توتر بين الثنائي الشيعي وباسيل , وعون يرفض التحدث باسمه

 

النهار :

وسط الغموض الذي يكتنف جولة المشاورات السياسية الكثيفة التي تهدف الى ايجاد حل لمأزق قانون الانتخاب الجديد قبل بت المخرج الالزامي للتمديد التقني لمجلس النواب، يبدو ان مشاركة لبنان في القمة العربية المقرر عقدها في عمان نهاية الشهر الجاري ستشكل بدورها استحقاقاً شائكاً ولو قلله المسؤولون المعنيون بهذه المشاركة. ولفتت أوساط مطلعة عبر "النهار" في هذا السياق الى ان التحركات العربية الجارية قبيل القمة تعكس مناخاً مشدوداً لجهة مجموعة قضايا وملفات سيجد لبنان نفسه معنيا بالاستعداد لمواجهتها بتنسيق المواقف الرسمية تمهيداً لطرح هذه القضايا التي يمكن ان تشكل احراجا للبنان واستعادة لمناخات سلبية بينه وبين بعض الدول العربية ولا سيما منها الخليجية. ولاحظت ان هناك مؤشرات توحي ان الكباش الاميركي – الايراني المتجدد سيرخي ذيوله على القمة كما ان هناك معطيات حول طرح اميركي يتصل بتحريك عملية السلام في الصراع العربي - الاسرائيلي ربطا برغبة العرب في هذا التحريك وتقليص النفوذ الايراني في المنطقة. وهما عاملان يعنى بهما لبنان سواء من حيث امكان اتجاه القمة الى موقف متشدد من توسيع النفوذ الايراني في المنطقة أو من حيث احياء مبادرة السلام العربية التي اقرت في بيروت عام 2002.
وفي ظل هذه المعطيات رأت الاوساط ان مشاركة رئيس الوزراء سعد الحريري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القمة يفترض ان تكون قد تقررت في ظل توافق على مواجهة هذا الاستحقاق وتجنب أي تداعيات سلبية محتملة، علماً ان المعطيات المتوافرة عن كلمة لبنان التي سيلقيها الرئيس عون تشير الى انها ستحمل مواقف متطابقة تماماً مع خطاب القسم للرئيس عون بما لا يثير اي خشية لهذه الجهة، لكن الامر الذي يثير تساؤلات مسبقة يتصل بما يمكن ان يكون الموقف الرسمي اللبناني في مواجهة اتجاهات محرجة داخلياً وعربياً للحكم والحكومة.

 

تناقضات ومخاوف
أما في ما يتصل بالواقع السياسي الداخلي، فبدا في الساعات الاخيرة ان استراحة ملف قانون الانتخاب لن تطول أبعد من مطلع الاسبوع المقبل باعتبار ان الحكومة لم تنجز بعد ملف الموازنة الذي أرجئ بته نهائيا الى الاثنين المقبل. وبرزت في هذا الاطار ملامح اتساع التناقضات الكبيرة في شأن الاتجاهات المطروحة حول اعتماد النسبية أساساً لقانون الانتخاب الجديد والتي لا تزال تثير هواجس يصعب معها التسليم بان خطاً بيانياً ثابتاً قد اتفق عليه لانطلاق الجولة الحاسمة حول هذا القانون. وقالت مصادر سياسية بارزة مشاركة في الاتصالات الجارية في شأن الملف لـ"النهار" إن عمليات جس النبض وبالونات الاختبار حول اعتماد النسبية الكاملة التي يضغط "حزب الله " وبعض حلفائه لترسيخها والتي اطلقت بكثافة في الايام الاخيرة أدت الدور المطلوب منها اذ ابرزت ردود فعل سلبية من جانب الثنائي المسيحي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية " اللذين بدا تكراراً انهما لن يقبلا الا بقانون مختلط يجمع الاكثري والنسبي. كما ان "تيار المستقبل " الذي تنسج تقديرات وتكهنات حول اتجاه زعيمه الرئيس الحريري الى الموافقة على النسبية الكاملة، بدا واضحاً انه ليس في وارد اتخاذ مواقف تعتبر استفزازية لأي فريق ولن يتفرد تالياً بأي موقف لا يضمن ان يلقى قبول الحلفاء ولا سيما منهم الثنائي المسيحي والحزب التقدمي الاشتراكي وان كان يبدي مرونة واضحة في التعامل مع مسألة النسبية.
وفي السياق نفسه بدأت المخاوف من تجاوز المهل القانونية واحتمال تعذر التوصل الى قانون جديد تتخذ طابعاً جدياً خصوصاً ان تزاحم الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والامنية يشكل عاملاً اضافياً للارباك الذي يطبع ادارة مأزق قانون الانتخاب وليس أدل على ذلك من تعذر فتح الملف بعد في مجلس الوزراء. واسترعى الانتباه في هذا الصدد قول الرئيس نجيب ميقاتي الذي عاد المشروع الانتخابي الذي وضعته حكومته الى صدارة المشاريع المطروحة حاليا ان الانتخابات النيابية لن تجرى في حزيران المقبل " واذا لم يحصل اتفاق على قانون انتخاب جديد ستتأخر الانتخابات الى السنة المقبلة لانه يصعب اجراء الانتخابات في الخريف أو الشتاء".
كما ان النائب بطرس حرب حذر بدوره من "الخيارات المتبقية بعد انقضاء المهل والمحصورة بين خيار الفراغ الدستوري الذي لا مخرج منه الا باللجوء الى مؤتمر تأسيسي حول نظام سياسي ودستوري بديل من النظام الذي اسقطوه عمدا او غباوة أو الى تمديد جديد لولاية المجلس قبل سقوطه وهو ابغض الحرام وأسوأ الحلول ولو جملوه بصفة التمديد التقني". ودعا رئيس الجمهورية الى تدارك الاخطار الكبيرة بتحميل مجلس الوزراء مسؤولية ايجاد حل والاتفاق على قانون جديد للانتخاب في اقرب مهلة.

 

الموازنة والكهرباء
في غضون ذلك أرجأ مجلس الوزراء مراجعته النهائية للموازنة الى جلسة يعقدها بعد ظهر الاثنين المقبل على ان يناقش أيضاً خلالها خطة الكهرباء التي يخصص لها جلسة أخرى الثلثاء. وحال جدول أعمال فضفاض دون انجاز مجلس الوزراء امس مراجعة الموازنة، اذ أقر المجلس معظم بنود الجدول ومن ابرزها اقرار دفتر الشروط المتعلق بتجهيزات المطار والمناقصة التي ستطرح لهذه الغاية كما اقر تجديد عقود الوزارات القائمة في مبنى اللعازارية.
الى ذلك اعتصمت مجموعة من المستأجرين القدامى صباح أمس أمام مقر المجلس الدستوري على بولفار كميل شمعون احتجاجاً على تنفيذ القانون الجديد للايجارات، وسط اجراءات امنية مشددة لقوى الامن الداخلي بعدما قطعوا طريق غاليري سمعان في الاتجاهين بعض الوقت واعادوا فتحها في ما بعد.

 

 

المستقبل :


انطلقت جولة «جنيف 5» أمس، ليظهر بسرعة أنها بدأت من حيث انتهت سابقتها، مع محاولة وفد نظام بشار الأسد تقديم «سلة» مكافحة الإرهاب وبإصرار أكبر هذه المرة للتشويش على المكاسب الميدانية التي يحققها الثوار على الأرض، في حين تمسك وفد المعارضة بـ«سلة» الانتقال السياسي من منطلق أن سوريا «لن تتحرر من إرهاب «داعش»، ما لم تتحرر أولاً من إرهاب بشار الأسد».

وبين هذين الموقفين رأى الموفد الدولي ستافان دي ميستورا أنه لا يتوقع اختراقاً أو حتى انهياراً في تلك المفاوضات التي ستشمل عناوين أربعة متفقاً عليها هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وأن على كل الأطراف بحث العناوين الأربعة التي يتضمنها جدول الأعمال.

فقد أعلن رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف 5 نصر الحريري أن وفده عرض في لقاء مع المبعوث الدولي، أفكار المعارضة بتفصيل أكبر حول هيئة الحكم الانتقالي والمؤسسات المرتبطة به.

وصرح الحريري في مؤتمر صحافي في المقر الدولي بجنيف عقب لقاء مع دي ميستورا بقوله «أنجزنا مناقشات مثمرة مع دي ميستورا، وبنينا على تقدم الجولة الماضية حول الانتقال السياسي بالتحديد، وعرضنا أفكارنا بتفصيل أكبر حول هيكلية وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وجميع المؤسسات المرتبطة بها أثناء المرحلة الانتقالية».

وأوضح أن المعارضة قدمت تقريراً عن الوضع الإنساني وممارسات النظام وحلفائه، «حيث استشهد 586 شخصاً بين جولتي المفاوضات، وتم استهداف 9 مدارس، ومنشآت طبية متعددة، و5 أسواق، فضلاً عن استمرار عمليات الاعتقال التعسفي التي طالت 647 شخصاً، من بينهم 24 طفلاً، و43 سيدة».

ولفت الحريري إلى أن المعارضة «لا تزال ملتزمة بالانتقال السياسي، وهدفها واضح بالاستجابة للشعب، وإنهاء معاناته على الأرض، والمفتاح لكل ذلك هو الانتقال السياسي».

وواصل حديثه عن الانتقال السياسي، قائلاً إن «الموضوع بحاجة إلى نقاشات مفصلة ومعمقة أكثر، وهو ما سيقومون به في الأيام المقبلة، في هذه الجولة». وأضاف «أؤكد أننا هنا لتخليص بلدنا من الإرهاب، ولن تتحرر سوريا من إرهاب «داعش» ما لم تتحرر أولاً من إرهاب بشار الأسد».

ورداً على سؤال أجاب أن «كل النقاط التي ناقشناها اليوم تتعلق بالانتقال السياسي، وناقشنا الأفكار حولها، وهي مثمرة لأننا رأيناها كذلك»، إلا أنه استدرك بالقول إنهم ينتظرون «التطبيق أيضاً لهذه الأفكار».

وأوضح المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا أن المشاركين في مفاوضات السلام مُلزمون ببحث العناوين الأربعة التي يتضمنها جدول الأعمال بغض النظر عن التراتبية، مؤكداً أنه لا يتوقع «تحقيق المعجزات» في الجولة الراهنة.

وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي بعد لقائه للمرة الأولى وفدي الحكومة السورية والهيئة العليا للمفاوضات إنه ترك للوفود «حرية اختيار السلة التي ترغب بمناقشتها لكنها في نهاية المطاف مُلزمة بالتطرق الى السلال الأربعة»، مضيفاً «هذا هو الاتفاق».

ومن المقرر أن تبحث الجولة الراهنة جدول أعمال «طموحاً» يتضمن أربعة عناوين رئيسية، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، على أن يتم نقاشها «بشكل متوازٍ».

وجاءت مواقف دي ميستورا إثر إعلان وفد الحكومة السورية أنه سيبدأ غداً بحث سلة مكافحة الإرهاب، فيما قال وفد الهيئة العليا للمفاوضات إنه بدأ بحث مسألة الانتقال السياسي مع دي ميستورا.

وقال المبعوث الدولي «لا أتوقع (تحقيق) المعجزات ولا أتوقع اختراقاً أو حتى انهياراً ولكن البناء على ما حققناه في الجولة الرابعة والشروع في خطوات تطبيقية».

وبدأت جولة المفاوضات الراهنة الخميس بمحادثات تمهيدية أجراها مساعد المبعوث الخاص، رمزي عز الدين رمزي، قبل عودة دي ميستورا من جولة خارجية شملت موسكو، أبرز حلفاء دمشق، وأنقرة والرياض الداعمتين للمعارضة.

ويلتقي دي ميستورا السبت الوفدين مجدداً على أن يغادر الإثنين الى عمان لإطلاع القمة العربية على الجهود المبذولة لتسوية النزاع السوري، ثم يعود الثلاثاء الى جنيف.

وقال دي ميستورا إنه ينبغي لروسيا وإيران وتركيا عقد المزيد من المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في سوريا في أقرب وقت ممكن من أجل السيطرة على الوضع «المقلق» على الأرض.

ويزيد التصعيد الميداني من التعقيدات التي تحيط أساساً بجولة المفاوضات. وتبدو إمكانية تحقيق اختراق جدي محدودة وفق محللين.

وتشن فصائل مسلحة بينها جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) هجومين منفصلين ضد مواقع القوات الحكومية في شرق دمشق وفي ريف حماة الشمالي (وسط)، وتدور منذ أيام معارك طاحنة بين الطرفين.

وتتجه الأنظار إلى المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي، حيث تحاول الفصائل المقاتلة السيطرة على بلدة قمحانة الاستراتيجية التي تُعتبر بوابة الدخول إلى مدينة حماة.

ومنذ فجر الجمعة حشدت فصائل الثوار قواتها بهدف اقتحام بلدة قمحانة الاستراتيجية، والتي تُعتبر حصناً عسكرياً لقوات الأسد وميليشيات إيران، وكبرى معاقل ميليشيات الشبيحة في المنطقة، حيث تبعد مسافة نحو 8 كلم عن مدينة حماة، وبذلك تكون الخط الدفاعي الأول عن المدينة.

وبدأت الفصائل المقاتلة الهجوم على بلدة قمحانة بعد تنفيذ مقاتل من «هيئة تحرير الشام» عملية استهدفت تجمعات قوات الأسد وميليشيات إيران في الجهة الشمالية من البلدة، لتنطلق فرق الانغماسيين باقتحام البلدة من محاور عدة، ونقل المعارك إلى داخل البلدة، وسط قصف مدفعي وصاروخي طال مناطق الاشتباكات.

وعلى بعد نحو 3 كلم من الجهة الشرقية لبلدة قمحانة، يُطل جبل زين العابدين الاستراتيجي، الذي يُعتبر مركزاً لقيادة العمليات والحرب الالكترونية والإشارة لقوات الأسد، والذي يضم لوائي دبابات ولواء صواريخ ومدفعية، وفي الشمال مدينة طيبة الإمام، وغربها مدينة خطاب التي حررها الثوار قبل يومين.

وتُعرف بلدة قمحانة بأنها معقل رئيسي لعدد من ميليشيات الشبيحة أبرزها «الدفاع الوطني» وميليشيا «نسور الزوبعة» الجناح العسكري للحزب القومي السوري الاجتماعي، إلى جانب ميليشيا «لواء الفاطميون» الأفغانية، بالإضافة إلى مجموعات تابعة لميليشيا حزب الله، ومجموعات أخرى تسمى «الطراميح» والتي تتبع مباشرة للعقيد سهيل الحسن، تم تسميتهم بهذا الاسم نسبة للمدعو «وائل الصالح» الملقب بـ«الطرماح» وهو أحد معاوني سهيل الحسن والذي قُتل في ريف حلب، وفق شبكة شام الإخبارية.

ومن جهة أخرى، تمكنت فصائل معركة «في سبيل الله نمضي»، من قطع طريق إمداد قوات النظام من مدينة حماة إلى سهل الغاب بالريف الشمالي، من خلال السيطرة على مواقع هامة في محيطه. يُشار الى أن فصائل مقاتلة كبيرة أبرزها «حركة أحرار الشام، فيلق الشام، أجناد الشام، جيش النخبة، جيش النصر، الفرقة الوسطى»، أطلقت معركة جديدة في ريف حماة الشمالي الغربي، حملت اسم «صدى الشام»، تستهدف مواقع قوات الأسد وميليشيات إيران في مدينة كرناز بريف حماة الشمالي الغربي، التي تُعتبر ثكنة عسكرية لقوات الأسد، عبر محاولة اقتحام محاور المغير والحماميات وبريديج والحواجز المحيطة بها.

 

الديار :

ما هي العوامل السياسية والعسكرية التي دفعت الجماعات المسلحة لتفجير الاوضاع في دمشق وريف حماة حسب مصادر متابعة للملف السوري.
1- انعقاد القمة العربية في عمان اواخر الشهر في اجواء الانتصار السوري في حلب، وهذا ما دفع مصر والجزائر والعراق الى طلب حضور سوريا للقمة العربية، وقد جوبه هذا الطلب برفض سعودي قطري، وجاءت هجمات المسلحين على دمشق لتحقيق انجاز يفرض وهجه على القمة العربية ومحاصرة المواقف المصرية الجزائرية العراقية، عبر التزامن بين عقد القمة والنار في قلب دمشق، للتأثير على الاتصالات السعودية مع مصر لتليين موقفها وتجنب تفجير القمة العربية بسبب اصرار القاهرة على عدم صدور مواقف حادة ضد دمشق تسعى اليها السعودية وقطر.
2- حاجة المسلحين في جوبر وزملكا ودوما لفتح اشتباك بعد حصارهم جراء نجاحات الجيش السوري في ارياف دمشق وحلب وتدمر. فلجأ مسلحو النصرة وجماعة الرحمن الى فتح معركة العباسيين وسط دمشق لفتح ثغرة عسكرية وسياسية قد تسمح لهم بالتفاوض على شروط ترحيلهم كما حصل في حي الوعر في حمص والذي كان يوصف بالقلعة الحصينة للمسلحين. ويعرف المسلحون ان معركة في هذا الحجم لا يمكن ان يحققوا فيها اي تقدم في ظل القرار السوري الايراني الروسي حزب الله الحاسم بحماية دمشق ولو احترقت المنطقة كلها. كما ان عدد المسلحين الذين هاجموا حي العباسيين بحدود 2000 مقاتل من النصرة وفيلق الرحمن المشارك في اجتماعات الاستانا. وهذا الحجم لا يقلب الموازين.
3- اقتراب موعد مؤتمر جنيف وضرورة عقده في اجواء توازنات عسكرية جديدة ووفق المعلومات فان ممثل الامم المتحدة في سوريا دي ميستورا هو من نصح المعارضة في هذا الخيار قبل اسابيع مما دفع دمشق الى رفض استقباله.
4- موقف تركي بدأ يعبر عن نفسه بالتنصل من الالتزامات التي قدمتها تركيا لايران وروسيا. وبرز بمشاركة فرقة الرحمن التابعة لتركيا بالهجوم الاخير الى جانب النصرة وهذا التمايز ظهر عبر استدعاء السفير الروسي من قبل الخارجية التركية.
5- الوهج الذي حققه الجيش بعد التصدي للطائرات الاسرائيلية، ولذلك فإن اي خرق للمسلحين في دمشق، قد يؤدي الى صورة جديدة للاوضاع تفرض منطقها على القمة العربية في عمان، وهذا لم يحصل، وبالتالي لا اوراق قوة بيدي السعودية وقطر لفرضها على طاولة القمة لخلق معادلات جديدة تطغى على انتصار حلب.

 الوضع العسكري 

هذا على صعيد السياسة، اما على الصعيد العسكري فتؤكد المصادر ان كل ما نشر عن العمليات العسكرية في حي العباسيين في دمشق وريف حماه جاء «خارج الصحن» مطلقا، وتكشف بأن الجيش السوري كان قد حيد لاعتبارات عسكرية ارياف دمشق وحماه واعطى الاولوية لحلب وتدمر، وبعد تحريرهما بدأ الجيش السوري عملياته في ارياف دمشق وتحديدا في داريا وتم اخراج المسلحين منها، وبعدها السيطرة على منابع المياه في بردى بالاضافة الى اجراء مصالحات في العديد من الاحياء.
وتضيف المصادر ان الجيش السوري وحلفاءه كانوا قد عقدوا هدنة وليس مصالحات في احياء القابون - برزة - تشرين، القريبة من جوبر، ومنذ اسابيع تقريبا طلب الجيش السوري عبر لجان المصالحة في دمشق ان يتم حل لهذه الاحياء عبر المصالحات، فتجاوب المسلحون جميعهم باستثناء جبهة النصرة وجماعة الرحمن، فقام الجيش بعمليات في خان الشيح والمحطة، وفصل هذه الاحياء عن جوبر، وطوقها من جميع الجهات، فوافق المسلحون نتيجة الضغط على الخروج الى ريف ادلب باستثناء النصرة وفيلق الرحمن، وعندها لجأت النصرة الى الهروب الى الامام، وبادرت الى الهجوم مستغلة الظروف السياسية والحاجة السعودية القطرية لاحداث توازن في القمة العربية وجنيف، وتم التحضير للعملية بدعم سعودي - قطري - تركي، وفي المعلومات ان المسلحين استخدموا تقنيات عسكرية لا تملكها اكبر الجيوش وقد سمحت بالتشويش على مراكز اتصالات الجيش السوري، بالاضافة الى قصف بمختلف العيارات وبمعدل 50 قذيفة في الدقيقة ومن كل مناطق المسلحين في ارياف دمشق، باتجاه حي العباسيين المجاور لجوبر.
وفي المعلومات ان المسلحين الذين هاجموا حي العباسيين يقدر عددهم بـ 2000 مقاتل من النصرة وفيلق الرحمن «القاعدة سابقا» واستخدموا 3 شاحنات مفخخة بمئات الاطنان من المتفجرات وتمكن الجيش السوري من تفجير شاحنة عن بعد فيما انفجرت شاحنتان قرب الحاجز السوري والخطوط الفاصلة بين جوبر ومواقع الجيش السوري واحدث الانفجاران ما يشبه الهزة الارضية، كما وصفهما سكان دمشق، وتمكن المسلحون من احداث خرق كبير وسيطروا على معمل الكراش، وشركة الكهرباء ورحبة المرسيدس واقتربوا من كراج العباسيين وتمكن الجيش السوري بعد ساعات وعبر القصف الجوي السوري والروسي وتعزيزات الحرس الجمهوري وحزب الله من استعادة كل المواقع، لكن المسلحين استأنفوا هجمومهم في اليوم التالي عبر منطقة المعامل ولم يحققوا ما حققوه في الهجوم السابق وتعامل الجيش السوري معهم بكل القوة النارية واستعاد معظم النقاط باستثناء ابنية محاصرة، واستعادها ليل امس.

 الحسم العسكري لأرياف دمشق 

وفي المعلومات ايضا ان المسلحين ومن خلال هذا الهجوم فشلوا في فك الحصار عن الخط الممتد من جوبر الى زملكا ودوما وعبرين ومسرايا وما زالت هذه الاحياء مطوقة كليا، الا من ممر ترابي ضيق ومكشوف للجيش السوري، رغم ان جوبر ودوما هما اكبر قاعدتين للمسلحين ليس في ريف دمشق بل في سوريا.
وتؤكد المعلومات ان الارباك الاخير لاهالي دمشق عبر عملية جوبر دفع بالجيش السوري والحلفاء الى اتخاذ قرار بالحسم العسكري او بالمصالحات في هذه الارياف. وسيتم اعطاء مهلة زمنية للجان المصالحات لانجازها، والا فإن الامور ستحسم عسكريا كما حسمت في الاحياء الشرقية في حلب، فهناك نموذجان للمسلحين نموذج حي الوعر وداريا ونموذج شرق حلب وتدمر وعليهم الاختيار علما ان الهجوم الاخير على العباسيين ادى الى خسارة النصرة وفيلق الرحمن لنخب المقاتلين والكوادر الاساسية وهذا ما اثر على قدراتهم وظهر ذلك في اليوم الثاني للهجوم، حتى ان الدول الاوروبية وواشنطن تعاملت مع هجوم المسلحين من جوبر على حي العباسيين دون اي اكتراث لمعرفتهم بأن هذا الامر لن يحقق اي انجاز.


 فتح جبهة حماه 

وتشير المعلومات الى انه بموازاة الهجوم على حي العباسيين، هاجمت النصرة مناطق ريف حماة المفتوحة على ريف ادلب «خزان النصرة» وبمشاركة كل الفصائل دون استثناء جراء ضغط النصرة، وهذه القوى جميعها شاركت في الاستانا، واستطاعت في الايام الاولى من تحقيق خروقات واسعة وسقطت مناطق استراتيجية وتلال واكثر من 40 قرية وبعض هذه القرى يقطنها مسيحيون وعلويون، ووصل المسلحون الى مشارف مدينة حماة من ريفها الغربي وحاولوا قطع طريق دمشق - حلب الرئيسية والوصول الى مدينة حماة. كما وصل المسلحون الى غرب مدينة محردة اكبر معقل للجيش السوري وسيطروا على المرتفعات المطلة المتاخمة لمحردة وقطعوا طريق حماة المحردة.
وقد بدأ الجيش السوري بعمليات لاستعادة زمام المبادرة ودفع بتعزيزات كبيرة بالتزامن مع قصف مدفعي وجوي لمواقع المسلحين في القرى التي سيطروا عليها وتحديداً محطة بلدة خطاب ومعردس وحلفايا وارزة وحوران كما صدوا هجوماً للمسلحين باتجاه بلدة قمحانة، وقصفوا مواقع المسلحين في زين العابدين وعززوا تواجدهم في الجبهة الشمالية لمدينة حماة.
علماً أن هذا الهجوم للمسلحين ليس الاول على هذه المنطقة، وقد شنوا هجوماً العام الماضي ووصلوا الى مشارف حماة ثم استرد الجيش السوري كل النقاط وهذه المنطقة تشهد عمليات «كر وفر» وفشل المسلحون بقطع طريق حلب - دمشق والوصول الى اثاريا. لكن المعارك كانت مختلفة عن ارياف دمشق كون ريف حماة مفتوحاً على ريف ادلب معقل النصرة وجيش التركستان وهيئة تحرير الشام والفرقان وجيش الاسلام ومجموعات تركية شاركت كلها في الهجوم.
وفي المعلومات وحسب الخارطة العسكرية فان الجيش السوري يهاجم على 5 جبهات هي: ريف حلب الشرقي وصولا الى دير حافر على مشارف الرقة.
ـ ريف حلب الغربي وصولا الى اوستراد الرقة وحلب، وهاتان الجبهتان تم القتال فيهما ضد داعش.
ـ جبهة تدمر حيث بات الجيش السوري على بعد 70 كلم من دير الزور والقتال ايضاً ضد داعش.
ـ جبهة ريف دمشق، جبهة شرق حماة حيث التقدم بطيئاً لكن الجيش السوري يحقق نجاحات ضد داعش.
فيما يدافع الجيش السوري في جبهة درعا دون احداث تبدلات في موازين القوى على الارض، والنصرة وداعش يقاتلان الجيش السوري في هذه المنطقة.
ـ جبهة ريف اللاذقية حيث القوات التركية وجيش التركستان وفيلق الرحمن يقاتلون الجيش السوري الذي يحتفظ بخطوط دفاع قوية.
ـ جبهة الغاب ـ حوران ريف حماة المفتوحة على ريف ادلب والقتال الاساس ضد النصرة وكافة الفصائل.
ـ جبهة مطار دير الزور مع داعش لكن الجيش السوري حقق نجاحات مؤخراً.
اما في الرقة فلها حسابات مختلفة مع التواجد الاميركي في الارياف رغم تأكيد قوات سوريا الديموقراطية انهم غير قادرين على دخول المدينة بقواهم الذاتية وهم لا يعارضون مشاركة الجيش السوري في العملية الكبرى، وهذا ما ترفضه تركيا والسعودية وفرنسا لكن القرار الاول يبقى لواشنطن بادارة المعركة بالطريقة التي تريدها.
اما تركيا فقد بدأ «الحمل السوري» يثقل كاهلها في ظل ازماتها المفتوحة ومؤخراً مع أوروبا، كما عليها مراعاة روسيا، اما اميركا فهي منحازة للاكراد، والاردن بعيد عن الدخول المباشر، ويخشى على امنه، ويبقى الدعم الاكبر للمسلحين من السعودية وقطر.

 نفط تدمر 

هذه هي صورة المشهد السوري حيث موازين القوى لصالح الجيش السوري لكن المعركة طويلة، وهذا لا يلغي بأن قرار الحسم اتخذ في ارياف دمشق، ويبقى لمعركة الرقة ابعاداً مختلفة وتحديداً اميركية في ظل خطورة ما نقله العبادي بعد اجتماعه بترامب بان الاميركيين يفضلون ان تتوقف المعارك بعد تحرير الموصل والرقة ودير الزور وان تترك «الصحارى» لهؤلاء المسلحين، لانه لا قدرة لهم على قلب موازين القوى، وهذا يؤكد بان الاميركيين يريدون استغلال «ارض الصحارى» للمسلحين لارباك سوريا والعراق وايران وروسيا وحزب الله وخلق توترات دائمة، لأن هدف واشنطن الاول منع فتح طريق طهران ـ بغداد، دمشق ـ بيروت، ولذلك نزل الاميركيون بكل ثقلهم في «البوكمال» على الحدود العراقية ـ السورية وسيطروا على معبر «التفتاز» على الحدود العراقية ـ السورية ـ الاردنية ولمنع تواصل الجيشين السوري والعراقي فيما وجه الاميركيون انذاراً الى القوات العراقية التي حاولت شق طريق كبير يصل الى الاراضي السورية، خصوصا ان العراقيين فاتحوا السوريين بضرورة فتح هذه الطريق وتأمين منفذ الى طرطوس وبانياس للاستفادة من المرفئين البحريين اللذين يستوعبان كبريات السفن للحد من المضايقات الخليجية عبر الموانىء البحرية الخليجية، علما ان المنفذ البحري الوحيد للعراق حالياً هو ميناء دبي والطرح العراقي عارضته واشنطن، كما ان لمعركة سوريا ابعاداً اخرى واستراتيجية في منطقة تدمر وقارة وساحلي طرطوس وبانياس حيث اكبر مخزون للغاز في العالم، واذا ما استخرج هذا الغاز جعل من سوريا ثالث مصدر للغاز في العالم وسوف تأخذ مركز قطر بعد روسيا وايران، وهذا ما نشره الاستاذ جميل شاهين في مركز فيريل للدراسات في برلين ويقدر احتياطي الغاز السوري بـ 28.500.000.000.000 متر مكعب، واشار المركز الى ان حجم الغاز المكتشف في فلسطين المحتلة يوازي 11% منه في سوريا و8% في لبنان، و31% في مصر وان ثلاثة حقول غاز في شمال تدمر تكفي لتزويد سوريا بالطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً لمدة 19 سنة وان الغاز في هذه المنطقة لا ينضب قبل عام 2052 ولذلك تم دحر كل المعارضين من تدمر حيث يوجد بحر من الغاز الطبيعي وصولا الى طرطوس وبانياس والحقول البحرية.

 

 

الجمهورية :

كان اللافت خارجياً أمس استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «الكرملين» المرشحة للرئاسة الفرنسية وزعيمة «الجبهة القومية» واليمين المتطرّف الفرنسية مارين لوبان، ودعا خلال اللقاء إلى «توحيد الجهود في مجال مكافحة الإرهاب»، مؤكداً قبل شهر من الدورة الأولى للإنتخابات الرئاسية الفرنسية في 23 نيسان المقبل أنّ «بلاده لن تتدخّل في السياسة الفرنسية». أما داخلياً فإن جملة عناوين طرَحت نفسَها دفعةً واحدة على سطح المشهد الداخلي، وكلّها عناوين ساخنة تضع أهلَ الدولة أمام امتحان قدرتِهم على احتواء هذه العناوين وإطفاء شراراتها قبل أن تتفاقم وتتحوّل عبوات ناسفة تهزّ الكيان اللبناني، المثقَل أصلاً بما لا يُحسَد عليه من أزمات مزمِنة، تُفرّخ من بعضها البعض أزمات أكبر.

العنوان الأوّل، قانون الانتخاب الذي يبقى الشغلَ الشاغل للطبقة السياسية، لكن من دون بروز تقدّم ملموس حوله، ما خلا مناخات إيجابية يجري إسقاطها على سطح المشهد السياسي، مقرونةً بتأكيدات سياسية بأنّ ساعة الحسم الانتخابي قد دنَت، وثمَّة مفاجآت قد تظهر قريباً.

ويُنتظر أن تتبلور تلك المفاجآت في الاجتماعات المنتظَر أن تتكثّف في الأيام القليلة المقبلة، في وقتٍ صار التمديد لمجلس النواب أمراً حتمياً، ولكن ليس التمديد المديد لسَنة وأكثر، بل تمديد تقني موَقّت لبضعة أشهر مشروط بالوصول إلى قانون جديد، وهذا هو الخيار الأفضل، أو بالتفاهم على قانون جديد.

القوى السياسية على اختلافها باتت في هذه الصورة، وبدأت تتصرّف على هذا الأساس. وهذا الأمر سيكون بنداً أساسياً في جدول أعمال اللقاءات المقبلة بين الرباعي: تيار «المستقبل»، و«التيار الوطني الحر»، و«حزب الله» وحركة «أمل». والتي ستنطلق فور عودة الوزير جبران باسيل من سفرته الأميركية.

برّي : التفاهم أوّلاً

وسُئل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المناخات الإيجابية التي تحوط الملف الانتخابي، فأجاب: «لن أقول فول حتى يصير بالمكيول. لكنّ الجميع بات مقتنعاً بوجوب الوصول إلى قانون انتخابي جديد، ويبدو أنّهم تهيّبوا الأمر بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون عن القانون والفراغ، لذلك القانون الجديد بات حتمياً، وبالتالي يفترض أن تنطلق الاتصالات بوتيرة سريعة قريباً، وأنا هنا أعود وأؤكّد بضرورة الوصول إلى قانون خلال أسابيع قليلة وليس خلال أشهر، لأنّ الوقتَ داهمَنا».

وأشار بري إلى أنّ «النسبية» ستكون حاضرةً في القانون الجديد، سواء أكانت على مستوى لبنان دائرة واحدة أو تكون بصورة جزئية، والكلّ صاروا مقتنعين بهذا الأمر، علماً أنني لمستُ إيجابيات من الأطراف حيالها، وعلى سبيل المثال من النائب وليد جنبلاط الذي قدّم صيغةً لنسبية وسطية».

وردّاً على سؤال قال بري: «التمديد لمجلس النواب لمجرّد التمديد هو أمرٌ مرفوض جملةً وتفصيلاً، ولن أسير به على الإطلاق، قد يوجب القانون الجديد الذهابَ إلى تمديد لفترة، أي تمديد تقني ليس لسَنة كما يُطرَح هنا وهناك، بل لستّة أشهر كحدّ أقصى أي من 20 حزيران 2017 إلى 20 كانون الأول 2017 ، لكنّ هذا التمديد التقني هو مشروط بالوصول إلى قانون، أو بالتفاهم المسبق على قانون، إذ بمجرّد التفاهم على قانون خلال الأسابيع المقبلة، نذهب إلى التمديد التقني. أي قبل كلّ شيء هو التفاهم أوّلاً على القانون الانتخابي، هذه هي «ألف باء» التمديد التقني. أمّا التمديد لأجل التمديد فلا مكان له».

النفط البحري

وأمّا العنوان الثاني، فهو النفط اللبناني مع ما استجدّ حوله في الأيام القليلة الماضية، لجهة إعلان إسرائيل عزمَها على طرح قانون على الكنيست الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية من جانب واحد وضمِّ المنطقة البحرية الغنية بالنفط والغاز المتنازَع عليها مع لبنان الذي يؤكّد أنّها حقّ له، وتأتي ضمن حدوده الاقتصادية.

ولقد فرَضت هذه الخطوة الإسرائيلية استنفاراً لبنانياً سياسياً وديبلوماسياً، مقروناً بتساؤلات من مستويات سياسية رفيعة عن مغزى هذه الخطوة الإسرائيلية والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه من خلالها، ولماذا في هذا التوقيت بالذات.

وقد سُجّلت في الساعات القليلة الماضية حركة اتّصالات من الجانب اللبناني في اتّجاه الأمم المتحدة، أرفِقت برسالة من وزارة الخارجية وصَفها مرجع كبير بالشديدة الأهمية، إلى مجلس الأمن، تلفتُ إلى ما تقوم به إسرائيل، وتُحذّر من خطورته على كلّ المستويات، وتؤكّد على أنّ هذه المنطقة البحرية التي تسعى إسرائيل إلى قرصنتِها هي منطقة لبنانية وضمن الحدود الاقتصادية الخالصة. وتشير في هذا السياق إلى الوثائق والمستندات التي بَعث بها لبنان إلى الأمم المتحدة والتي تُثبت هذا الأمر.

كذلك جرَت اتّصالات لبنانية في السياق نفسِه مع واشنطن، بوصفها الوسيط الذي ساهمَ في السنوات الماضية في محاولة إيجاد حلٍّ وسط بين لبنان وإسرائيل حول هذه النقطة، وتوصّلت واشنطن في مرحلة معيّنة إلى شِبه اتّفاق، إلّا أنّها لم تستطع إلزامَ إسرائيل به.

على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو أنّ الإعلام الإسرائيلي، وتحديداً صحيفة «يديعوت احرونوت»، كشفَ في الأيام القليلة الماضية أنّ الذريعة الإسرائيلية للإقدام على هذه الخطوة، مردُّها إلى فشلِ جهود الوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل.

لكن ما أثارَ الانتباه هو ما ذكرَته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية من أنّ تل أبيب طلبَت من واشنطن الضغط على لبنان لسحبِ المناقصة الخاصة بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق نفطية في البحر المتوسط، مقابل توقّفِ إسرائيل عن الاستمرار بدفع مشروع القانون إلى الكنيست».

في هذا السياق، قال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: «إنّ لبنان لم يتلقَّ أيَّ طلب من الولايات المتحدة، علماً أنّنا سبقَ وأكّدنا حقَّنا في هذه المنطقة البحرية، لواشنطن والأمم المتحدة.

والواضح أنّ إسرائيل تمارس خطوةً ابتزازية للبنان، ومحاولة تخويف وثنيِ الشركات الأجنبية عن المشاركة في هذا الأمر، والبديهي أن نكون حذِرين ولا نرضَخ لها، بل على العكس، هذا الأمر يَجعلنا مصمِّمين أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ليس في التأكيد على حقّنا فحسب، بل في الدفاع عنه وأيضاً في المضيّ بعملية التلزيم».

«السلسلة» والمطالب

في هذه الأجواء، وفيما رَحّل مجلس الوزراء أمس مشروع الموازنة إلى جلسة جديدة تُعقد يوم الاثنين المقبل، بقيَ عنوان سلسلة الرتب والرواتب متصدّراً واجهة المتابعات الداخلية، وأساساً في الحركة النقابية والمطلبية. وما استجدّ حول هذا الموضوع يحمل إشارات إيجابية بَعثتها وعود جدّية تلقّتها شرائح وظيفية بأنّ الأمور ذاهبة حتماً إلى إقرار السلسلة في مجلس النواب خلال الشهر المقبل.

وهو ما أدّى في الساعات الأخيرة إلى تعليق إضراب أساتذة التعليم الثانوي بعد لقاءَين مع برّي ومع رئيس الحكومة سعد الحريري، أشيعَت بعدهما أجواء عن توافق على إعطاء الأساتذة خمس درجات.

وكشفَت مصادر متابعة لهذا الملف لـ«الجمهورية» أنّ الفصل بات محسوماً بين السلسلة بما هي نصّ قانوني يثبت هذا الحقَّ المزمِن لمستحقّيه من الموظفين، وبين كِلفتها ومصادر تغطيتِها التي على الحكومة أن تُرفقها ضمن مشروع الموازنة العامة.

وقال برّي أمام زوّاره: «العمل جارٍ على قدمٍ وساق في موضوع السلسلة، وقد حصَلت خطوات مهمّة على هذا الصعيد».

وأكّد أنّ المجلس النيابي «لا علاقة له بالضرائب والرسوم، هذه مسؤولية الحكومة. نحن لا نَقبل أن نعمل ضمن سقفٍ محدّد، ويُقيّدونا بأرقام 1200 مليار أو غير ذلك، هذا ليس شأننا، ما يهمّنا كمجلس نيابي هو أن نقرّ السلسلة كحقّ للموظفين، أي إقرار السلسلة بمعزل عن الضرائب».

ورفضَ بري الإفصاح عن موعد جلسة السلسلة، إلّا أنّه أوحى أنّه لن يكون بعيداً، وقال: «قبل كلّ شيء، السلسلة حقّ لأصحابها، ويجب أن تُقرّ».
الأمن

أمّا العنوان الأكثر سخونةً فهو الأمن؛ فالمراجع الأمنية اللبنانية تؤكّد أنّه في غرفة العناية الفائقة وفي دائرة التحصين، إلّا أنّها تقرّ في الوقت ذاته، أنّ «الغرف السود» ما انفكَّت يوماً عن السعي لاستهدافه، وبالتالي اغتيال أمن لبنان واستقراره.

والشرارات تُطلَق في كلّ اتّجاه لتحقيق هذا الهدف، وها هي النار تشتعل مجدّداً في مخيّم عين الحلوة، في توقيتٍ مريب يَبعث على الخشية من أن تكون خلف الأكمة محاولات دؤوبة من جهات كامنة داخل المخيّم لجرِّ الأمور إلى ما هو أبعد من اشتباك داخلي بين فصائل فلسطينية معيّنة، وبالتالي تَمدُّد الشرارة إلى خارجه.

هذا الأمر، تُحذّر منه المراجع الأمنية التي لا تستبعد هذا الاحتمال، خصوصاً في ظلّ الإصرار على التوتير والانتقالِ به تارةً إلى هذا المخيّم وتارةً إلى مخيّم آخر، على ما جرى قبل أسابيع قليلة في مخيّم عين الحلوة، وبَعده في مخيّم برج البراجنة وما أحاطه من مناخ توتيري واستنفار تخطّى حدود المخيّم إلى محيطه.

أخطرُ ما في هذا الأمر، بحسب المراجع الأمنية، هو توافُر معلومات أمنية تؤكّد وجود نيّات خبيثة، وعلى وجه التحديد لدى المجموعات الإرهابية، لتحضير الأرضية لملاقاة أيّ تطوّرات خارجية محتملة، وتحديداً في الميدان السوري، ومن شأن هذا الأمر أن يفتح الوضعَ على شتّى الاحتمالات السلبية.

علماً أنّ لبنان لا يعيش الاسترخاءَ الكلّي حيال الوضع الأمني الذي يعيش حالاً من الاستقرار النسبي حالياً، والمعلومات الأمنية المتوافرة، معطوفةً على تقارير أمنية شِبه يومية محلّية وخارجية، تتخوّف من تحضيرات إرهابية لتفجيرات وعمليات خطيرة وغير ذلك، وهو ما استدعى رفعَ درجةِ الجهوزية لدى مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية تحسُّباً لأي طارئ.

قراءة عسكرية

إلى ذلك، وفي قراءة عسكرية لـ«الجمهورية» لاحظت مصادر مواكبة للملف الفلسطيني «تزامُن التوتير في المخيّم مع بدء القوّة الأمنية المشتركة تنفيذَ مهمّاتها، إضافةً إلى ارتباطه باستحقاقات داخل قيادة «فتح» في رام الله، وربّما ضرب الاتفاقِ الذي أنجزته الدولة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. أمّا ما هو أخطر فيَكمن في إشعال هذا التوتّر عشية انعقاد القمّة العربية.

وأكّدت المصادر «التخوّف الأمني ممّا يَحدث، وسط حديث عن تمويل بعض الدول الإقليمية لبعض المجموعات لتتحرّك لإرسال رسائل إقليمية لتصفية حسابات على الساحة اللبنانية. من هنا يكمن الخطر من استخدام ورقة الإسلاميين المتشدّدين والملف الفلسطيني في هذا الإطار»

إبراهيم

ولفتَ في هذا السياق، ما قاله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، خلال حفلٍ تكريمي على شرفِه في بيروت، حيث اعتبَر أنّ «أيّ سقوط أمني في أيّ مخيّم سواء أكان فلسطينياً أو سورياً، يعني محاولةً لتفجير الوطن، لن تمرّ مهما كانت الذرائع ومهما عظمت التضحيات، وعلى من يتوسّل الدم من أجل مناكفات سياسية، أن يعرف أنّ زمن لبنان الساحة ولّى، وأنّه ممنوع المساس بالأمن اللبناني، وأن لا شيء يبرّر إيواءَ إرهابيين وانغماسيين أو السكوتَ عنهم، بل على العكس من ذلك تماماً، فمصلحة السوريين أو الفلسطينيين تكون بإدراكهم أنّ أمنَهم من أمن لبنان واللبنانيين».

وقال ابراهيم: «إنّنا كلبنانيين معنيّون بالالتفاف حول الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية لتحصين لبنان بوجه التطوّرات المتسارعة دولياً وإقليمياً، وبوضعِ الحوار كآليةٍ وحيدة لا بديلَ عنها لمعالجة الاختلافات والخلافات السياسية».

 

 

اللواء :

استدعى سفر رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري إلى عمان الثلاثاء المقبل لتمثيل لبنان في القمة العربية الدورية، إلى تعديل أجندة الأسبوع، لا سيما في بندي الموازنة وقانون الانتخاب اللذين تقدما على سلسلة الرتب والرواتب، والتي تراجعت حركة المطالبة اليومية بها، في ضوء وعود تلقاها نقابيون، سواء في الجسم التعليمي أو الجسم الاداري كان من نتيجتها تعليق اساتذة التعليم الثانوي اضرابهم المفتوح لمدة اسبوعين على الأقل.
ودل سير الاجتماعات والجلسات على أن الحراك المطلبي ببعديه النقابي والمدني والحزبي والنيابي، قد فرض بوقائعه نفسه «عنصر ضبط» في مناقشات الموازنة، والبحث عن ايرادات السلسلة، وتقديم قانون الانتخاب للحؤول دون الحركة في الشارع مرّة ثانية، بعدما ايقن كبار المسؤولين ان آليات المعالجة قبل الحراك من الممكن أن تبقى نفسها بعده.
وعليه، لم يتمكن مجلس الوزراء في جلسته الرقم 13، في مسلسل جلساته المخصصة للموازنة، من إنجاز الموازنة في قراءتها الأخيرة، وتقرر العودة إلى جلسة 14 تعقد عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين في القصر الحكومي، خلافاً لما ساد في اليومين الماضيين، من أن الجلسة الأخيرة ستعقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون الذي عادت مصادره وكررت ان لا حاجة لترؤسه أي جلسة من جلسات الموازنة، طالما أن وزراء «التيار الوطني الحر» يقومون بهذه المهمة.
وفيما قالت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة الاثنين ستكون الأخيرة، لم تشأ مصادر اخرى الجزم، استبعاداً أو تأكيداً، لكنها قالت ان المناقشات خارج مجلس الوزراء تعتبر أن ارقام الموازنة وموازنات الوزارات يمكن اعادة النظر فيها وإدخال تعديلات عليها من زاوية الاستغناء عن كل ما يمكن الاستغناء عنه، لا سيما المكاتب المستحدثة في وسط بيروت ومنها مكتب وزارة العمل، في مبنى اللعازارية، حيث أصرّ وزير العمل محمّد عبداللطيف كبارة على الدوام في مكاتب الوزارة الأصلية في المشرفية، وبالتالي يمكن توفير حوالى 200 الف دولار في السنة كايجار لمكتب اللعازارية.
ومع أن الموازنة لم يتم التطرق إليها في الجلسة نظراً لضيق الوقت، فان وزير الإعلام ملحم رياشي كشف أن هناك مراجعة للموازنة بكل تفاصيلها، وأن الوزراء اعدوا ملاحظات في اطار هذه المراجعة، مشيراً إلى ان الواردات الواردة في الموازنة قابلة لإعادة النظر، ولم يكن هناك اي شيء محسوم.
وانطلاقاً من هذه الوجهة، وافق الرئيس الحريري على طلب وزير الطاقة سيزار أبي خليل مناقشة خطة الكهرباء، في سياق السعي الجاري لتخفيض الارقام الكبيرة للموازنة، ومن زاوية أن الهدر في الكهرباء يفوق المليار دولار وان من شأن تعزيز الإنتاج ان يخفض من ساعات التقنين، وبالتالي من فاتورة المكلف الذي يدفع للكهرباء ولاشتراك المولدات.
ووزعت خطة الكهرباء على الوزراء ليضعوا ملاحظات عليها أو اقتراحاتهم، تمهيداً لاقرارها، الأمر الذي يعني تعديل هيكلية الموازنة وتخفيض ارقامها أيضاً.
وقال مصدر وزاري لـ«اللواء» أن ترشيق الموازنة وإعادة النظر في ارقامها وارقام عدد من الوزارات من شأنه ان يفتح الباب لادغام السلسلة في الموازنة، مع العلم ان مناقشات الوزراء على طاولة مجلس الوزراء لا تزال تقارب الموازنة بعيداً عن السلسلة.
لذا، استبعد هذا المصدر إقرار الموازنة في جلسة الاثنين، لا سيما وأن الجلسة مقسومة من حيث الوقت إلى شق لخطة الكهرباء، والآخر لأرقام الموازنة.
ولفت المصدر إلى أن تأخر مناقشة خطة الكهرباء التي تستأهل جلسة كاملة للحكومة وربما أكثر نظراً لحيويتها وتأثيرها الايجابي على المالية العامة، من شأنه أن يؤخر مرّة جديدة إنجاز الموازنة، معتبراً انه من غير الممكن عقد جلسة الثلاثاء صباحاً، كما اقترح بعض الوزراء، نظراً لضيق الوقت.
وازاء ذلك، قد يكون من المتعذر إنجاز الموازنة خلال الأسبوع المتبقي من آذار، مما يعني حكماً ترحيلها إلى الأسبوع الاول من نيسان، حيث من الممكن عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل سفر الرئيس الحريري إلى بروكسل لترؤس وفد لبنان إلى مؤتمر الدول المانحة الممولة للنازحين السوريين.
وفي السياق، رأى رئيس المجلس نبيه بري أن هناك عملاً مستمراً في ما خص سلسلة الرتب والرواتب، لكنه شدّد على أن المجلس النيابي ليس مسؤولاً عن الضرائب لتمويلها، بل الحكومة هي المسؤولة، والمجلس يُقرّ السلسلة.
وفي تقدير مصادر نيابية أن هذا المو