الأميركيون يلعبون في لبنان داخل منطقة نفوذ كبرى لطهران وداخل ميدان يملك حزب الله فيه دورا وازنا مرجحا ومهيمنا على شؤون البلد.
 

كشفت أوساط سياسية لبنانية عن خطط تدرسها واشنطن مع السلطات اللبنانية من أجل إقامة منطقة آمنة على الحدود الشمالية السورية اللبنانية.

ولفت المراقبون إلى الزيارة التي أجراها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتل إلى بيروت والتي هدفت إلى استكشاف حاجات الجيش اللبناني ضمن السياق العام للحملة الدولية لمحاربة الإرهاب، لا سيما لجهة دور الجيش الحالي في ردع الجماعات الإرهابية في المناطق المحاذية لسوريا.

وكان مسؤولون أميركيون قد زاروا عرسال والمناطق الحدودية اللبنانية السورية، من بينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي روبرت كروكر، الذي اطلع على الخطط والتدابير التي يتخذها الجيش للتصدي لمحاولات تسلل الإرهابيين من سوريا نحو لبنان.

وتتحدث المعلومات عن مباحثات أجراها مسؤولون أميركيون زاروا بيروت مؤخرا مع مسؤولين سياسيين وعسكريين لبنانيين لمّحت إلى دور لبناني فاعل داخل الاستراتيجية الأميركية الجديدة والمتعلقة بالشأن السوري.

وذكرت مصادر لبنانية أنه تم بحث إقامة منطقة آمنة سورية على الحدود اللبنانية تضاف إلى تلك التي يروّج لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شمال سوريا وإلى تلك التي يخطط لها في الجنوب على الحدود الأردنية والتي تم التداول بشأنها مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة والتي شملت لقاءه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ورغم أن أمر المنطقة الآمنة على الحدود اللبنانية لم يأخذ شكلا تقريريا، لكن الهجوم الدبلوماسي الأميركي المتمثّل في زيارات المسؤولين الأميركيين يوحي باهتمام واشنطن بلبنان في سياق مقاربة إدارة دونالد ترامب للشأن السوري، لا سيما موضوع إنشاء مناطق آمنة بالشراكة الأمنية والعسكرية والمالية مع دول المنطقة.

ورأى مراقبون لبنانيون في الاهتمام الأميركي بلبنان والإعلان عن خطط جديدة لدعم الجيش اللبناني، منحى قد لا يكون بعيدا عن التدابير الأميركية التي تتخذ على المستويين الدولي والإقليمي للضغط على نفوذ إيران في المنطقة، خصوصا وأن المعلومات تقول إن فوتيل اقترح تنسيقا أميركيا لبنانيا لمكافحة الإرهاب ملمحا إلى إمكانية مضاعفة حجم الدعم العسكري للجيش اللبناني.

ورأى المراقبون أن الأميركيين يلعبون في لبنان داخل منطقة نفوذ كبرى لطهران وداخل ميدان يملك حزب الله فيه دورا وازنا مرجحا ومهيمنا على شؤون البلد.

وتعتبر أوساط متابعة أن الإعلان الأميركي عن دعم الجيش اللبناني قد يكون رسالة مباشرة لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ردا على تصريحاته لوسائل إعلام مصرية أثناء زيارته الأخيرة إلى القاهرة والتي قال فيها إن سلاح حزب الله هو ضرورة للدفاع عن لبنان في ظل ضعف القوى العسكرية للجيش اللبناني.

ورأت هذه الأوساط أن واشنطن تروم تأكيد ثقتها بالجيش اللبناني وعملها على تقويته بصفته الجهة الوحيدة المقبولة دوليا لتتولى الدفاع عن لبنان.

ويكشف مقربون من الرئيس عون أنه اطلع على الاهتمام الأميركي برعاية لبنان ودعم جيشه، واعتبرت أن كلام عون عن ضعف الجيش اللبناني قد يكون وراء الاهتمام الدولي بدعم الجيش اللبناني بما في ذلك إنعاش الهبة السعودية للجيش والتي يعمل عليها خصوصا الجانب الفرنسي.

ورأت بعض المصادر أن التحرّك الأميركي نشّط موقفا دوليا وصلت أصداؤه إلى بيروت ليس فقط بدعم الجيش، بل أيضا بتجميد تعيين قائد جديد للجيش واستمرار قائد الجيش الحالي جان قهوجي في منصبه حتى انتهاء ولايته في شهر سبتمبر المقبل.

وتعتبر الأوساط الدولية أن قهوجي ممسك بالمعطيات العسكرية، لا سيما تلك المتعلقة بكل أشكال التنسيق مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب.

وتتخوف هذه الأوساط من أن يأتي التغيير على رأس المؤسسة العسكرية اللبنانية بشخصية تتماهى مع الرئيس اللبناني في الموقف المؤيد لسلاح حزب الله.

وقد لاحظت مصادر دبلوماسية غربية أن عون قد أدرك الموقف الدولي في هذا الشأن، وظهر ذلك من خلال تصريح لوزير الدفاع يعقوب الصراف، المقرب من عون، بأن قائد الجيش باق في منصبه حتى انتهاء ولايته.

ونقل عن مقربين من حزب الله في لبنان قلق الحزب من الحضور الأميركي الجديد في لبنان، خصوصا وأنه ترافق مع التصعيد الذي عكسته تهديدات أمينه العام حسن نصرالله ضد إسرائيل.

وفيما أثنى نصرالله على مواقف الرئيس عون بالدفاع عن “سلاح المقاومة”، يستنتج الحزب أن واشنطن تمارس ضغوطا على الطبقة السياسية اللبنانية لجر لبنان ليكون إحدى ساحات الضغط على إيران.