على مسافة أسبوعين متبقّيَين من بدء سرَيان مهلة التسعين يوماً القانونية والدستورية لانتخاب مجلس نيابي جديد قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي في 21 حزيران المقبل، لم يسجَّل بعد أيّ تقدّم فعلي في اتّجاه إقرار قانون انتخابي جديد يَدفن قانونَ الستّين النافذ الذي يَرفضه الجميع، وسط توقّعات بأن يضعَ مجلس الوزراء يده على هذا الملف فور انتهائه من درسِ مشروع الموازنة العامة للدولة بين اليوم وبعد غدٍ الأربعاء.
تزدحم أجندة الأسبوع الطالع بمحطات سياسية وعسكرية وأمنية واجتماعية ومطلبية عدة، حيث تحطّ قبل ظهر اليوم سلسلة الرتب والرواتب على مشرحة اللجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، قبل إحالتها إلى الهيئة العامة للمجلس.

فيما يَستكمل مجلس الوزراء بعد الظهر في السراي الحكومي مناقشة موازنات الوزارات بالتزامن مع حراكٍ مطلبيّ في الشارع ينفّذه أساتذة التعليم الثانوي في لبنان إضراباً واعتصاماً مركزيَين في ساحة رياض الصلح.

وتحدّثت معلومات، عن أنه في حال سارت الأمور وفق ما هو مرسوم، فإنّ مجلس الوزراء قد يَعقد جلستين في قصر بعبدا بعد غدٍ الأربعاء: الأولى لإقرار مشروع الموازنة العامة قبل إحالته إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، والثانية لإصدار سلّة تعيينات أمنية وعسكرية تَعقبها لاحقاً تعيينات إدارية.

وعند العاشرة من قبل ظهر غدٍ الثلاثاء تجتمع لجنة الإعلام والاتصالات النيابية برئاسة رئيسها النائب حسن فضل الله في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لفضيحة الإنترنت غير الشرعي.

الملف الانتخابي

أمّا في الشأن الانتخابي، فلم يخرج قانون الانتخاب العتيد من عنقِ الزجاجة بعد، في وقتٍ استحوَذ هذا الملف على المواقف السياسية.
وجدّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق نفيَه الكلامَ عن تبنّي الرئيس سعد الحريري النسبيةَ الكاملة مقابلَ حصوله على ضمانٍ ببقائه في رئاسة الحكومة. وشدّد على أنّ زعامة الحريري «ليست جديدة ولا يؤثّر عليها أيّ شيء».

وقال: «إنّ الكلام التافه الذي يتحدّث عن المقايضة برئاسة الحكومة لا نَقبله ولا نقرّ به ولا نقايض سعد الحريري بأيّ شيء في البلد، لأنّ زعامته ثابتة وأكيدة ويستحقّها وتمّت بالانتخابات، وهو على زعامته ثابت»، مشيراً إلى أنّ «الانتخابات المقبلة ستؤكّد هذه الزعامة أكثر ممّا هي ثابتة الآن».

وكان المشنوق قد أكّد من عين التينة أمس الأول أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغَه بوضوح وصراحة «التزامَه التواريخَ والقانون»، وفي الوقت نفسه رغبتَه في «أن يتمّ الاتفاق على قانون جديد للانتخاب بين مختلف الأفرقاء السياسيين». وشدّد على «أنّ انتظار الاتفاق لا يعني في أيّ حال من الحالات تجاوُز المواعيد القانونية أو المهَل الدستورية إذا وصَلنا إليها».

باسيل

ومِن جهته، أكّد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أنّ «التيار» و«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب «متّفقون على أن لا وجود لقانون الستين في الانتخابات النيابية المقبلة، مهما كانت التضحيات والثمن، لأنّ قانون الانتخاب أهمّ من رئاسة الجمهورية ويَستأهل التضحية من أجله بكلّ شيء وحتى بالعهد، ولم نصل إلى السلطة لكي نبيعَ الناس إنّما لإعطائها حقّها وعدم سلبِها هذا الحق».

وقال باسيل في عشاء «هيئة تنّورين» في «التيار الوطني الحر»: «إنّنا ذاهبون إلى انتصار جديد في وجهِ كلّ تخلّفٍ أبقى الوضعَ في لبنان على ما هو عليه، وأوّل شيء سنواجهه هو قانون الستّين الذي أصبح من الماضي بالنسبة إلينا».

وأضاف: «إذا كان «التيار الوطني الحر» و«القوات» يكتسحان المقاعد المسيحية من خلال قانون الستين يعني أنّهما مع هذا القانون يكونان مخطئين، فـ»التيار» من موقعه اليوم يقول للناس إنّ هذه المقاعد النيابية لهم لإنجاز القانون الذي يؤمّنها لهم، فهذه هي الهدية التي يقدّمها لهم العهد».

وأكّد باسيل أنّ «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ظلّ قانون الستين، لأنه يحترم الناس وخياراتهم، فلا يراهن أحد على تغيير هذا الموقف ولا يهدّد أحد بقانون الستين، لأن لا مكان له في هذا العهد، ودفِن في أرضه وانتهى، وعلينا التطلّع إلى الأمام».

نقولا لـ«الجمهورية»

في غضون ذلك، سألت «الجمهورية» عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا عن ماهية الخطوات اللاحقة «عندما تقفُ المبادرات»، حسبما أعلن التكتل في بيانه الأخير، فأجاب: «ما قلناه هو نوع من التحذير من الدخول في مرحلة الخطر على الانتخابات النيابية في الفترة الممتدّة من 15 آذار إلى 15 نيسان.

نحن لا نهدّد، بل نقول إذا لم يتمّ التوصّل الى قانون انتخاب جديد خلال هذه الفترة، معنى ذلك أنّنا دخلنا في الخطر، ونحن لن نقبلَ أن يبدأ العهد بالخطر على المؤسسات، وكلّ شيء مفتوح للعمل، وكلّ شيء وارد، بما فيه النزول إلى الشارع والتظاهر والقيام بكلّ ما يعيد الحقّ إلى المواطن حسب الدستور اللبناني القائل إنّ الشعب هو مصدر السلطات، ويمكن أن نطالب باستفتاء شعبي، والدستور يقول إنّ الشعب هو مصدر السلطات، ومعنى ذلك أنّه عندما يختلف السياسيون بين بعضهم البعض يعود للشعب الذي هو مصدر السلطات أن يُقوّم السلطة. وبما أنّ الشعب هو مصدر السلطات فيستطيع أن يطالب باستفتاء ويعطيَ رأيه».

وأضاف نقولا: «نكاد ندخل كتاب «غينيس» نسبةً للاقتراحات التي قدّمناها، لذلك نقول إنّ مَن يرفض هو من يعطّل، فالجميع أعلنوا سقوطَ قانون الستّين، وكلّ مشروع نقدّمه يقابَل بالرفض، فليتفضّلوا وليُعلنوا ماهو مشروعهم، لا أن يَعتبروا مشاريعَهم سرّية وضِعت في يد رئيس المجلس أو رئيس الحكومة، فليُعلنوا مشاريعَهم بصوتٍ عالٍ وإذا رفَضناها نعلّل رفضَنا، لكن أن نقول: «نرفض النسبية بسبب وجود السلاح»، فإذا كان هناك من تأثير لوجود السلاح على الانتخابات فإنّه يمكن أن يؤثّر في وجود النسبية أو في عدم وجودها .

ليَطرحوا علينا أيَّ مشروع وعندها إذا رَفضنا سنعلّل بصراحة ووضوح أمام اللبنانيين أسبابَ رفضِنا، لكن أن يعطونا أسباباً غير مقنِعة بعدم قبول أيّ طرح انتخابي فأعتقد أنه رفضٌ من أجلِ التعطيل ليس أكثر، واليوم هناك جهة واحدة هي من تُعطّل».

وظائف الدولة

إلى ذلك، يعود ملفّ الوظائف في إدارات الدولة إلى دائرة الضوء، حيث يَعقد رئيس الرابطة المارونية النقيب أنطوان قليموس مؤتمراً صحافياً اليوم لشرحِ «ماذا حصَل مع المدير العام للتعاونيات بالأصالة ورئيسة مجلس إدارة المشروع الأخضر بالوكالة غلوريا أبو زيد، وكيف أنّ وزير الزراعة غازي زعيتر قرّر عزلَها من منصبها كمديرةٍ للتعاونيات لأنّها رَفضت توقيعَ مخالفات في تأسيس تعاونيات وفرضَ عقوبة بحقّ موظفين ينتمون إلى طائفة الوزير».

وأكّد قليموس لـ«الجمهورية» أنّ «الرابطة تفتح ملفّ الفساد من خلال حماية الموظفين الكفوئين ونظيفِي الكفّ، إذ لا يمكننا أن نقبلَ ما حصل مع أبو زيد لأنّها أرادت تطبيقَ القانون وتعطي مثالاً عن موظف الدولة الصالح».

وأشار إلى «أنّنا لا يمكننا أن ندعو المسيحيين للدخول إلى وظائف الدولة والأسلاك العسكرية والأمنية بينما يعاقَب موظف لأنه طبّقَ القانون»، مؤكّداً أنّه «لم نعُد نستطيع تحمّلَ هذا الكمّ من الفساد والمحسوبيات في جسمِ الإدارة، والتي تصيب جميعَ اللبنانيين وليس المسيحيين فقط». ولفتَ إلى «أنّ قضية التعاونيات ليست سياسية، وأبو زيد رفضَت تسييسَها، بل قضية وطنية تصيبُ صميم النظام الإداري».

الراعي

وفي المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة «أحد شفاء الأبرص»: «إنّنا نعيش برَصاً اجتماعياً قتّالاً منبعُه فسادٌ وانحطاط في الاخلاق وإقطاعية سياسية تُعطّل القانون والعدالة».

ورأى أنّ «التلكّؤ منذ سنوات عن إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وعرقلة إصدار قانون جديد للانتخابات على قياس الدولة والشعب، وإهمال حلِّ قضية النفايات بَرصٌ اجتماعي قتّال»، وأملَ «مِن ذوي الإرادة الحسَنة العملَ على إزالته».

لودريان

على صعيد آخر، وبَعد وصوله إلى بيروت مساء أمس الأول، يبدأ وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان قبل ظهر اليوم زيارته الرسمية إلى بيروت بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل أن يجولَ على كلّ من رئيسَي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وسعد الحريري، ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جان قهوجي. ثمّ يتفقّد الوحدةَ الفرنسية في قوات حفظِ السلام الدولية «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان.

وعلمت «الجمهورية» أنّ السفارة الفرنسية ستقيم مساء اليوم حفلة استقبال على شرف لودريان، دعَت إليها المراجع الرسمية والديبلوماسية وحشداً مِن الشخصيات السياسية والإعلامية.