لم تكن كرة القدم في لبنان مجرد لعبة في السابق، بل كانت تدخل بيوت الشّعب اللّبناني بلا إستئذان ، فمن ينسى ازدهار هذه اللعبة في بداية الألفية الثانية تحديداً والملاعب الممتلئة وشاشات التلفاز الناقلة؟، والأهم ذاكرة المشاهدين لهذه الأحداث التي فعلاً بقيت ظواهر مدهشة ماتت حينها أو لامست أنفاسها الأخيرة.

 لم تتغير قيمة كرة القدم عند الجمهور، فالشّعب اللّبناني عاشق لهذه اللّعبة ,كيف لا عندما يكون هو المتابع الأكثر تشوقاً للأحداث الكروية العالمية وخاصةً الأوروبية في كل موسم.
تطورت كرة القدم اللّبنانية مؤخرا"  بشكل ملحوظ خاصةً مع عودة الجمهور إلى الملاعب ولو بشكل متواضع، وعاما بعد عام بدأت المسألة تستقر، لكن المشاكل الكبيرة باتت جذورا لا يمكن إقتلاعها بسهولة، بدايةً من النقل التلفزيوني الذي لايعطي أهمية للمباراة على حساب الحدث السياسي، إضافةً لشراء حقوق البث بمبلغ متواضع نظراً لقيمة هذه اللعبة وتغطية متواضعة بالمقابل.

إقرا أيضا: خيارات تكتيكية جديدة مع عودة جاريث بيل من الإصابة

 هو قيام ديربي بيروت بين النجمة والأنصار في مدينة صور، وبعد أن تنقّلت الخيارات قبل المباراة على أكثر من ملعب ليستضيف القمة اللبنانية، رسى الإتحاد اللبناني على ملعب صور البلدي، نعم هو أمر مفاجىء ويؤكد الحالة التي وصلت إليها لعبة كرة القدم في لبنان، فكيف لمباراة بين فريقين من بيروت أن تلعب في صور وداخل ملعب صغير الحجم لا يتعدى ال٤٥٠٠ مشجع لأكبر فريقين في الدوري جماهيرياً.

 


قرب الجمهور من الملعب بينهما فاصل حديدي مهترئ جعل المباراة تتوقف قبل إطلاق الحكم صافرته وإستمر ذلك لأكثر من مرة حتى نهاية المباراة بسبب ما كان يرميه الجمهور على الملعب من عبوات مياه ومفرقعات نارية إضافةً للأشياء الصّلبة، وبالطّبع قرب الجمهور من الصّندوق الأخضر سهل تلك المشاغبات التي كنا بغنى عنها .
وبطبيعة الحال، المشاكل لن تتوقف عند هذا الحد، فالتنظيم السيء بإختيار ملعب صغير لجمهورين كبيرين، أدى لدخول الكثير من الجماهير الى الملعب فوق طاقة الملعب الإستيعابية بغض النظر عن الأشخاص الذين لم يدخلوا للملعب بالرغم من أن لديهم بطاقات لحضور اللّقاء، لكن المشكلة أصبحت بالعدد الفائض الموجود داخل الملعب، الذين رؤوا أن سقف الملعب وأعمدته أفضل مكان لمشاهدة المباراة، إذاً ملعب قديم كملعب صور البلدي كان ممكن نشاهد فيه كارثة إن وقعت بإنهيار إحدى قناطر الملعب من الجمهور الموجود عليهم، وظاهرة إنهيار ملعب كرة قدم ليست غريبة وحصلت في الكثير من المرات في السابق، لذلك ما عسانا حالياً أن نفعل سوى أن نشكر الله على عدم حصول تلك الكارثة في اللّقاء. 

إقرا أيضا:عرضيات ريال مدريد سلاح ذو حدين أمام برجيّ فالنسيا

مباراة كان التحضير لها سيء منذ البداية، فلماذا لم تؤجل المباراة حتى يتم تجهيز ملعب أخر يستطيع إستيعاب جمهور الأنصار والنجمة خاصةً أنها ستكون عرس كروي يشهد فيها أكثر من عشرين ألف متفرج، والجدير بالذكر أن أخر إصدار لترتيب الدوريات العربية حسب الاتحاد الدولي للتأريخ و الاحصاء “IFFHS"، أعطى الفيفا الدوري اللّبناني المركز رقم 90 عالمياً مما يدل على إبتعادنا عن المعايير الصحيحة، مع العلم أن السّعودية حلّت في المركز 29 عالمياً والأولى عربياً ليصبح هنلك فارق شاسع بين لبنان والسّعودية بالرغم من أن الكرة السّعودية بعيدة كل البعد عن المستوى الموجود في أوروبا.