بعيداً من مشاريع قوانين الانتخاب التي لا تتفق على "كلمة سواء" ما يجعل الاستحقاق النيابي متأخراً حتماً عن موعده في حزيران المقبل، في تواطؤ ضمني يشمل معظم الأفرقاء، يستمر البحث في مشروع الموازنة في جلسات متتالية لمجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم بعدما فقد الاثنين النصاب القانوني ما استدعى قول الرئيس سعد الحريري لدى افتتاحه شهر الفرنكوفونية في المتحف الوطني أمس إن "بعض الوزراء غير جديين لذلك تغيّبوا عن جلسة الحكومة". ويبدو من مسار المناقشات ان أي بند اصلاحي لم يدخل حتى الساعة على الموازنة محولاً إياها الى دفتر لتسجيل الانفاق، وربما غابت عنها الواردات الضرورية لرفع سقف الانفاق بعد اعتراض المؤسسات الكبيرة ولا سيما منها المصرفية على أية ضرائب جديدة. وعزا مصدر مصرفي لـ"النهار" الاستجابة المتوقعة الى حاجة الدولة الى الاستدانة مجدداً وقريباً جداً من المصارف التي وفرت قبل مدة قصيرة مليارات الدولارات لتغذية احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة. في المقابل، لم تبد الكتل النيابية اعتراضاً على سلسلة الرتب والرواتب، لكنها ربطتها بخطوات اصلاحية لا تلحظها الموازنة العامة.
وفي هذا الاطار، أعاد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ومن قصر بعبدا، اثارة موضوع خصخصة الكهرباء لتوفير ما يقرب من ملياري دولار سنوياً تنفقها الدولة لسد عجز المؤسسة، ومثله فعل نائب "القوات" انطوان زهرا من مجلس النواب، ولاقاهما رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب محمد قباني الذي أكد "تمسكّه بتنفيذ القرار 462 الصادر عام 2002، والذي وصفه بـ"دستور الكهرباء لأنه يُحدد خريطة الطريق لخصخصة قطاع الكهرباء"، مشيراً الى "ان القطاع الخاص جاهز للبدء فوراً بإنتاج الطاقة وبيعها".
وشدد على "أهمية إنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء للاشراف على القطاع واعطاء التراخيص للشركات لانتاج الطاقة"، آسفاً "لان بعض الوزراء الذين تولوا وزارة الطاقة رفضوا انشاء الهيئة لابقاء "هيمنتهم" على القطاع". وذكّر "بأننا كمجلس نيابي اعطينا في العام 2006 الحكومة حق اصدار تراخيص للشركات الخاصة من أجل انتاج الطاقة الى حين انشاء الهيئة الناظمة، لكن ويا للاسف لم يحصل هذا الامر". وكشف عن "ثلاث شركات موجودة في عكار جاهزة لتوليد الكهرباء من الرياح، وهي تنتظر منذ أربع سنوات حصولها على الترخيص، لكن ويا للاسف لم تحصل عليه حتى الآن، وهذه اكبر فضيحة وقت نحن ننفق المليارات على قطاع الكهرباء من دون كهرباء".
لكن الاصرار القواتي جبه برفض للمشروع من قوى 8 آذار التي ترى ان اجتراح فكرة خصخصة الكهرباء وربطها بمشروع الموازنة يشكلان محاولة للتعطيل وللتملص من بعض الطروحات الواردة في المشروع، لان قراراً مماثلاً يتطلب قراراً من مجلس الوزراء يسبقه توافق سياسي جامع لأن الملف سيادي بامتياز ومزمن ولا يمكن تمريره بهذه الطريقة المتسرعة اذ ثمة خطط كثيرة موضوعة ويجب دراستها واختيار الأنسب منها.
وأفادت مصادر "كهربائية" أن لا مصلحة لسياسيين في خصخصة الكهرباء وتفعيل الجباية لأن من شأن ذلك ان يلحق ضرراً كبيراً بجمهور مجموعات حزبية وطائفية ومناطقية لا تدفع ما يتوجب عليها، وهذا الرفض للاصلاح متفق عليه ضمناً بين أفرقاء عدة اذ ان أي مضاعفة للانتاج وزيادة التغذية من دون جباية سيضاعف خسارة المالية العامة.

 

عين الحلوة
أمنياً، اتجهت الانظار الى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الذي دخل مساء أمس في اختبار وقف النار بعد ستة أيام من الاشتباكات أعقبت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت، ما أعاد التفكير في استخدام المخيمات ساحة لتبادل الرسائل بين المجموعات الفلسطينية المتعددة الولاء لدول ومنظمات. وانشغلت مرجعيات صيدا السياسية، والمؤسسات الأمنية اللبنانية، بمتابعة تطورات الوضع متخوفة من تمدده الى خارج المخيم الذي سيجه الجيش باجراءات مشددة لمنع دخول أي عناصر وافدة اليه.
في المقابل اكد مصدر أمني لبناني لـ"النهار" ان الامور لا تزال مضبوطة ولا قدرة لدى الفصائل على الاشتباك طويلاً في ظل الحصار المفروض على المخيم وانقطاع وسائل العيش الضرورية للاستمرار.