انّ المواطن اللبناني خَبر جلسات من هذا النوع، والتي شكّلت في مجملها مناسبات ومهرجانات خطابية يسيل فيها الكلام في كل اتجاه، من دون أن تلامس جدياً العناوين الملحّة التي تؤرقه، خصوصاً في ظل الأزمة المعيشية التي تخنقه.

وبالتالي، جلّ ما يريده المواطن ألّا تكون هذه الجلسة مستنسخة عن سابقاتها، او بتعبير أدق عن مهرجانات الخطابة النيابية السابقة، بل ان تخرج عن هذا السياق، لتحمل أجوبة على سيول الاسئلة التي يتداولها الناس:

- حول سلسلة الرتب والرواتب ومصيرها، هل ستعطى لمستحقيها ام لا؟ ومن أين ستتأمن تكلفتها؟ هل من المصادر الجدية التي يفترض ان تحددها وتؤمنها الحكومة، ام من جيوب الناس؟ وأيهما سيسبق الآخر، قانون الانتخاب الضائع في متاهات السياسة ام السلسلة الضائعة حتى الآن في متاهات الضرائب والرسوم التي وصفها النقابيون بالعشوائية؟

- عن الموازنة العامة، وهل هي متوازنة بمشاريع إنمائية ممتدة على مساحة لبنان؟ ام هي مجرّد أرقام لا تسمن ولا تغني عن جوع؟ والأهم، ثمة من يحاول أن يجعل من هذه الموازنة، التي تنتظر إحالتها الى مجلس النواب لإقرارها، مقبرة للسلسلة.

- حول موعد الانطلاقة الجدية للوعود الانعاشية للوضع الداخلي والانمائية التي قطعت في البيان الوزاري للحكومة، وتتوالى يومياً على ألسنة مختلف المستويات السياسية والرسمية.

- حول الوضع الحكومي، وما اذا كان محصّناً بتماسك مكوناتها ام انّ ثمّة رياحاً تهبّ في اتجاهه جعلته عرضة للاهتزاز. وثمّة معلومات تشير الى تحضيرات لتعليق جانب من الجلسة على التوتر الكهربائي العالي، وذلك ربطاً بالنفور في العلاقة على خَطّي وزارتي المال والطاقة على خلفية بعض القرارات الكهربائية التي أثير التباس حولها، وكذلك على خلفية تلزيم البواخر الكهربائية التي تحدثت وزارة المالية عن تلزيم بمبالغ خيالية. وعُلم أنه ستكون لوزير المال علي حسن خليل محطة كلامية مطوّلة في الشأن الكهربائي.

- حول أسباب الاشتباك الامني بين الثنائي الشيعي وتيار المستقبل وأبعاده وحجمه على تعيينات في قوى الامن الداخلي شملت تعيين الرائد ربيع فقيه رئيساً لفرع الامن العسكري في فرع المعلومات، والعقيد علي سكيني قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الإقليمي.

وكذلك حول حقيقة وموجبات ما قيل عن وقف صرف الأموال السرية الى فرع المعلومات من حسابات الخزينة العامة عبر وزارة المالية، وكذلك حول موجبات ابعاد موظفين (في المالية) محسوبين على المستقبل (إلحاق مراقب الضرائب الرئيسي الملحق بدائرة كبار المكلفين في مديرية الواردات طارق برازي بمديرية المحاسبة العامة ليقوم بالمهام التي يتمّ تكليفه بها، وإلغاء تكليف مصباح بو عرم برئاسة دائرة المراقبة الضريبية والاستردادات في مديرية الضريبة على القيمة المضافة وإعادته الى مركز عمله الرئيسي قبل المناقلات الأخيرة كمراقب ضرائب رئيسي في مجموعة درس في دائرة التدقيق الميداني).

وفي المعلومات، أنّ رئيس الجمهورية تبلّغ الإجراءات الأخيرة بتفاصيلها، وقالت مصادر متابعة للملف لـ«الجمهورية» إنّ حلّه لن يكون الّا سياسياً، وينتظر عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت كونه المرجعية السياسية لعثمان الذي بدأ يشعر أنّ هناك مشكلة في الخطوتين اللتين يمكن أن يتخذهما.

فإذا بقي عند قراره سيحوّل قوى الامن الداخلي جهازاً شبيهاً بأمن الدولة الذي بقي مشلولاً في زمن الخلاف، وإذا تراجع عن هذا القرار سيؤثر في معنويات المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، إذ لم يمض شهران على تسلّم مهماته فيها، لذلك ترى المصادر انّ الامور وصلت الى حائط مسدود في انتظار الحلحلة السياسية التي لن تحصل إلّا بعد اجتماع بين الحريري وبري.

وأوضحت المصادر أنّ سكيني الذي عيّنه عثمان قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي ليس مشكلة بين الطرفين كما يُشاع، فالخلاف شبه محصور في التعيين داخل فرع المعلومات، وفي اعتبار حركة «أمل» أنّ خطوة عثمان هي انقلاب على التوافق المسبق بينهما، والذي درجت عليه العادة بين القوى السياسية عند التعيينات والتشكيلات لتجنيب الاجهزة الأمنية الخلاف والتجاذب.

- حول الملف الانتخابي، وما اذا كان هناك توجّه جدي لإنتاج قانون انتخابي سواء قبل 15 نيسان الجاري، او قبل نهاية ولاية المجلس النيابي في حزيران المقبل؟ وحول ما اذا كان المواطن ومعه البلد ضحيّة لعبة قتل للوقت يُراد منها إعدام اي فرصة لإنتاج القانون العادل الذي ينصف كل المكونات السياسية وغير السياسية في البلد؟ وحول ما اذا كان القرار قد اتخذ في غرف ضيقة لدخول البلد في تمديد جديد لمجلس النواب، سواء بعنوان تقني أو غير تقني؟

- حول كثير من الشؤون والشجون، ليس آخرها عودة ظاهرة الفلتان واللصوصية في أكثر من منطقة، على نحو ملحوظ في الآونة الاخيرة، مع ما يرافقها من قلق وخوف لدى الناس على أنفسهم وأرزاقهم.

والأمثلة كثيرة عن الاشكالات والمطاردات المسلحة والمداهمات الامنية لأوكار الخارجين على القانون، والتي يسقط خلالها شهداء من القوى الامنية الرسمية. وقبل كل ذلك جواب عمّن يغطّي هذا الفلتان ومظاهره الشاذّة، وعمّن لا يسمح برفع الغطاء عنهم؟

تلك الاجوبة مطلوبة من الجلسة، ولعلّ البيان المنتظر أن يتلوه رئيس الحكومة سعد الحريري يحمل، مع المناقشات النيابية التي ستدور حوله، بعضاً من تلك الاجوبة. الّا اذا دارت الجلسة - كما هو متوقّع لها - في الفلك الخطابي المرئي والمسموع، الذي يلفّ ويدور حول العناوين والشكليات والمصلحيات والخصوصيات وعرض العضلات، ولا يلامس أصل المشكلة وجوهرها.

أجواء تمهّد للتمديد

على أنّ مصادر سياسية تحاول ان تبقي بصيص أمل من هذه الجلسة، إذ في تقديرها انّ الجلسة يمكن أن تخلق مناقشاتها تمهيداً للتمديد لمجلس النواب تحت مسمّيات مختلفة، تقنية أو موقتة، علماً انّ نتيجته واحدة هي التمديد للمجلس النيابي.

لكن أمام هذا الموضوع عدة عقبات لا تقلّ عن العقبات التي تواجه وضع قانون جديد، أبرزها انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يزال يرفض فكرة التمديد جملة وتفصيلاً ولا يريد ان يحدث ذلك، لأنه يمسّ بانطلاقة العهد وما ينتظره منه الرأي العام.

وفي هذا السياق، نقل الوزير السابق سجعان قزي، الذي زار بعبدا أمس، أنه لمس حرص عون على اللعبة الدستورية في ما خصّ القانون الجديد للانتخابات ورفض التمديد والفراغ في آن، «وهذا يؤكّد أنّ هناك من يذكّرنا بأننا نعيش في دولة لها دستور ومواعيد دستورية».

وتلاحظ المصادر السياسية انّ بري «لا يقبل بالتمديد حسب تصريحه الأخير إلّا اذا كان هناك اتفاق مُسبق على القانون الجديد. لكن هناك فارقاً استَجدّ هو أنه بات يقبل بالاتفاق على الخطوط العريضة لقانون انتخاب عوض الاتفاق على قانون كمشروع ناجز».

وتقول المصادر نفسها: «في هذه الاجواء هناك طرفان يتابعان ما يجري: الاول هو المرجعيات الدولية من أمم متحدة واتحاد أوروبي ودول مانحة التي تصرّ على ان يحترم لبنان استحقاقاته الدستورية لتشجيع الدول المانحة على مساعدته في كل المجالات، والثاني هو الرأي العام اللبناني. ولا يُستبعد في هذا الاطار ان يحصل تحرّك في الشارع ضد التمديد على غرار ما حصل ضد فرض الضرائب.

مكانَك راوح

سياسياً، لم تبرز ايّ مؤشرات حول دوران العجلة الانتخابية في اتجاه إنتاج قانون في الايام القليلة المقبلة، بل ان يبدو هذا الوضع مأسوراً في دائرة المراوحة السلبية.

ووسط هذه الاجواء إنعقد في بروكسل مؤتمر المانحين لسوريا، بمشاركة رئيس الحكومة، ولكن من دون بروز ما يشجّع على اعتماد الطرح اللبناني بالعودة الآمنة للنازحين وبخلق مناطق آمنة. والابحاث تركزت على رفع نسبة الاموال التي تدفع للبنان لاستيعاب النازحين وإيجاد وظائف لهم في إطار مشاريع استثمارية.

وعلى الصعيد الانتخابي، جَزم معنيّون بالشأن الانتخابي لـ«الجمهورية» أن لا أحد تحدّث مع أحد في الموضوع الانتخابي منذ ايام، والعُقَد على حالها من دون ايّ حلحلة، ومن شأن هذا أن يُضعف الامل في إمكان نضوج قانون جديد في المدى المنظور أو قبل 15 نيسان الجاري.

وحول مَكمن العقدة الحقيقية التي تعطّل الوصول الى قانون، أكد هؤلاء المعنيون بأنّ العقدة موجودة في كل مكان، وبمعنى أوضح كل طرف يملك عقدة ويرفض ان يفكّها. وهذا الوضع لا يشجّع على التفاؤل بل يبعث على التشاؤم الذي لا بدّ أنه سيظهر الى العلن قريباً جداً، علماً انّ البلد في هذا الجو المقفل ذاهب بشكل مباشر الى المأزق.

ويؤكد هذا الكلام مرجع سياسي بقوله لـ«الجمهورية»: «نحن نقترب من المأزق الكبير. وخطورة ما نحن فيه، تجعلني أخشى من سلبيات كبرى تتدحرج علينا من باب التمديد او الفراغ، لا أحد ينام على حرير».

بري

وهذا المأزق عبّر عنه بري الذي التقى القائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري، فكرّر التحذير أمام «نواب الاربعاء» من «انّ الذهاب الى الفراغ هو تطيير للبلد»، معتبراً «أنّ ايّ تفكير لدى البعض او استسهال لهذا الامر يعني المزيد من السقوط والانهيار للمؤسسات». وشدّد على «ضرورة الإسراع في التوافق على قانون جديد للانتخاب اليوم قبل الغد»، محذّراً من سلبيّات الاستمرار في حالة التخبّط والمراوحة.

المطارنة

وفي السياق ذاته، جاء موقف مجلس المطارنة الموارنة الذي حَضّ على «استعجال الوصول الى قانون انتخاب جديد، على أن يتمّ ذلك قبل فوات المهَل الدستورية». وامّا الاساس في القانون كما يراه مجلس المطارنة، فهو «ان يركّز على ضمان عدالة التمثيل لجميع المواطنين على قاعدة العيش المشترك والديموقراطية التي تميّز نظامنا السياسي».

الى ذلك، وفي وقت تُنتظر فيه عودة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لإعادة انطلاق البحث الانتخابي، تحدثت مصادر متابعة للملف الانتخابي أنّ التواصل لم ينقطع بين باسيل والحريري وحركة «أمل» و«حزب الله» الذي بات معلوماً انّ وفداً رفيع المستوى منه سيزور رئيس الجمهورية.

«الحزب»

وفي هذا المجال، كرّر «حزب الله» التأكيد على أنه قدّم ملاحظات جوهرية على صيغة باسيل. وقال مصدر في الحزب لـ«الجمهورية» انّ هذه الملاحظات أُبلغَت شخصياً الى وزير الخارجية جبران باسيل. وجَدّد المصدر تأكيد الحزب على موقفه المبدئي المؤيّد للنسبية مع لبنان دائرة واحدة «إلّا اذا كان هناك تفاهم ما، فلا مانع لدينا في الدوائر المتوسطة».

 

 

الاخبار :

تنتظر جلسة المناقشة العامة في مجلس النّواب اليوم، نقاشاً حاداً بين مختلف الكتل السياسية حول قانون الانتخاب، في ظلّ غياب الاتفاق على قانون انتخابي جديد، والاحتمالات المتصاعدة للوصول إلى أزمة سياسية مفتوحة بوقوع فراغٍ في المجلس النيابي لم يحصل قبله مثيل في تاريخ لبنان. وأكد موقف «كتلة التنمية والتحرير» أمس حول جلسة اليوم، وتأكيد الكتلة بعد اجتماعها أنَّ «قانون الانتخاب سيكون نجم الجلسة»، عمق القلق الذي يعتري الرئيس نبيه برّي من جراء احتمال الوصول إلى الفراغ وسقوط مؤسسات الدولة.

وكرّر برّي أمس في لقاء الأربعاء النيابي، قوله إن «الذهاب إلى الفراغ هو تطيير للبلد، لذلك فإن أي تفكير لدى البعض أو استسهال لهذا الأمر يعني المزيد من السقوط والانهيار للمؤسسات»، مشدّداً على «ضرورة الإسراع في الاتفاق على قانون جديد للانتخاب اليوم قبل الغد، بدل الاستمرار في حالة التخبط والمراوحة».
كلام رئيس المجلس النيابي، يترافق مع معلومات عن نيّة وفد من حزب الله، زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون في الساعات أو الأيام المقبلة، لمحاولة الوصول مع عون إلى تفاهم ينتج منه اتفاق على قانون الانتخاب، بعد أن بات الوصول إلى اتفاق مع الوزير جبران باسيل متعذّراً، مع تمسّك باسيل باقتراح القانون الطائفي المفصّل على قياس التحالف بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.


 

 

واستمر أمس حزب القوات اللبنانية بتضليل الرأي العام، من خلال التنصل من مواقفه السابقة المؤيدة للنسبية، معتبراً، على لسان رئيسه سمير جعجع، أن النسبية الكاملة تضرب صحة التمثيل. وكرر جعجع مقولة أن ناخبي بنت جبيل سيحددون، بالنسبية الشاملة، من سيكون نائباً عن كسروان، علماً بأن سيناريو كهذا سيكون ساقطاً حتماً إذا اعتُمِدَت النسبية في دوائر متوسطة، كما في مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أو في المشروع الذي اتفقت عليه القوى المسيحية، ومن بينها القوات، في بكركي قبل أكثر من سنتين. وحينذاك، كان نائب القوات جورج عدوان ينظّر لمشروع النسبية «الكاملة»، لجهة حؤوله دون تحكّم ناخبي منطقة بنتيجة الانتخابات في منطقة أخرى، لأن لبنان سيكون مقسّماً إلى 15 دائرة. وكان لافتاً في كلام جعجع أمس، إلى قناة «أم تي في»، تركه باب تحالف حزبه مفتوحاً على كل الاحتمالات في الانتخابات المقبلة. وأبرز ما يمكن التوقف عنده في هذا الإطار، تلويح جعجع بورقة ضغط يمكن استخدامها في وجه الوزير جبران باسيل، من خلال عدم إقفال رئيس القوات الباب أمام إمكان التحالف مع النائب بطرس حرب في البترون، وجعله هذا الخيار مساوياً لخيار التحالف مع باسيل.
وقالت مصادر بارزة في قوى 8 آذار لـ«الأخبار» إن «الأيام القليلة المقبلة مفصلية لجهة ضرورة الاتفاق على قانون للانتخاب يقدّم فيه الجميع تنازلات معيّنة من دون السير بقانون طائفي، لكن الهدف هو الحفاظ على البلد من التهديد الجدّي للفراغ في المؤسسات، لأن الفراغ ممنوع». وقالت المصادر: «نشعر بأنَّ هناك من لا يقدّر حجم الخطر الذي نحن فيه، والمرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان».
وقال الشيخ نبيل قاووق في خلال احتفال تأبيني لحزب الله، إن «الأيام القليلة القادمة هي الفرصة الأخيرة لإخراج لبنان من أزمة خطيرة، لأن عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، يعني إشعال فتيل أزمة سياسية خطيرة، ولا سيما أن هامش المناورة أمام القوى السياسية قد انتهى، ولم يعد هناك وقت لمزيد من المناورات السياسية، ولا خيارات إلا الخيار الأوحد الذي ينقذ البلد، وهو الاتفاق على قانون انتخابي جديد يضمن صحة وعدالة التمثيل، لأن الفراغ والتمديد وقانون الستين هي وصفة لأزمة جديدة». وأكد أن «حزب الله لن يختلف مع حلفائه على قانون انتخابي جديد، ولن يكون هذا القانون سبباً لأي تباعد بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، ولا سيما أن النقاش الانتخابي اليوم بات ينحصر في حجم ودوائر النسبية في القانون الانتخابي الجديد الذي يضمن صحة وعدالة التمثيل».
وذكرت قناة «أو. تي. في.» أن «عون تواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري واتفقا على عقدِ جلسةٍ لمجلس الوزراء في بعبدا، يوم الاثنين المقبل»، وأن «الجلسة تكون مخصصة لطرح موضوع القانون على بساط البحث، وصولاً إلى حصر الصِيغ المقبولة له، مع عدم استبعاد أن يُصار إلى طرح التصويت، بحيث تنتهي الجلسة بمشروعٍ واحد، يملك أكثريةً وزاريةً ونيابيةً وسياسية وميثاقية، كافية لإقراره قانوناً جديداً وبحيث يذهب الناخبون على أساسه، وبعد نحو مئة يوم على نشره، لاختيار نوابِهم الشرعيين الجُدد، بعد ثمانيةِ أعوامٍ ونيّف على آخِر استحقاق نيابي». وأكدت أن «كل الاستعدادات باتت متّخذة لتجنُّب أي فراغ، بما في ذلك كل ما يُتيحه الدستور من صلاحيات».
ويفتح الحديث عن التصويت داخل جلسة مجلس الوزراء، الباب أمام إمكانية حدوث انقسام كبير بين الوزراء، خصوصاً لجهة عدم حسم حصول أي اقتراح على أكثرية الثلثين من الوزراء.


\

 


من جهة ثانية، أكّد النائب آلان عون أنه «قمنا بواجباتنا في أكثر من اقتراح لقانون الانتخابات، مشيراً إلى أن المطلوب من الأفرقاء التحرك»، وأننا «ننتظر أن نحسم في الـ 24 ساعة المقبلة توجهاً ما يتبين على أساسه إذا كانت الأمور ستحل أو سنذهب إلى بدائل أو أزمة في البلد حسب ما نسمع»، لافتاً إلى أنه «من أجل تجنيب البلد أزمة لا حل غير الاتفاق على قانون انتخاب ولو كان بالربع الساعة الأخير».
على صعيد آخر، استمرت «المعركة» بين حركة امل وتيار المستقبل، مع استمرار الحركة بـ«الرد» على قرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، تعيين قائد لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الإقليمي من خارج الآلية السياسية المتبعة في هكذا قرارات. وأصدر وزير المال علي حسن خليل قراراً أمس بإعفاء أمينة السجل العقاري في بعبدا، نايفة شبّو، من منصبها، وتعيين يوسف شكر في مكانها. وتجدر الإشارة إلى أن شبّو محسوبة على تيار المستقبل، فيما يُعد منصب أمين السجل العقاري في بعبدا من أهم مراكز السجل العقاري في لبنان. وكان خليل قد أصدر قراراً بوقف دفع النفقات السرية إلى قوى الأمن الداخلي، فضلاً عن إجرائه تبديلاً طاول موظفَين محسوبَين على المستقبل في وزارة المال. وقالت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الأخبار» إن «الانتقام» سيستمر إلى حين التوصل إلى تسوية بين الرئيسين بري وسعد الحريري.
من جهة أخرى، التقى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف على هامش مؤتمر مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته الـ34 الذي افتتح ظهر أمس في العاصمة التونسية. واقترح المشنوق في خلال المؤتمر «تشكيل نواة أمنية معلوماتية عربية بقيادة ابن نايف لمواجهة تحديات المنطقة». واتُّفق في خلال الاجتماع على استضافة لبنان لمؤتمر وزراء الداخلية العرب التالي في العاصمة بيروت العام المقبل، وهو ما عدّه مشاركون في المؤتمر استكمالاً لـ«الانفتاح العربي» على لبنان، الذي بدأ بزيارة الرئيس ميشال عون للرياض، واستُكمل في عدم الاعتراض على بند التضامن مع لبنان في القمة العربية في الأردن الأسبوع الماضي، وزيارة الرئيس سعد الحريري للسعودية، مرافقاً الملك سلمان بن عبد العزيز على متن طائرته الخاصة.