ارتفعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى، في ظل مؤشرات عديدة عن مسعى إسرائيلي أميركي لإقناع موسكو بخطة لتحجيم الحضور الإيراني في سوريا، وهو الأمر الذي دفع الأخيرة لإشهار ورقة الجولان في خطوة وصفت بـ“الابتزازية”.
 

أعلنت حركة النجباء العراقية من طهران عن تشكيل فيلق مجهز بأسلحة “استراتيجية” لتحرير الجولان السوري المحتل.

جاء ذلك قبيل الزيارة التي يؤديها الخميس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو، والتي من المرجح أن تتصدر أجندتها كيفية تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.

وأكد المتحدث باسم حركة النجباء هاشم الموسوي “بعد الانتصارات الأخيرة شكلنا فيلقا لتحرير الجولان، هذا الفيلق مدرب ولديه خطط دقيقة، ومكون من قوات خاصة مسلحة بأسلحة استراتيجية ومتطورة، وإذا طلبت الحكومة السورية، فنحن مستعدون إلى جانب حلفائنا لتحرير الجولان”.

وقال هاشم الموسوي “لن نخرج من سوريا حتى خروج آخر إرهابي منها، نحن نحارب في سوريا لأجل مختلف الطوائف والمذاهب، ولا نسعى إلى إيجاد تغيير ديموغرافي هناك”.

وحركة النجباء هي ميليشيا عراقية منبثقة عن عصائب أهل الحق تشكلت في العام 2013، بدعم وتمويل إيراني للقتال إلى جانب النظام السوري في الحرب التي يخوضها ضد المعارضة منذ أواخر العام 2011.

وذاع صيت هذه الحركة خاصة في حلب شمال سوريا، وباتت إحدى أبرز الميليشيات العراقية التي تقاتل تحت الراية الإيرانية في هذا البلد العربي.

وهناك حضور مكثف لهذه الميليشيا وأيضا لميليشيا حزب الله اللبناني الذراع العسكرية الأقوى لإيران جنوب البلاد.

ويرى محللون أن خروج هذه الميليشيا وإعلانها من طهران عن تشكيل فيلق لتحرير الجولان هي رسالة تحذيرية إيرانية للجانبين الأميركي والإسرائيلي من محاولة استهدافها أو ضرب نفوذها في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عموما.

ويعتبر المحللون أن التلويح بورقة الجولان ليس اعتباطيا بالمرة، فإيران تدرك جيدا أن إسرائيل تريد شرعنة وجودها في هذه المنطقة التي احتلتها في العام 1967 وضمتها بطريقة أحادية الجانب إليها في العام 1981.

وكانت مصادر إسرائيلية قد كشفت أن نتنياهو طالب خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن بدعم حكومته لتحقيق هذا الهدف، من خلال طرح المسألة على طاولة التسوية للأزمة السورية.

ولا يستبعد أن يكون طرح الجولان بالذات الهدف الإيراني منه ابتزاز الثالوث الأميركي والإسرائيلي وحتى الروسي.

ولطالما اتخذت إيران من الدفاع عن قضايا عربية كالقضية الفلسطينية أو الجولان السوري حصان طروادة لتحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة، حيث أنه ومنذ أن رفعت لواء الدفاع عن هذه القضايا لم يسجل لها أي إنجاز يذكر ضد إسرائيل باستثناء “المؤتمرات الجوفاء” و“الشعارات الرنانة” التي ما فتئ يرددها مسؤولها منذ العام 1979، وبالمقابل حققت الكثير على صعيد التغلغل في الجسد العربي وبات لها اليوم نفوذ واضح في أكثر من بلد (العراق وسوريا واليمن ولبنان).

ويقول مراقبون إن إيران وكلما استشعرت التهديد وضيق الخناق عليها، تسارع إلى التلويح باستهداف إسرائيل والمصالح الأميركية عبر أذرعها المنتشرة في المنطقة.

وتوعد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في آخر إطلالاته بضرب مفاعل ديمونا النووي وأيضا خزانات الأمونيا في حيفا.

ومنذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، تصاعدت حدة التوتر بين واشنطن وتل أبيب من جهة وطهران من جهة أخرى.

وانعكس ذلك في تصريحات مسؤوليهم، وأيضا على الميدان حيث ترجم ذلك في التحرشات التي حصلت مؤخرا بين السفن الحربية الأميركية والإيرانية في مضيق هرمز.

وترفض كل من إدارة دونالد ترامب وتل أبيب مسلك إيران التوسعي الذي لا يشكل فقط تهديدا لهما، بل لاستقرار كامل المنطقة.

ويتوقع أن يعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه الخميس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو خطة لوضع حد للنفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا.

ويذهب نتنياهو إلى موسكو مصحوبا بدعم أميركي واضح، ترجم في الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس دونالد ترامب الاثنين الماضي معه والذي تناول بالدرجة الأولى هذا الملف.

ويتوقع أن تأخذ موسكو هذا المعطى بعين الاعتبار، نظرا لرغبتها في تعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة في عهد ترامب الذي يواجه اليوم حملة داخلية تروج لوجود صلات له مع الكرملين.

وقبيل ساعات من سفره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن “إيران وحلفاءها يشكلان أكبر تهديد على إسرائيل اليوم”.

ويأمل نتنياهو أن ينجح في إقناع الكرملين بضرورة تحجيم الوجود الإيراني المتغلغل في سوريا.

ويرى مراقبون أن موسكو ستجد نفسها مضطرة إلى التمعن في المطالب الإسرائيلية جيدا، خاصة وأنها تريد وضع نهاية للأزمة السورية التي كلفتها كثيرا، وبالتأكيد هي تدرك أنه لا مجال لإنهائها ما لم تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة التي تتجه لتعزيز حضورها العسكري في الشمال السوري.

ومن بنود هذا الاتفاق مراعاة مصالح إسرائيل الحليفة الثابتة لواشنطن، ولا يكون ذلك إلا بخروج إيران وميليشياتها من سوريا.