واشنطن تستعد لحضور عسكري طويل في سوريا، وموسكو مستمرة في صيانة تقاربها مع أنقرة لبناء توازن مع استراتيجية ترامب.
 

تعكس زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا تطلعا تركيا لتوطيد العلاقات مع موسكو على خلفية السجال الحالي بين أنقرة وبرلين وبعض العواصم الأوروبية الأخرى، وعلى خلفية الموقف الأميركي الملتبس من مسألة معركة الرقة.

واعتبر مراقبون أن استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره التركي الجمعة، كما استقباله لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس، يعكس الموقع المتقدم لروسيا في تقرير مصير المنطقة.

وأشاد بوتين بالتعاون الروسي التركي لتسوية الأزمة السورية، مضيفا أن الحوار بين وزارتي الدفاع في البلدين فعال ومبني على الثقة، وعبر بوتين عن سروره لاستئناف العلاقات الروسية التركية في كافة المجالات بوتيرة سريعة.

من جهته أشاد أردوغان بتسريع وتيرة التعاون الروسي التركي بشأن أهم المشاريع مثل خط أنابيب “السيل التركي” ومحطة “أكويو” الكهروذرية. وأكد أن العناصر الأساسية للتعاون الروسي التركي تشمل اليوم قطاعي الإنتاج الحربي والطاقة.

وقالت مصادر روسية مطلعة إن موسكو مستمرة في صيانة تقاربها مع أنقرة لكنها تؤمن في الوقت عينه أن تركيا ليست حليفا ثابتا وأن تقاطع مصالح ظرفية هو الذي يجمع البلدين حاليا.

ولفتت المصادر إلى أن روسيا استاءت من خيارات أردوغان بعد تواصله مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبعد زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) إلى أنقرة أوائل فبراير الماضي، من حيث ترويجه لمنطقة آمنة تشرف عليها تركيا دون الأخذ بالاعتبار رؤى موسكو في سوريا.

لكن نفس المصادر لفتت إلى حاجة بوتين إلى الحفاظ على علاقات متقدمة مع أنقرة لبناء توازن مقابل استراتيجية أميركية جديدة تتضح ملامحها مع الوقت في المنطقة.

وأعلن جوزيف فوتيل قائد القوات المركزية الأميركية الوسطى أن قواته ستبقى طويلا في سوريا لضمان الأمن واستقرار ومساعدة السوريين على الانتقال السلمي للسلطة.

وخلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ صباح الخميس، كشف فوتيل أن القضاء على داعش في سوريا لا يعني بالضرورة مغادرتها، موضحا أن الأمر يحتاج إلى بقاء قوات أميركية تقليدية لفترة طويلة هناك لضمان الاستقرار، ومؤكدا أن السوريين سوف يحتاجون إلى المساعدة وضمان الانتقال السلمي للسلطة.

وإذا ما قررت الولايات المتحدة الإبقاء على قوات في سوريا، فسيعزز ذلك من هشاشة التحالف الظرفي بين روسيا وتركيا التي تبحث عن نفوذ غربي يساند رؤيتها في سوريا على طاولة الحوار مع موسكو.

ورافق أردوغان في زيارته، رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان، ووزراء؛ الخارجية مولود جاويش أوغلو، والعدل بكر بوزداغ، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والطاقة براءت البيرق، والزراعة فاروق جليك، والسياحة نابي أوجي، والدفاع فكري إشيق، والمواصلات أحمد أرسلان.

وعلى الرغم من أهمية الملفات الاقتصادية التي يتم بحثها في إطار مجلس التعاون المشترك رفيع المستوى، إلا أن وجود شخصيات أمنية وعسكرية رفيعة ضمن الوفد التركي كشف أهمية الأجندة المتعلقة بالشأن السوري بالأساس في محادثات الزعيمين.

وتكشف مصادر متابعة عن حاجة أنقرة إلى موقف روسي داعم لحملة درع الفرات في الشمال السوري، خصوصا بسبب عدم وضوح الموقف الأميركي المرتبك بين مجاراة رؤية الحليف التركي التقليدي لواشنطن وبين اعتماد البنتاغون على وحدات حماية الشعب الكردية، والتي تعتبرها أنقرة إرهابية.

وتضيف هذه المصادر أن أردوغان يريد موقفا روسيا يدعم وجهة نظر تركيا في مسألة منبج غرب الفرات التي يسيطر عليها الأكراد للتمكن من إقامة المنطقة التركية الآمنة شمال سوريا، وأن أنقرة غير معنية بشكل عاجل بمعركة الرقة شرق الفرات.

وتزامنت زيارة أردوغان لموسكو مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية الجمعة أن لديها “القوة الكافية” لانتزاع مدينة الرقة من داعش.