دخل البحث عن صيغة مقبولة لقانون الانتخاب في مزاحمة جدية لمشروع قانون الموازنة، حيث تمكنت الجلسة الثامنة من إنهاء النقاش في ما يشبه التوافق بين الوزراء الذين مددوا المناقشات إلى السابعة والنصف، بعدما وفرت لهم خدمة «الأون لاين» طعام الغداء بمبادرة من الرئيس سعد الحريري، وسط أجواء إيجابية، تمددت إلى اجتماع دام قرابة الساعة بين الرئيس الحريري وكل من الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، في إطار متابعة البحث في صيغة قانون الانتخاب على أساس «المختلط»، وقيل أن الوزير خليل ناب عن «حزب الله» أيضاً في المناقشة، مع العلم ان النقاش يتوسع ويتعمّق حول صيغة المختلط التي تشق طريقها بقوة، وان الحزب في بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» عاد وتمسك بقوة بالنظام النسبي مع مرونة في تقسيم الدوائر.
ومع «انجازات» يوم أمس، على جبهات الموازنة وقانون الانتخاب والتعيينات الأمنية الجزئية، لفت اهتمام الأوساط السياسية ما قاله الرئيس ميشال عون لدى استقباله وزير الطاقة سيزار أبي خليل مع الفريق الاستشاري الذي يعمل على اعداد المشاريع المتصلة بقطاعات الطاقة، لجهة توقفه عند نجاح الفريق والانجازات التي لم تكتمل «ولكن ما من أحد باستطاعته ان ينتقص من قيمة ما تمّ إنجازه، سواء على صعيد التطبيق العملاني، أو على صعيد النزاهة التي تم فيها ما تحقق إلى اليوم».
ورأت الأوساط في هذا الموقف رداً غير مباشر على مواقف وزراء «القوات اللبنانية» وحتى على رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، الذين طالبوا بتخصيص الكهرباء كشرط يتوقف عليه ليس فقط التصويت لصالح الموازنة، بل أيضاً الاشتراك أو عدم الاشتراك في الحكومة.
وفي موقف ينفي الخلاف مع الوزير أبي خليل، قال وزير «القوات» بيار بو عاصي أن وزير الطاقة يعمل، ولكن المطلوب هو تطبيق القانون. في حين أن زميله وزير الإعلام ملحم رياشي تحدث عن «تقية قواتية» بتأكيده ان كل شيء في وقتو حلو، ونحن مع الاستعانة بأمورنا بالكتمان».
اما وزير الطاقة فأوضح لـ«اللواء» أن خطة الكهرباء ليست خطة جديدة، بل هي خطة الوزير باسيل الذي وضعها قبل العام 2010، واصفاً ما حصل مع «القوات» بأنه «سوء تفاهم».
جلسة الاثنين نهائية؟
وبعيداً عن اللغط في ما يتعلق بموعد جلسة مجلس الوزراء المقبلة، توقعت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن تكون جلسة بعد غد الاثنين الجلسة النهائية لإقرار الموازنة وإحالتها إلى المجلس النيابي، في حين ان مصادر أخرى استبعدت الانتهاء منها في الجلسة المقبلة، وتحدثت عن الحاجة إلى وقت إضافي.
وأشارت هذه المصادر إلى أن لا شيء في الدستور يتعلق باقرار الموازنة في حضور رئيس الجمهورية، لكن الأمر المرحب به ان تقر في جلسة في حضوره، على أن تحال لاحقاً إلى المجلس النيابي.
وفي ما خص مجلس الوزراء العادي، كشف مصدر وزاري أن الوزراء لم يتبلغوا بعد موعد الجلسة ولا جدول الأعمال، وإن كان هؤلاء في اجواء انعقاده الأربعاء المقبل، على أن يتضمن بنداً يتعلق بالتعيينات الأمنية.
وستشمل هذه التعيينات قائد الجيش العميد جوزيف عون الذي سيترقى إلى رتبة عماد، وهو كان عاد أمس الأوّل من عرسال حيث يتولى حالياً قيادة اللواء التاسع، كما سيتم تعيين العميد عماد عثمان بعد ترقيته إلى رتبة لواء مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. وسيعين العميد طوني صليبا لجهاز امن الدولة، على ان يكون العميد سمير سنان نائباً له، كما سيعين العميد خالد حمود رئيساً لشعبة المعلومات في قوى الأمن، وهذا يعني ان التعيينات ستكون جزئية بانتظار استكمال التفاهم على التعيينات الأخرى، وصدور مرسوم ترقيات عدد من الضباط المرشحين لوظائف أمنية شاغرة أو ستشغر.
مناقشات الموازنة
وفي ما يتصل بمناقشات الموازنة التي استمرت ثلاث ساعات، علمت «اللواء» انه تمّ إلغاء البندين 94 و95 المتعلقين بزيادة الضرائب، لا سيما في ظل الإجماع الوزاري على عدم تحميل ذوي الدخل المحدود والفئات الشعبية أية أعباء ضريبية، وعليه لم يتم التطرق إلى جدول مشروع الموازنة بنسبة 1 في المئة زيادة على القيمة المضافة.
وستبحث جلسة الاثنين موازنات الوزارات بالتفصيل.
وقالت المصادر لا مشكلة حول أرقام موازنات الوزارات باستثناء الداخلية والدفاع والطاقة، باعتبار ان موازناتها كبيرة وتحتاج إلى مناقشات تفصيلية.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«اللواء» أن هناك اتفاقا على أن يتم استكمال بحث موضوع سلسلة الرتب والرواتب مع إصلاحاتها ومصادر تمويلها في مجلس النواب، من خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة يوم الاثنين، مؤكدا أن الملف موجود اصلا في المجلس وإعادة بحثه داخل الحكومة يستغرق وقتا والمزيد من الأخذ والرد. وقال :نحن مستعجلون على الموازنة ولم يكن في الإمكان إعادة ملف السلسلة إلى المجلس من جديد.
إلى ذلك كشف الوزير خوري انه لم يتم التطرق إلى موضوع الكهرباء لا من قريب ولا من بعيد، مستبعدا أن تكون جلسة الاثنين المقبل جلسة إقرار مشروع قانون الموازنة. ولاحظ أن هناك وزراء سيعرضون بعض الأفكار في خلال هذه الجلسة.
على صعيد آخر، توقع أن تصدر التعيينات الأمنية في جلسة الأربعاء المقبل في قصر بعبدا.
عرسال
في مجال أمني، فتحت التطورات في مخيم عين الحلوة، لا سيما بعد تجدد الإشكالات الأمنية وإطلاق النار الذي نجحت القوى الأمنية استدراكه في معالجات ميدانية، البحث مجدداً في الوضع في جرود عرسال، وفي ضوء تطورين اثنين:
الأوّل يتعلق باستمرار الغموض المحيط بقضية العسكريين المحتجزين لدى تنظيم «داعش».
والثاني التطورات المتعلقة بالجبهة السورية وإعادة ترتيب الأوراق ميدانياً وسياسياً، بدءاً من بلدتي الباب ومنبج السوريتين إلى تدمر ودرعا والانتشار الروسي في بردى ومفاوضات «آستانا» التي وضعت البحث في الملف السياسي على الطاولة.
وتتحدث مصادر ان الوقت بات مناسباً للبنان للقيام بخطوة ما، في إطار تصاعد الضربات الدولية لتنظيم داعش في سوريا والعراق واليمن، وحاجة لبنان لإنجاز ما على هذا الصعيد، بالتزامن مع هذه الحملة الدولية، وربما قبل انعقاد القمة العربية في عمان.
وقالت هذه المصادر ان خطوة كبيرة بهذا الحجم تحتاج إلى قرار اما في مجلس الوزراء أو مجلس الدفاع الأعلى، أو على الأقل بين كبار المسؤولين، مع الأخذ بعين الاعتبار ان لا تخدم أي خطوة لبنانية في هذا المجال حسابات أطراف إقليمية أو حتى النظام السوري نفسه.