يحتفل لبنان بعيد المعلم في 9 آذار، أي بعد يوم واحد من يوم المرأة العالمي، ما يضاعف الاحتفال بالنسبة للعديد من النساء. فمهنة التعليم ترتبط مباشرة بهنّ، لأنّ المعلمات يشكّلن الأكثرية الساحقة من المعلمين في لبنان والعالم.
ها هي سعاد (50 عاماً) تكرّر يومياً على مسامع ابنتها التي لم تُنهِ عامها الأخير في المدرسة: «اسمعي منّي يا ماما واعملي معلّمه». ويشجّع مجتمعنا البنات على اختيار مهنة التعليم لأنها تناسب الدور التقليدي للمرأة كوالدة وربّة منزل، فبعد زواجها تذهب المعلمة مع أولادها إلى المدرسة في الصباح وتعيدهم معها ظهراً إلى البيت مع انتهاء الدوام، ويتسنى لها الوقت لتمضي بعد الظهر معهم فتهتمّ بغدائهم وتدرّسهم إلى أن يحين وقت نومهم.

«عروس لقطة»

واقعها هذا قد يزيد من جاذبيتها بنظر الشباب ولكن أيّ جاذبية! يبحث سمير (35 عاماً) عن عروس. ويؤكد لـ»الجمهورية» أنّ العروس المثالية تعمل كمعلمة.

أسباب كثيرة تدفعه إلى هذا الاستنتاج، منها عائلي ذكوري إذ انّ المدرسة تحصر دوامها بوقت محدد قبل الظهر فتعود إلى المنزل قبله، ومنها يتعلّق بغيرة الرجل وحِسّ التملّك لديه، فالمدرسة لا تعرّض المرأة للاختلاط بعالم ذكوري كمجالات العلاقات العامة أو العلوم حيث يكثر الرجال، ما يطمئن بال الزوج.

ويذهب سمير بتفكيره «المِصلَحجي» إلى أبعد من ذلك بكثير، فيرى في المعلمة مورداً لجَني المال، ويقول: «اللي بيتجوّز معلّمه بيعَلّم ولادو ببلاش»، وذلك لأنّ المعلمة تحظى بحسومات على أقساط أولادها في معظم المدارس.

طغيان النساء

يؤكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ»الجمهورية» أنّ «نسبة النساء في المدارس الخاصة في لبنان تصل إلى 85 في المئة».

ويُرجع طغيان النساء على التعليم إلى تدنّي الرواتب، «فراتب المعلم لا يُعيل عائلة، ولأنّ الرجل في الشرق هو المعيل الأول للعائلة، فنراه يبحث عن مهنة يمكن أن يعيش منها».

أمّا سبب غياب الرجال الكامل عن صفوف الصغار فيعود لارتباط تربيتهم بالصورة النمطية للمرأة التي تؤدي دور الأم والحاضنة، علماً أنّ تواجد الرجال قد يزيد قليلاً مع ارتفاع الدرجات في المدرسة حيث يظهر المعلم والناظر بشكل خجول بدل المعلمة والناظرة.

يسود هذا الواقع ليس في لبنان فقط إنما في العديد من دول العالم وبينها فرنسا، ما جعل بعض الخبراء يحذّرون من تأنيث مهنة التعليم بالكامل، لأنّ المدرسة تشكل مجسّماً صغيراً عن المجتمع بالنسبة للولد.

هل من مساواة؟

وإذا كان يُحتفل بعيد المعلم لتقدير دور المعلمين المهم في التطوّر الاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي للبلاد، فيوم المرأة يأتي للتذكير بحقوقها وأبرزها المساواة.

ولربما مهنة التعليم في لبنان من المهن التي تؤمّن للنساء المساواة في الأجور مع الرجال، بالنسبة لنفس العمل والكفاءة، إذ يُعيّن راتب المعلمين والمعلمات حسب الشهادة التي يحملونها، بغضّ النظر عن جنسهم.

ولكن يؤكد النقيب أنّ بعض المدارس الخاصة، وبدل أن تمنح المعلمة الحامل إجازة أمومة تمتد لـ 70 يوماً، تفرض عليها العودة إلى عملها بعد 20 أو 30 أو 40 يوماً، وهي تخاف فتلتزم هذه الشروط غير القانونية.