عقوبات أميركية جديدة على حزب الله  تُربك العلاقة مع مصرف لبنان

 

النهار :

لن تكفي النسائم الملطفة التي حظي بها لبنان من قمة عمان العربية لتبريد السخونة المتصاعدة حيال مأزقه الداخلي المتصل بقانون الانتخاب والذي بدا واضحاً في الأيام الاخيرة انه بلغ مرحلة حاسمة ومصيرية حقيقية. بل ان مجمل الحركة السياسية التي تجري بين مختلف الافرقاء السياسيين أظهرت ان الهامش الزمني للتوصل الى قانون انتخاب الفرصة الاخيرة قبل فوات المهل والانزلاق الى متاهات أزمة دستورية وسياسية كبيرة، قد ضاق جداً وان هذه الفرصة باتت تقاس بأيام قليلة ربما لا تتجاوز الخامس من نيسان المقبل، في حين لا تزال حظوظ التوافق على قانون جديد محاصرة تماما بين المد والجزر الحادين حيال المشروع المختلط الاخير لرئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل والدفع المتواصل لـ"حزب الله " نحو التسليم بالنسبية الكاملة في أي مشروع اتفاق على قانون الانتخاب.
وبدأ هذا التجاذب غير المسبوق بين باسيل ومشروعه المدعوم في شكل آحادي واضح حتى الآن من "القوات اللبنانية" و"حزب الله" يرسم معادلة دقيقة من شأنها ان تختبر للمرة الاولى التفاهم والتحالف القائم بين "التيار العوني" وحليفه "حزب الله" وخصوصاً بعدما تمسكت "كتلة الوفاء للمقاومة" في بيانها أمس بالنسبية الكاملة مما اعتبر رسالة جازمة برفض أي صيغة أخرى، علماً ان الحزب يبدي "انفتاحاً" على امكان البحث في اعتماد دوائر انتخابية موسعة شرط الاتفاق أولاً على مبدأ النسبية. وتفيد المعطيات المتوافرة في هذا السياق ان التباين بين الحليفين حول مشروع باسيل جدي وان ثمة رهانات لدى حلفاء الفريقين على ان تكون الكلمة الفصل في هذا السياق لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يتردد تكراراً انه قد يخرج عن صمته حيال ملف قانون الانتخاب اذا استشعر ان الايام القريبة لن تؤدي الى احداث اختراق في المأزق. لكن المحاولات الجارية حاليا تهدف الى ادخال تعديلات جذرية على مشروع باسيل يبدو من الصعوبة ان تحقق توافقاً عليها اذا أدت الى ترجيح كفة النسبية الكاملة التي لن يقبل بها "التيار" وحليفه حزب "القوات". ولا يقف الامر عند التباينات حول مشروع باسيل بل تتمدد مفاعيل المأزق الى عامل الوقت الداهم الذي تصبح معه مسألة الاحتواء القانوني والدستوري للأزمة عامل اذكاء للاحتمالات السلبية المفتوحة انطلاقاً من حتمية التمديد لمجلس النواب سواء سمي تمديداً "تقنياً" محدوداً أم ذهبت الأمور في اتجاه تمديد يتجاوز المهلة المعقولة.

 

من يسبق؟
ومجمل هذه الأجواء المشحونة باحتمالات سلبية كان ماثلاً أمس في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة الرئيس نبيه بري في عين التينة والذي تخلله التفاهم على دعوة المجلس خلال الاسبوع المقبل الى جلسة مناقشة عامة ذكر ان بري تشاور في شأنها سابقاً مع رئيس الوزراء سعد الحريري وسيحدد موعدها لاحقاً على ان تكون جلسة طويلة صباحية ومسائية لأكثر من يوم. وقالت أوساط نيابية معنية لـ"النهار" إنه إذا كان يفترض ان تشمل جلسة المناقشة العامة كل الملفات الاساسية التي تتولاها الحكومة، فان ملف قانون الانتخاب سيتحول المادة الأكثر اثارة للحرارة والجدل والتباينات في حال انعقاد الجلسة وسط استمرار مأزق قانون الانتخاب، ذلك ان طرح الملف وبته هما من مسؤولية الحكومة أولاً. واشارت الى معلومات كانت متداولة في اجتماع هيئة المكتب عن امكان طرح الملف في وقت قريب على مجلس الوزراء وان الاتصالات الجارية ستستكمل في الأيام المقبلة من أجل التوافق على ذلك.

 

التمديد واحتمالاته
ولكن هل تشكل جلسة مناقشة الحكومة المتوقع عقدها فور عودة الرئيس الحريري من باريس وبلجيكا عملية ضغط على الحكومة للقيام بواجبها بوضع قانون انتخاب قبل الوقوع في الفراغ المرفوض رفضاً مطلقاً لدى الفريق الشيعي تحديداً قبل كل الافرقاء؟
تقول مصادر مواكبة للاتصالات في شأن قانون الانتخاب لـ"النهار" إن لا صيغة لقانون انتخاب تحظى بالتوافق المطلوب لتطرح في مجلس الوزراء، والمعنيون بالبحث عن هذه الصيغة التوافقية في حال سفر: فوزير الخارجية بدأ جولة في اوستراليا تمتد أكثر من أسبوع. ورئيس الحكومة الذي عاد مساء أمس الى لبنان من زيارته للمملكة العربية السعودية عقب مشاركته مع رئيس الجمهورية في قمة عمان سيسافر في الأيام المقبلة الى باريس ومنها الى بلجيكا ولن يعود الى لبنان قبل السادس من نيسان، مما يعني ان لا جلسة لمجلس الوزراء قبل جلسة المناقشة العامة التي سيعقدها الرئيس بري فور عودة رئيس الحكومة.
وفهم من المواكبين للاتصالات ان لا اتفاق بين القوى السياسية الا على ان يكون قانون الانتخاب بالتوافق وحتى الآن ليس من صيغة توافقية يمكن طرحها لا في الحكومة ولا في مجلس النواب. حتى التمديد الذي أصبح أمراً واقعاً، لم يتفق الأفرقاء بعد على صيغته. ويشير المواكبون للاتصالات الى الخوف من ان يستمر التمديد المطلوب سنة، خصوصاً أن الفريق الشيعي يرفض ان تحدد نهايته قبل بدء الدورة العادية للمجلس بعد منتصف تشرين الاول المقبل، كي يكون المجلس قادراً على الانعقاد والتشريع ولا يحتاج الى فتح دورة استثنائية بقرار يمسك به رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة. والتمديد لالى منتصف تشرين الاول يعني تلقائياً ان لا انتخابات نيابية في هذه الفترة مع بدء السنة الدراسية وبعد مغادرة اللبنانيين المقيمين في الخارج نهاية الصيف، مما يجعل التمديد سنة كاملة نتيجة منطقية لأي تمديد.
وتخوّف النائب وائل أبو فاعور أمس "من اننا وصلنا الى اللحظات القاتلة حيث لا قانون انتخاب في المتناول، والبديل إما الفراغ وهو مرفوض، وإما التمديد وهو مستنكر، وإما كسب بعض الوقت للاتفاق على قانون انتخاب وكلها خيارات صعبة". ولاحظ ان "كسب بعض الوقت قد يحتاج الى تمديد تقني ولكن في النهاية التمديد التقني هو تورية ولفظ تخفيفي مقنٌع للتمديد". وقال أبو فاعور مازحاً" إن المفارقة ان وزير الداخلية المفترض فيه وضع قانون انتخاب مسافر ووزير الخارجية هو من يقترح قوانين الانتخاب"

 

 

المستقبل :

على متن الطائرة الملكية التي كانت قد أقلته برفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من الأردن، عاد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مساءً إلى بيروت مختتماً «الزيارة الملكية» إلى الرياض والتي التقى خلالها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وعدداً من المسؤولين وبحث معهم الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أمس، في إطار تغطيتها الإخبارية المتلاحقة لزيارة الحريري، أنّ ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اجتمع في مكتبه في الرياض مع رئيس مجلس الوزراء واستعرض معه العلاقات بين البلدين ومستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط، لتشير لاحقاً إلى أنّ الحريري غادر الرياض عبر مطار الملك خالد الدولي حيث كان في وداعه وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية ثامر السبهان وعدد من المسؤولين.

وأمس أيضاً، عاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى بيروت بعد ترؤسه وفد لبنان إلى قمة عمّان العربية التي انعقدت في البحر الميت، مؤكداً في دردشة مع الصحافيين على متن الطائرة التي أقلته في طريق العودة أنه سيبقى «حاملاً قضية لبنان وقضية العرب أيضاً لأننا ننتمي إلى الأمة العربية وأعضاء في جامعة الدول العربية» التي أعرب عن أمله في أن «تعود إلى وحدتها وفعاليتها».

الموازنة

حكومياً، تتواصل الجهود لتفعيل العمل الوزاري في سبيل استنهاض الدولة وخدماتها المناطقية بحيث حضرت احتياجات منطقة كسروان والمشاريع التنموية فيها على طاولة اللجنة الفنية لتنسيق الخدمات الضرورية في المحافظات خلال اجتماعها أمس في السراي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني. في وقت كان وزير المال علي حسن خليل يعقد مؤتمراً صحافياً (ص 9) خصّصه لتناول مشروع الموازنة العامة لعام 2017 الذي أكد أنه سيُحال إلى المجلس النيابي فور توقيع رئيس الحكومة عليه لبدء مناقشته في لجنة المال والموازنة.

وإذ شدد على كون الموازنة تشكل «محطة لإعادة الانتظام الحقيقي إلى المالية العامة»، أكد خليل أنّ سلسلة الرتب والرواتب ستدخل في نفقاتها وإيراداتها من ضمن الموازنة فور إقرارها، مع تشديده على أنّ «أي ضريبة تطال الطبقات الفقيرة أو ذوي الدخل المحدود لم يتم وضعها ضمن الموازنة». وفي معرض تفنيده المشروع بالأرقام، أوضح خليل أنّ «هذه الموازنة قلّصت العجز ولو بنسبة محدودة وخفّضت من معدل الدين العام»، لافتاً في الوقت عينه إلى زيادة الإنفاق الاستثماري عن العام الماضي بشكل من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة النمو ليقارب نسبة 2%، وسط الإشارة إلى إعداد خطة مالية لغاية العام 2022 تستهدف خفض العجز المالي إلى 2000 مليار مقابل 7001 مليار حالياً وهو ما سيتحقق من خلال «إدارة فاعلة للإنفاق وتطوير القدرات في جباية الإيرادات والحد من الهدر والفساد وزيادة الاستثمارات لتطوير البنى التحتية وإعطاء حوافز للاستثمار والنمو»، كاشفاً أنّ هذه الخطة ستُعرض خلال الشهرين المقبلين على مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها. كما تعهد وزير المالية إنجاز «كل الحسابات عن المرحلة الماضية» وجدد في هذا المجال الالتزام بإعداد مشروع قانون لقطع الحساب تمهيداً لإقراره.

 

الديار :

ثلاثة ملفات رئيسية ستتصدر المشهد المحلي في الايام المقبلة، قانون الانتخابات سيكون محل متابعة حثيثة لايجاد مخارج للعقد «المستعصية» على الحل، بانتظار الكلمة الفصل لرئيس الجمهورية ميشال عون، الملف الثاني يتعلق باستشراف نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية، والمستجد الثالث ملف امني يحتاج الى متابعة دقيقة لارتباطه بعودة «السخونة» الى الجرود على الحدود الشرقية...
في الملف الانتخابي برز «الالتباس» في الموقف بين التيار الوطني الحر وحزب الله، اثر اعلان الوزير جبران باسيل ان الحزب وافق على قانونه مع بعض الملاحظات، موحيا ان الامور «سالكة» وما بقي مجرد تفاصيل صغيرة... فيما تؤكد تصريحات المسؤولين في حزب الله، عكس ذلك، وآخرها ما صدر بالامس عن كتلة الوفاء للمقاومة التي دعت للتوافق على الصيغة النهائية لقانون انتخاب يؤمن «العيش المشترك» والنسبية الكاملة باعتبارها الصيغة الانسب..
اوساط مقربة من التيار الوطني الحر، تقول انها لم تعد تفهم حقيقة ما يريده الحزب، خصوصا ان «جلسة» الملاحظات التي ابلغ فيها نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الوزير باسيل كانت واضحة لجهة موافقة الحزب على المبدأ مع ابداء ملاحظتين «ومسار» يعترض عليهم حزب الله، وهذا يعني ان القانون مقبول، ولكنه بحاجة الى تعديلات ما يجعل الامور قابلة للنقاش، بعكس ما توحي تصريحات مسؤولي الحزب التي تتمسك بالنسبية على دائرة وطنية، او تقسيمات موسعة اخرى...   
في المقابل، ترى اوساط مطلعة على موقف حزب الله، ان الوزير باسيل «اساء التقدير» او فهم على نحو «خاطىء» «رسالة» حزب الله من وارء الملاحظات على قانونه، فالملاحظة الاولى المتعلقة «بمراعاة» الوزير سليمان فرنجية في التقسيمات الانتخابية، وعدم الحكم عليه «بالاعدام» السياسي، لا تمس بجوهر القانون، لكن الملاحظة الثانية المتعلقة بالصوت التفضيلي وربط موافقة الحزب على تحريره من القيود،اضافة الى الاعتراض على «مسار» الشق النسبي واشتراط الحزب بان تكون النسبية كاملة على ان تجري الانتخابات ضمن الدائرة الوطنية، يعني ذلك رفض صريح، ولكن «ناعم» للقانون، خصوصا ان الوزير ابلغ الحزب ان تيار المستقبل لا يقبل بهذا التعديل، كما ترفضه القوات اللبنانية، واوحى ضمنا ان التيار الوطني الحر ليس في هذا الوارد...وجل ما طرحه من تعديلات تتعلق بنقل المقعد الشيعي في جبيل الى النظام الاكثري... وكذلك المقعد الارثوذكسي في مرجعيون -حاصبيا..فهل يمكن الاستنتاج من هذا النقاش ان الحزب وافق على القانون؟
وتلفت تلك الاوساط، الى ان الاولوية لدى حزب الله هي تثبيت مبدأ النسبية دون افراغها من مضمونها عبر التلاعب بالصوت التفضيلي، اما «تطعيمها» بالنظام الاكثري فمفتوح على النقاش «الايجابي»، لكن الاعتراضات تبدو كبيرة في ظل رفض الرئيس نبيه بري اي قانون انتخابات يحمل اقتراحات للتصويت الطائفي والمذهبي، فيما لم يبد تيار «المستقبل» حماسا كبيرا للموضوع... وفي الخلاصة وضع حزب الله شروطا للموافقة المبدئية على القانون، فهل يستطيع الوزير باسيل تأمين الاجماع على التعديلات المقترحة؟... حتى الان لا ترى اوساط نيابية «اشتراكية» اي جديد، تبدو الخيارات صعبة، اما الحديث عن اخضاع القانون «للتصويت» في مجلس الوزراء فلا يبدو خيارا متاحا ولا يمكن ان يمر... والبحث يجري عن صيغ مقبولة «لهضم» التمديد التقني..
 

 «سباق» في الجرود


على الصعيد الامني علم من اوساط  مواكبة للتطورات الامنية على الحدود اللبنانية السورية، بان التصعيد في الساعات القليلة الماضية كان متوقعا من قبل «جبهة النصرة» القلقة من «صفقة» سياسية تخرجها من المنطقة دون ضمانات مقبولة حول مخيمات اللاجئين في خراج بلدة عرسال، وتستشعر قيادة المسلحين ان التسوية التي تمت برعاية ايرانية- قطرية لاجراء اخلاء متزامن من كفريا، والفوعا، والزبداني ومضايا، مقدمة لتسوية اكبر ستشمل الحدود اللبنانية السورية بعد ان اصبح المسلحون في موقف صعب للغاية... وبحسب تلك الاوساط، سيكون عليهم قريبا الاختيار بين تسوية تخرجهم من المنطقة او التعرض لحملة عسكرية لم تعد متكافئة، في ظل قرار سوري حاسم بالتنسيق مع المقاومة لاقفال هذا الملف، وفي هذا السياق فان ما يجري هو اختبار عملي «بالنار» في ظل السباق بين التصعيد والتسوية، مع ارتفاع منسوب المخاطر نتيجة وجود انقسامات في موقف المسلحين، ما قد يؤدي الى «خطوات انتحارية» لمحاولة «خلط الاوراق» ميدانيا...    

 

 

 الحريري... والسعودية


الاخراج السعودي «المفتعل» لزيارة الرئيس سعد الحريري الى السعودية، وضعها تحت «المجهر»، وسط تساؤلات عن نتائجها المرتقبة... اوساط دبلوماسية اطلعت عن كسب على كيفية تعامل الرياض مع الملف اللبناني في القمة العربية، تدعو الى عدم المبالغة في الحديث عن انعكاسات سلبية لهذه الزيارة، الامر لا يرتبط بالنوايا السعودية الطيبة، وانما لانتفاء هامش رئيس تيار المستقبل على التحرك ضمن المعادلات الراهنة، وكذلك عدم رغبة الرياض في اجهاض «التسوية»... الحاجة السعودية للحريري على الساحة اللبنانية لن تتجاوز دوره الحالي في موقع الرئاسة الثالثة، لم يكن يغرد  خارج «السرب» السعودي، لكن ما كان ينقصه اعادة الاعتبار لمكانته داخل المملكة، بذل وزير الداخلية نهاد المشنوق الكثير من الجهد لاصلاح العلاقة، فيما تولى وزير الخارجية عادل الجبير خط الاتصالات مع ولي ولي العهد، وقد نجح الوزير السعودي «صديق» الدراسة في اعادة «المياه الى مجاريها»...  
وتقول تلك الاوساط، ان الرياض التي تعيد صياغة استراتيجيتها في المنطقة من «بوابة» الادارة الاميركية الجديدة تعمل على تجميع «اوراقها « في المنطقة، الملك جال على دول شرق آسيا بالتزامن مع زيارة ولي ولي العهد الى واشنطن، «طرقت» الرياض «ابواب» بغداد، واحتوت الخلاف مع القاهرة عبر اللقاء القصير على هامش القمة الازمة بين الرئيس المصري والملك سلمان... وفي هذا السياق تأتي «رسالة»  الدعم للحريري، على الطريقة السعودية المعتادة، وثمة من سرب على هامش القمة معلومات تفيد، بان هذا الاحتضان ومرافقة الحريري الملك على متن طائرته الخاصة، «رسالة» الى الرئيس عون الذي عمل على إضفاء الشرعية على سلاح «حزب الله»، ودوره في المنطقة...؟
وبعيدا عن «محاسبة النوايا»، تعتقد تلك الاوساط ان التعاون بين الحريري والرئيس عون سيستمر في المرحلة المقبلة، ولن تشهد العلاقة اي تغيير يذكر، كما ان العلاقة مع حزب الله ستبقى تحت «سقف» «ربط النزاع» القائم حاليا، مصلحة الرياض في عدم تجاهل موقع الحريري، «الانكار» لم يعد مفيدا... اما رئيس الحكومة فيطمح الى ثلاثة امور اساسية، الاولى فك الخناق عن اعماله في المملكة، ثانيا، استعادة الدعم المالي المتوقف منذ مدة طويلة، والامر الثالث، تجيير الدعم المستجد لاقصاء «خصومه» على الساحة السنية، واعادة حصرية المرجعية السياسية الى «بيت الوسط»...
 

 «مباردة» عون «ولدت ميتة»...


وفي سياق متصل، لفت تلك الاوساط الى ان الوقع الجيد لكلمة الرئيس ميشال عون في القمة، لم يتجاوز كلمات الثناء من بعض الزعماء العرب، وادرك الرئيس من الاجواء العامة في القمة ان مبادرته «للوساطة» «ولدت ميتة» لان المناخات غير جاهزة بعد لعقد تسويات في الازمة السورية او في العلاقة مع ايران، وكان واضحا في «كواليس» القمة ان السعودية كانت معنية في «اجهاض» اي محاولة لخفض مستوى التوتر مع طهران، واقفلت الابواب امام كل المحاولات الاردنية - المصرية لتليين الموقف تجاه دمشق، وهي قبلت على مضض ان يبقى العلم السوري فوق منصة مقعد سوريا الفارغ او على المنصات خارج القاعة، وذلك نزولا عند رغبات الدولة المضيفة التي تواصل عملية مد «الجسور» مع النظام السوري...

 

 

الجمهورية :

فيما يشهد لبنان نوعاً من الاسترخاء السياسي بفعل المناخ الايجابي الذي أشاعه الحضور اللبناني في قمة عمان وقراراتها اللبنانية، تسلل «خرق أمني» صنعته يد الارهاب في عرسال في توقيت ملتبس يطرح كثيراً من علامات الاستفهام حول الغايات المبيّتة التي يُعدّها الارهابيون لضرب الاستقرار الداخلي. ما استدعى اجتماعاً للمجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وسيتوسّع ليضمّ الضباط المعنيين بحركتي المرفأ والمطار، وهو الاجتماع الأول بعد تعيين القادة الجدد للأجهزة العسكرية والأمنية.

تفاعلت أصداء كلمة رئيس الجمهورية في القمة العربية ايجاباً في الداخل وبرزت في مواقف مختلف الاطراف السياسية، وكان أبرزها ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره امس رداً على سؤال حول الحضور اللبناني في القمة: «انا راضٍ جداً على موقف لبنان في القمة العربية».

الرسالة «الخماسية»

في هذا الوقت، توقفت مصادر سياسية عند ما سُمّي «الرسالة الخماسية» واعتبرتها «نقطة توتر» في المرحلة الحالية، خصوصاً أنها أدت الى توتير شديد في «العلاقات الرسمية» مع اصحاب الرسالة. وكشفت هذه المصادر لـ«الجمهورية» انّ بعض اصحاب الرسالة حاولوا إجراء اتصالات بمستويات سياسية ورسمية لتبريرها لكنهم فشلوا.

وعلمت «الجمهورية» انّ الرسالة وصلت الى ملك الاردن عبد الله الثاني كونه رئيس القمة العربية، وجرت العادة انّ رئيس القمة يتلقى البرقيات والرسائل ويحيلها الى الامانة العامة لجامعة الدول العربية لكنّ العاهل الاردني لم يرسلها، معتبراً أنّ لبنان ممثلاً في القمة برئيس جمهوريته ورئيس حكومته.

وقالت مصادر ديبلوماسية عربية لـ«الجمهورية» انّ خطوة الملك الاردني «جاءت حكيمة فهو لم يشأ التعكير على مشهد لبنان الجامع الممثّل في القمة ويحقّ له اتخاذ القرار المناسب في ظروف كهذه، وبالتالي فإنّ خطوته أنهت رحلة هذه الرسالة من دون ان يكون لها أيّ تاثير أو واقع على موقف لبنان في مجريات أعمال القمة». واوضحت المصادر «انّ هذا كان سبب نفي الأمانة العامة للجامعة تلقّيها الرسالة عندما سئلت عنها».

الحريري يجول أوروبياً

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة سعد الحريري العائد الى لبنان آتياً من السعودية، يستعد لجولة اوروبية تبدأ مطلع الاسبوع المقبل وتشمل فرنسا والمانيا وبروكسيل.

وفي المعلومات انّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يستقبل الحريري بعد ظهر الاثنين 3 نيسان المقبل سيرفّعه في جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس الى رتبة كوموندور في احتفال يقام في قصر الإليزيه.

وينتقل الحريري في اليوم التالي الى المانيا للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ثم ينتقل من هناك الى بلجيكا للمشاركة في مؤتمر بروكسيل المتعلق بمساعدة دول المجاورة لسوريا على مواجهة اعباء النزوح السوري اليها، ولعرض خطة لبنان في هذا الصدد.

وفي المعلومات انّ الحريري سيطرح خلال جولته مقاربة لبنانية جديدة لملف النزوح السوري وحاجات لبنان لتحمّل أعبائه. وسيعلن انّ لبنان يستضيف عدداً هائلاً من النازحين كواجب انساني واخلاقي في انتظار الحل السياسي للازمة السورية لكي يتمكنوا من العودة الآمنة الى بلادهم.

وسيؤكد انّ المساعدات الانسانية التي يقدمها المجتمع الدولي أمر يُشكر عليه، لكنها غير كافية لكي يستمر لبنان في مواجهة الضغط الذي يسببه هذا النزوح على اقتصاده، ولذلك يتطلب الامر مساعدات تمكّنه من تحمّل هذا الكم الهائل من النزوح عبر استثمارات في البنى التحية والخدمات العامة والاقتصاد في لبنان.

وفي المعلومات انّ مؤتمر بروكسيل سيكون بداية لشرح خطة لبنان وتجييش الدعم الدولي لها على أمل الحصول لاحقاً على تمويلات ميسّرة لهذه الاستثمارات.

في السعودية

وكان الحريري الذي غادر الاردن الى الرياض مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في طائرته الملكية، اجتمع أمس مع ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في مكتبه. وذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» انه «تم خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط».

وذكرت الوكالة أنّ الحريري غادر الرياض «وكان في وداعه في مطار الملك خالد الدولي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية الأستاذ ثامر السبهان وعدد من المسؤولين».

وقالت مصادر في «المستقبل» لـ«الجمهورية»: «في المنطق السياسي لا يجوز التعامل مع زيارة الحريري وكأنها هي الخبر كما يحاول بعض الاعلام فعله، لكن أهمية هذه الزيارة تكمن في شكلها.

فمبادرة الملك سلمان اصطحاب الحريري معه في طائرته هي اشارة واضحة الى متانة العلاقة بين الجانبين وعمقها واهميتها، وكذلك اشارة واضحة الى الاهمية الكبرى التي توليها السعودية للبنان خلافاً لكل ما كتب وقيل عن انه لم يعد في اهتماماتها بعد استيائها من التسوية الرئاسية التي أنتجت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. بل على العكس، السعودية تريد لبنان بلداً مستقراً على الصعد الامنية والسياسية والاقتصادية».

وأشارت المصادر الى «انّ المشكلة بين لبنان ودول الخليج لم تتولّد بين ليلة وضحاها بل نتيجة مسار طويل، إلّا انّ هذا السمار بدأ يقابله مسار في الاتجاه الصحيح بدأ بزيارة عون ويتواصل بزيارة الحريري وسيُكمِل في كل المستويات الى أن نصل الى مكان يبيّن النتائج».

الملف الإنتخابي

إنتخابياً، بات محسوماً لدى القوى السياسية على اختلافها انّ شهر نيسان يجب ان يكون شهر إعداد القانون الانتخابي لكنّ المحصلة حتى الآن: لا يوجد في اليد اي شيء جدي يمكن ان يُبنى عليه كأساس لقانون جديد.

ففي اليد حالياً: المشروع المسمّى «مشروع باسيل»، وهو لم يعد كما طرحه الوزير إنما صار كناية عن مجموعة أفكار متراكمة ومجمّعة من «أفكار» أضيفت عليها. لكن في الخلاصة لم تؤد الى توافق حولها.

وصار محسوماً انّ الذهاب الى الحكومة هو عنوان حركة نيسان، وثمة قبول لدى أهل الحكومة بالتصدي لهذا الأمر، خصوصاً انّ الوقت، كما يقول مرجع كبير لـ«الجمهورية»، صار وقتاً قاتلاً ولم يعد هناك وقت للعب والمراهنات.

وردا على سؤال قال المرجع: «مقولة الفراغ قد انتهت وانقلوا عن لساني: «لا فراغ مجلسياً على الاطلاق، ستستمر المؤسسات والجميع من رئيس الجمهورية الى سائر المستويات الرسمية والسياسية «متهيّبة» جداً من هذا الامر لأنه لا يشكل خطراً آنياً او عابراً انما هو خطر على الكيان، لأننا اذا وصلنا اليه نعرف كيف ندخل فيه إنما الخروج منه هو امر لا يعلمه الّا الله».

وكشفت مصادر وزارية عاملة على الخط الانتخابي انّ إتصالاً حصل أمس بين الحريري والوزير علي حسن خليل، وآخر بين خليل والوزير جبران باسيل الموجود في اوستراليا، والذي سيعود الاحد المقبل ما سيفتح باب نقاش حثيث في الاسبوع المقبل.

وقالت المصادر نفسها «انّ المرحلة الممتدة من الآن وحتى نهاية ولاية المجلس النيابي في 20 حزيران هي مرحلة حساسة إنتخابيا»، وجزمت انه على رغم «اللاتقدّم» حالياً على خط قانون الانتخاب «اننا نستطيع أن نُعدّ قانوناً وسنعدّ هذا القانون». وأبدت ثقتها بأنّ موضوع سلسلة الرتب والرواتب «سيكون بنداً اساساً» خلال نيسان.

وفي هذا السياق قال بري عندما سئل هل سيكون نيسان «شهر حسم» السلسلة قال: «إن شاء الله».

جلسة مناقشة

في هذا الوقت، يستعد المجلس النيابي لجلسة مناقشة عامة للحكومة الاسبوع المقبل وفق ما إتّفق عليه في اجتماع هيئة مكتب المجلس أمس برئاسة بري.

وقالت مصادر مجلسية لـ«الجمهورية» ان لا جدول أعمال لهذه الجلسة، بل هناك نقاش مفتوح مرئي ومسموع حيث ستكون الجلسة منقولة على الهواء مباشرة، وهذا ما قد يساهم في فتح شهية النواب على الادلاء بدلوهم حيال مجموعة من العناوين الانتخابية والمطلبية، وصولاً الى مقاربة سياسة الحكومة التي ينتظر ان تُعدّ بياناً يتلوه رئيس الحكومة في بداية الجلسة ويتضمن عرضاً للسياسة الحكومية وما أنجزته منذ تشكيلها، اضافة الى الملفات التي ستتصدى لها في المرحلة المقبلة.

مجلس الدفاع

وفي ظل الإنشغال بهذه الملفات الكبرى، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ مجلس الدفاع الاعلى سيجتمع العاشرة والنصف صباح اليوم في بعبدا في حضور رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية رياض الصراف ونهاد المشنوق، وقائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام لأمن الدولة اللواء انطوان صليبا، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع العميد الركن سعد الله محي الدين الحمد، ومدير المخابرات في الجيش العميد الركن كميل ضاهر ورئيس فرع المعلومات العميد خالد حمود.

وسيخصص الإجتماع للبحث في التطورات الأمنية والمخاطر الداخلية والخارجية، ومن المقرر ان يقدّم قادة الأجهزة الأمنية ما لديهم من تقارير ورؤى للوضع الأمني من الجوانب المختلفة وسبل مواجهة كل المخاطر المحتملة ومعالجتها.

وسيكون لعون كلمة في بداية الإجتماع يهنّىء فيها القادة الأمنيين بتسلّمهم المهمات التي ألقيت على عاتقهم في هذه المرحلة الخطيرة التي تعبرها المنطقة، وما هو مطلوب من المؤسسات العسكرية والأمنية لمواكبة مهمات المؤسسات الدستورية في القيام بأدوارها الكاملة.

وسيدعوهم الى مزيد من التنسيق والتعاون في كل المجالات بغية تقديم نموذج عن قوة هذه المؤسسات وقدراتها التي تعززها آليّات التعاون والتنسيق في ما بينها عن طريق جمع المعلومات وتقييمها استباقاً لأيّ حدث امني، وتحدي المخاطر التي تعيشها المنطقة على اكثر من مستوى، ومنع انتقال اي من تردداتها الى الداخل اللبناني.

وعلمت «الجمهورية» انّ المشنوق يرافقه اللواء ابراهيم سيتوجهان الاثنين الى تونس للمشاركة في اجتماع وزراء الداخلية العرب الذي يترأسه ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الامير محمد بن نايف ويدوم أسبوعاً، وستطرح فيه كل القضايا الامنية المعنية بها الدول العربية، خصوصاً سبل التعاون والتنسيق لمكافحة التطرف والارهاب.

إنفجار عرسال

الى ذلك، وبعد غياب أشهر عادت عمليات التفجير والعبوات المفخخة لتطلّ برأسها مجدداً ومن عرسال، ما طرح تساؤلات حول الوضع الأمني على الحدود الشرقية، وتحركات المجموعات الإرهابية التي تسرح وتمرح في عرسال وداخل مخيمات النزوح.

وفي التفاصيل، أنّ انفجاراً وقع في سيارة «بيك أب» من نوع «دايهتسو» بيضاء رقم لوحتها 846345 - حمص في حي الشفق قرب مخفر الشرطة القديم في بلدة عرسال، تبين أنه ناتج من عبوة ناسفة كانت مزروعة تحت مقعد السائق، ما أدّى الى مقتل السوريين حواء الزهوري (20 عاما) ونور الحسيكي (25 عاما) من بلدة القصير السورية، واصابة امرأة من آل كرنبي من عرسال وسوريين من القصير بجروح، وطوّقت قوة من الجيش اللبناني المكان.

وقال مصدر أمني لـ«الجمهورية» إنّ «الإنفجار الذي وقع لم يكن مدبّراً ليستهدف الجيش اللبناني، بل هي تصفيات بين السوريين أنفسهم في البلدة»، مؤكداً أنّ «الجيش اللبناني يتخذ إجراءات أمنية مشددة على الحدود وداخل البلدة، وأنتجت أمناً خلال الفترة الماضية وتهاوى معها عدد كبير من الإرهابيين».

ولفت الى أنّ «معارك الأمس على الحدود بين الجيش والمجموعات الإرهابية أكدت أنّ الجيش دائماً على أهبة الإستعداد ولن يسمح بخرق الحدود إلى الداخل اللبناني وافتعال المشكلات الأمنية مهما كانت النتيجة».

وتزامن الانفجار مع الخطة الأمنية التي بدأها الجيش منذ أسبوع من دون إعلان عن مكانها وتوقيتها، حيث بدأت دهم أماكن وجود تجار المخدرات والمطلوبين الكبار في مختلف البلدات والمناطق، لتمتد اليوم إلى داخل عرسال حيث نفّذ الجيش منذ ساعات الصباح الاولى أعمال دهم وتفتيش داخل البلدة وأقام الحواجز مدقّقاً في الهويّات، وسَيّر الدوريات على مدار اليوم.

 

 

اللواء :

يقفل شهر آذار على إنجاز الموازنة في مجلس الوزراء، والتحفز لتمديد تقني للمجلس النيابي قبل انتهاء 80 يوماً، وهو العمر المتبقي من ولاية المجلس النيابي، وسط حث نيابي ورسمي للكتل والتيارات والأحزاب على التوصّل إلى صيغة لا تعترض عليها مكونات أساسية لقانون جديد للانتخاب، يتزامن مع التئام المجلس في شهر نيسان للتمديد، خشية الوقوع في الفراغ لأي اعتبار كان.
على ان الأهم ان «قمة تلطيف الأجواء» العربية والإقليمية هبت رياحها الملطفة إيجاباً على الوضع اللبناني على اكثر من صعيد:
1- دعوة الرئيس ميشال عون من عمان وهو أكثر ارتياحاً ما اعتبر بأنه «تطبيع شبه كامل لعلاقات لبنان العربية»، فضلاً عن الصدى الطيب لقرار قمّة عمان حول لبنان الذي نشرته «اللواء» كاملاً أمس، والذي من شأنه ان يرخي ذيولاً من الانفراج عن علاقات لبنان العربية، ولا سيما مع دول الخليج.
2- عودة الرئيس سعد الحريري من المملكة العربية السعودية بعد اجتماع عقده امس مع ولي ولي العهد في المملكة الأمير محمّد بن سلمان، والذي عقد في مكتب الأمير في الرياض وجرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين ومستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وكان الرئيس الحريري غادر الرياض أمس، التي كان وصلها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على متن الطائرة الملكية التي اقلتهما من عمان إلى العاصمة السعودية، في لفتة استأثرت باهتمام لبناني واسع وعربي أيضاً، وفتحت الباب لمعالجة ذيول كانت عالقة في السنتين الماضيتين.
ولاحظت وكالة «فرانس برس» ان زيارة الرئيس الحريري الرسمية، وهي الأولى من نوعها، منذ تسميته رئيساً للحكومة ونيل حكومته الثقة، أكدت التبدل الإيجابي في العلاقات بين الرياض وبيروت بعد فترة من الفتور، بدأ هذا التبدل مع استقبال المملكة الرئيس عون، ثم في متابعة ما حدث في القمة، من خلال إيفاد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج في وزارة الخارجية تامر السبهان إلى بيروت قبل نحو من شهرين، والذي كان أمس في وداع الرئيس الحريري في مطار الملك خالد الدولي مع عدد من المسؤولين السعوديين.
وبدا الرئيس الحريري مرتاحاً لنتائج زيارته للمملكة، وهو عاد لمواصلة التحضير لصيغة قانون الانتخاب والتشاور مع الرئيسين عون ونبيه برّي في ما خص الاجندات الملحة، سواء على صعيد عمل الحكومة أو مجلس النواب أو قانون الانتخاب.
وسيوقع الرئيس الحريري اليوم مشروع قانون الموازنة مقترناً بتوقيع وزير المال علي حسن خليل، على ان يرفعه إلى رئاسة الجمهورية لتوقيعه من قبل الرئيس عون قبل احالته على المجلس النيابي لبدء درسه مجدداً في اللجان النيابية المختصة.
وخلافاً لما كان يتوقع، جاءت عودة الرئيس الحريري، نظراً لضغط المواضيع اللبنانية، لا سيما وانه سيكون في الأسبوع المقبل خارج لبنان، نظراً لارتباطاته بمواعيد في ثلاث عواصم اوروبية:
الاثنين سيكون في باريس في 3 نيسان المقبل للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي سيمنحه وساماً فرنسياً.
يوم الثلاثاء سيتوجه إلى برلين للقاء المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، على ان يتوجه الأربعاء في 5 الشهر المقبل إلى بروكسل يترأس وفد لبنان إلى مؤتمر الدول المانحة للنازحين السوريين.
وكشف مصدر وزاري ان انشغالات الأسبوع الأوّل من نيسان ستحول دون انعقاد مجلس الوزراء، كما انها ستؤخر موعد جلسة مناقشة الحكومة التي يطمح إليها الرئيس برّي، واتفق على الدعوة إليها في اجتماع هيئة مكتب المجلس أمس.
وتوقع هذا المصدر ان يتم اتصال بين عين التينة والسراي لتحديد الموعد المتوقع بين 10 و17 نيسان، أي قبل عيد الفصح، الا إذا استقرت المشاورات ان تعقد الجلسة في النصف الثاني من نيسان، وتستمر ليومين، كما كشف عضو مكتب المجلس انطوان زهرا.
تمديد أو لا تمديد
وفي ما خص جلسة التمديد للمجلس، فقد كشفت مصادر نيابية ان الرئيس برّي يميل إلى إنهاء التمديد خلال شهر نيسان، أي بعد المهلة التي كان حددها في 18، تلافياً لاحتمالات الوقوع في الفراغ، خصوصاً إذا انتهت المهلة من دون التوافق على قانون الانتخاب، الا ان هذا الرأي ان التوجه يصطدم بموقف حاسم من الرئيس عون ومعه تكتل «الاصلاح والتغيير» برفض التمديد تحت أي شكل مقنع بالتقني أو غيره الا إذا جاء من ضمن التوافق على قانون الانتخاب الذي يفترض ان ينص في أحد بنوده على تمديد مؤقت للمجلس لكي يتسنى لوزارة الداخلية اجراء التحضيرات اللوجستية المناسبة للانتخابات النيابية، بعد تحديد موعدها في القانون.
ولم تستبعد المصادر ان تتركز جلسة مساءلة الحكومة حول سبب عدم التوصّل إلى مشروع قانون للانتخاب، في حين ان لجان الخبراء والتقنيين تواصل درس كل المشاريع المطروحة، بهدف التفاهم على مشروع، سواء كان هذا التفاهم جامعاً أو موسعاً، علماً ان قانون الانتخاب هو القانون الوحيد الذي يجب ان يُقرّ بالتوافق.
وفي هذه الحالة لا تستبعد المصادر نفسها ان يطرح الموضوع على مجلس الوزراء قبل انعقاد الجلسة النيابية والتصويب على مشروع قانون الانتخاب بحسب ما كشف وزير الخارجية جبران باسيل من عمان وقبل سفره إلى اوستراليا والتي سيبقى فيها اسبوعاً، وبالتالي يصبح إقرار القانون من مسؤولية المجلس.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه في بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» التي اجتمعت أمس، قوله «إن القوى السياسية قد استنفدت الوقت الكافي في دراسة الصيغ المقترحة لقانون الانتخاب، وبات لزاما على الجميع التوافق خلال الايام القليلة المقبلة على الصيغة النهائية التي تكرس وتحمي العيش الواحد والمناصفة وتحقق صحة التمثيل وعدالته وفعاليته وشموليته».
واكدت «أن المصلحة الوطنية لكل مكونات البلاد تقتضي مقاربة وطنية مترفعه عن تفاصيل الاعداد والاحجام التي لم تكن يوما تشكل ضمانا لأي مكون من المكونات.مجددة القول إن النسبية الكاملة هي الصيغة التي تستجيب لمندرجات الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وتمنح فرصا متساوية امام جميع المكونات خصوصا مع التزام المناصفة».
وسط هذه الصورة، كشف وزير المال في مؤتمر صحافي عقده في مبنى الوزارة أرقام موازنة العام 2017 كما هي، مشيراً إلى ان العجز انخفض من 9.3٪ إلى 8.7٪، وأن سلسلة الرتب والرواتب ستكون من ضمن الموازنة، كاشفاً عن تحسين الجباية وإيجاد مكامن ضريبة لا تشمل ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، فضلاً عن مكافحة الهدر، مؤكداً ان لا هبات ولا قروض من دون رقابة وفقاً للأصول، متعهداً بتقديم مشروع قانون لقطع الحساب عن السنوات الماضية (راجع ص 6).
عقوبات أميركية
ومع ايجابيات الانفراج في العلاقات اللبنانية – العربية، واستمرار الاشتباك الرئاسي والحزبي حول قانون الانتخاب والتمديد للمجلس النيابي، فقد فرض الوضع الميداني في جرود عرسال والاشتباكات شبه اليومية في المنطقة نفسه بنداً ضاغطاً على الوضع اللبناني.
بالتزامن، تخوفت مصادر لبنانية من لجوء الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات مالية جديدة على «حزب الله» في إطار الأجواء الأميركية – الإيرانية المحمومة، وما كشفه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره التركي مولود تشاويش اوغلو من تنسيق للحد من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، في إشارة إلى الوضعين العراقي والسوري من غير استبعاد ان يكون حزب الله من ضمن إجراءات المواجهة مع إيران.
وربطت المصادر بين التحقيقات الجارية مع رجل الأعمال المتهم اميركياً بأنه قريب من «حزب الله» قاسم تاج الدين وبين ما يتردد من ان لائحة أسماء جديدة تسعى إدارة ترامب بفرض عقوبات جديدة عليها، في حين ربطت مصادر أخرى العقوبات المشار إليها بأنها محاولة للضغط على لبنان في ضوء مواقف رئيس الجمهورية التي وصفتها السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد في حينه بأنها «غير مقبولة وغير مرضية».
واللافت ان هذه التوقعات تخالف مناخات القمة العربية، التي جاءت تهديدية سواء على صعيد العلاقات العربية – الإيرانية أو حتى بالنسبة للوضع اللبناني، حيث خلا البيان الختامي للقمة من أية إشارة ولو بالاسم إلى «حزب الله» كمنظمة إرهابية، أو غيرها من تعابير، وتضمنت مقرراتها بنداً طويلاً حول التضامن مع لبنان.
وهذا البند، وقبله خطاب الرئيس عون امام القمة، دفع كتلة «الوفاء للمقاومة» إلى تثمين الخطاب، معتبرة انه عبر من خلاله عن الموقف الوطني اللبناني، وانطوى على رؤية عميقة وعاقلة ووازنة بعيدة عن التملق والمحاباة.
اما «لقاء الجمهورية» فقد رحب، من جهته بعودة التضامن مع لبنان، ودعا جميع المعنيين إلى استكمال هذه الخطوة بالعمل على خلق شبكة أمان عربية تقي لبنان شر تهديدات إسرائيل من جهة وشر التكفيريين من جهة أخرى.
وأكد اللقاء ان «ما ورد في رسالة الرؤساء الخمسة الى رئاسة القمة العربية، جاء ليخدم القضية اللبنانية الحقة، ويعزز موقف الدولة اللبنانية القوية القادرة ذات السيادة على كامل أراضيها، ويذكر بحق العودة وبضرورة تحييد لبنان عن سياسة المحاور وعن الصراعات الاقليمية، ويحذر من جهة أخرى من مخاطر التهديدات الاسرائيلية ومن كثافة النزوح السوري الى لبنان».

 

الاخبار :

لم يعد النظام السياسي اللبناني برمّته يمتلك «ترف» إضاعة الوقت، الذي اعتادت القوى السياسية اللبنانية الرّهان عليه، وكأن أحداً ما في الإقليم أو في العواصم الكبرى مستعدٌ دائماً للتدخل في الوقت الحرج لاجتراح الحلول، وإجلاس المتخاصمين حول طاولة مستديرة!
وفي غمرة انشغال الدول، الكبرى منها والإقليمية، الوقت لم يعد وقتاً للمزاح و«الشطارة». لبنان «تفصيل» في ما يحصل حوله. وكلّ يومٍ يمرّ من دون الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، يعني اقتراب البلاد من هوّة المستقبل السياسي المجهول، في ظلّ تسارع العدّ العكسي للمهل الزمنية، واحتمالات الوصول إلى منتصف نيسان المقبل من دون قانون انتخاب، ومن دون نصّ دستوري يشرّح البديل عن الفراغ في السلطة التشريعية، وتالياً السلطات الدستورية الأخرى.

أسئلة كثرة ولا أجوبة عنها عند أحدٍ من القوى السي