محاولة عون إسيعاب خطاب نصرالله الشتّام للحلفاء , وتوتر بين حزب الله والمستقبل

 

النهار :

للمرة الاولى منذ تشكيل الحكومة على الاقل، وضعت تداعيات الكلمة التي القاها الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله مساء الخميس الماضي معادلة المساكنة السياسية بين "الحلفاء الاضداد " للعهد العوني أمام اهتزاز  حاد بما يشكل اختباراً حساساً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبدا واضحا ان الهجوم العنيف الذي شنه السيد نصرالله على المملكة العربية السعودية خصوصاً أعاد المشهد الخلافي والانقسامي الى داخل المربع السلطوي والحكومي منذراً برسم خطوط المبارزات الكلامية والسياسية بما يخشى معه ان يعود لبنان ساحة ومتنفسا للصراعات الاقليمية في حين ان جوهر التسوية التي أدت الى انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة يستند الى ما كان يعتقد انه هدنة اقليمية خاصة بلبنان أتاحت له الاقلاع نحو اعادة ترتيب اوضاعه الداخلية.
وقد برزت معالم التوتر الناشئ مع ردود متدرجة على نصرالله لكل من "تيار المستقبل" ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ومن ثم رئيس الوزراء سعد الحريري في مداخلته الافتتاحية لجلسة مجلس الوزراء بما رسم غيوماً ملبدة في أجواء العلاقات السياسية للقوى الحليفة للعهد، علماً ان تفاقم هذه الاجواء لن يكون بطبيعة الحال عاملاً مساعداً على التوصل الى تسوية لمأزق قانون الانتخاب الذي يراوح مكانه قبل أربعة أيام فقط من موعد توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري. ولعل رد "تيار المستقبل" بدا الاكثر عنفاً في سلسلة هذه التفاعلات بما يكسبه دلالات مؤثرة لكونه يعكس الموقف العميق الحقيقي للرئيس الحريري مع ان كلمة الاخير في جلسة مجلس الوزراء حافظت على سقف أقل حدة وان تضمنت رسائل واضحة في الاتجاه نفسه. واتهم "تيار المستقبل" السيد نصرالله "بالاصرار على تخريب علاقات لبنان العربية وتعمد الاساءة الى النهج الذي اعتمده العهد في تصحيح الخلل الذي أصاب مصالح لبنان جراء التطاول على الدول الشقيقة"، لافتاً الى ان "هذه الاساءات المتكررة والمتعمدة أول ما تصيب العهد الذي دشن رئاسته عربياً بزيارة المملكة العربية السعودية"، ووضع مواقف نصرالله "برسم العهد الحريص على أفضل العلاقات مع السعودية".
أما جعجع، فذهب الى اتهام نصرالله بانه "أعاد الامور الى نقطة الصفر بعدما دخلت البلاد مرحلة من الاسترخاء السياسي"، وسأله: "أين تكمن يا سيد حسن مصلحة اللبنانيين في ما اعلنت غداة الزيارة الرئاسية للمملكة العربية السعودية وانتم جزء من هذه السلطة؟". واعتبر ان كلامه "ينسف كل مناخات الانفراج التي وعد بها اللبنانيون".

 

الحريري
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إنه على رغم تجنب طرح هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء التي خصصت لدرس جدول أعمال عادي مع معاودة البحث في مشروع الموازنة العامة لسنة 2017 لم تغب عنها أجواء التفاعلات السلبية الناشئة. ووزعت المداخلة التي القاها الحريري في بداية الجلسة من دون انتظار انتهائها في ما عدته المصادر اشارة واضحة الى مستوى الجدية الذي، طبع موقف رئيس الوزراء الذي وان لم يكن كلامه موجهاً مباشرة الى السيد نصرالله انسجاما مع موقعه الرسمي في رئاسة الحكومة، أعاد التذكير بركائز التسوية السياسية وتحميل المخلين بها ضمنا مسؤولية هذا الاخلال. وتناول الحريري مسألة حماية لبنان "بالاجماع الذي نعيشه والالتفاف الذي نشهده حول الدولة ومؤسساتها"، مشيراً الى ان "حصانة لبنان تصونها علاقاته الممتازة بالعالم العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية"، مذكراً بكلام الرئيس عون عنها "وعن حق بانها تقود المواجهة مع الارهاب والتطرف". ودعا الجميع الى "الحفاظ على سياسة حماية لبنان من كل المخاطر المحتملة".
ويشار في سياق منفصل الى ان قائد الجيش العماد جان قهوجي اطلق مواقف لافتة في اجتماعات عقدها مع اركان القيادة العسكرية وقادة الوحدات، فشدد على ان الجيش "سيبذل أقصى الجهود لمواكبة مسيرة العهد وتحقيق تطلعاته وخصوصاً لجهة حماية الانتخابات النيابية المرتقبة". كما شدد على "تعزيز قدرات الجيش بالتعاون مع الدول الصديقة وخصوصاً بعدما حققت هذه المؤسسة انجازات كبيرة وحاسمة في مواجهة الارهاب".

 

"عصف" انتخابي
في غضون ذلك، أبلغت مصادر مواكبة لمأزق قانون الانتخاب "النهار" ان لا تقدم ولا جديد في هذا الموضوع ووصفت ما يجري حالياً بانه عملية "عصف فكري في الوقت الضائع على حافة المهل الفاصلة عن هوة الفراغ في مجلس النواب". واشارت المصادر الى ان ما سرب عن مشروع مختلط جديد طرحه رئيس "التيار الوطني الحر " الوزير جبران باسيل باعتماد التأهيل والانتخابات على مرحلتين هو محاولة للجمع بين ما طرحه سابقاً رئيس مجلس النواب نبيه بري والافكار التي يطرحها حاليا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، لكن النقاش لا يزال يدور في حلقة مفرغة. ولفتت الى ان الرئيس عون لا يرى مشكلة في موضوع المهل ما دام مجلس النواب يمكنه تعديلها حتى اللحظة الاخيرة قبل انتهاء ولايته في 21 حزيران المقبل. ونقلت عن رئيس الجمهورية ان قانوناً جديداً للانتخاب سيولد وستجرى الانتخابات على أساسه واذا اقتضى الامر بعض التمديد التقني فلا شيء يمنع ذلك شرط تزامنه مع اقرار القانون الجديد.

 

 

المستقبل :

حين يتصل الموقف بحماية لبنان وأبنائه وبخطر تعرّض العربة الوطنية لشطط المفاهيم المشوّهة التي تهدد بحرفها عن المسار السيادي والعروبي، لا يمكن لأي مسؤول مؤتمن على إعلاء صوت الدولة ومصلحتها فوق كل رهان فئوي وارتهان خارجي إلا وأن ينبري لإعادة تصويب البوصلة نحو السكة الوطنية القويمة صوناً للبلد وأهله من الانزلاق في مغامرة هدّامة من هنا أو مؤامرة فتّانة من هناك. ولئلا تتمكن الأصوات اللبنانية المعادية للعرب والموالية لإيران من تعريض انطلاقة العهد الجديد لانتكاسة تعكّر صفو جهوده المبذولة تكريساً لسيادة الدولة وعروبة الهوية والانتماء، أعاد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وضع الموقف اللبناني في نصابه الرسمي أمس من خلال التشديد على ثلاثية «الدولة والعرب والقرار 1701» بوصفها حصانة لبنان و«شبكة الأمان» من المخاطر الخارجية وأحد ركائز السياسة المنتهجة من قبل رئاسة الجمهورية والحكومة.

ففي مستهل جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها في السراي الحكومي، حرص الحريري على إعادة التذكير بتأكيده في ذكرى 14 شباط على أنّ «ما يحمي لبنان هو الإجماع والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها»، مع التشديد في الوقت عينه على أنّ «حصانة لبنان تصونها علاقاته الممتازة بالعالم العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي قال عنها فخامة الرئيس العماد ميشال عون وعن حق أنها تقود المواجهة مع الإرهاب والتطرف». وانطلاقاً من هذه الثوابت اللبنانية، أردف رئيس الحكومة مشيراً إلى «وجوب صون العلاقة المميزة مع الدول الشقيقة، خصوصاً مع دول الخليج العربي ومن بينها الإمارات العربية المتحدة التي تحتضن عشرات الآلاف من اللبنانيين وترعى مصالحهم»، وأكد في السياق ذاته على كون «حماية لبنان واللبنانيين من المخاطر الخارجية تأتي أيضاً من السياسة التي ينتهجها فخامة الرئيس والحكومة القائمة على احترام المواثيق والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، مضيفاً: «سياستنا بالاتفاق مع فخامة الرئيس هي إقامة شبكة أمان قائمة على هذين المبدأين وانفتاحنا على عواصم القرار في أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها (...) وعلى الجميع أن يتعاونوا مع الدولة ومع الرئيس والحكومة لكي تبقى هذه السياسة ناجحة في حماية لبنان من كل المخاطر المحتملة وللنهوض باقتصاده وتلبية حاجات الناس».

أما في مقررات مجلس الوزراء، فبعد جلسة دامت 4 ساعات خلص المجلس إلى تبني جملة مقررات أبرزها «تخصيص 250 ألف دولار لكل من يعطي معلومات تؤدي إلى كشف مصير العسكريين» المخطوفين لدى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو قرار أتى في إطار الجهود الرسمية المبذولة لإنهاء هذه المحنة الوطنية والتي كان الحريري قد أكد خلال استقباله وفد أهالي العسكريين أمس الأول أنّه يوليها اهتماماً خاصاً ويعتزم متابعتها حتى النهاية توصلاً إلى بلوغها الخواتيم المرجوة. 

وفي مشروع الموازنة، كان نقاش مستفيض أكد وزير الثقافة غطاس خوري إثر انتهاء الجلسة أنه يتخذ «طابعاً إيجابياً» وسط بحث لم يقارب فصل المشروع عن سلسلة الرتب والرواتب إنما النظر في أفضل الطرق لتأمين السلسلة والموازنة وايرادات للخزينة، بينما أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ خيار الفصل بين الموازنة والسلسلة لا يزال غير مستبعد بالكامل، على أن يتضح مسار الأمور أكثر خلال الجلسات المتتالية التي ستعقدها الحكومة الأسبوع المقبل لاستكمال النقاش في الملف.

«المستقبل»

في المواقف السياسية، برز أمس بيان حازم في مضامينه السيادية والعروبية لـ«تيار المستقبل» رداً على إصرار أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله على تخريب علاقات لبنان العربية، فوضع التيار خطاب نصرالله الأخير الذي تهجم فيه على العرب في إطار «المسلسل الإيراني الطويل لإثارة الفتن في مجتمعات المنطقة»، مدرجاً إياه كذلك في خانة «النيات المتعمدة في الإساءة إلى النهج الذي اعتمده العهد في تصحيح الخلل الذي أصاب مصالح لبنان جرّاء سياسات التطاول على الدول الشقيقة». 

وإذ أشار إلى أنّ أمين عام «حزب الله» إنما «يوجّه من خلال التحامل على السعودية والإمارات والبحرين صفعة قوية للتحرك الذي يقوم به الرئيس عون والزيارات التي ستشمل بعد الرياض والدوحة والقاهرة وعمان، الكويت والإمارات العربية التي خصّها السيد نصرالله بفيض من كلامه التخريبي الذي لا وظيفة له سوى الطعن بمصالح لبنان وأبنائه»، وضع التيار مواقف نصرالله «برسم العهد الحريص على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية»، لافتاً الانتباه إلى أنّ هذه المواقف تشكل «إساءة الى خطاب القسم قبل أن تكون إساءة إلى السعودية أو الإمارات»، مع التشديد في المقابل على أنّ «مسؤولية كل لبناني معني بحماية الاستقرار وضع الأمور في نصابها تحت سقف المصلحة الوطنية وألا يسمح لـ«حزب الله» وغيره بالإساءة إلى علاقات لبنان بأشقائه العرب وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء».

 

الديار :

قبل البدء باستعراض المواقف في شأن قانون الانتخاب وما استجدّ بشأنه، لا بد من التوقف عند مقدمة تلفزيون «او.تي.في» التابع للتيار الوطني الحر وبتوجيهات العماد ميشال عون.
ومقدمة الاخبار في الـ «او.تي.في» جاء فيها:
«بين كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وبيان الرد عليه من قبل تيار المستقبل ... ثمّة غالبية لبنانية تطرح السؤال: أين مصلحة لبنان كوطنٍ واللبنانيين كشعب؟ وثمّة انطباع عام بأن هذه الغالبية تؤمِن بأن المصلحة الوطنية العليا، تَكمن في معادلةِ «أن قوةَ لبنان هي في وحدته» ... و«أن حصانة لبنان القوي» تكمن في سياسة اللااستقواء ... واللااستعداء ... اللاإستقواء، يعني ألاّ يعمد أي شخص أو طرف أو جهة أو مسؤول ... إلى الرهان أوالتحليل أو حتى مجرّد التفكير، بأنه يمكن له أن يستقوي على شريك له في الوطن، بجهة خارجية صديقة أو عدوّة، قريبة أو بعيدة ... فما من حرب سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية أو أمنية أو عسكرية ... تشنّها على لبنان، أي جهة غربية أو شرقية، يمكن أن تعود بأي نفعٍ أو مصلحة لأي لبناني ... فكيف بالمقامرة على حرب اسرائيلية؟! أما الشق الآخر من «معادلة قوة لبنان»، فهو في اللاإستعداء ... بحيث ندرك جميعنا أن لوطننا اليوم عدوين على أرضه أو عند حدوده: ألا وهما اسرائيل والإرهاب ... وهما العدوان المفترض أن نستجمع عناصر القوّة اللبنانية كلها لمواجهتهما ومحاربتهما ... يبقى ما يطمئن، أن الجميع واثق بقدرة رئيس الجمهورية على تشكيل السقف الحامي لتلك المعادلة الوطنية ... بحيث يكون أي خروجٍ عنها مجرد إنذار خاطىء»...
واضح من مقدمة الـ «او.تي.في» التابعة للتيار الوطني الحر ان العماد ميشال عون منزعج من الانقسامات الداخلية والاستقواء بالخارج ومن الصراع السنّي - الشيعي في لبنان، واستقواء كل طرف بدولة خارجية، الى الوصول الى عبارة المقامرة على حرب إسرائيلية، وهو شبه انذار من بعبدا للفاعليات السياسية، من ان العهد الذي يريده العماد ميشال عون لن يسمح باستمرار هذه الحالة مهما كلف الامر، وفق مصدر قريب من العماد عون.
 

ـ مواقف عون بشأن الانتخابات النيابية ـ


على صعيد قانون الانتخابات، يوم الثلثاء المقبل هو آخر مهلة لدعوة الهيئات الناخبة، وتوقيع المرسوم من قبل وزير الداخلية ووزير المال ورئيس الحكومة، وصولا الى رئيس الجمهورية، ووفق مصدر قريب من الرئيس العماد عون، فان الرئيس العماد عون لن يوقّع هذا المرسوم، وبالتالي فان المهل الدستورية والقانونية باجراء الانتخابات تكون قد سقطت، واذا كان البعض يتحدث عن تأجيل تقني فالتأجيل التقني وارد فقط اذا تم إقرار قانون انتخابي جديد، وستكون هنالك فرصة امام الفاعليات السياسية كي تنجز قانوناً انتخابياً جديداً كي يحصل التأجيل التقني، الذي يقبل به الرئيس العماد ميشال عون.
اما مواقف العماد ميشال عون فهي التالية :
1 - لن يقبل العماد عون بالتوقيع على المراسيم الداعية للانتخابات في 21 أيار على أساس قانون 1960، ولا بأي شكل من الاشكال.
2 - اذا لم تستطع الفاعليات السياسية انجاز قانون انتخابي جديد يحصل تأجيل تقني، فانه في 21 أيار 2017، تنتهي ولاية المجلس النيابي، وبالتالي، فالرئيس العماد ميشال عون سيردّ قانون التمديد للمجلس النيابي، اذا أقره المجلس. وسيكون عندها على مجلس النواب ان يصوّت بأكثرية الثلثين، كي يصبح مرسوم التمديد نافذا. وعندها سيتم استعمال الطعن لدى المجلس الدستوري بالتمديد للمجلس النيابي، والظروف تغيرت عن الماضي، فعندما شرّع المجلس الدستوري التمديد للمجلس النيابي، لم يكن الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، اما اليوم بوجوده رئيسا للجمهورية، فان المجلس الدستوري سيأخذ بعين الاعتبار موقف رئيس الجمهورية وقد يطعن بالتمديد للمجلس النيابي في حال إقرار التمديد بأكثرية الثلثين. وعندها ندخل في الفراغ التشريعي ولا يبقى الا رئيس المجلس النيابي ومكتب المجلس فقط.
3 - اذا حصل فراغ بالنسبة الى المجلس النيابي، فان العماد ميشال عون يقول انه غير خائف من الفراغ، ولن يخضع للامر الواقع باجراء الانتخابات على أساس قانون 1960، ولن يخضع للتمديد للمجلس النيابي، الا تقنيا اذا تم إقرار قانون انتخابي جديد. وهو غير خائف من الفراغ. وسيكون هناك صراع في المجلس النيابي لتأمين الثلثين للتمديد له، لان كتلة العماد ميشال عون مع حلفاء له قد يشكلون اكثر من الثلث ويعطلون التمديد للمجلس النيابي وسيستعمل العماد عون نفوذه لمنع التمديد للمجلس النيابي، دون إقرار قانون انتخابي جديد.
 

ـ قوانين الانتخاب في اللحظة الأخيرة ـ


هذا ويجري طرح عدة قوانين للانتخابات في الساعات الأخيرة قبل الوصول الى المهلة الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة، ورغم الجو التفاؤلي الذي يتم طرحه، فان الديار على علم بأنه لن يتم التوصل الى قانون انتخابي جديد قبل يوم الثلثاء المقبل، وبالتالي سيدعو وزير الداخلية والهيئات الانتخابية على اساس قانون 1960 وهو ما لن يوقعه الرئيس العماد ميشال عون.
ويقول مصدر قريب من العماد ميشال عون، ان النظام الانتخابي الاكثري يستفيد منه الثنائي الشيعي بقوة، ويستفيد منه الثنائي المسيحي بقوة، لان الثنائي المسيحي يستطيع تأمين أصوات اكثر، لكن العماد عون ينظر الى الموضوع على انه يجب افساح المجال للوائح الخاسرة ان تستفيد من النسبية كي تتمثل بالمجلس النيابي وفق منظومة النسبية التي يتم تحديدها ويأتي من اللائحة الخاسرة وجوه الى المجلس النيابي، بدل المحادل ونظام الاكثري، الذي يطحن كل المرشحين حتى عند المسيحيين، ولذلك فهو يريد ان يغني المجلس النيابي بوجوه جديدة ويمنع انتخابات البوسطات وانتخابات المحادل. ولو لم يحقق الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات أكثرية كما يمكن ان يحققها بالنظام الاكثري. إضافة الى ان العماد عون ينظر الى الموضوع على ان النسبية ستزيل الطائفية تدريجيا من لبنان، وتؤمن استمرارية لكل الطوائف وخاصة المسيحيين ولا يعود العدد هو الأساس، بالنسبة الى عدد المسيحيين في لبنان او بقية الطوائف، بل تصبح النسبية حامية لكل الطوائف بما فيهم المسيحيون على المدى البعيد، وفق المصدر القريب من العماد ميشال عون.
 

ـ  جنبلاط لبري: اذا أقرت النسبية سيقاطع الدروز الانتخابات ـ


بعد ان جال وفد اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي على الفاعليات السياسية ووجدوا ان الأبواب موصدة في وجه النظام الاكثري الذي يريده الوزير وليد جنبلاط، حمل الوزير جنبلاط أوراقه وزار الرئيس نبيه بري، واقترح عليه اعتماد النسبية شرط ان يكون الشوف وعاليه دائرة واحدة. وان يكون التأهيل على مستوى القضاء، ثم الانتخابات على مستوى الدوائر التي سيتم تقسيمها في لبنان. لكن الرئيس نبيه بري ليس اللاعب الوحيد الذي يقرر في قانون الانتخابات، مع انه في مركز عال وقادر على لعب دور أساسي في المحادثات من اجل قانون انتخابي، انما الوزير جنبلاط قال للرئيس بري ان النسبية ستجعل من الدروز وهم اقلية، ستجعلهم اقلية الأقليات، وبالتالي فان جنبلاط سيدعو الدروز لمقاطعة الانتخابات النيابية، ولن تشترك الطائفة الدرزية، باستثناء الوزير طلال ارسلان في الانتخابات وبعض الشخصيات الدرزية، اما معظم الطائفة فلن تقبل باجراء الانتخابات في القرى والمدن الدرزية، ولن تسمح للهيئات القضائية ولجان الفرز بدخول البلدات الدرزية لاجراء الانتخابات، وستكون الانتخابات خارج ميثاق العيش المشترك عندما يكون الدروز، وهم طائفة لها دور أساسي في كيان لبنان، واستطاعت الحفاظ على وجودها طوال 1000 سنة، واسست  مع المسيحيين لبنان الكبير، واذا كان البعض يستخفّ بمقاطعة الدروز للانتخابات النيابية، فان مقاطعة الدروز للانتخابات ستؤدّي الى بطلان المجلس النيابي الجديد الذي يتم انتخابه والى مقاطعة جغرافية كبيرة درزية للانتخابات النيابية تمتد من حاصبيا الى راشيا، الى الشوف وعاليه وجزء كبير من البقاع الغربي.
 

ـ لبنان في المأزق ـ


بعد 21 شباط يدخل لبنان في المأزق رغم ان الدول الأوروبية وأميركا ودول عربية نصحت باجراء الانتخابات النيابية، وعلى أساس التوصل الى قانون جديد، لكن حتى الان لا يعمل الا قانون 1960، وموقف العماد ميشال عون الذي اعتقده البعض انه مؤقت، سيكتشفون ان موقفه نهائي، وبأنه ضد قانون 1960، وضد التمديد للمجلس النيابي، اذا لم يتم التوافق على قانون انتخابي جديد، وسيذهب الى الطعن في المجلس الدستوري بالتمديد، اذا حصل بأكثرية الثلثين في المجلس النيابي وان العماد عون غير خائف من الفراغ رغم اطلاق الشعارات بالخوف الكبير من الفراغ من قبل البعض الذي لا يريد تأسيس جمهورية جديدة قائمة على معيار واحد شفاف وعادل وتغييره بالنسبة الى الانتخابات النيابية.

 

 

الجمهورية :

بين الصخب السياسي وردّات الفعل المتناقضة التي أثارتها مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله النارية، والتي انطوت على رسائل في اتجاهات إقليمية ودولية وحديث عن «مشروع اميركي ـ اسرائيلي ـ خليجي»، وبين الصخب الانتخابي الخافت حيناً والمتصاعد أحياناً، معطوفاً على صخب الموازنة العامة للدولة التي يواصل مجلس الوزراء البحث فيها، تبدو الساحة الداخلية مُثقلة بالتعقيدات التي تُنذر بمزيد من التأزّم في كل الملفات الداخلية والخارجية، ما يطرح السؤال: لبنان الى أين من هنا؟ في الوقت الذي بدأت تتهدّده المهل الانتخابية التي تختلف التوصيفات فيها بين «قاتلة» وقابلة للتمديد. وثمّة من بدأ يثير مخاوف على مسيرة العهد من زاوية المواقف التي يعلنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إزاء «ضرورة» سلاح «حزب الله» «المكمّل» لسلاح الجيش في الدفاع عن لبنان. هذه المواقف التي لاقت استحساناً لدى فريق، ومعارضة لدى فريق آخر، فيما كلا الفريقين شريكان في السلطة، ما يدفع البعض الى التساؤل هل أن هذه الشراكة ستستمر بعنوان «المساكنة» او «ربط النزاع»؟ أم أنها ستمضي قُدماً الى تناحر، ما قد ينعكس شللاً في مسيرة الوفاق التي أريد لها ان تنطلق منيعة مع انتخاب عون رئيساً، وتولّي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة؟.

ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري أمس على السيد نصرالله من دون ان يسمّيه، فجَدّد، في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس برئاسته، التأكيد «أن ما يحمي لبنان هو الإجماع الذي نعيشه والإلتفاف الذي نشهده حول الدولة ومؤسساتها. كما أنّ حصانة لبنان تصونها علاقاته الممتازة بالعالم العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية التي قال عنها فخامة الرئيس العماد ميشال عون، وعن حق، إنها تقود المواجهة مع الإرهاب والتطرف».

واعتبر الحريري انّ «حماية لبنان واللبنانيين من المخاطر الخارجية تأتي أيضاً من السياسة التي ينتهجها فخامة الرئيس والحكومة القائمة على احترام المواثيق والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701.

سياستنا بالاتفاق مع فخامة الرئيس هي إقامة شبكة أمان قائمة على هذين المبدأين، وانفتاحنا على عواصم القرار في أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها». ودعا الجميع الى «التعاون مع الدولة ومع الرئيس والحكومة لكي تبقى هذه السياسة ناجحة في حماية لبنان من كل المخاطر المحتملة وللنهوض باقتصاده وتلبية حاجات الناس».

وقالت مصادر وزارية: «انّ كلمة الحريري كانت عابرة كموقف سياسي في بداية الجلسة، ولم تكن استفزازية الى درجة انها تستدعي جدلاً او نقاشاً ولم يكن أحد في وارد فَتح هذا الموضوع أو الردّ عليه». ووصفتها المصادر بأنها «كلمة سياسية عبّرت عن مبادىء تحظى بإجماع على رغم اختلاف المواقف ولم تكن مادة للسجال».

«الكتائب»

ورفض حزب الكتائب ما سمّاه «سياسة التطبيع مع سلاح حزب الله»، مؤكداً أنه «لن يتوقف عن الاشارة الى مَكمن الخلل في الحياة السياسية اللبنانية، ولن يقبل بتكريس السلاح غير الشرعي وتأثيراته على الدولة اللبنانية ومصالحها وسياساتها وشعبها كأمر واقع والرضوخ له».

وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «لا ندّعي انّ الحل لهذا السلاح سيأتي غداً، ولكننا لن نتوقف عن ترداد رأينا بأنه لا يمكن بناء دولة في ظل ازدواجية السلاح وتنازل المؤسسات الشرعية عن حقها ومسؤولياتها في رسم السياسات والقرارات الاستراتيجية، ولا سيما منها تلك المتعلقة بقرارات السلم والحرب».

«14 آذار»

بدوره، قال قيادي من مستقلّي ١٤ آذار انّ كلام نصرالله «تزامَن مع قرار الادارة الاميركية إعادة النظر بالاتفاق النووي مع ايران، وهو حاولَ رسم معادلة جديدة قوامها: المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا مقابل المفاعلات النووية الايرانية، وقد جعل من لبنان وأمنه القومي ورقة تفاوضية وصندوق بريد في النزاع الاميركي ـ الايراني، وهو شاءَ توجيه رسالة نيابة عن ايران الى القمة الاميركية ـ الاسرائيلية بُعَيد انعقادها، فَحواها رفض ايّ اعادة نظر في الاتفاق النووي، والاستعداد للرد على ايّ استهداف عسكري للقدرة النووية الايرانية بضرب مفاعل ديمونا».

«8 آذار»

من جهتها، إستغربت مصادر قيادية في 8 آذار «الهجمة غير المبررة على نصرالله، والتي مردّها بأنه خاطَبَ وقائع اليمن والبحرين بشفافية عالية من دون مراعاة لأيّ اعتبارات وحسابات صغيرة لدى البعض في لبنان».

وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ نصرالله ركّز في جانب من خطابه على مسألة الموقف التاريخي الذي اتخذه الرئيس عون من المقاومة، وقد مَثّل ذروة الانسجام بين رئيس الجمهورية والمقاومة، لافتاً الى ذهاب عون الى العرب الذي تبيّن أنهم لا يريدون إنساناً يذكّرهم بعَوراتهم».

وأضافت انّ نصرالله «مارَس هوايته في الحرب النفسية على الإسرائيلي سواء بخزانات الامونيا او مفاعيل ديمونا او بقدرات المقاومة الاستراتيجية التي يمكن ان تطاول أهدافاً اسرائيلية في البحر او البر، ما يعزّز منطق الردع ويُبعِد احتمالات الحرب ويدرأ الخطر ويُشعِر الاسرائيلي بقدرات التمكّن المتطورة لدى المقاومة، وهي ردع بحري وبري، وربما جوي، في ما يمكن تسميته تكامل عناصر الردع او العناصر الكاسرة للتوازن باللغة الاسرائيلية».

دعوة الهيئات الناخبة

إنتخابياً، علمت «الجمهورية» انّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سيرسل مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى القصر الجمهوري في خلال الساعات الـ48 المقبلة، اي قبل 20 شباط الجاري، وذلك انسجاماً مع موقفه المُعلن بتقيّده بأحكام القانون الانتخابي النافذ.

وفي المعلومات انّ المرسوم، إن أُرسِل الى قصر بعبدا، سيقف هناك ربطاً بقرار رئيس الجمهورية عدم توقيعه لارتباطه بقانون الستين الذي يرفض عون أن تُجرى الانتخابات على أساسه في عهده تحت ايّ ظرف كان، خصوصاً انّ إجراءها على أساسه سيجعل العهد كله قائماً على قاعدة الستين المرفوضة، فضلاً عن انه يوجّه ضربة قاسية، لا بل قاضية، للعهد ومعنوياته.

ولفتت المعلومات الى أنه إضافة الى قرار رئيس الجمهورية بعدم توقيع المرسوم، فإنّ المرسوم نفسه يحمل أسباب تعطيله المتمثّلة أولاً بعدم تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات حتى الآن، وثانياً ليس هناك أيّ قرار اتخذه مجلس الوزراء بتوفير الاعتماد المالي لتغطية نفقات إجراء العملية الانتخابية، علماً انّ عون كان قد سبق له أن رفض طلب المشنوق تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في ٢٦ كانون الثاني الفائت وإلى حين التوصّل الى قانون انتخاب جديد، مؤكداً انه وإذا لم يكن هناك قانون جديد فإنّ الانتخابات لن تُجرى على أساس قانون الستين، ولن يكون هناك تمديد للمجلس النيابي حتى لو حصل فراغ في السلطة التشريعية.

وتضيف المعلومات انّ المرسوم «المُعطّل» ليس آخر المطاف، إذ ستَليه حتماً فترة «عَضّ الأصابع»، والعد العكسي الجدي لإعداد قانون، وهناك شهر حاسم من الآن وحتى 20 آذار المقبل لإيجاد قانون بديل من «الستين» النافذ.

عون لن يتراجع

وتؤكد مصادر قصر بعبدا لـ «الجمهورية» ثبات عون على موقفه، وتقول انه «لا يتخذ هذا الموقف بدافع استعراضي او دعائي، هو قال إنه ضد «الستين» ومع قانون انتخابي جديد، واذا كان هناك من يراهنون على أنه سيتراجع في هذا الموضوع ويقبل بإجراء الانتخابات على أساس «الستين» فإنهم سيتفاجأون وسيكونون مخطئين جداً لأنه لن يتراجع، إضافة الى ذلك لن يقبل أن تُجرى الانتخابات على أساس «الستين» في عهده، ولا يريد ان يقوم عهده على هذا الاساس، ما يعني حتمية الوصول الى القانون الجديد».

وفي المواقف أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، خلال العشاء السنوي لهيئة المهندسين في «التيار الوطني الحر»، أنّ «قوانين الانتخاب عملية حسابية تمثيلية وليس معقولاً ألّا نتمكّن من إنجاز قانون انتخاب لأنّ البعض لا يفهم في الحسابات»، لافتاً إلى أنّ «من يقول انّ الاكثرية تحفظ الأقلية وانّ النسبية تُلغيها يَحتقر عقلنا الحسابي الهندسي». وقال: «لا يستطيع مَن تمثيله 6 نواب أن يجعلهم 13 غصباً عن كل البلد... فهذا ليس لبنان وهذا ليس التعدد والتنوّع الذي نؤمن به».

الموازنة

وفي شأن الموازنة، تابع مجلس الوزراء البحث في مشروعها، وبدأ الغوص في تفاصيل النفقات بعد انتهائه على مدى جلستين من عرض السياسة المالية العامة والخطوط العريضة للمشروع.

وأكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ «النقاشات هادئة وبنّاءة، وكل فريق يُدلي بدلوه بحسب توجّه الكتلة التي ينتمي اليها من خارج الاصطفافات التقليدية».

وأوضحت انّ سلسلة الرتب والرواتب تخضع لطرحين داخل مجلس الوزراء: الأول، يتمثّل بإبقائها في صلب مشروع الموازنة، والثاني فصلها عنه لكي لا تشكّل عائقاً أمام إقرارها كون لا إجماع سياسياً حولها خصوصاً في ما خَصّ الضرائب التي تشكّل موارد تمويلها». مشيرة الى «انّ مجلس الوزراء سيتخذ في نهاية النقاش قراراً في شأنها».

دولياً وإقليمياً

على الصعيدين الدولي والإقليمي أعلنت المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دو ميستورا، يارا شريف، في إفادة صحافية أولية، أنّ المحادثات التي من المقرّر أن تبدأ في 23 شباط ستناقش «الانتقال السياسي»، لكنّ هذه العبارة فسّرتها المعارضة في الماضي على أنّها تعني إزاحة الأسد أو على الأقل تقليص سلطاته. الأمر الذي دفع شريف الى توضيح لتصريحاتها.

وقالت: «من فضلكم لاحظوا أنّ المفاوضات سوف تَسترشِد تماماً بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يتحدث بشكل محدّد عن الحكم ودستور جديد وانتخابات في سوريا».

من جهة ثانية، وللمرة الأولى منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عقدت الدول الغربية والعربية الداعمة للمعارضة السورية، ونحو 10 بلدان غربية وعربية وتركيا، لقاء أمس في بون على هامش اجتماعات مجموعة العشرين.

ميدانياً، إرتفع عدد القتلى من المدنيين والمقاتلين الذين استشهدوا وقضوا في مدينة درعا وريفها الى 5، هم: مقاتلان اثنان و3 مدنيين استشهدوا في قصف للطائرات الحربية والمروحية على مناطق في مدينة درعا وبلدتي النعيمة وبصرى الشام.

 

 

اللواء :

أبعد من إقرار الموازنة، أو إنتاج قانون جديد للانتخابات، بين الفترة ما بعد 21 شباط وقبل 21 حزيران، كان السؤال الذي فرض نفسه: هل احتوى الرئيس ميشال عون أزمة المواقف التي جاءت في خطاب الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الخميس الماضي؟
الثابت، وفقاً لمعلومات «اللواء» أن اتصالات سبقت جلسة مجلس الوزراء لمنع تحويل الجلسة عن مسارها، وقضت هذه الاتصالات بأن لا يُصار إلى جدل او سجال، بعد الكلمة السياسية التي استهل بها الرئيس سعد الحريري الجلسة المقررة لبت بعض النقاط المدرجة على جدول الأعمال، ومن ثم متابعة البحث بأرقام الموازنة، انطلاقاً من قرار سياسي غير قابل للتعديل، يقضي بمناقشة الموازنة وإقرارها، في فترة لا تتجاوز عيد البشارة في 25 آذار المقبل، وذلك في المجلس النيابي، قبل ان يتحوّل بصورة كلية إلى انجاز صيغة قانون جديد للانتخابات، أو اعتبار نفسه غير قائم بعد انتهاء ولايته في 21 حزيران.
وأكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن الرئيس الحريري، انطلاقاً من صلاحياته الدستورية، وفي ضوء المعلومات التي تناهت عن استياء عربي واسع، من كلام السيّد نصر الله الذي جاء في توقيت لا يتلاءم مع موجبات التسوية السياسية التي ادخلت لبنان في مسار جديد من التهدئة، كان لا بدّ من ان يضع النقاط على الحروف ويقول ما قاله في مستهل الجلسة، بصفته المعبر عن سياسة الحكومة والناطق باسمها.
قال رئيس الحكومة في بداية الجلسة: «ما يحمي لبنان هو الإجماع الذي نعيشه، والالتفاف الذي نشهده حول الدولة ومؤسساتها».
وقال الرئيس الحريري أيضاً أن «حصانة لبنان تصونها علاقاته الممتازة مع العالم العربي، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية التي قال عنها الرئيس عون وعن حق انها تقود المواجهة مع الإرهاب والتطرّف».
وأكد على ضرورة صون العلاقات المميزة مع الدول الشقيقة، خصوصاً مع دول الخليج، ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتضن عشرات الآلاف من اللبنانيين وترعى مصالحهم.
وما لم يقله الرئيس الحريري في مجلس الوزراء، حيث اكتفى وزيرا حزب الله محمّد فنيش وحسين الحاج حسن بالاستماع من دون تعليق، باعتبار أن هذا الموقف لا جديد فيه، وان الرئيس الحريري لم يتطرق إلى كلام السيّد نصر الله بصورة مباشرة، قاله بيان تيّار «المستقبل» الذي وصف خطاب السيد نصرالله «بأنه يزخر بمعاني التخريب على علاقات لبنان العربية، ويشير إلى نيات متعمدة في الإساءة للنهج الذي اعتمده العهد لتصحيح الخلل الذي أصاب مصالح لبنان من جراء سياسات التطاول على الدول الشقيقة».
وأكد «المستقبل» على «الوقوف إلى جانب الحق العربي والمصلحة اللبنانية العليا دفاعاً عن المملكة العربية السعودية وكل الدول الشقيقة، ومنها دولة الامارات».
وشدد التيار على انه «لن يرضى بأن يستمر التطاول على المملكة وقيادتها»، واضعاً مواقف السيّد نصرالله برسم العهد، معتبراً أن مواقفه «إساءة لخطاب القسم قبل أن تكون إساءة للسعودية أو للامارات»، مشيراً إلى ان مسؤولية كل لبناني بأن يرفع الصوت في مواجهة الحملات الخرقاء، وأن لا يسمح لحزب الله بالإساءة لعلاقات لبنان لأشقائه العرب وإعادة عقارب الساعة الى الوراء.
وفي السياق نفسه، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان كلام نصرالله ينسف ويعرقل كل مناخات الانفراج التي وُعد بها اللبنانيون، وأن السكوت لم يعد جائزاً، والأمور تحتاج الى معالجة على أعلى المستويات.
وإن كانت هذه الإشارة الأخيرة تعني رئيس الجمهورية من ضمن ما تعني، فإن اوساطاً مطلعة على موقف الرئيس عون اعتبرت انه لا يزال يُشكّل الضمانة لحماية المعادلة الوطنية التي لا ترى أن الوقت مفيد للاستقواء أو الاستعداء، انطلاقاً من أن لبنان يواجه خطرين في هذه المرحلة هما الخطر الإسرائيلي وخطر الإرهاب، وأن قوة لبنان هي في الوحدة الوطنية، من زاوية ان الدخول في معارك جانبية بين طرفين قويين من ضمن التسوية السياسية لا يفيد في مواجهة التحديات. ولذا فالامور يتعين ان تقف عند هذا الحد ما دامت مواقف القوى التي دخلت في التسوية والمشكلة للحكومة معروفة.
موفدان أميركيان في بيروت
واقتراح بإكمال ولاية قهوجي
في هذا الوقت، يصل بيروت الثلاثاء المقبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي روبرت كوكر، وهو من الحزب الجمهوري، للبحث مع كبار المسؤولين في سبل دعم الجيش اللبناني، والحفاظ على الاستقرار الحالي، وبقاء لبنان بعيداً عن النيران المشتعلة في المنطقة.
وعلمت «اللواء» أن الزائر الأميركي سيركز في محادثاته مع رئيسي الجمهورية والحكومة على استعداد الإدارة الأميركية الجديدة لتقديم المساعدات التي يحتاجها لبنان في تصديه المستمر والناجح ضد الإرهاب، حيث سجلت الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني نجاحات مرموقة في المعركة الاستباقية ضد التنظيمات الإرهابية وخلاياها الناشطة في لبنان.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن كوكر تربطة علاقات وثيقة بقائد الجيش العماد جان قهوجي، وسبق له وساهم في موافقة الكونغرس على منح الجيش اللبناني مساعدات عاجلة بقيمة 150 مليون دولار، وذلك خلال زيارة العماد قهوجي الأخيرة إلى واشنطن.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن يقوم قائد المنطقة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل بزيارة إلى بيروت في 27 شباط الجاري، في إطار الاهتمام الذي يبديه البنتاغون بدور لبنان في محاربة الإرهاب.
وعُلم في هذا الإطار، أن الموفدين الأميركيين سيقترحان على المراجع اللبنانية عدم اجراء تغيير في القيادة العسكرية قبل ان ينهي العماد قهوجي ولايته الممددة في أيلول المقبل، وذلك تلافياً لحدوث اي ارباك في خطط التصدّي للتنظيمات الإرهابية.
الموازنة
وعلى وقع هذه الوضعية الجديدة، واصل مجلس الوزراء مناقشة الموازنة، على ان يستأنف جلساته في هذا الشأن أيام الاثنين والاربعاء والجمعة.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن مجلس الوزراء ناقش مطولا السبل الآيلة إلى معالجة العجز وتغطية النفقات وتحسين مداخيل الدولة، متوقفا عند النتائج المتأتية من فتح باب التوظيف الذي حصل في السنوات الماضية.
وقالت إنه بفعل الحسابات التي طرحت، أصيب الوزراء بألم في الرأس.، واصفة النقاش بالتقني لجهة المقترحات حول الضرائب. وأكدت أن هناك إجماعا على عدم تحميل ذوي الدخل المحدود اية أعباء إضافية.
ولفتت المصادر إلى أن هناك من اقترح فرض ضرائب على القيمة المضافة على التحسين العقاري. أما بالنسبة إلى ملف الأملاك البحرية. فتحدثت المصادر عن العودة إلى الاتفاقية الموجودة في البرلمان والتي يمكن أن تدر مليار دولار.
واظهرت النقاشات أن الرؤى الاقتصادية للوزراء كانت متضاربة بعض الشيء حيال مقاربة موضوع الضرائب، لكن من دون أن يعني ذلك أن هناك خلافا استراتيجيا.
وعلم أن ما من توجه نهائي بانتظار الجلسات المقبلة التي يتوقع لها أن ترسو على قرار معين.
واستدعى إلى الجلسة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني وبعض الموظفين للاستماع إلى آرائهم في شأن أرقام الموازنة.
وأجمع عدد من الوزراء على ان هناك تمنياً من الرئيس الحريري على اعضاء الحكومة بوجوب عدم تسريب تفاصيل ما يجري من بحث ونقاش داخل جلسة المجلس من أجل الوصول الى توافق حول هذا المشروع واقراره في اسرع وقت ممكن، وتمنت المصادر الانتهاء من دراسة مشروع الموازنة خلال الجلسات الثلاث المقبلة.
قانون الانتخاب
وقبل 4 أيام من انتهاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة، حيث ما يزال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي تلقى رسالة دعم من نظيرته البريطانية أمبر رود ينتظر حصيلة المشاورات بشأن صدور مرسوم دعوة هذه الهيئات قبل الثلاثاء المقبل، كشفت مصادر نيابية واسعة الاطلاع عن ان أكثرية سياسية ونيابية باتت مؤيدة وملتقية على قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتعقد اجتماعات متواصلة لهذه الغاية من أجل زيادة عدد الدوائر من 13 إلى 15 دائرة، أي بإضافة دائرتين واحدة في الجنوب، وثانية في جبل لبنان، وهذه الصيغة، وفقاً لهذه المصادر من شأنها ان تحفظ حقوق الجميع وتعالج هواجس جميع الذين لديهم هواجس.
ومع هذه النتيجة تكون أطراف اللجنة الرباعية عبر اتصالات مباشرة أو من خلال مندوبين قد أسقطت سائر المشاريع الأخرى، وابقت مشروع حكومة ميقاتي فقط على طاولة البحث.
وأفادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن أي خرق لأي صيغة انتخابية لم يسجل بعد، مؤكدة ان قانون حكومة الرئيس ميقاتي لا يزال محور نقاش، لكن هناك ميلا لاضافة بعض التعديلات.
ولفتت إلى انه في الفترة الأخيرة لم تنعقد اللجنة الرباعية لقانون الانتخاب واقتصر الأمر على لقاءات ثنائية وثلاثية، وذكرت أن مسألة المهل بالإمكان ترتيبها، وألمهم الوصول إلى صيغة قبل 20 حزيران المقبل وان مجلس النواب قد ينعقد في دورته العادية التي تبدأ في 21 آذار المقبل لهذه الغاية.
وفيما توقع وزير الإعلام ملحم رياشي، في حفل تكريم الزميل الراحل عرفات حجازي، في تلفزيون لبنان ان يتم التوصّل قريباً إلى قانون جديد للانتخاب، أمل وزير الخارجية جبران باسيل في عشاء هيئة المهندسين في «التيار الوطني الحر» ان يتم تقديم شيء جديد للبلد في العهد الجديد، مشيراً إلى ان قوانين الانتخاب عملية حسابية تمثيلية وليس معقولاً ان لا نتمكن من إنجاز قانون الانتخاب لأن البعض لا يفهم بالحسابات، لافتاً إلى ان من يقول ان الأكثرية تحفظ الأقلية والنسبية تلغيها يحتقر عقلنا الحسابي الهندسي، مشيراً إلى ان من يمثل ستة نواب لا يستطيع ان يجعلهم 13 غصباً عن البلد، فهذا ليس لبنان، وليس هو التعدد والتنوع الذي نؤمن به.
تهديد إسرائيلي
وبعيداً عن التفاعلات الداخلية التي اثارتها مواقف نصر الله حيال علاقات لبنان العربية، رصدت إسرائيل الخطاب باهتمام لافت، خصوصاً لجهة المعادلات التي أطلقها ومنها ما يتعلق بالتهديد بقصف مفاعل «ديمونا» النووي.
وفي أول رد رسمي على الخطاب، هدد وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي جلعاد إردن بأن «لبنان سيدفع ثمناً باهظاً في حال حصول حرب مع «إسرائيل»، مضيفا «نحن مستعدون وجاهزون، ولدى الجيش الإسرائيلي مجال عمل واسع على الحدود الشمالية».