بساعات قليلة منذ أكثر من سنتين سقطت مدينة الموصل بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية داعش وأعلنت الخلافة الإسلامية.
 

حينها كان الجيش العراقي الذي بنته أميركا ونوري المالكي ضعيفا وهزيلا أمام الإكتساح الإرهابي لتنظيم الدولة والذي أسقط لاحقا مدن عراقية مهمة كالفلوجة والرمادي ووصل إلى أبواب بغداد.
فوجه وقتها المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاتي نداء للعراقيين بضرورة التصدي لهجمات داعش وحماية بلدهم.
دخلت حينها إيران على الخط وهي التي راكمت إنجازات مهمة لها في عراق ما بعد صدام وإستغلت نداء المرجعية لتشكيل ميليشيات متطرفة تؤمن بفكر ولاية الفقيه وتبايع السيد علي الخامنائي فإرتكبت أفظع المجازر الطائفية في المناطق التي إسترجعتها وقامت بأعمال شبيهة بأعمال داعش.

إقرأ أيضا : وكيل المرجع الأعلى في النجف : السيستاني لم يصدر فتوى لتشكيل الحشد الشعبي
ولم تقتصر افعال هذه الميليشيات في العراق فقط بل إمتدت إلى سوريا.
واليوم على وقع معركة الموصل وبعد عامين تقريبا من المجازر والدماء والقتل والتهجير، يأتي تصريح لوكيل المرجع الشيعي السيد علي السيستاني رحيم أبو رغيف ليقول بأن " السيد السيستاني لم يصدر فتوى لتشكيل الحشد الشعبي بل أطلق دعوة ونداء إلى العراقيين للتطوع في صفوف القوات المسلحة" وأضاف " نحن قلنا منذ عدوان داعش على العراق ان مواجهة داعش لا تصح الا من خلال الانتماء الى المؤسسة العسكرية للدولة لأن تشكيل ميليشيا عسكرية في اي دولة بالأرض يقضي على مفهوم الدولة ويسبب الهرج والمرج والفوضى فلا يبقى معها دولة ".
ويثير هذا التصريح الكثير من التساؤلات حول التوقيت والخلفية والاسباب. فهو يأتي على وقع أصوات المدافع في مدينة الموصل وبعد أن كثرت التسريبات والتقارير التي تشير إلى إمتعاض موجود لدى السيستاني من الدور الإيراني وتدخله في الشؤون العراقية.

إقرأ أيضا : داعش يشكّل كتيبة فارسية.. وجّه رسائل لطهران
وهو بطبيعة الحال يعكس الصراع التقليدي التاريخي بين مرجعيتي النجف وقم فالأولى تحمل بعدا عربيا ومنفتحا على ثقافة المواطنة وتعزيز الإنتماء إلى الوطن والعالم العربي أما قم فهي تطمح منذ ولادتها إلى تزعم مرجعيات الشيعة وتحولت مع ولاية الفقيه مع بعض الإستثناءات إلى منصة لنشر التشيع الإيراني الراديكالي.
هنا تطرح عدة أسئلة!
ما الخطوة الثانية التي سيقدم عليها المرجع السيستاتي؟ وهل سيرفع الغطاء كليا عن هذه الميليشيات؟  وما مستقبل العلاقة مع إيران ؟
فالعلاقة المتوترة مع طهران كبرت منذ الإجتياح الأميركي للعراق حيث يتهم أنصار ولاية الفقيه السيستاني بالخيانة والتعامل مع أميركا فيما يتهم أنصار السيستاني إيران بأنها تخطط للسيطرة على خيرات العراق ويتهمون أيضا أميركا بتسليم العراق لإيران.
وما الإتهامات التي سيقت لنوري المالكي من بناء جيش طائفي وصفقات فساد وتعزيز التواجد الإيراني ونفوذه في العراق إلا سلسلة من السجال الحاصل بين الطرفين فالمالكي مشروع إيراني يحميه علي الخامنائي مباشرة فيما السيستاني وجه له إنتقادات عديدة من قبل عن صفقات الفساد وما حصل بالموصل.
في سياق هذا السجال يأتي تصريح وكيل المرجعية في النجف ليؤكد أن السيد علي السيستاني ضاق ذرعا من التدخل الإيراني وهو يتبرأ من الحشد الشعبي وأفعاله ومن الدور الإيراني المشبوه.