عاد الهدوء الحذر للشارع البقاعي، عقب عدة تحركات نارية قطّعت أوصال الطرقات العامة في عدد من المناطق خلال الوقفات الإحتجاجية المطالبة بالعفو العام المشروط عن المطلوبين في منطقة بعلبك الهرمل، وهو الهدوء الممزوج بالترقب والرصد لمواقف المعنيين تجاه هذه القضية، أو الذي ينتظر بمعنى آخر "سلبيةً ما" ليعاود إطلاق شراراته التصعيدية في الشوارع.

فأين أصبح هذا الملف، وما هو موقف بعبدا منه؟
في المعلومات التي حصل عليها "ليبانون ديبايت" فإن وزير العدل سليم جريصاتي يُشرِف مع عدد من القضاة المتخصصين على مطالعة إحصائية لملفات السجناء في لبنان بشكل عام، والبقاعيين منهم بشكل خاص. وتتركز المطالعة على المطلوبين بسياق "وثائق الإتصال، والبحث والتحري". وبالمقابل فعّل حزب الله بقاعاً، ما أسماه لجنة تضم فعاليات المنطقة وممثلين عن المطلوبين ونواب بعلبك الهرمل، لمتابعة الملف مع القضاء ووزير العدل، علماً أن التواصل مع الأخير يتم عبر النواب حالياً.

يحاول الباحثين في هذه القضية التمييز بين نوعين من العفو، عفو عام يشمل كل أنواع الجرائم بإستثناء الأحكام المرتفعة في فترة زمنية محددة، وعفو خاص يصوّت النواب على قانونه في المجلس النيابي، ويتم تحويله إلى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه كمرسوم قبل أن يصبح نافذاً. وهو شبيه بالعفو الذي خرج بموجبه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والموقوفين الإسلاميين في عنجر، من السجن في صفقة عام 2005 الشهيرة.

والإتجاه كما يؤكد مصدر أمني لـ"ليبانون ديبايت" هو نحو عفو خاص وليس عام، وذلك لحساسية المرحلة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، ولأن هناك جرائم قتل تمسّ بالأمن الاجتماعي، وهي التي لا يمكن المخاطرة بالإعفاء عنها. حيث يتم ملاحظة معايير معينة في العفو الخاص، أو ما يمكن تسميته بالعفو العام المشروط، كعدم إشتمال الجرائم التي تمس بالأمن الاجتماعي، وإسقاط الملاحقات القانونية أو تسوية الملفات القانونية المتعلقة بوثائق الإتصال، البحث والتحري، نقل المخدرات، وسرقة السيارات.

وإجابة على سؤال، إن كان سيشمل هذا النوع من العفو قضايا الإرهاب، يؤكد المصدر نفسه، أن الموقوفين والمطلوبين بقضايا إرهاب، هناك قرار بعدم إشتمال العفو لهم، واصفاً هذا القرار بالـ"بلوك" لجديته. ويلفت بنفس الوقت إلى أن هذا القرار في حال رأى الباحثون في قانون العفو نفسهم مجبرين على التعاطي مع هذه القضايا على مبدأ "الستة وستة مكرر" فسيتم تمرير بعض الإستثناءات عبر التفريق بين مفهومين إثنين، وهما الإنتماء والقتال. أو يمكن عبر وضع ملف المحكومين الإسلامين على طريق الحلحلة عبر محاكمتهم، لا سيما وأن عدد كبير منهم قد قضى محكوميته ولم يتم محاكمته بعد.

إذا، البحث بملف المطلوبين في بعلبك الهرمل، يتم حالياً بـ"شفافية وجدية" ولكن لا مهلة لإنتاج صيغة محددة، إلا أن العمل جارٍ والهدف منه، إراحة البقاع، وفتح باب الإنماء فيها عبر وضع حد لظاهرة الطفّار، كي لا يتعاظم مستوى جريمتهم، ويتحول على سبيل المثال لا الحصر، مطلق النار في الهواء إلى مطلقٍ له على نفسه لينهي مأساته أو على غيره بهدف تحصيل لقمة العيش بطرق غير شرعية.

ونقل المصدر لموقعنا، أن لقاءاً قد عُقد على خلفية البحث في العفو العام المشروط، بين أحد وجهاء البقاع وشخصية بارزة مقرّبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وكان قد أطلع الأخير الأول على موقف عون المهتم بوضع حد لمعاناة البقاعيين، عبر إصدار عفو خاص أو عام مشروط، لتسوية ملف المطلوبين في تلك المنطقة.

وعليه، يمكن الجزم بأن ملف العفو عاد إلى أولويات العهد الجديد، وأن القضية قضية وقت، وتمرير ملفات عالقة على رأسها قانون الإنتخابات والموازنة... على أمل ألّا يؤثر عُقم هذين الملفين على مسير ومصير ملفٍ إنساني لا يحتمل الكثير من الانتظار.


 ليبانون ديبايت