الموازنة والانتخابات ورسائل الشارع العنفية تضع لبنان على حافة الانهيار السياسي

 

النهار :

اذا كانت انطلاقة مجلس الوزراء في مناقشة مشروع الموازنة لسنة 2017 أمس قد أعادت بعض "المهابة " المهدورة في مشهد تعنيفي ضد وسيلة اعلامية كاد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه ليل الثلثاء الماضي فان ذلك لا يعني تجاهل الاشتباك الحاصل بين المساعي لاستدراك الازمات التي تفرخ تباعا في الطريق الشاقة لاعادة الانتظام الى مسيرة الدولة والتعقيدات التي يضفيها العجز السياسي عن ايجاد حل لمأزق قانون الانتخاب بات يشكل عنوانا عريضا لأزمة مفتوحة تحفز على توقع مزيد من المآزق.
بدا المشهد في اليومين الأخيرين كأنه ترجمة واقعية لكلام رئيس الوزراء سعد الحريري في خطاب الذكرى الـ12 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري عن "المصالحة المستحيلة بين تطبيق اتفاق الطائف والوصول الى دولة مدنية حديثة لا تميز بين ابنائها ". واذ اورد الحريري هذه المعادلة من باب تشديده على رفضها وتأكيد مضيه في معاكستها، فان وقائع اليومين الاخيرين أوحت بمخاوف من تنامي التعقيدات في هذا المسار من خلال تجهم الاجواء السياسية المتصلة بالمساعي لايجاد ثغرة تنفذ منها ازمة قانون الانتخاب أولاً ومن ثم عبر تنامي ملامح الارباكات التي تحوط بترددات موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سلاح المقاومة مع صدور موقف رسمي للامم المتحدة يذكر بالتزامات لبنان بموجب القرار 1701. وبينما كان يفترض ان تنصرف الحكومة الى هم اقرار موازنة تصاعدت ردود الفعل السلبية على بنودها الضريبية سلفاً، جاءت واقعة الاعتداء الذي تعرضت له محطة "الجديد" التلفزيونية على ايدي متظاهرين من حركة "أمل" ليل الثلثاء لتزيد المشهد قتامة مع كل الملابسات السلبية التي واكبت الممارسات العنفية التي اتبعها المتظاهرون وتأخر القوى الامنية في فك الحصار عن مبنى المحطة.
واذا كانت الحكومة وضعت قضية "الجديد " بكل ملابساتها في عهدة القضاء للفلفة تداعياتها السياسية وخصوصاً بعدما اتخذت ملمحاً طائفياً تجاوز الاطار الاعلامي والسياسي، فان شروعها في در، مشروع الموازنة لم يحجب الصعوبات التي بدأت تواجهها انطلاقا من مواقف العدد الاكبر من الوزراء برفض فرض ضرائب جديدة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة في حين يحتوي مشروع الموازنة على سلة ضريبية واسعة سبق مجلس النواب أن أقرها تباعاً. هذه المفارقة الى حتمية تضمين الموازنة سلسلة الرتب والرواتب العالقة منذ زمن طويل أدت الى تشعب النقاش في جلسة مجلس الوزراء وتبين بوضوح ان ثمة مسلكا اضطراريا قد تلجأ اليه الحكومة باعادة "ترشيق" الموازنة ان من خلال فصل السلسلة عن الموازنة واقرارها لاحقا بمراسيم منفصلة وان من خلال اعادة النظر في بنود متضخمة في قطاعات توظيفية مختلفة. وبدا ان ثمة حاجة الى تلافي مسلك خلافي جديد ربما نفذ الى الصف الحكومي من باب الموازنة، فقرر الرئيس الحريري تكثيف جلسات مجلس الوزراء الخاصة باقرار الموزانة بحيث تعقد الجمعة المقبل جلسة أخرى تليها ثلاث جلسات اضافية متعاقبة الاسبوع المقبل.

 

"خطوات النملة"
أما على صعيد مأزق قانون الانتخاب، فيبدو ان التطور الوحيد الذي برز في كواليس المشاورات السياسية في الايام الاخيرة يتصل بتجديد الدفع نحو صيغة مختلطة لم تتبلور اطرها التفصيلية تماماً بعد في انتظار استمزاج الآراء والمواقف الاولية منها. وعلمت "النهار" من مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي أن رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط قدم أفكاراً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري في موضوع قانون الانتخابات تشكل عودة، مع بعض "الرُتوش"، إلى مشروع القانون المختلط بين الأكثري والنسبي الذي سبق للتقدمي أن اتفق عليه مع "تيار المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية"، على أن يكون قضاءا الشوف وعاليه دائرة واحدة.
وأوضحت المصادر نفسها أن القبول بشيء من النسبية في القانون يتضمن تطويراً للمشروع الثلاثي المشترك على قاعدة التمثيل الصحيح للجميع، وأيضاً على أساس القاعدة الأهم عند الحزب التقدمي، وهي المحافظة على العيش معاً في الجبل والمصالحة التاريخية بين أبنائه، مذكرة بإبداء جنبلاط كل الاستعداد للشركة لاحقاً في الانتخابات مع كل القوى الموجودة في الجبل.
ورأت المصادر أن الموضوع بعد هذا التطور بات في مكان آخر، وأن الحزب التقدمي الاشتراكي قدم أقصى ما يستطيع القبول به في مبادرة حسن النية هذه، وتالياً لم يعد ممكناً القول إنه يقف في صف معرقلي تحقيق الإرادة العامة المطالِبة بقانون جديد للانتخاب. وخلصت إلى أن المبادرة صارت بين يدي الرئيس بري الذي سيتولى الإخراج المناسب لطرحها وتسويقها. وبالفعل لمّح الرئيس بري أمس أمام النواب الى هذه الافكار، موضحاً ان جنبلاط قدم طرحاً خطياً عن نظام مختلط ينطلق من معيار واحد ويجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة لكنه تكتم على التفاصيل. وتتحدث معلومات عن ان جنبلاط تقدم خطوة في ما يطرحه بطرح القانون الاكثري معدلاً في اتجاه النسبية بما يرضي الافرقاء الاخرين بحيث يمكن بعد الانتخابات النيابية المقبلة الذهاب الى اعداد مشروع قانون لمجلس نواب خارج القيد الطائفي والشروع في انشاء مجلس الشيوخ.
وتقول مصادر معنية بالمشاورات والاتصالات الجارية إن اجراء الانتخابات بات مرجحا بنسبة كبيرة في الخريف المقبل على رغم توقع توجيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الدعوة الى الهيئات الناخبة الاسبوع المقبل، اذ ان المساعي للاتفاق على قانون جديد تخطو خطوات النملة ويصعب التراجع عنها، الى احتمالات أخرى باتت خارج الحسابات السياسية.

 

 

المستقبل :

بخط وطني أحمر وعريض، سواءً ذلك الذي رسمه باسم الدولة تحت سقف شرعيتها وحصريتها بالسلاح والمرجعية، أو ذاك الذي وضعه باسم «تيار المستقبل» تحت سقف مقاربة مختلف عناوين وملفات المرحلة، بدت الرسائل السيادية والسياسية ظاهرة وحاضرة بقوة في مجمل جوانب خطاب 14 شباط، بدءاً من تأكيد الثوابت وتبديد أي وهم حول إمكانية التفريط بها والمساومة عليها، مروراً بالتمسك بدور «أم الصبي» إذا كان يعني حماية العيش المشترك وليس «التنازل عن الحقوق وتقديم التضحيات المجانية».. ووصولاً إلى الرسالة الانتخابية الأوضح والأبلغ التي تجلّت بالإعلان عن استعداد «مشروع رفيق الحريري» لخوض الاستحقاق النيابي المقبل «في كل المناطق وبأي قانون».

فالخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مهرجان «البيال» الحاشد إحياءً للذكرى السنوية الثانية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، جاءت مضامينه الوطنية والسياسية على قدر ما يُجسّده اسم الشهيد من عنوان «لتجديد الثقة بلبنان» وليس «اسماً للاستخدام في عمليات الثأر السياسي أو متراساً لحشد الضغائن والكراهيات 

بين اللبنانيين»، وفق تعبير الحريري في معرض توكيده الحرص على «عدم تحريك جرح 14 شباط» والركون إلى «العدالة الآتية» لتتولى هي نفسها مهمة «ردم الحفرة الموجعة» التي نشأت عن تلك الجريمة الإرهابية وأدمت قلوب الملايين من محبي رفيق الحريري. 

وإلى «كتاب» الشهيد ومدرسته في العمل الوطني والسياسي، أحال الحريري كل «غلطان في العنوان» لكي يعيد قراءة وفهم «كل حرف» من هذا الكتاب ويتيقن تالياً من الفوارق الجوهرية الشاسعة بين «شجاعة اتخاذ القرار والمبادرة والمواجهة والتضحية دفاعاً عن الدولة وشرعيتها ونظامها الديموقراطي» وبين «التنازل عن الحقوق الوطنية وعن الدور في النظام السياسي والمسؤولية في إدارة الشأن العام». وبين البينين، كان تشديد الحريري على أنّ التفاوض والمساومة يكونان «من أجل الحفاظ على الاستقرار» وليس على «الحق والثوابت» بشهادة ثبات الموقف سواءً من «المحكمة الدولية أو النظرة لنظام الأسد وجرائمه أو من السلاح غير الشرعي والميليشيات ومن تورط «حزب الله» في سوريا»، وأردف قائلاً: «المهم أن يفهم الجميع، نعم هناك خلاف حاد في البلد حول سلاح «حزب الله» وتورطه في سوريا، وليس هناك توافق على هذا الموضوع، لا في مجلس الوزراء ولا في مجلس النواب ولا على طاولة الحوار، ولكن ما يحمي البلد هو أنّ هناك إجماعاً حول الجيش والقوى الشرعية والدولة فقط»، وأضاف: «نحن تحملنا عن البلد وليس لنا أي فضل، على العكس اللوم يقع على من لم يتحمل واعتبر أنّ مصالحه أو مصالح الخارج الذي وراءه أكبر من بلده».

وفي مقاربته للملف الانتخابي، والتي استهلها بالإشارة إلى كون «تيار المستقبل» ليس «جمعية خيرية سياسية تتولى توزيع الهبات والمواقع»، ولا يقبل بأن يتحول مفهوم التضحية الوطنية إلى «قاعدة للتنازل السياسي في كل صغيرة وكبيرة على أكتاف التيار أو على حساب تمثيله الوطني»، وضع الحريري شرطين موجبين لتقدم الحوار بشأن التوصل إلى قانون جديد للانتخابات: «ألا يشكل حالة قهر أو عزل لأي من مكونات العيش المشترك، وأن يكون متضمناً «كوتا المرأة». وعلى هذا الأساس، أكد الحريري العمل على «إنهاء الدوران في الحلقة الفارغة للقانون الجديد»، متوجهاً من هذا المنطلق إلى «كل محازبي ومناصري تيار المستقبل» بضرورة الاستعداد والحشد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة «في كل المناطق وتحت سقف أي قانون يقرّه المجلس النيابي»، ليختم خطابه بالقول: «مشروع رفيق الحريري هو مشروعنا الحقيقي، وبهذا المشروع مستمرون، وبهذا المشروع سنذهب إلى الانتخابات، وبهذا المشروع سننتصر معكم جميعاً بإذن الله».

ومساء 14 شباط، كانت لرئيس الحكومة إطلالة متلفزة مخصصة للمناسبة عبر شاشة «otv»، عبّر فيها عن تفاؤله بالوصول إلى قانون عادل تُجرى على أساسه الانتخابات بوصفها «انتخابات وطنية» لا يجب أن يخجل فيها المسيحي من انتخاب المسلم أو المسلم من انتخاب المسيحي لأنّ النائب «يمثل الوطن ويشرّع عن الوطن». وعن علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أكد الحريري أنها «مبنيّة على الصراحة والصدق في مقاربة الأمور من أجل مصلحة البلد»، مضيفاً: «علينا جميعاً أن نتعاون حتى نتمكن من حكم البلد وأنا لطالما كنت أحترم الرئيس عون إلا أنني كنت أختلف معه في السياسة (...) لذلك التعاون مطلوب وأن نطوي صفحة الماضي هو الأساس، توجد أماكن نختلف فيها بالرأي إلا أن مقاربة الاختلاف بالرأي اختلفت حيث أصبحنا نبحث عن تدوير الزوايا من أجل تمرير المراحل».

الموازنة.. نقاش واقتراحات

وأمس، ترأس الحريري مجلس الوزراء في السراي الحكومي في اجتماع خُصّص لمناقشة مشروع الموازنة العامة، واستهله بالتشديد على «أهمية إقرارها بعد 12 سنة من دون موازنة» مع تأكيده على ضرورة «تحسين موضوع الجباية». 

وإذ تقرر استكمال البحث في المشروع بعد غد الجمعة وفي ثلاث جلسات متتالية يعقدها المجلس الأسبوع المقبل للإسراع في إقرار الموازنة قبل نهاية الشهر، أوضح وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون لـ«المستقبل» أنّ النقاش «لا يزال في بداياته وتناول خطوطاً عريضة في شأن سلسلة الرتب والرواتب والاقتراحات الضريبية المقترحة لتمويلها»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «هناك صعوبة لمناقشة كل السلّة الضريبية دفعة واحدة لأن ذلك سيتطلب أشهراً عدة». وفي ضوء ذلك أشار فرعون إلى بعض الحلول المقترحة للإسراع في إقرار الموازنة «فإما درسها من دون سلسلة على أن يُصار إلى رفع مشروع مستقل يتضمن أرقام السلسلة والإجراءات المقترحة لتمويلها، أو العودة الى مشروع السلسلة الموجود راهناً في مجلس النواب»، موضحاً كذلك أنّ «النقاش طاول وجوب بدء تحضير مشروع موازنة للعام 2018 تُمرر فيه مواد لا يستحيل تمريرها في مشروع الموازنة الحالي»، وسط تأكيده في هذا المجال أنّ «مجلس الوزراء أخذ على عاتقه درس كل الخيارات المتاحة بشكل علمي ومنطقي حفاطاً على مقدرات البلد وعدم تعريض قطاعاته إلى أي أعباء جديدة».

بدوره، أكد وزير الاقتصاد رائد خوري لـ«المستقبل» وجود «توافق تام على وجوب إقرار الموازنة بالسرعة القصوى»، لافتاً إلى أنّ النقاش خلال جلسة الأمس لم يخرج عن دائرة «العموميات وتناول بعض الضرائب التي يمكن إدراجها ولا يكون لها انعكاس سلبي على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي»، مسلطاً الضوء على كون البحث يتمحور راهناً حول «ما إذا كانت يجب فصل السلسلة وإجراءات تمويلها عن المشروع الحالي أو إبقاؤها من ضمن أرقام مشروع موازنة العام 2017».

 

الديار :

عند الساعة الثانية عشرة وعشرين دقيقة، من يوم الاثنين في 14 شباط 2005، كان الرئيس المرحوم الشهيد رفيق الحريري ينزل على درج مجلس النواب مغادرا المجلس النيابي، فنظر فرأى صحافيان محمد شقير وفيصل سلمان يشربان القهوة في مقهى قبالة ساحة النجمة، فتوجه نحوهما بدل الصعود الى السيارة فيما كان الدركي الدرّاج يقول ان هنالك عجقة سير على الطريق التي تمر قرب منزل الرئيس سليم الحص.  
وجلس الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الزميلين شقير وسلمان وطلب كوباً من البوظة وامضى 10 دقائق ثم انتقل في سيارته وهو يقودها وقربه الشهيد الوزير باسل فليحان.
وانطلق الموكب من ساحة النجمة، باتجاه نفق فندق فينيسيا، واقترب من فندق السان جورج وحصل اكبر انفجار في بيروت، حيث انفجرت شاحنة ميتسوبيشي عند الساعة الواحدة الا خمس دقائق، اثناء مرور موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فحفرت حفرة في الأرض عمقها 7 امتار وقطرها 18 مترا، واحترقت سيارات موكب الرئيس الشهيد الحريري، واستشهد على الفور الرئيس الشهيد الحريري، لان الشاحنة الميتسوبيشي كانت محملة بـ 2000 كيلوغرام من مادة الـ تي.ان.تي. مع سي.فور الحارقة وهرعت سيارات الدفاع المدني واطفائية بيروت الى المكان مع الجيش وقوى الامن الداخلي، الا انهم لم يستطيعوا الاقتراب بسبب قوة النيران، الى ان بدأ الدفاع المدني باطفاء الحريق الكبير، ومضت 10 دقائق قبل ان يخفّ وهج النار ويقترب احدهم ليرى المنظر.
وشوهد في هذا الوقت مرافقو الرئيس الشهيد الحريري، الذين كانوا في سياراتهم الى الوراء، وهم يبكون. في هذا الوقت، اتصل مدير المخابرات السعودية بالرئيس الشهيد سعد الحريري، وقال له: اين والدك الان، فقال له: قالوا لي انهم نقلوه الى مستشفى الجامعة الأميركية، فسأله، هل رأيته، فقال: كلا لم أراه. وسيطر الدفاع المدني مع اطفائية بيروت على النيران، وحمل 4 من عناصر الدفاع المدني جثمان الرئيس الشهيد رفيق الحريري واخرجوه من السيارة ووضعوه على الطريق.
لم يكن مصاباً بجروح، بل نتيجة العصف القوي من الانفجار، حصل انفجار في دماغه، ولم تخترق النيران السيارة المصفحة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن قوة الانفجار أدت الى عصف قوي فجّر انسجة الدماغ والشرايين فيه، وهذا ما ادّى الى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري فورا.
انتشر الخبر بسرعة في البلاد، وحصلت صدمة كبرى في لبنان والعالم العربي، والسؤال كان، كيف تم تفجير شاحنة الميتسوبيشي، خاصة وان موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري مجهز بسيارات تطلق التشويش وتمنع تفجير السيارات عن بعد والقنابل عن بُعد، والجواب، كان هنالك شخص في سيارة الميتسوبيشي، لكن لم يجدوا اثر من اثاره، نظرا لتحويل انفجار سيارة الميتسوبيشي الى قطع صغيرة للغاية.
عمل القاضي سعيد ميرزا، المدعي العام التمييزي على التفتيش على كل المناطق ووضعوا في المُنخل التراب حتى وجدوا سنّ من أسنان الفك، تم بعد دراسته التأكد، من ان صاحبه لم يكن في لبنان، بل كان في بلد ذات رطوبة، صحراوية، لا تتطابق مع مناخ لبنان.
وتم تسليم هذا السن الى المحكمة الدولية، وهذا كل ما بقيَ من شاحنة الميتسوبيشي التي انفجرت.
كان الاستنتاج ان هنالك شخصا داخل شاحنة الميتسوبيشي هو الذي بيده شدّ حبل التفجير فانفجرت الشاحنة لحظة مرور الموكب، وعلى هذا الأساس، انطلق قاضي القضاة في التحقيق في الموضوع، قبل ان يصبح في يد المحكمة الدولية في لاهاي في هولندا.
قبل الساعة الواحدة الا خمس دقائق، كان لبنان في أمر معيّن، وبعد الساعة الواحدة الا 5 دقائق، اصبح لبنان في وضع آخر، تغير التاريخ في لبنان، وانقسم الى 14 اذار و 8 اذار، وبدأت المظاهرات المليونية، وخرج الجيش السوري من لبنان، في ظل تطبيق القرار 1559، وهكذا في ثانية واحدة، هي ثانية حصول الانفجار، تغير لبنان بكامله.
انه استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

 

الجمهورية :

تحرّك المشهد الداخلي على إيقاع الزيارة الرئاسية الى كل من مصر والاردن، وما رافقها من مواقف لافتة للانتباه لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك على إيقاع الرسائل المتعددة الاتجاهات التي وزّعها رئيس الحكومة سعد الحريري في احتفال الذكرى 12 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فيما اتجهت الانظار الى واشنطن حيث أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أنّ «حلّ الدولتين» للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، ليس السبيل الوحيد الممكن من أجل التوصّل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، وأنّه لن يسمح أبداً لإيران بحيازة السلاح النووي. واثار هذا الموقف كثيرا من التساؤلات حول ما يمكن ان يكون عليه مستقبل الاوضاع في المنطقة في ظل عهد ترامب والتهديدات التي يطلقها في مختلف الاتجاهات، وخصوصا في اتجاه ايران. وتزامناً مع وصول نتنياهو إلى واشنطن أعلنت الرئاسة الفلسطينية استعدادها للتعامل بايجابية مع إدارة ترامب من أجل صنع السلام.

يبدو، مع بقاء القانون الانتخابي مربوطاً بسلسلة تعقيدات مستعصية ومناكفات وصيَغ ملتبسة تمنع ولادته في المدى المنظور، أنّ البلد يتأهب لأن يُربط بعقدة جديدة تلوح في أفق الموازنة العامة، ولا تقلّ استعصاء عن العقدة الانتخابية.

واذا كان اللبنانيون قد استبشروا خيراً بوضع الموازنة على بساط البحث على طاولة الحكومة، في محاولة لإعادة انتظام الحياة الاقتصادية والمالية المشَوّهة منذ العام 2005، الّا انّ ما يخشى منه هو أن تشكّل هذه الموازنة مادة خلافية إضافية بين المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والفئات الشعبية، وخصوصاً حول باب الواردات والضرائب المحددة لهذه الغاية وقدرة المواطن على تحمّل أعبائها، وكذلك حول التقديمات وسلسلة الرتب الرواتب وقدرة الخزينة على تحمّل أكلافها التي قد تنحدر بالوضع المالي الى درك تضخّم خطير بمردود عكسي على المواطن والخزينة العامة في آن معاً، على نحو ما تحذّر منه الهيئات الاقتصادية.

عون

في الشق الرئاسي، يستعدّ رئيس الجمهورية لزيارة قريبة الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس، والكويت تلبية لدعوة من أميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وذلك في سياق الزيارات الخارجية التي قرّر تلبيتها، وقادَته أخيراً الى كل من القاهرة وعمان اللتين عاد منهما بجعبة ملأى بالحرص على لبنان، والتضامن الكليّ مع هذا البلد، الذي قدّمه عون من على المنبرين المصري والاردني في موقع المُشخِّص للخطر الذي يتهدّد كل العرب والمتمثّل بالارهاب الذي يعصف بهم، وفي موقع الحريص على بناء الجسور بين الدول العربية ونزع فتائل التفجير التي زرعها الارهاب في مجتمعاتهم.

واذا كانت أوساط عون تعكس ارتياحه لنتائج الزيارتين، إلّا انّ الرهان الاساس بالنسبة إليه يبقى على أن يَستشعِر العرب بحجم الخطر المُحدق ويسلكوا طريق تحصين المجتمعات العربية والنأي بها عن العواصف الارهابية، وأولى الخطوات في هذا الاتجاه تكمن في سلوك باب الحلول السياسية في الاماكن المشتعلة، لأنّ الحريق، إن استمر، فإنه سيكون عابراً للحدود وقد لا يسلم منه أيّ متفرّج عليه.

على انّ المقاربات الداخلية للموقف الرئاسي هذا جاءت متناغمة معه في تشخيص الخطر الارهابي وتهديده للمجتمعات، وللبنان بالدرجة الاولى. الّا انّ تَردّدات موقفه حول سلاح «حزب الله» وضرورته التي أشار اليها، قسّمت المكونات السياسية بين فريق مرحّب نزل عليه كلام الرئيس برداً وسلاماً، وفي مقدمه «حزب الله» وحلفاؤه، وبين فريق بَدا مُستفَزّاً بهذا الموقف.

وقد عبّرت عن ذلك المواقف الانتقادية او الاحتجاجية التي أطلقها بعض مكونات «14 آذار» حيال هذه «الغلطة»، وكان لافتاً للانتباه في هذا السياق، حرص رئيس الحكومة في خطاب «البيال» أمس الاول، على إظهار التمايُز بالموقف عن رئيس الجمهورية، وإعلان ما يشبه «الاعتراض الناعم» على هذا الموقف بتأكيده الثبات على موقفه الاعتراضي حيال سلاح «حزب الله» الذي ما يزال يشكل مادة خلافية بين اللبنانيين.

سعيد

وحول الموضوع ذاته، قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية» إنّ قول الرئيس عون انّ سلاح «حزب الله» لا يتناقض مع قيام الدولة قد أحدثَ انقساماً حاداً، كما برز في بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» المؤيّد لرئيس الجمهورية وفي بيان كتلة «المستقبل» الذي يعتبر انّ الدولة وحدها مسؤولة عن حماية لبنان وفقاً للدستور والقرار الدولي ١٧٠١».

وأسِف سعيد «أن يكون موقف الرئيس يتناقض مع قسمه على الدستور»، واعتبر «انّ انحيازه لـ«حزب الله» سيشكّل يوماً بعد يوم انقساماً قد يبلغ حداً خطراً جداً في مرحلة محفوفة بالمخاطر». وتمنى على وزير الدولة لشؤون الرئاسة بيار رفول»التنَبّه وأخذ التدابير الى جانب فخامة الرئيس من أجل عودة الأمور الى نصابها».

«الرباعية» انتهت

في الشق الانتخابي، صار الحديث عن هذا الملف أشبه بالتكرار اليومي لواحدة من حكايات «ألف ليلة وليلة»، يبدأ البحث من نقطة وما يلبث أن ينتهي عندها، ومن ثم يعود الكلام الى نقطة البداية.

وهذا هو حال كل الصيغ الأكثرية او المختلطة او التأهيلية بين النظامين الاكثري والنسبي التي طرحت على بساط البحث، والتي آلت كلها للرمي في سلة المهملات، على حدّ توصيف أحد اعضاء «اللجنة الرباعية»، وهو الأمر الذي كان سبباً في نَعي اللجنة نهائياً، والاعلان صراحة بأنها فقدت صلاحية الاستمرار لعدم امتلاكها أولاً قدرة القرار والإلزام، وثانياً لافتقادها قدرة تدوير الزوايا وبناء المساحة الانتخابية المشتركة التي يفترض ان يقف عليها كل الاطراف.

وسمع النواب صراحة أمس، ما يُفيد بنَعي اللجنة، من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي رمى الكرة مجدداً في ملعب الحكومة، على اعتبارها المرآة العاكسة لكل المكوّنات السياسية. وبالتالي، تقع عليها حصراً وقبل الآخرين مسؤولية المُسارعة الى إعداد القانون الانتخابي بالشكل الذي يُرضي كل المكونات بعدالته وسلامة التمثيل التي يحققها، واحالته الى المجلس النيابي لإقراره، ولم يفت الوقت لتحقيق ذلك.

وأمام «نواب الاربعاء»، قال بري: «انّ واجب الحكومة مناقشة القانون في أقرب وقت، لأنه من أولى مهماتها ومسؤولياتها». وإذ أكد انّ «حماية لبنان والحفاظ على التنوّع في التركيبة اللبنانية لا يكون الّا من خلال إقرار قانون جديد للانتخاب على أساس النسبية»، ألقى المسؤولية على الجميع بقوله: «من أجل تسييج لبنان، علينا ان نتوافق على قانون الانتخاب».

وفيما يتكتّم بري على الافكار التي تلقّاها من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، مُكتفياً بإجابة مقتضبة على كثير ممّن حاولوا الاستفسار عنها: «إنها أفكار جديرة بالبحث والنقاش»، رفضت مصادر إشتراكية تحديد ماهيتها، وقالت لـ«الجمهورية»: هناك من يعطّل الوصول الى حل انتخابي ويحاول ان يرمي مسؤولية التعطيل علينا، نحن مع تسهيل الوصول الى قانون انتخابي في أقرب وقت، قانون مثالي قائم على العدالة ولا تشتمّ منه روائح الاستهداف او التعرّض لأيّ مكوّن.

وعلى هذا الاساس قدّم النائب جنبلاط أفكاراً نجدها الأكثر قابلية لأنْ تُعتمد، وهي أصبحت في عهدة الرئيس بري الذي نثق بأنه خير من ينقل الامور الى برّ الأمان للجميع».

الّا انّ مصادر مواكبة لمسار النقاشات الانتخابية، قالت لـ»الجمهورية»: «انّ ما قدّمه جنبلاط، المعروف موقفه من قانون النسبية وتمسّكه بقانون الستين، هو كناية عن أفكار تنطوي على قبول بنسبية معيّنة، نتائجها مريحة له، ولا تشبه الصيَغ النسبية التي تطرح وتنطوي على مضامين الغائية أو تحجيمية لبعض المكونات».

في هذه الاجواء المقفلة إنتخابياً، يقترب وزير الداخلية نهاد المشنوق من لحظة إعداد مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق القانون الانتخابي النافذ قبل 21 الجاري، علماً انه ما زال يؤكد انه سيقوم بما يُملي عليه واجبه كوزير للداخلية ولا سيما لجهة ما يتعلق بدعوة الهيئات الناخبة، وكذلك هو ملتزم الاعداد للانتخابات وإجرائها على اعتبارها إحدى ركائز تثبيت النظام اللبناني».

وفي غياب ايّ مؤشّر حول إمكان الوصول الى توافق انتخابي يُفضي الى قانون تُجرى على أساسه الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، فإنّ بعض الاوساط السياسية بدأت منذ الآن تتحدث عن السيناريوهات المحتملة لتلك الفترة، وأكثر هذه السيناريوهات تردداً كان احتمال الذهاب الى «تمديد محدود» لبضعة اشهر للمجلس النيابي بمعزل عن الوصول الى قانون جديد.

الّا انّ معلومات بعبدا قالت لـ«الجمهورية»: «إنّ ايّ تمديد تحت مسمّى تمديد تقني لمجلس النواب او تحت ايّ مسمّى آخر هو مرفوض جملة وتفصيلاً، فضلاً عن انّ مثل هذا الامر يعني القضاء على الانتخابات. لكنّ التمديد التقني يُسمّى تقنياً اذا تمّ التوصّل الى قانون انتخابي نَصّ عليه بشكل واضح ولفترة قصيرة محددة».

وعلمت «الجمهورية» انّ لقاءً سيجمع اليوم الحريري مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، الذي استقبل أمس رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون. ويأتي اللقاء تتويجاً لسلسلة لقاءات بين مسؤولين من الحزب وآخرين من فريق الحريري للبحث في سبل التعاطي مع الملفات المطروحة، ولا سيما منها قانون الانتخاب وآليّات التشاور بين الجانبين في هذا الشأن.

الرابطة المارونية

الى ذلك، تتابع الرابطة المارونية اتصالاتها لتسويق اقتراحها الانتخابي (One man limited votes). وقال رئيسها النقيب انطوان قليموس لـ«الجمهورية» إنه سيزور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الأيام المقبلة ليضعه في أجواء زيارته الأوسترالية، ويعرضان الملفات التي تواجه الساحتين اللبنانية والمسيحيّة، إضافة الى بحث قانون الانتخاب عموماً وقانون الرابطة خصوصاً.

وأشار الى أنّ «البحث مستمرّ مع جميع القوى المسيحية واللبنانية من أجل الاتفاق على القانون العتيد»، واعتبر أنّ «قانون الرابطة قد يشكّل الحلّ الوسطي الذي يرضى به الجميع ويؤمّن صحّة التمثيل».

الموازنة

من جهة ثانية، إنطلقت الحكومة، وبوتيرة سريعة، في دراسة الموازنة العامة للسنة الحالية، وشهدت جلسة مجلس الوزراء التي عقدت لهذه الغاية في السراي الحكومي نقاشاً وزارياً حولها، تقرّر في نهايته أن يتابع البحث في جلسة غداً، تليها 3 جلسات متتالية الأسبوع المقبل.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ المداخلات تركزت حول السلسلة والانفاق والعجز والواردات والضرائب. وردّ وزير المال على حسن خليل على تساؤلات الوزراء بحضور فريق عمله، وذكّرهم بأنّ الضرائب التي يَستشرسون في رفضها أقرّت في الهيئة العامة لمجلس النواب ولم يتم إضافة ايّ زيادة عليها في الموازنه باستثناء ما تمّ إعلانه عن رفع الضرائب على فوائد المصارف والعقارات وهي لا تمسّ المواطن.

ساعات كهرباء إضافية

على صعيد آخر، كشفت مصادر معنية بملف الكهرباء لـ«الجمهورية» انّ برامج التغذية الكهربائية سترتفع 3 ساعات يومياً، بدءاً من نهاية الشهر الجاري. وقالت: «إنّ المعملين الجديدين، اللذين انتهت المؤسسة من بنائهما منذ فترة قصيرة، سيعملان بقدرة إنتاج تقارب الـ 270 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، وسيدخلان الخدمة الفعلية قبل نهاية الشهر الجاري، وسيتم ربطهما بالشبكة الأساسية لتوزيع الطاقة الكهربائية».

وحول ما أشيع عن رفع تعرفة الكهرباء، قال وزير الطاقة سيزار ابي خليل لـ«الجمهورية»: «نحضّر خطة لتخفيف فاتورة المواطن وتمرّ بمراحل منها زيادة ساعات التغذية، ما يعني تخفيض ساعات الاعتماد على المولدات. وبالتالي، تصبح الفاتورة الاجمالية التي يدفعها المواطن مخفّضة، وعندما ننتهي من هذه الدراسة سنعرضها على مجلس الوزراء وسنضع الرأي العام في تفاصيلها».

واستغرب أبي خليل «كيف تبدأ الانتقادات والوزارة لم تنجز بعد الدراسة»، موضحاً «انّ الخطة تتضمن زيادة ساعات التغذية وزيادة التعرفة بشكل طفيف مقابل تخفيض ساعات المولدات حتى نصل في النهاية الى تغذية الـ24/24 وتكون الفاتورة الاجمالية أقلّ بكثير ممّا يدفعه المواطن حالياً».

إضراب تحذيري

في هذه الأجواء، يدخل القطاع التربوي اليوم، أولى مظاهر التعطيل، وستقفل المدارس الثانوية ودور المعلمين ومراكز الإرشاد أمام عشرات الألوف من الطلاب الثانويين بدعوة من رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان، التي تطالب باستعادة حقوق أساتذة التعليم الثانوي من الفئة الثالثة التي ضُربت منذ العام 1998 وحرمانهم من حقوقهم بـ60% من التعويصات المستحقة لهم.

وسيتزامن الإضراب مع اعتصام مركزي في ساحة رياض الصلح، مقابل مجلسي النواب والوزراء، إبتداء من الساعة التاسعة والنصف صباحاً، تحت عنوان: «حقوق المتعاقد المنسيّة وضرورة إرجاعها قبل بدء الانتخابات النيابية». وسينتهي التجمّع بمؤتمر صحافي يُعقد عند الحادية عشرة قبل الظهر.

 

 

اللواء :

سلّمت الطبقة السياسية بأنه من غير الممكن اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ما دامت النية معقودة على إنتاج قانون جديد للانتخابات، آخذة صورته في التشكل، فهو غير اقصائي أو تهميشي لأي طائفة من الطوائف اللبنانية، وهو ليس قانون الستين او على شاكلته، وهو فيه شيء من النسبية لكنه ليس نسبياً، وفيه شيء من النظام الأكثري لكنه ليس أكثرية، أي في منزلة بين منزلين الأكثري والنسبي.

ومع هذه النتيجة، أعطت حكومة استعادة الثقة الأولوية لانجاز موازنة العام 2017 التي حضرت للمرة الثانية على طاولة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الكبير أمس، على مدى ثلاث ساعات، على أن يعقد المجلس جلسة غداً ورابعة الاثنين، وربما تمتد الجلسات الى الأربعاء والجمعة.

وهذا يعني أن قراراً سياسياً اتخذ بإنجاز الموازنة قبل نهاية الشهر، لإحالتها إلى مجلس النواب الذي يستعد لمناقشتها واقرارها في وقت لا يتجاوز الأسبوع الأوّل من آذار.

وتوقف مصدر وزاري عند عقد الجلسات في السراي الكبير وبرئاسة الرئيس سعد الحريري، بحيث تأخذ المناقشات مداها، نظراً لحجم الصعوبات التي تواجهها الموازنة، والتي تتمثل بقطع الحساب ومصير الـ11 مليار دولار، فضلاً عن سلّة الضرائب التي تواجه برفض عدد من الوزراء أن تتناول 1 في المائة على القيمة المضافة، أو الضرائب على الفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط، ومعارضة الهيئات الاقتصادية فرض ضرائب على بعض الصادرات التي تعتبر من الكماليات أو حتى على الفوائد المصرفية.

وإذا كان وزير المال علي حسن خليل يحرص على الدفاع عن الارقام التي قدمها، وعن بعض الضرائب التي قال أن مجلس النواب اقرها في جلسات تشريعية، فإن مشكلة تمويل سلسلة الرتب والرواتب تواجه هي الأخرى انقساماً وزارياً، بين المتمسك بأن تكون جزءاً من الموازنة على أن يربط تمويلها بوقف الهدر وليس بفرض الضرائب، وبين مطالب بفصل الموازنة عن السلسلة.

وفي ظل هذا التجاذب، تنفذ رابطة التعليم الثانوي ورابطة التعليم المهني اضراباً في إطار الضغط على الحكومة لإقرار السلسلة بأي ثمن، دعت التعبئة التربوية في «حزب الله» إلى أوسع مشاركة فيه.

وبالعودة إلى مناقشات الجلسة، أمس، فان مصادر وزارية قالت لـ«اللواء» أن المناقشات تناولت بعض الإصلاحات الممكنة في الإدارة، فضلاً عن تحسين الجباية في المياه والكهرباء والضرائب المتوجبة، بما فيها عمل الجمارك.

وقالت هذه المصادر أن الدخول في الأرقام سيكون بدءاً من جلسة الغد، إضافة إلى جدول أعمال من 46 بنداً يتعلق بنقل اعتمادات وقبول هبات وسفر. وقد وزّع على الوزراء في ختام الجلسة، مع مشروع الموازنة.

ومن البدائل التي طرحت، وفقاً لأحد الوزراء، تحسين جباية الكهرباء وتخفيض فاتورة المولدات، بالإضافة إلى تخفيض خدمة الدين العام بتخفيض نسبة الفوائد على سندات الخزينة والمصارف.

ومن النقاط التي اثيرت في الجلسة ما طرحه وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبي عاصي من أن 45 في المائة من الضرائب ضائعة، متوقفاً عند ضرورة تخفيض فاتورة الاتصالات وتقديم التسهيلات للاستثمار في لبنان، في حين ان وزير الصناعة حسين الحاج حسن رفض فرض أي ضريبة، ودعا إلى إحداث توازن بين الواردات والصادرات، إذ لا يعقل أن تنخفض صادرات لبنان من 4 مليارات دولار إلى 3 مليارات وترتفع نسبة الاستيراد الى ما مجموعه 19 مليار دولار.

وخلال الجلسة طلب وزير الإعلام ملحم رياشي الكلام فأثار قضية ما حصل ليل الثلاثاء – الأربعاء امام تلفزيون «الجديد»، وطالب رئيس الحكومة بالتدخل لحماية حرية الإعلام مشدداً على أن حرية التعبير والتظاهر يتيحها الدستور لكن دون العنف أو التعرّض للأملاك العامة.

وجرى نقاش حول التجمع الاحتجاجي الذي تحوّل إلى هرج ومرج وإطلاق أسهم نارية وتكسير زجاج، فقال وزير العدل سليم جريصاني ان القضاء تدخل وهو بصدد اجراء اللازم في مسألتين: الأولى تتعلق بالتعرض للرموز الدينية والسياسية والتحقق من مدى حصول ذلك والوصف الجرمي لما حصل، والثانية تتعلق بالتحقق مما إذا كان جرى التعرّض للاملاك العامة أو استخدام العنف من قبل أشخاص معينين للادعاء عليهم وملاحقتهم.

وفي السياق تحدث كل من الوزير علي حسن خليل والوزير غازي زعيتر، فتساءلا: لماذا لا يلزم القضاء محطة «الجديد» بعدم التعرّض لرموز دينية وسياسية، لا سيما شخصية الإمام موسى الصدر الذي هو رمز وطني كبير. (راجع ص 2)

قانون الانتخاب

وفي الشأن الانتخابي، علمت «اللواء» أن اتصالاً حصل قبل جلسة مجلس الوزراء في السراي بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، وجرى التفاهم على تحريك الاتصالات والعودة إلى الاجتماعات لإيجاد صيغة تتعلق بقانون الانتخاب، وبالتزامن مع الانهماك الحكومي لإنجاز الموازنة.

ونقل نواب شاركوا في «لقاء الأربعاء» مع الرئيس نبيه برّي الذي استعاد عافيته من الجراحة التي أجراها، ان الاتصالات في شأن قانون الانتخابات نشطت منذ يومين على أكثر من مستوى بهدف الوصول الى قانون جديد وأشاروا الى ان كل الخيارات مفتوحة، وان الجميع يبدي حرصه على الوصول الى صيغة انتخابية جديدة، وان الاجتماعات باتت على المستوى الثنائي وبعيداً من الأضواء.

وحول الافكار التي وضعها في تصرف رئيس المجلس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، أكد النواب انها تنطلق من القانون المختلط وتركز على التقسيمات الادارية للمحافظات والمناطق وخصوصاً في قضائي الشوف وعاليه.

وإذا كانت كتلة «المستقبل» النيابية أعادت تكرار تأكيدها على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وفقاً لقانون جديد قائم على وحدة المعايير لا يقصي ولا يقهر أي طرف، فإن كتلة الوفاء للمقاومة أعلنت «انفتاحها على كل نقاش جدي يدور حول أي صيغة معقولة ومتماسكة يمكن التوافق عليها». فيما كان الرئيس الحريري يدعو كوادر تيّار «المستقبل» للاستعداد لاجراء الانتخابات النيابية، مؤكداً ان قانوناً جديداً للانتخاب ستجري على أساسه وسيتم التوصّل إليه.

الذكرى 12 لاستشهاد رفيق الحريري

وأحتل الملف الانتخابي حيزاً من خطاب الرئيس الحريري في الذكرى 12 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري الذي أقيم الاحتفال في «البيال» بعد ظهر الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لكل من رئيس الجمهورية والمجلس النيابي هما وزير العدل سليم جريصاتي والنائب ميشال موسى وقيادات 14 آذار لا سيما الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع ورئيسي الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة، وممثلي وسفراء الدول العربية والأجنبية ورجال دين مسلمين ومسيحيين.

وبعد استعادة لثوابت الرئيس الشهيد، أكّد الرئيس الحريري على أهمية التسوية التي اقدم عليها في ما خص انتخاب الرئيس ميشال عون، والتي أنهت الفراغ وحمت الطائف ومنعت الليرة من الانهيار، رافضاً أي دعوة للصدام وتكسير البلد، معتبراً ان كتاب الرئيس الشهيد هو سنده وعمره وقصة حياته، و«نحن أم الصبي بمعنى حماية الحياة المشتركة للبنانيين، ولسنا أم الصبي بمعنى التنازل عن الحقوق الوطنية».

وانطلاقاً من ان التضحية مسؤولية وشجاعة، أكّد الرئيس الحريري «تقدمنا للحوار حول القضايا الوطنية ونبدي حرصاً لا تراجع فيه للتوصل إلى قانون جديد للانتخابات يُعيد إنتاج الحياة الوطنية ولا يقهر أو يعزل أي مكون، وعلى رأسهم حلفاؤنا في السراي والقضاء»، مؤكداً على «الكوتا النسائية» في قانون الانتخاب.

وفي مجال سياسي ودستوري، لم يخل من توجيه رسائل معينة، أكّد الرئيس الحريري ان أي مرجعية لا يمكن ان تعلو على مرجعية الدولة «لا مرجعية الأحزاب ولا مرجعية الطوائف ولا مرجعيات الاستقواء بالخارج، كائناً من كان هذا الخارج شقيقاً أو حليفاً أو صديقاً، فقرار لبنان في يد الدولة اللبنانية، ولا هو بيد أفراد أو زعامات ولا بيد محاور إقليمية أو دولية. (راجع ص 3)

عودة عون

وفيما ينتظر ان يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مجدداً اليوم في ذكرى استشهاد قادة الحزب، للحديث عن الشأن السوري، الحدث الإسرائيلي، والتعليق على الموقف الأميركي الجديد والذي لم يعد متمسكاً بحل الدولتين، رغم ان الحزب لا يعترف بهذا الحل ويصر على استعادة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة من قبل إسرائيل.

أوضحت مصادر في الوفد المرافق لرئيس الجمهورية ميشال عون إلى مصر والأردن لـ«اللواء» أن الرئيس عون عاد مرتاحاً من هاتين الزيارتين اللتين ستتظهر نتائجهما في وقت قريب، معلنة ان العناوين نفسها طرحت في كل من الزيارتين.

وفي ما خص الشق السياسي، كان توافق بين الرئيس عون والملك الأردني عبدالله بن الحسين على قيام تنسيق لتعزيز التضامن العربي في القمة العربية التي يستضيفها الأردن في أواخر شهر آذار المقبل. أما بالنسبة إلى ملف الإرهاب، فكان تفاهم على التنسيق بين الأجهزة الأردنية واللبنانية لتبادل المعلومات وقيام تدريبات واسعة بينهما.

وإذا كان الجانبان ركزا على معالجة الأزمة السورية وفق حل سياسي ضمن المبادرات المتصلة بهذا الشأن، علم ان ملف النازحين السوريين استغرق وقتاً من النقاش في المحادثات اللبنانية – الأردنية، حيث كان عرض مشترك لتجربة البلدين في استضافة عدد كبير من هؤلاء النازحين. وأشارت مصادر الوفد الى أن الجانب الأردني توقف عند اتفاقه مع الاتحاد الأوروبي على آلية جديدة للعمل وضرورة استفادة لبنان منها، وساد تفاهم حول تقديم شروحات أكثر لتعميم التجربة الأوروبية في لبنان.

وأفادت أن هناك اتفاقاً على احياء اللجنة الأردنية – اللبنانية المشتركة وعقد أوّل اجتماع لها بأسرع وقت ممكن وتحضير الملفات الخاصة لها بهدف تقوية فعاليتها. كذلك برز تأكيد على تصريف الإنتاج الزراعي واستخدام خط العقبة بفعل الصعوبات الموجودة في الطريق البرية، فضلاً عن قيام مشاريع صناعية واستثمارية مشتركة.

اما بالنسبة إلى زيارته إلى مصر، فكان توافق على ترفيع اللجنة المصرية – اللبنانية المشتركة وتبادل معلومات بين الأجهزة الأمنية في كل البلدين، تحضيراً للعمل على زيادة الاستثمار بعد الخلل الذي أصاب الميزان التجاري، لافتة إلى أن العمل ينصب على قيام عدالة في هذا الإطار، وعلم ان اللجنة المشتركة تنعقد في شهر آذار المقبل.

إلى ذلك، ذكرت مصادر مطلعة بأن الموقف الذي أطلقه الرئيس عون في ما خص المقاومة هو نفسه منذ زمن ولن يتبدل وهو واضح لجهة