قنبلة مجلس الشيوخ تثير زوبعة الطائفية والشكوك الوطنية

 

النهار :

اذا كان مشروع قانون الانتخاب الثالث الذي وضعه وزير الخارجية جبران باسيل وطرحه أمس باسم "التيار الوطني الحر" شكل الشغل الشاغل للقوى السياسية، فان ذلك لم يحجب مناسبة كبيرة تبقى على رغم كل ما حل بتحالف سياسي عريض يحمل اسمها محطة وطنية طبعت تاريخ لبنان الحديث بطبعة سيادية واستقلالية كان من ثمارها المشهودة انسحاب القوات السورية من لبنان. تحل اليوم الذكرى الثانية عشرة لانتفاضة 14 آذار وسط متغيرات داخلية كبيرة كانت معالمها قد أصابت مشهد التحالف السيادي قبل سنة تماماً حيث غاب للمرة الاولى احياء هذه المناسبة عن ساحة الشهداء او عن مجمع "البيال" بفعل بدء اثار ازمة الفراغ الرئاسي على قوى 14 آذار، وها هي قوى 14 آذار تغيب اليوم ايضا للسنة الثانية عن احياء الذكرى.
ولا يخفى ان مفاعيل التسوية السياسية الرئاسية والحكومية والسياسية التي بدأت مع انتخاب الرئيس العماد ميشال عون ادت من جملة ما ادت اليه الى خلط اوراق واسع كانت فكفكة قوى 14 آذار كتحالف من ابرز معالمه ولو ان انخراط فريقين اساسيين من هذا التحالف هما "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" في التسوية شكل ركيزة اساسية في قيامها. لكن الذكرى الـ12 لانتفاضة 14 آذار تعيد احياء الاشكالية الكبيرة لجهة الارتباك الواسع لدى القوى التي كان يضمها التحالف حيال القضايا المصيرية المتصلة بمشروع "العبور الى الدولة" وقت تتساكن قوى من 14 آذار مع قوى 8 آذار من دون رابط ثابت حيال هذه القضايا وهو الامر الذي برز بقوة اخيرا مع اثارة مسائل سلاح المقاومة او تداعيات الحرب السورية على لبنان او القرار 1701 وثبت ان المساكنة السياسية داخل الحكم والحكومة لم تقترن بتوازنات تنتظر قواعد 14 آذار وجمهورها ترجمة حازمة لها.
كما ان اشكالية اخرى تطل برأسها مع المعركة السياسية الناشبة حول قانون الانتخاب والاستعدادات للانتخابات النيابية تتمثل في تفرق قوى 14 آذار بفعل عوامل جديدة طارئة يصعب معها، في ظل أي قانون جديد، ضمان استعادة أكثرية نيابية لمصلحة هذا النهج السيادي الذي تمكن في دورتي 2005 و2009 من حصد اكثرية مجلس النواب. ولعل ما تجدر الاشارة اليه في هذا السياق ان حزبي الكتائب والوطنيين الاحرار وحدهما من دون سائر التحالف "السابق" سيبادران اليوم الى احياء فاعليات رمزية لاحياء الذكرى. اذ ستتولى وفود من المكتب السياسي الكتائبي وضع اكاليل على ضرائح شهداء انتفاضة الاستقلال: رفيق الحريري ومحمد شطح ووسام الحسن وباسل فليحان وجبران تويني وسمير قصير وجورج حاوي ووليد عيدو وانطوان غانم وبيار الجميل. كما ان حزبيين وسياسيين وناشطين مستقلين سيعقدون اجتماعاً ظهر اليوم في البيت المركزي لحزب الوطنيين الاحرار في السوديكو ويصدرون بياناً سياسياً يلحظ اطارا لمتابعة نشاطهم.

 

المشروع الثالث
في أي حال، احتدم المشهد الانتخابي عشية هذه الذكرى من خلال تقديم الوزير باسيل مشروعه الثالث لقانون الانتخاب الذي بدا انه رمى من خلاله كرة المأزق الانتخابي في مرمى الافرقاء الآخرين بدليل ان باسيل لم يخف تحديد مهلة لجمع كل المواقف منه تنتهي غداً الاربعاء. والمشروع الجديد يقوم تكرارا على معادلة مركبة من النظامين النسبي والاكثري بتقسيم المقاعد بينهما بالتساوي بحيث يجري الانتخاب على الاكثري في 14 دائرة وتنتخب كل طائفة نوابها بما يأتلف مع مشروع "القانون الارثوذكسي" اما النصف الآخر وفق النسبي فيجري انتخابه في خمس دوائر هي المحافظات الخمس التقليدية. واعتبر باسيل هذا المشروع "جمعا لافكار الجميع ويؤمن طلبات الجميع وما نعرضه هو بداية الطريق لاقرار مجلس الشيوخ على اساس (القانون) الارثوذكسي واحترام للمناصفة ويكون رئيسه مسيحياً غير ماروني".
وبينما يتوقع ان تعلن القوى السياسية مواقفها تباعا من هذا المشروع في الساعات المقبلة، بدت أوساط قريبة من الثنائي المسيحي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" مرتاحة الى هذا المشروع بما يعني ان "القوات " تقترب من تأييده. اما "تيار المستقبل" فلا يزال يتريث في تحديد موقفه منه علما ان لقاء سيعقد بين وفد من كتلة "المستقبل" وباسيل. وتتجه الانظار الى موقف "الثنائي الشيعي"، "أمل" و"حزب الله"، اللذين لم يوحيا بعد بأي ردة فعل على النسخة الجديدة المختلطة وقت لا تزال تصريحات مسؤولي الفريقين ونوابهما تتمسك بالنسبية الكاملة. اما الحزب التقدمي الاشتراكي، فوعد بدرس المشروع وتحديد موقفه منه في الساعات المقبلة وسط انطباعات لا توحي باجواء ايجابية مؤكدة حياله. وغرّد منسق لجنة الشؤون السياسية في "تيار المردة" الوزير السابق يوسف سعادة عبر تويتر: "بالامس تحدث أحدهم بجدية وحزم بأنه لا يريد قانوناً على قياسه وكدنا نخجل من أنفسنا لأننا شككنا ولو للحظة بنيّته، اما اليوم وبعدما سمعنا اقتراحه تبين بنظره أن المكونات التي يجب مراعاتها هم المسلمون والمسيحيون والاحزاب اضافة الى شخصه الكريم!". وأضاف: "عيب قانون الستين انه يعتمد الدوائر الواسعة على أساس النظام الاكثري وبذلك يكرّس "المحادل" ومع ذلك لم يخجلوا من توسيع تلك الدوائر وقد يكون الدافع لتوسيع الدوائر هو الترشيحات الاخيرة التي شهدناها في البترون مع الحلم الدائم بإلغاء الآخرين".
ولعل اللافت في هذا السياق ان أوساطاً معارضة لمشروع باسيل شددت عبر "النهار" على مسؤولية الحكومة والقوى السياسية الاخرى في ترك آلية طرح المشاريع المتعاقبة محصورة بوزير الخارجية وعدم مبادرة الحكومة الى اخذ دورها الطبيعي والبديهي في وضع يدها على ملف قانون الانتخاب كما تعهدت وكما يطالب بذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري. واشارت الى انه سواء حصل تطور ايجابي او سلبي حيال المشروع الجديد، من غير الجائز بعد تكرار تجارب اصطدام مشاريع باسيل بالاخفاق لعدم توافر التوافق على اي منها ان ترمى المسؤولية عليه سلبا أو ايجابا فيما يلتزم الافرقاء الاخرون دور رد الفعل ولا يبادرون الى طرح بدائل أو احتواء الازمة برمتها من خلال مجلس الوزراء مجتمعا علما ان عامل الوقت تجاوز الخط الاحمر مع الاقتراب من مهلة "هالكة " جديدة في 21 آذار الجاري. وفي هذا الاطار يقول زوار قصر بعبدا إن الرئيس عون ليس معنياً بالمهلة الثانية لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في 21 آذار كما لم يكن معنياً بالمهلة الاولى في 21 شباط وهو لن يوقع المرسوم اذا لم يكن هناك قانون انتخاب جديد. ومن المقرر ان يسافر الرئيس عون غداً الى الفاتيكان في زيارة رسمية يلتقي خلالها الخميس البابا فرنسيس.

 

الموازنة
الى ذلك، أنجز مجلس الوزراء ليل أمس مشروع الموازنة وقرّر عقد جلسة أخيرة عصر الجمعة المقبل لمراجعة بعض الأرقام تمهيداً لإحالتها على مجلس النواب. وطلب رئيس الوزراء سعد الحريري من وزير الخارجية اعداد رسالة مفصلة بالتهديدات الاسرائيلية للبنان لإرسالها الى مجلس الأمن.

 

 

المستقبل :

بعد 12 سنة من افتقار الدولة إلى موازنة خزينتها وقوننة استراتيجيتها المالية، باتت حكومة «استعادة الثقة» على بُعد خطوة أخيرة تفصلها عن تحقيق هذا الإنجاز عصر الجمعة المقبل في جلسة ستُخصّص لإقرار مشروع الموازنة العامة للعام الجاري بعد إجراء مراجعة أخيرة لفزلكتها تمهيداً لإحالة المشروع على مجلس النواب. وإثر جلسة ماراتونية دامت قرابة 7 ساعات، خرج وزير الإعلام ملحم الرياشي ليزفّ خبر إنجاز مجلس الوزراء مشروع الموازنة على أن يعود المجلس للالتئام يوم الجمعة «لمراجعة بعض الأرقام» وإقرار المشروع. 

وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ جلسة الأمس أنهت مناقشة موازنات كل الوزارات والإيرادات الإضافية والإصلاحات بحيث سيعمد وزير المال علي حسن خليل خلال الساعات الـ72 المقبلة إلى إعداد المسودة النهائية للموازنة بشكل يلحظ كل الملاحظات والمقررات الوزارية عليها طيلة مرحلة النقاش والدرس لكي تكون جاهزة لإجراء مراجعة سريعة عليها في جلسة الجمعة مع الأخذ بالاعتبار ما ستؤول إليه الأمور رقمياً ومالياً بالنسبة لسلسلة الرتب والرواتب في جلسة الغد التشريعية، مشيرةً في هذا 

السياق إلى حصول نقاش وزاري أمس حول تكلفة السلسلة وسط اتجاه عام نحو اعتماد تقسيطها على سنتين كحد أقصى يتم في السنة الأولى دفع بدل غلاء المعيشة و50% من إجمالي كلفة السلسلة، ويُصار في السنة التالية إلى سداد الـ50% المتبقية. في حين أعلن الرياشي أمس أنّ مجلس الوزراء سيباشر خلال 10 أيام بدرس مشروع وزارة الطاقة لاستنهاض القطاع تمهيداً لحسم هذا الملف مع ما يحققه من وفر على الموازنة بقيمة أكثر من مليار دولار سنوياً.

ورغم أنّ جلسة مجلس الوزراء كانت مخصصة لمشروع الموازنة، إلا أنه وأمام ارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان فإنّ رئيس الحكومة استهل جلسة السراي بالحديث عن كون هذه «التهديدات المتكررة على لسان مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وفي وسائل الإعلام، والموجّهة إلى المدنيين في لبنان وإلى مؤسساتهم الشرعية وبناهم التحتية، هدفها التغطية على انتهاكات إسرائيل الدائمة لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، بينما يلتزم به لبنان ويدعو دائماً إلى تطبيقه بكامل مندرجاته»، وفي ضوء ذلك، طلب الحريري من وزير الخارجية جبران باسيل القيام بجردة لهذه المواقف الرسمية الإسرائيلية المعلنة في وسائل الإعلام وإعداد «رسالة مفصّلة إلى مجلس الأمن الدولي بشأنها ليتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته في مواجهة هذا التوتير المقصود وهذا التهديد العلني للاستقرار الإقليمي».

مشروع باسيل

إنتخابياً، برز أمس إطلاق رئيس «التيار الوطني الحر» محاولته الثالثة لطرح مشروع قانون انتخابي توافقي يقوم هذه المرة على المزاوجة والمناصفة بين النظامين النسبي والأكثري، بحيث اقترح باسيل انتخاب نصف أعضاء المجلس النيابي على أساس النسبية الكاملة في خمس دوائر (المحافظات الخمس) والنصف الثاني على أساس الأكثري في 14 دائرة مختلطة إسلامية – مسيحية مع إبداء مرونة في ما يتعلق بكيفية احتساب الصوت التفضيلي لجهة أن يكون مرتبطاً بالقضاء أو بالدائرة. 

وإذ اعتبر أنّ طرحه الجديد «يجمع بين أفكار الجميع»، تفاوتت الردود السياسية المعلنة حياله بين التحفظ والفتور والتريث والدرس، غير أنّ باسيل لفت إلى أن «التيار الوطني» ينتظر «أجوبة نهائية» وأعرب عن أمله في أن تكون «إيجابية لإكمال العمل على بعض التفاصيل»، أما إذا كانت سلبية «فسنكون جميعاً أمام مرحلة مؤسف أن ندخل فيها»، كما قال. علماً أنّ طرحه الجديد أثار أمس حفيظة المكوّن الدرزي سيما وأنه أقرنه بالإعلان عن كون هذا الطرح إنما يأتي بمثابة «بداية الطريق لإقرار مجلس الشيوخ على أساس الأرثوذكسي ويكون رئيسه مسيحياً غير ماروني».

 

الديار :

قبل ان يبدا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مؤتمره الصحافي الذي قدم فيه «مولوده» الانتخابي الجديد امس، ادخل عليه تعديلات جوهرية كان اهمها توحيد المعيار والمناصفة بين المقاعد بين النسبي والاكثري، بعد تلقيه نصائح عديدة من «الحلفاء» بان قانونه الاصلي الذي لا يوحد المعايير، سيكون غير قابل للتسويق.. وفي الانتظار بدأ وزير الخارجية بتلقي الردود الاولية على القانون المختلط، وبحسب معلومات «الديار» فان اكثر الردود الايجابية جاءت من تيار المستقبل، فيما ابدى «الثنائي الشيعي» انفتاحا على النقاش الايجابي وطرح 6 ملاحظات على المشروع مطالبا باجراء تعديلات عليها..وفيما لا يزال موقف الحزب التقدمي الاشتراكي الاكثر سلبية، انكب حزب الكتائب على دراسة التفاصيل، بينما تتجه القوات اللبنانية الى عدم التعامل بسلبية مع القانون رغم «الغبن» اللاحق بها في بعض الدوائر، وترك الرفض يأتي من الاخرين، لان التوجيهات من «معراب» تتضمن تعليمات بعدم زيادة التوتر بين الجانبين، خصوصا ان التباينات تجاوزت المسائل التفصيلية الى نقاط جوهرية بات معها التفاهم الثنائي بحاجة الى «صيانة».... 
وفي هذا السياق، اكدت اوساط سياسية مقربة من الطرفين ان «العتب» القواتي على الوزير باسيل بشكل خاص لا يرتبط فقط بالملف الانتخابي او ملف التعيينات، وانما ثمة شكوى من عدم وجود تناسب في العلاقة التحالفية بين التيار الوطني الحر والقوات، والتحالف بين «التيار البرتقالي» مع حزب الله.... وفي هذا الاطار تؤكد مصادر مقربة من «القوات» ان «الحكيم» يعترض على اصرار رئيس التيار الوطني الحر، التنسيق في كل شاردة وواردة مع حزب الله حتى في الملفات المسيحية «البحتة» التي يعتبر ان له الحق وحده في المشاركة في القرار فيها، لكن باسيل يبدي التزاما لا تفهمه معراب في عدم الخروج عن «النص» بما يتعلق بالعلاقة مع الحزب... وتروي تلك الاوساط الكثير من الروايات حول ملفات عديدة جرى حسمها بالتفاهم بين باسيل وقيادة حزب الله، دون الاخذ برأي «القوات» ومنها ملف تعيين قائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث لم يتوقف باسيل كثيرا عند رأي القوات اللبنانية في حسم الخيار بين الاسماء المطروحة وانما كان الرأي الراجح للحزب الذي بارك ولم يعارض هذا الخيار، وعندما تم مراجعة رئيس التيار الوطني الحر في الامر، قال صراحة ان من اتخذ القرار النهائي كان رئيس الجمهورية ميشال عون ولم تكن «الكلمة الفصل» بين «يديه»...
وبحسب معلومات «الديار» فان جعجع لم يبادر الى ترشيح الدكتور فادي سعد في البترون او فتح ملف الكهرباء، فقط  على خلفية انزعاجه وتململه من العلاقة «الملتبسة» مع قيادة التيار الوطني الحر، والتي احتاجت الى «صيانة» عاجلة املت عليه زيارته الاخيرة الى بعبدا، ولكن ثمة حسابات اقليمية دخلت ايضا على الخط  دفعت «الحكيم» الى التراجع «خطوة الى الوراء» لابراز التمايز مع التيار «البرتقالي» خصوصا حيال العلاقة مع حزب الله، وذلك بعد ان تبدلت الحسابات الخارجية التي اوحت قبل فترة بوجود تقارب سعودي - ايراني وشيك، ادى الى التسوية الرئاسية الاخيرة، حينها اعتبر «الحكيم» انه لن يكون «ملكا اكثر من الملك» وحاول الانفتاح على الحزب عبر «رسائل» مباشرة وغير مباشرة، خصوصا بعد ان وجد نفسه ندا لقيادة الحزب في «صناعة» الرؤوساء وتحدث في اكثر من مجلس خاص حول دوره الحاسم اضافة الى دورالسيد حسن نصرالله في انجاز التسوية الرئاسية..! لكن جهوده اصطدمت بخطوط حمراء وضعها حزب الله امام تطور العلاقة، ثم لاحقا تبلغ «رسالة» بالغة الدلالة عبر «قناة» التواصل المعتادة ومفادها «انه اذا كان الرئيس سعد الحريري مضطرا «للتعايش» مع الحزب لضرورات تتعلق بالتسوية ورئاسة الحكومة، ما هي الموجبات التي تجعلك تندفع في هذا الاتجاه؟ «فيتو» حزب الله حول وصولك الى الرئاسة لن يتغير، والرهان على رد الجميل من قبل التيار الوطني الحر في الاستحقاق القادم غير وارد.. باسيل يحضر نفسه للرئاسة...
ووفقا للمعلومات، فان تصريحات رئيس الجمهورية قبل زيارته الى القاهرة حول سلاح حزب الله، تسببت بالكثير من الحرج لحليف للتيار الوطني كان قد ابلغ عبر قنوات التواصل الطبيعي مع السعوديين والاماراتيين بان تبني عون للرئاسة هو «الخطوة» الاولى نحو اخراجه من تفاهمه مع حزب الله او بالحد الادنى عدم الالتصاق بخيارات الحزب الاستراتيجية، لكن موقف رئيس الجمهورية كشف عن حسابات خاطئة في معراب لم تعد تجدي معها «المناورة» في افتراض حصول «طلاق» بعد ان تبين ان ما حصل في كنيسة مارمخايل «زواج» ماروني وليس «زواج متعة»... وبحسب الاوساط المقربة من «القوات» ثمة تيار داخل الحزب تجري حسابات جادة حول المكاسب والخسائر من التفاهم مع «التيار البرتقالي»، ومن هنا تتوالى الرسائل المعبرة، من دخول «الحكيم» مع الحريري يدا بيد في مهرجان البيال الاخير، وهي «رسالة» واضحة تفيد باحتمال العودة الى المربع الاول ضمن تحالف 14آذار، اذ اقتضت الحاجة، بمعنى آخر تريد القوات ان يدرك حليفها المسيحي ان لديها خيارات اخرى بدعم دول اقليمية ما تزال متحفزة «لمقارعة» حزب الله، واذا كان الفراق الاستراتيجي حول طبيعة العلاقة مع الحزب ليس امرا مستجدا، ويمكن تجاوزه لاعتبارات عديدة، فان ما لا يمكن قبوله ان يكون «ظل» حزب الله موجودا وموقفه حاسما في ملف استعادة حقوق المسيحيين الذي كان في صلب تفاهم معراب، ولهذا بدأت المواقف «القواتية» الاعتراضية تخرج الى العلن، وما لن تقبل به القوات هو تسديد فواتير خارجية دون تحقيق مكاسب وازنة في الداخل...؟

 

 

 «قنبلة» مجلس الشيوخ


اوساط سياسية مطلعة اكدت «للديار» ان الوزير جبران باسيل تقصد في مؤتمره الصحافي رمي «قنبلة دخانية» عنوانها مجلس الشيوخ، مستهدفا النائب وليد جنبلاط، وتفاجأ برد النائب وئام وهاب عليه.. وهو اختار استراتيجية «الهجوم» بدل «الدفاع» بعد الموقف السلبي المسبق من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي على مشروعه الجديد رغم انه يمنح جنبلاط «كتلة» من 9نواب.. وقد افترض باسيل ان طرحه سيلقى قبولا لانه يحفظ للحزب التقدمي الاشتراكي كتلة وازنة في البرلمان، لكن سلب «البيك» القدرة على التحكم بهوية النواب المسيحيين لم ترق له.. ولذلك تقصد ابلاغ «المختارة» بان الحديث عن الاصلاحات السياسية وتطبيق الطائف كحجة لرفض اي صيغة تحوي على النسبية، قد لا يكون من صالحها، لان رئاسة مجلس الشيوخ ليست محسومة للدروز، وهو بذلك وضع هذا المنصب في «بازار» المساومة مع علمه المسبق ان اي طرح جدي لانشاء مجلس الشيوخ لن يستطيع تجاوز منح رئاسته للدروز، لكنه يريد ان يبيع جنبلاط من «كيسه» والايحاء لاحقا انه قدم تنازلات وهي بالحقيقة حق «مكتسب» بالعرف، وثمة خصوصية درزية مرتبطة بتركيبة النظام السياسي في لبنان، القائم على التعددية والتنوع وعلى توازنات داخلية دقيقة لا يمكنَ المس بها.. وبحسب اوساط محسوبة على «الاشتراكيين» من يريد حماية الاستقرار وإنجاز المصالحات السياسية وتثبيت صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، عليه ان لا يصوب على نقاط اساسية جرى التفاهم عليها في الطائف، واذا كان ثمة عودة عن تلك التفاهمات فان هذا الامر سيفتح «الباب» واسعا امام تعديلات اخرى ليس اقلها مراجعة مسألة المناصفة التي لم تعد تمثل باي حال من الاحوال الواقع اللبناني الراهن الذي تبدلت فيه الديموغرافيا منذ اتفاق الطائف، ومن يريد الاخلال بالتسوية التاريخية عليه تحمل النتائج لانه لن يستطيع التحكم «بخيوط اللعبة»... 

 

 

الجمهورية :

تكاد الطروحات الانتخابية المتتالية تحوّل المشهد الداخلي حقل اختبار لصيغ وأفكار يُراد لها ان تحدث خرقاً في الافق الانتخابي المسدود. على انّ اللافت للانتباه، في زحمة الطروحات هذه، هو برود الحماسة السياسية والشعبية في مقاربة جدية لأيّ صيغة تطرح، خصوصاً انّ نهر الصيغ الفاشلة، الذي تدفّق في الغرف السياسية في الآونة الاخيرة، عزّز شعور اللاثقة في إمكان عبور أيّ صيغة جسر التوافق الداخلي طالما أنها لا تسدّ هوّة الانقسام الداخلي حول القانون، ولا تترجم بالتالي شعار العدالة والمساواة والتوازن والتمثيل الصحيح.

المشهد السياسي العام يبدو مضبوطاً على صورتين، يتجلى في الأولى وئام رئاسي ملحوظ، وتفاهم حيال سائر الملفات والاستحقاقات، ولا سيما منها الموازنة العامة، التي أرجأها مجلس الوزراء إلى الجمعة لمراجعة بعض الأرقام، وسلسلة الرتب والرواتب التي يفترض أن تبصر النور في جلسة مجلس النواب غداً، وصولاً الى سلة تعيينات إدارية جديدة يجري الحديث عن إتمامها في وقت ليس ببعيد. وكذلك حول العنوان الانتخابي الذي يجب ان يراعي مبدأين أساسيين وهما التوافق حوله بين القوى السياسية، وصحة التمثيل.

وامّا الصورة الثانية، فيتصدّرها الموضوع الامني وما طَفا على السطح في الفترة الاخيرة من محاولات توتيرية ربطاً بتطوّرات محتملة في سوريا وبالحرب العالمية الجديدة على «داعش»، وتحديداً في الرقة، والتي استتبعت بمحاولات إقلاق الداخل اللبناني بزرع تسريبات من بعض «الغرف السوداء»، من نوع انّ لبنان مقبل على «ربيع ساخن».

الّا انّ اللافت في هذا السياق هو التفاؤل الرئاسي الذي تعكسه أجواء بعبدا، بناء على ما تتلقّاه رئاسة الجمهورية من مختلف المحافل الغربية والدولية.

وتؤكّد تِبعاً لذلك «انّ لبنان ذاهب الى مرحلة من تهدئة أكبر واستقرار أكبر. وقد تلقّت الرئاسة الاولى تأكيدات من مراجع خليجية بأنّ لبنان سيشهد زحفاً خليجياً سياحياً تجاهه، وسيشكّل الرعايا السعوديون العدد الأكبر من بينهم».

وبحسب هذه الاجواء، فإنّ التطورات الخارجية مَحلّ متابعة حثيثة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مع تشديده على دور اللبنانيين في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيزه بقانون انتخاب جديد.

وبالتالي، انتخابات نيابية تجري على أساسه. فهذه هي الطريق الاساسي الى التحصين الداخلي، امام ايّ تطور خارجي ممكن ان يحصل، ويمكننا من إبقاء لبنان بمنأى عن تداعياته او ارتداداته».

بكركي قالت كلمتها

وفي حين ما زال كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن سلاح «حزب الله» يتردّد في الساحة الداخلية، قالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «الراعي وَصّف الوضع كما هو خصوصاً حيال انقسام اللبنانيين حول مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا، وهو لن يتراجع عن هذا الأمر لأنّ الجميع يدرك هذا التوصيف»، معتبراً أنّ «مسألة السلاح هي شأن الدولة اللبنانية، وهي المولجة بمعالجته».

ولفتت المصادر الى أنّ «البطريرك لم يهاجم «حزب الله» بل قال الأمور كما هي، كذلك اكّد أنّ الحزب هو جزء من التركيبة اللبنانية. لذلك، فإنّ الموضوع دقيق»، مشيراً الى أنّ «الحوار مع الحزب لم ينقطع يوماً، وما يهمّنا هو إنقاذ الوضع وعدم الذهاب الى المجهول وتحمية الأجواء».

ونفت المصادر أن «يكون لكلام الراعي ارتباطات بالخارج»، مؤكدة انه «لم يأت في سياق الردّ على رئيس الجمهورية لأنّ العلاقة بين بعبدا وبكركي كالصخرة التي لا تهتزّ، ومن يراهن على توترها فقد سقط رهانه».

وامّا في موضوع قانون الإنتخاب، فأكّدت مصادر بكركي «اننا نقف خلف رئيس الجمهورية في سعيه لإنتاج قانون جديد، ونأمل ان يوفّق في مهمته»، موضحة «انّ الشق التقني هو عند النواب».

صيغة باسيل

وفي هذه الاجواء، قدّم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، صيغة جديدة لقانون انتخابي يقوم على تقسيم المقاعد النيابية بالتساوي بين أكثري ونسبي، بحيث يتمّ التصويت وفق الاكثري على أساس 14 دائرة مختلطة على ان تنتخب كل طائفة نوّابها، ويتمّ اعتماد النسبية على اساس 5 دوائر وهي المحافظات الخمس التقليدية التاريخية، على حدّ تعبيره.

وأوضح باسيل أنه طرح هذا المشروع بعد رفض كافة الطروحات السابقة وانطلاقاً من اقتناع «التيار» بأنّ الجميع يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يؤمِّن صحة التمثيل، وهذا الطرح يؤمّن للجميع كتلاً وازنة متنوِّعة.

واذا كان باسيل ومن خلفه «التيار الوطني الحر» يراهن على تجاوب القوى السياسية مع هذه الصيغة، فإنّ الاجواء السياسية لم تعكس تلقفاً ايجابياً، بل حذراً منها عَبّرت عنه مصادر نيابية بقولها لـ«الجمهورية»: هذه الصيغة تحتاج الى دراسة تفصيلية عامة، ويمكن ان تسجّل حولها مجموعة ملاحظات، وأهمّها انّ هذه الصيغة تبدو مفصّلة على مقاس القوى الكبرى، وتحرم القوى الاخرى من التمثيل، فضلاً عن أنها تحوّل التصويت النسبي الى تصويت أكثري على مستوى القضاء بما يُلغي فائدة الجزء النسبي من التصويت».

ولعلّ الأساس هو التساؤلات التي توالت من مستويات سياسية مختلفة عمّا اذا كان باسيل قد ضَمن مسبقاً موافقة الأطراف على الصيغة قبل طرحها، اذ إنه طرحها بعد اصطدامه بالاعتراض عليها من أطراف أساسية، فطرحها من باب إلقاء الحجة على الآخرين؟

وماذا عن موقف الحلفاء القريبين من «التيار الوطني الحر»، هل وافقوا عليها ام انهم تحفّظوا او رفضوا؟ وهنا السؤال عن موقف «حزب الله» الذي قال بعض وزرائه إنه يدرس صيغة باسيل، الّا انّ الملاحَظ هو الدراسة التحليلية التي قدّمها اعلام الحزب، وتُفنّد الخلل الذي يعتري هذه الصيغة.

وأكثر التساؤلات وقعاً كان عمّا اذا كانت صيغة باسيل الجديدة منطبقة مع الدستور وأحكامه ولا سيما التي تؤكّد المساواة بين اللبنانيين فيما الصيغة الجديدة تقسم اللبنانيين الناخبين والمقترعين بين فريق أكثري وفريق نسبي، وبالتالي هل هذه الصيغة بمنأى عن الطعن بها أمام المجلس الدستوري؟ وماذا لو فشلت فعلاً؟

فهل سنكون أمام صيغة جديدة، وهل هناك صيغة بديلة جاهزة، أم انّ الباب سيقفل نهائياً على ايّ صيَغ جديدة؟ وما العمل في هذه الحالة خصوصاً انّ عدّاد الولاية المجلسية يتناقص يوماً بعد يوم؟

«إعتراض مقنّع»

الواضح من ردود الفعل حول صيغة باسيل انّ حظوظ القبول بها تشوبها صعوبة جدية، خصوصاً انّ مقاربة القوى السياسية لها انطوَت على «اعتراض مقنّع» عليها تغطّيه عبارة «سنحدد موقفنا بعد درسها»، علماً انّ هذه القوى قد حددت موقفها خلال اللقاء المباشر مع باسيل.

ويأتي في هذا السياق موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تؤكد أوساطه انّ موقفه من الصيغة الجديدة يتحدّد بعد دراستها، علماً انّ الوزير علي حسن خليل سجّل بعض الملاحظات عليها في اللقاء الثلاثي الذي عقد أخيراً في السراي الحكومي في حضور الرئيس سعد الحريري وباسيل ونادر الحريري.

أمّا «المستقبل»، فأكدت أوساطه لـ«الجمهورية» أنه لا يناقش الاقتراحات الانتخابية في الاعلام، بل في الغرَف المغلقة، مشيراً الى ان لا جواب ايجابياً او سلبياً بعد، علماً انه يتلقّى كل الاقتراحات الانتخابية بإيجابية ويناقشها بهدوء وبمنهجية وبنحو مفصّل ويشرح أين نقاط القوة فيها وأين نقاط الضعف.

في هذا الوقت، اكدت أوساط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ»الجمهورية» انّ تغريدته الاخيرة واضحة، وهي تعبّر عن الموقف الثابت لنا. «نعم لنسبية فيها الحد الأدنى للشراكة ولا لنسبية ترسي الطلاق والقوقعة». لا نريد أيّ نوع من التحايل.

النسبية على المذهبية والطائفية كيف يمكن ان تركّب؟ النسبية إمّا تكون خارج القيد الطائفي او لا تكون. وفي الحالات التي تطرح لا يكون اسمها نسبية بل أرثوذكسية، أي أرثوذكسي بالمضمون ونسبي في الشكل».

ورداً على سؤال، قالت الأوساط: «طرحنا موقفنا في زيارتنا الاخيرة للوزير باسيل. وسمعنا كلاماً جميلاً. ونحن ننتظر. في أيّ حال نحن من البداية أخذنا الموقف الوسطي بين 8 و14 آذار، همّنا الأساس هو التأكيد على مبدأ الشراكة، والمحافظة على مصالحة الجبل، ومنع أيّ توتير فيه ومنع ايّ انعكاس انتخابي على هذه المصالحة، وضمن هذه الثابتة نحن نشتغل».

في هذه الاجواء كانت لتيار «المردة» إطلالة ذات دلالة، جاءت عبر تغريدة للوزير السابق يوسف سعادة، قال فيها: «بالأمس تحدّث أحدهم بجدية وحزم بأنّه لا يريد قانوناً على قياسه وكدنا نخجل من أنفسنا لأنّنا شَككنا للحظة بنيّته».

الموازنة

في هذا الوقت، لم ينجح مجلس الوزراء في جلسته المسائية أمس، والتي امتدّت حتى ساعة متأخّرة، من إنجاز مشروع الموازنة كما كان يأمل رئيس الحكومة سعد الحريري.

وكان عدد من الوزراء قد تحدّث قبل انعقاد الجلسة عن سهرةٍ طويلة في السراي، على اعتبار أنّ هناك قراراً بإنجاز الملف. لكنّ حسابات الحقل لم تتوافق وحسابات البيدر، وتمَّ رفعُ الجلسة عند الساعة الحادية عشرة إلّا ربعاً من ليل أمس، وحُدّد يوم الجمعة المقبل موعداً لمراجعة بعض الارقام تمهيداً لرفع الموازنة الى مجلس النواب.

وفي السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية»، لـ«الجمهورية» إنه وأثناء النقاش في ملف الكهرباء دعا رئيس الحكومة إلى عقد جلسة خلال عشرة أيام لبت هذا الملف، فقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل إنّ خطته بما فيها طرح «القوات» ستكون جاهزة خلال المهلة التي حدّدها الحريري، فيما أعلن الوزير محمد فنيش تأييده لطرح «القوات» في ملف الكهرباء».

تنسيق أمني

على صعيد آخر، وبعدما اكتملت هيكلية المؤسسات العسكرية والأمنية بمواقعها القيادية، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ القادة العسكريين الجدد بدأوا ورشة تشكيلات ومناقلات داخلية في المؤسسات العسكرية والامنية تمهيداً لاستئناف اللقاءات الدورية في ما بينهم للتعاون والتنسيق وتحديد الآليات الواجب اعتمادها لمواجهة ايّ طارىء.

من جهة ثانية، كشفت مراجع أمنية أنها ترصد بدقة متناهية، بالتعاون مع أجهزة أمنية اقليمية ودولية، النتائج المترتبة على العمليات العسكرية الجارية في العراق وسوريا الهادفة الى محاصرة قادة داعش والمجموعات الأخرى الإرهابية تمهيداً لرصد حركتها بعدما نجح بعضها بالدخول الى مناطق سيطرة القوى المعارضة الأخرى التي تناصبها العداء ولا سيما منطقة سيطرة الجيش السوري النظامي تمهيداً للإنتقال الى دول الجوار السوري، ومنها لبنان والأردن.

وفي سياق أمني، دمّر الجيش اللبناني آلية لإرهابيّي تنظيم «داعش» قرب تلة ام خالد في جرود رأس بعلبك، حيث قتل وجرح من كان فيها من مسلحين.

 

 

اللواء :

في اليوم الأوّل من الأسبوع المفترض أن يكون مصيرياً، اغرق البلد في مياه آذار غير المحسوبة، مسبباً عجقة سير أبقت السيّارات لساعات في الشوارع، واغرق الطبقة السياسية في ساعات عجاف من الترقب «للاقتراح البهلواني» الذي ابتكره الوزير جبران باسيل، وأمهل الأطراف السياسية الأساسية حتى الساعة 12 من ليل غد الأربعاء، حيث ينهمك المجلس النيابي في جلسة أو أكثر، وفي يوم أو اكثر من الاطباق على سلسلة الرتب والرواتب، المفترض أن تقر معدلة او مجتزأة أو «منتوفة»، بتأثير ضربات القطاعات التعليمية والادارية التي تنتظر على الكوع لتبني على الشيء مقتضاه، وفي يدها أوراق ربما تصيب المصالح، لكن بالتأكيد لن ينجو منها مصير العام الدراسي وشهادات التلامذة، فيما أعلن مجلس القضاء الأعلى الاعتكاف (اي توقيف الجلسات والإجراءات المتعلقة بها في المحاكم) وتضامن معه قضاة المحاكم الشرعية السنية والجعفرية، باعتبار هذه المحاكم جزءاً لا يتجزأ من التشكيلات القضائية في لبنان، وكذلك نقابة المحامين في بيروت، واقفل وزير العدل سليم جريصاتي خط هاتفه قبل جلسة مجلس الوزراء وبعدها.
وجاء في خلفيات بيان الاعتكاف الذي عممه رئيس مجلس القضاء القاضي جان فهد أن «الخطوة مستمرة إلى حين معالجة الخلل القائم في مشروع سلسلة الرتب والرواتب».
وعدد البيان أسباب الاعتكاف بعدم الوقوف على رأي المجلس بشأن مشاريع القوانين المتعلقة بأوضاع القضاة باعتبار السلطة القضائية سلطة مستقلة ولا يجوز سن تشريعات بمعزل عنها.
اما المآخذ، فهي: استثناء القضاة في المادة الثانية من الباب الاول المتعلق بأحكام الرواتب والأجور، وتعديل دوام العمل الرسمي والاضافي، بحيث أصبحت العطلة القضائية شهراً واحداً بدل ثلاثة أشهر، فضلاً عن زيادة ساعات العمل من 32 ساعة في الاسبوع الى 35 ساعة، اضافة الى المس بما يعتبره القضاة حقوقاً متعلقة بصندوق التعاضد.
اما روابط المعلمين فتوقفت هي الأخرى عند المس بالحقوق المكتسبة لأساتذة التعليم الثانوي والمهني والتقني، كما حذّرت رابطة معلمي التعليم الأساسي من تمرير المادة 32 من مشروع السلسلة، وطالبت بإلغائها لأنها تنقض على مكتسبات المعلمين التي ضمنها القانون 223، مطالبة بإعطاء المعلمين درجات استثنائية اسوة بموظفي الإدارة.
واكدت رابطة الثانوي أمس على تطوير اشكال التحرّك، ومنها سحب التوطين من المصارف والبنوك ونصب خيمة امام مجلس النواب بدءاً من مساء اليوم وحتى اشعار آخر.
الموازنة
في هذه الأجواء، لم تتمكن الجلسة 11 من جلسات مجلس الوزراء من إنجاز موازنة العام 2017 على الرغم من القرار السياسي المتخذ على هذا الصعيد والنقاش بالارقام على مدى أكثر من 6 ساعات، واتفق على عقد جلسة بعد ظهر الجمعة في السراي الكبير، لاعادة قراءة المواد والارقام والفذلكة، تمهيداً لاعلان انجازها رسمياً.
وربط مصدر وزاري بين مطالب القطاعات واعتراضاتها وبدء جلسات مجلس النواب لإقرار السلسلة، انطلاقاً من انه لا يمكن ضرب عرض الحائط بالمواقف القطاعية التي صدرت، سواء من قبل الهيئات الاقتصادية والروابط التعليمية والإدارية وصولاً الى سلك القضاء العدلي والشرعي.
وفي المعلومات أن خلافات بين الوزراء طرأت بالنسبة لارقام موازنات الوزارات، بحيث تمت إضافة مائة مليون على موازنة الاشغال، كما أضيفت على موازنة وزارة الطاقة 100 مليار ليرة، مما خلق مشكلة في الارقام النهائية، اقتضى إعادة قراءتها ومراجعتها للبت بها بشكل نهائي، بحسب ما اعلن وزير المال علي حسن خليل بعد انتهاء الجلسة، وكذلك وزير الإعلام ملحم رياشي.
لكن مصادر وزارية أبلغت «اللواء» أن موضوع العائدات والاصلاحات الإضافية لا يزال يحتاج إلى بعض الدراسة، مشيرة الى أن بعض الأفكار الاصلاحية الجديدة قيد الدرس مثل موضوع الضريبة على الأرباح التي جرت بالنسبة إلى العمليات المالية في السنة الماضية.
وأوضح نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسّان حاصباني لـ«اللواء» أن مجلس الوزراء التزم ببحث ملف الكهرباء خلال عشرة أيام، على أساس أن يتقدّم وزير الطاقة سيزار ابي خليل بخطة لتطوير العمل في هذا القطاع، بحيث يتاح لمجلس الوزراء إلغاء تراخيص للقطاع الخاص بانتاج الكهرباء على ان تشتري منه الدولة هذا الإنتاج. مشيراً الى أن هذه الخطة من شأنها ان توفر على الخزينة مليار دولار سنويا.
وكان لافتاً خلال الجلسة أن الرئيس سعد الحريري استهلها بالحديث عن التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان، وطلب من وزير الخارجية اعداد جردة بهذه المواقف الإسرائيلية لاعداد رسالة مفصلة الى مجلس الأمن الدولي، لكي يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في مواجهة هذا التوتير المقصود والتهديد العلني للاستقرار الإقليمي.
واعتبر أن هذه التهديدات المتكررة على لسان مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية والموجهة إلى المدنيين اللبنانيين وإلى مؤسساتهم الشرعية وبناهم التحتية، هدفها التغطية على انتهاكات اسرائيل الدائمة للقرار 1701 الذي يلتزم به لبنان ويدعو دائماً الى تطبيقه بكامل مندرجاته.
قانون الانتخاب
سقط مشروع قانون الانتخاب الذي كشف عن عناوينه الوزير باسيل بعد اجتماع المجلس السياسي «للتيار الوطني الحر» كالمياه الباردة على رؤوس الذين تابعوه عبر الشاشة أو اطلعوا عليه.
وتركز اقتراح باسيل على المبادئ التالية:
1 – توزيع المقاعد بالتساوي بين الأكثري والنسبي 64*64، على اعتبار أن هذا الاقتراح يراعي المناصفة وصحة التمثيل، ووصفه بالقانون العادل في مرحلة استعادة الميثاقية.
2 – اعتماد روحية القانون الارثوذكسي بأن تنتخب كل طائفة نوابها في النظام الأكثري.
3- إنشاء مجلس شيوخ تكون رئاسته لمسيحي غير ماروني، ويرجح ان يكون ارثوذكسياً.
وخاطب باسيل القوى السياسية بأنكم إذا كنتم لا تريدون قانوناً لا طائفياً فتفضلوا إلى مشروع النسبية الكاملة، واصفاً طرحه بأنه «خطوة فيها إصلاح كبير»، وسيعود باسيل إلى الكلام عن هذا الموضوع في عشاء التيار اليوم.
وترك الاقتراح ذيوله على جلسة الموازنة، فرد باسيل على وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي قال انه لم يبلغ بموافقة «المستقبل» على الاقتراح، قائلاً: «يبدو انني أسرع من الوزير المشنوق».
اما وزير «المردة» يوسف فنيانوس، فقال «نحن ندرس القانون وسنعلق عليه لاحقاً»، ونحن مع مجلس الشيوخ، في حين قال وزير «المردة» السابق يوسف سعادة: «اليوم بعدما سمعنا اقتراح باسيل تبين لنا ان المكونات التي يجب مراعاتها هي المسلمون والمسيحيون والأحزاب، إضافة إلى شخصه الكريم».
وفي حين كشف رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور لـ«اللواء» ان القوات أطلعت على المشروع وهي تؤيده، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان «الحزب مع النسبية بمراتبها المختلفة لأنها تنصف النّاس وتمثل جميع القوى بدون استثناء، في حين أكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد ان لا صيغة لصحة التمثيل الا بالنسبية الكاملة»، وليغرد من يغرد أينما شاء وكيفما شاء فالنسبية أولاً ثم نناقش الدوائر.
وكان لافتاً للانتباه ان الرئيس الحريري اختلى بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بالوزير باسيل لبعض الوقت، وجرى بحث بالاقتراح من دون ان ترشح أية معلومات في شأن تفاصيل البحث والمواقف.
لكن نائباً في كتلة «المستقبل» النيابية، ذكّر بأن الكتلة ما تزال على موقفها من المشروع الذي سبق وقدمته مع «القوات اللبنانية» والحزب الاشتراكي.
على ان الرد الأقوى جاء من الأطراف الدرزية، فالوزير السابق وئام وهّاب من باريس، قال ان رئاسة مجلس الشيوخ هي للدروز.
ونقل عن عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابوفاعور رفضه للاقتراح واصفاً اياه «بالصيغة الغريبة»، وهو ما كان متقاطعاً إلى حدّ ما مع موقف وزير المهجرين طلال أرسلان الذي أعلن تمسكه بالنسبية الكاملة غير المجزأة.
وسيعبر الحزب التقدمي الاشتراكي الأحد في حشد المختارة لمناسبة ذكرى استشهاد مؤسس الحزب كمال جنبلاط بلسان تيمور وليد جنبلاط عن رفضه المس بموقع الطائفة الدرزية، وعدم قبول الحزب بالاقتراح الهجين.
وفيما تريث الرئيس نبيه برّي بابداء أي موقف بانتظار أمر ما، أو الاطلاع على كامل المشروع والمعطيات المحيطة به، رفض مصدر في 8 آذار المشروع، وتوقع ان يكون مصيره مثل مصير المشروعين السابقين.
وسجل المصدر الملاحظات التالية:
1- لا وحدة للمعايير المعتمدة من حيث توزيع المقاعد بين النسبي والاكثري على أساس الارثوذكسي، فالنتائج ستفرز مسبقاً قبل اجراء الانتخابات.
2- ان المشروع نظراً لتركيبته الطائفية واعتماد الارثوذكسي الذي سبق ورفضته حركة «أمل» وتحفظ عليه «حزب الله» والأحزاب الحليفة، يُعزّز القوقعة الطائفية والمذهبية ويرفع من حمى الصراعات الطائفية والمذهبية بدلاً من اطفائها.
3- يُشكّل المشروع عودة إلى الوراء لجهة احياء النظام الملي في التمثيل النيابي.
4- يأخذ البلاد إلى أزمة، بدءاً من 20 حزيران المقبل في ظل توجه الوزير المشنوق لطلب اعتمادات مالية لاجراء الانتخابات قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي

 

الاخبار :

يفترض بالقوى السياسية أن تودِع يوم الأربعاء كحدّ أقصى جوابها لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حول طرحه الانتخابي أو «قانون الحشرة» كما سمّاه في مؤتمر صحافي عقده أمس. وزير الخارجية جاهز في هذا السياق «لكل التدوير المطلوب»، وحتى «للتفتيش عن صيغة ثانية»، ولكن النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة أبعِدت من احتمالات صِيَغه لأنها «غير قابلة للتحقق»!

لكن قبل الوصول إلى يوم الأربعاء، يبدو أنّ اقتراح باسيل لن يمرّ. فهو يلقى معارضة شديدة من كل من حزب الله وحركة أمل والنائب وليد جنبلاط وتيار المردة والحزب القومي، وغيرهم من القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي. وبرأي عدد من متابعي النقاشات بشأن قانون الانتخاب، لن يحظى مشروع باسيل بفرصة للتحول إلى قانون، لأسباب سياسية «بديهية»، متصلة بالتناقضات التي فيه. فرئيس التيار الوطني الحر يريد في اقتراحه جمع الأضداد: تيار المستقبل الذي <