العالم العربي اليوم يمر في وسط عاصفة سياسية - دينية تأخذه يمينًا و شمالًا وتهدم كل أركانه الإقتصادية والعسكرية والبشرية وكل متفرعات هذه العنواين، ولكن لهذه العاصفة الغير طبيعية والمفتعلة أسباب وعوامل ولها مستفيدين بشكل مباشر و غير مباشر فما هي عوامل و أسباب هذه الأزمة و من هم المستفيدين من ورائها؟
عادة وبالفكر الباطني واللاوعي والفطرة الموجودة بالإنسان هي الإبتعاد عما يوجد أمامه إذا ما كان يشكل خطرًا على روحه بشكل خاص وعلى أمواله وأملاكه بشكل عام، ولكن هذه الفكرة موجودة في كل دول العالم سواءً كانوا أفراد مؤسسات أو حكومات إلا في العالم العربي و في منطقة الشام تحديدا ً و يظهر الشرح النظري بشكل تطبيقي على أرض الواقع من خلال:
- كل "خطبة جمعة" (سواءً عند الشيعة أو السنة) بنهي عن قتل الإنسان لأخيه و قتل المسلم الشيعي للمسلم السني ثم و بشكل مفاجئ دون أي إنتباه تنتهي الخطبة باللعن والتكفير من أتباع هذا لأولياء ذاك المذهب ثم الصلاة على النبي (ص) ولي أمر المذهبين، و يتم الكلام حول مذاهب الإسلام خاص هنا لأنها هي أساس هذا الصراع و محوره.
- كل مسلم يقتل أخيه المسلم تحت شعارات الإسلام نفسه ولكن بإختلاف كيفية الأكل المستحبة أو الصلاة مكتوفي الأيدي أو عدم مكتوفي الأيدي وأسباب أخرى لا أدعوها بالتفاهة ولكن لا تملك أهمية الإختلاف عليها.
- كل حزب ديني يختلف مع حزب آخر بسبب فكرة سياسية يعطيها الحزب نفسه طابع ديني كي يملك الحجة حتى يستقطب من يقتنعون بفكره التشتيتي، أو بسبب قادة سابقين قتلوا بعضهم فينتقل الصراع إلى "رفاق السلاح" كي يأخذو بثأر خليفتهم السابق من أتباعه الحاليين فيسود نظام الثأر العشائري في الحكم السياسي و العسكري بين الأحزاب.

إقرأ أيضًا: هل شعوب منطقتنا العربية فاسدة بطبعها ؟!

هذه النقاط الثلاث لا تكفي لشح الوضع و إن كانت كافية لإيصال صورة مصغرة و منمقة عن أسباب هذه العاصفة التي يدعمها المحور الغربي بإعلامه والتي يدعمها أهالي هذه المنطقة بدمائهم وسلاحهم وإقتصادهم.
و من دون إنتباه فإن هذه العاصفة السياسية - الدينية تخدم دول الغرب بشكل مباشر وغير مباشر عسكريًا وإقتصاديًا وسياسيًا.
أما في إستفادة المحور الغربي الذي يدعي محور الممانعة محاربته له فهو كالتالي:

- في حرب روسيا مع الشيشان كلفت الحرب روسيا آنذاك خسائر مادية وعسكرية وبشرية ومعنوية بالباب الأول و لم تستطع روسيا في ذاك الوقت المتمثلة ب "بوريس يلتسن" من القضاء على القوات الشيشانية المتمثلة بالقائد "شامل باسييف" حتى وصل "الخطاب" واسمه الحقيقي هو "سامر بن صالح بن عبدالله السويلم" - والذي قتل نتيجة عملية إغتيال من قبل أحد المجاهدين المزدوج العمالة دسه الجيش الروسي بين المجاهدين - حاملًا الفكر الوهابي لينشره إلى جانب باسييف بين القوات و كي يرسخ الفكر التكفيري في عقولهم و عقول أبنائهم، ومنذ ذلك الوقت والمقاتلين الشيشانيين هم قوات وهابية ودعم له في مختلف أرجاء العالم وفي سوريا اليوم ضد الشيعة والعلويين وبشكل علني فنرى أن هذه القوات الشيشانية وما تشمله من فصائل إسلامية أخرى محاذية لروسيا قد إندفعت إلى الداخل الثوري واضعةً ثقلها فيه تاركة الجبهة الروسية هامدةً وهادئة.
فتكون روسيا بهذا الشكل و بدعمها للنظام قد دفعت بالقوات الشيشانية الوهابية من حدودها الى مواجهتها في سوريا.

-  أما في صراع حزب الله و سوريا من جهة و إسرائيل من جهة أخرى فإن هذا الصراع بدأ عند إجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 فبدأت المنظمات العسكرية و السياسية المناهضة لهذا الكيان بالظهور كحركة أمل وحزب الله، ولكن كلنا أدرى أن حزب الله أخطر على إسرائيل من حركة أمل التي انخرطت بالعمل السياسي وتوجهت نحو الداخل بعكس حزب الله الذي ظل يتدخل في الأمور الإقليمية والدولية كان آخرها التدخل العسكري في سوريا واليمن والعراق. أما بخصوص سوريا فإنها تشكل بجيشها وموقعها الجغرافي وبفكر أهلها الثوري والتوسعي الفطري خطرًا على الوجود الإسرائيلي وثقله في المنطقة العربية ولكنه مهمك بالداخل يحارب أهل بلده ويدمر بأعوام قليلة ما بنته الحكومات السابقة له بعشرات الأعوام. فتكون إسرائيل بهذا الشكل قد أزاحت عن نفسها حملا ضخمًا من مواجهة هاتين القوتين العسكرييتين مجتمعةً عبر ما يحصل في سوريا اليوم.
-  أما عن الصراع الأبرز وهو صراع الولايات المتحدة الأمريكية و إيران فهو الصراع الذي أدى إلى كل الصراعات في المنطقة فإن أمريكا هي المستفيد الأكبر من هذا النزاع فهي بصراعها مع إيران من جهة تكون قد ولدت بؤرًا معادية لأمريكا وموالية لإيران تتصارع مع من يعارضها من المحيط الموجود حولها فتحصل النزاعات بين أعداء ومواليها على أرض أعدائها دون أن تتضرر و من جهة أخرى فهي تتحكم بالإقتصاد العالمي فتفرض عقوبات مالية و إقتصادية تفرضها على إيران و أذيالها في المنطقة فتزيد من صعوبة تحدي محور الممانعة لها و هذا بالشكل المباشر لنتائج هذه العاصفة، أما في النتائج الغير مباشرة فإن إيران و كل الدول المتنازعة في المنطقة قد كلفتها الحرب أموالاً لو أنها صرفت في الداخل لكانت شكلت خطرًا على أمريكا وحلفائها أكثر من الخطر العسكري فإيران وحدها صرفت مليارات الدولارات في حين ينام آلاف من الإيرانيين في المقابر، غير أن السلاح الذي تم إستهلاكه فقط في سوريا كافي للقضاء على إسرائيل "3 مرات" على التوالي.

إقرأ أيضًا: العرب ثابتون في عالم متغير

من خلال كل ما تقدم نرى بأن عدو روسيا الشيشاني يتصارع مع عدو إسرائيل (التي يشكل الروس ثلث سكانها) حزب الله و الجيش السوري في سوريا، و نرى أن عدو أمريكا المباشر و خاصة بعد فهم سياسة ترامب الرئيس الأمريكي هو إيران يستنزف في سويا بالشكل العسكري والمالي والإقتصادي، وبالتالي فإن الأعداء المباشرين للدول الأبرز بالعالم (الولايات المتحدة، روسيا، إسرائيل) تتصارع مع الأعداء الإسلاميين الغير مباشرين ولكن مجرد كونهم مسلمين جعلهم أعداءً لهذه الدول الثلاث. 

من هنا فإن ما سبق يوضح و يفسر لماذا على محور الممانعة تغيير أسلوب محاربته للمحور الغربي تنقل الحرب من أرضه التي تدمر إلى أراض أخرى.
و يظهر لنا من هي الدول المستفيدة من هذا الصراع و لماذا تمد به لأطول فترة ممكنة.
فهل سيبقى الصراع دائما في أراضي العرب أم أن الأم (إيران) و (الأب) السعودية سيعي أن الأبناء سيفتكون ببعضهم البعض قبل أن يسترجعوا ما سرق جارهم(إسرائيل) منهم والذي بدأو حياتهم بهدف إسترجاعه (القدس) لكن البوصلة أخطأت و أودت إلى أماكن أخرى؟؟؟!!!

عباس منصور