نشرت مجلة "politico" الأميركية تقريرا، تحدثت فيه عن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط.


ويستعرض التقرير، الذي كتبته "آني كارني"، أهم الصفات التي تميز كوشنر، وبعض تفاصيل حياته قبل تبوئه المنصب، فضلا عن علاقته بالسفراء العرب، وعلى رأسهم السفير الإماراتي يوسف العتيبة، وتوجهه في عمليته الشاقة لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وفيما يلي نص المقال:

في أوج حملة الانتخابات الرئاسية في الصيف الماضي، استأذن جاريد كوشنر وغادر حملة صهره (والد زوجته) ليحضر اجتماعا سريا مع واحد من كبار المتبرعين لحملة هيلاري كلينتون.

جلس كوشنر لما يقرب من تسعين دقيقة في أحد فنادق نيويورك يتحدث مع حاييم سابان، الملياردير منتج "مايتي مورفين باور رانجرز"، ومالك يونيفيجن، وأحد كبار مؤيدي إسرائيل المتبرعين للحزب الديمقراطي، وكان موضوع حديثهم هو إسرائيل.

كان كوشنر يتوق منذ سنوات إلى لقاء هذا الإسرائيلي الأميركي صاحب الإمبراطورية الإعلامية، ولكن لم تتح له الفرصة من قبل. في عام 2010، كتب كوشنر رسالة، وأرسلها إلى سابان يعبر فيها عن إعجابه به، ويهنئه على موضوع نشر عنه في إحدى المجلات. إلا أن رسالته لم يلتفت إليها أحد، ولم يحصل على رد عليها حتى الآن.

خلال اللقاء، حرص كوشنر على التأكيد لسابان أن دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة سيكون "جيدا جدا للعلاقة بين أميركا وإسرائيل"، وهي عبارة كررها عدة مرات خلال اللقاء، بحسب ما رواه شخص مطلع على ما جرى في الاجتماع، لكنه لم يفصل فيما سيكون عليه شكل هذا الأمر بالضبط. ولم يكن واضحا لماذا حرص كوشنر على التحدث مع سابان في أوج حملة الانتخابات الرئاسية، علما بأن سابان كان قد تبرع بعشرة ملايين دولار للمجموعة المؤيدة لكلينتون، وكان مشاركا بفعالية في حملتها، ويتواصل مع أعضاء فريقها عبر الإيميل، مقدما لهم النصائح والإرشادات حول أنجع السبل إلى مهاجمة ترامب، الرجل الذي نعته بالشخص "المخادع والكاذب والنصاب واللص".

اعترف سابان لكوشنر بأن انطباعا تشكل لديه بأن ترامب كان سيمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجال للتصرف بحرية فيما يتعلق بسياسات مثل توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وقال إن كلينتون كانت في المقابل ستتبنى مقاربة أكثر اعتدالا.

رد عليه كوشنر قائلا: "ومن يعلم؟"

وها هو كوشنر، البالغ من العمر ستة وثلاثين عاما - والذي كان يعمل سابقا في مجال التطوير العقاري، بابتسامته الهادئة وطموحه الذي لا حدود له ولكن بلا أدنى خبرة في السياسة الخارجية، يكلف اليوم بحل أصعب وأعقد المشاكل في العالم، تلك المشكلة التي حيرت ألباب الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء لعقود متتالية، ألا وهي التوسط لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

سوف يجلس كوشنر، اليهودي الأرثوذكسي المنحدر من عائلة مترابطة كانت تقيم في مدينة نيوجيرسي ومعروف عنها التبرع بالمال دعما للمستوطنات في الضفة الغربية بالإضافة إلى تبرعها للعديد من المشاريع الإسرائيلية، على طاولة واحدة مع ترامب ونتنياهو يوم الأربعاء، في أول لقاء يجمع الرجلين داخل البيت الأبيض، بحسب ما صرح به مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية.

قال ترامب، مخاطبًا جمعا من المتبرعين في حفل عشاء نظم عشية تنصيبه الشهر الماضي: "طوال عمري وأنا أسمع أن هذه الصفقة هي الأصعب إبراما في العالم. إذا كنت لا تستطيع إحلال السلام في الشرق الأوسط فلن يتمكن أحد من ذلك".

ولكن قلة قليلة من الناس في معسكر ترامب تشعر بالثقة والاطمئنان. فحتى حينما كان حلفاؤه من أنصار إسرائيل يحتفلون بمغادرة باراك أوباما، الرئيس الذي كانوا يعتبرونه معاديا بشكل خطير للمصالح الإسرائيلية ويتهمونه بالاحتفاظ بمشاعر مؤيدة للفلسطينيين، يسود في أوساطهم إحساس بأن الوقت غير مناسب للدفع باتجاه إحلال السلام في الشرق الأوسط، وثمة خشية لديهم من أن شهية ترامب لإبرام صفقة قد ينتهي به وبكوشنر في الوقوع في ورطة.

ويقول مورت كلاين، الرئيس القطري للمنظمة الصهيونية في أميركا ذات التوجه اليميني، والتي ساندت حملة ترامب، وتحصل على جزء من تمويلها من الملياردير شيلدون أديلسون: "بالطبع يعتقد ترامب أنه أعظم منجز للصفقات، لكن المشكلة أن هذه حرب دينية. ولذلك فهو مخطئ".

وبالنسبة لمؤسسة السياسة الخارجية، وبينما ينهمك ترامب وكوشنر في الإعداد لزيارة نتنياهو - حيث سافر كوشنر وعائلته في نهاية الأسبوع إلى مار ألاغو مع الرئيس - يبدو أن الكلمات القوية الصادرة عن زوج ابنة الرئيس حين قال "ومن يعلم؟" تلخص ما يراه كثيرون ممن يعملون في قطاع الأمن القومي إذ يحاولون جاهدين فهم ما تخططه الإدارة الجديدة بشأن الشرق الأوسط.

لم يترك كوشنر سوى القليل ما يمكن أن يستدل به على طريقة تفكيره، حيث رفض الخوض في نقاش الموضوع مع المخضرمين الذين شاركوا من قبل في عملية السلام مثل وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، والذي تحدث معه عدة مرات. وكان كيسنجر قد قال في مقابلة أجريت معه: "ليس واضحا بالنسبة لي كيفية تكليفه بهذه المهمة، فهل كلف بها بإشراف من البيت الأبيض أم أنه من المفترض أن يكون هو المفاوض الفعلي. كما أنه لم يتم تحديد ما الذي سيتفاوضون بشأنه".

منذ الانتخابات، تباطأت إدارة ترامب في الوفاء بما وعدت به من نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، كما خففت من لهجتها حول المستوطنات، وأصدرت بيانا صيغت عباراته بعناية فائقة وبمساعدة من كوشنر ذاته، قالت فيه إن بناء مستوطنات جديدة فيما وراء الحدود الحالية "قد لا يساعد" في تحقيق السلام. وأتبع ترامب ذلك بمقابلة نشرت له في صحيفة إسرائيلية يدعمها شيلدون أديلسون قال فيها: "لست ممن يعتقدون بأن المضي قدما ببناء هذه المستوطنات أمر يخدم السلام".

فسّر الخبراء المختصون في شؤون الشرق الأوسط تخفيف حدة الخطاب الذي تميزت به حملة ترامب بأنه بكل بساطة تعبير عن الرغبة في استباق اللقاء بنتنياهو وبمثابة رسالة إلى الإسرائيليين بألا يفترضوا شيئا بخصوص إدارة ترامب أو يحكموا مسبقا على استراتيجيتها.

وفي سياق الإعداد للزيارة، تحدث كوشنر مع يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة الأميركية، كما تحدث أيضا إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وإلى ممثلين عن كل من المملكة العربية السعودية ومصر. كما تحدث أيضا مع السفير الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأميركية رون ديرمر، مساعد رئيس الوزراء نتنياهو والمقرب جدا منه لدرجة أنه حاز على لقب "العقل المدبر لبيبي".

لقد أثبت كوشنر أنه على علاقة طيبة جدا بالدبلوماسيين العرب، فهو على تواصل دائم تقريبا عبر الهاتف والإيميل مع العتيبة، والذي التقى به في حزيران الماضي خلال الحملة الانتخابية بواسطة صديق مشترك هو ملياردير الاستثمار في العقارات توم براك، أحد الأصدقاء المقربين من ترامب ورئيس لجنة تنصيبه. يذكر العتيبة - وهو شخص ذكي ولاعب مهم في الدوائر السياسية داخل واشنطن ويحتل منصبه الحالي منذ عام 2008 - أول لقاء لهما استمر لما يقرب من تسعين دقيقة أمطره خلاله كوشنر بالأسئلة حول المنطقة بأسرها.

يقول العتيبة: "إنه يركز على الأفكار الكبيرة والاستراتيجية. كان هو الذي يطرح كل الأسئلة وكنت أنا الذي أجيب عليها".

في الماضي، كان الأميركيين الذين يشاركون في عملية السلام في الشرق الأوسط من النوعية التي تهتم بالتفاصيل. فهنري كيسنجر هو الذي صاغ العبارة الشهيرة "الدبلوماسية المكوكية" لوصف النمط الذي كان يمارسه من التفاوض الشخصي المكثف. أما دينيس روس، الذي تزعم جهود بيل كلينتون للسلام في التسعينيات والتي لم يكتب لها النجاح، فقد احتفظ بمجلدات من الملاحظات والمدونات الخاصة باجتماعاته بالزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين ونشر مذكراته في كتاب من تسعمائة صفحة وثق فيها ما كان يقوم به من جهود. يمكن للمحادثات مع الجيش الصغير من خبراء واشنطن حول الشرق الأوسط أن تغرق المرء في تفاصيل غير واضحة المعالم - ماذا لو أزحنا الحدود عند هذه النقطة؟ كم زهرية ينبغي أن نسمح بوجودها ههنا؟ ماذا لو استبدلنا هذه البقعة من الصحراء بذلك التل القاحل؟

حتى هذه اللحظة، يبدو أن كوشنر على النقيض من ذلك - فهو شخص يهتم بالكليات ويتجنب الغوص في التفاصيل، وقد عرف عنه تبنيه لنفس المقاربة في مجالات أخرى من الأعمال التي يقوم بها داخل عالم ترامب. خذ على سبيل المثال ما جرى في لقاء له مع مكتب رئيس مجلس النواب بول رايان حول الرعاية الصحية حيث لم يبد اهتماما بالتفاصيل الجزيئية للسياسة المتبعة في هذا النطاق، بحسب ما قاله أحد الحضور. بدلا من ذلك، وبينما كان يجلس على طاولة واحدة إلى جانب نائب الرئيس مايك بينس ومستشاري البيت الأبيض غاري كوهن وريك ديربورن، تركز اهتمام كوشنر الوحيد على المطلب الأساسي للرئيس، ألا وهو: كيف يمكن لنا أن نقول إنها خطة أفضل؟ كيف يمكن أن نقول إننا تمكنا من تخفيض التكاليف؟

وحينما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، وبحسب ما يقوله أشخاص تحدثوا مع كوشنر بشأن هذا الموضوع، يتركز اهتمامه على البحث عن أجوبة لأسئلة مثل: كيف يمكننا تحقيق السلام والرخاء؟ كيف يمكن للأقطار المختلفة أن تتعايش معا داخل المنطقة؟ يقول العتيبة في ذلك: "يندر أن تجده يحضر إلى اللقاء برأي تشكل مسبقا. واهتمامه الكلي يتركز على إلحاق الهزيمة بالتطرف".

ومع ذلك، فثمة جانب حاد في تفكير كوشنر حول الشرق الأوسط، وهذا ليس مستمدا فقط من والديه. لقد تشكلت آراء كوشنر حول إسرائيل من خلال الصداقات ومن خلال عقيدته - أشخاص مثل أصدقائه القدامى من أمثال رون بيريلمان، والذي دوام كوشنر وإيفانكا ترامب على التردد على كنيسه في مانهاتن بشكل منتظم، وكذلك الحاخام شمولي بوتشتش، صديق كوشنر منذ سنوات والذي بارك حملة ترامب الرئاسية. يعتبر بيريلمان من كبار المتبرعين للقضايا اليهودية ويعنى بشكل كبير بإصلاح علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل.

ولكن حتى أولئك الذي كانوا على علاقة وثيقة به منذ زمن طويل، وكانوا محل ثقة لديه لا يظنون بأن إسرائيل ينبغي أن تكون على رأس قائمة اهتمامات كوشنر في هذه اللحظة. يقول بوتيش: "إنه محل احترام كبير لدى مسؤولي الحكومة الإسرائيلية من الذين باتوا مقربين منه. إلا أنني متأكد من أنه لا يوجد أحد في الإدارة ممن يعتقدون بأنه ينبغي أن تكون تلك القضية من أولوياتها في الوقت الراهن".

يعمل بوتيش، الذي ينصت له كوشنر وينزل عنه رأيه، على الدفع باتجاه أجندة تؤجل البت في موضوع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الراهن. ويقول بوتيش في ذلك: "لا ينبغي أن يشكل الإسرائيليون والفلسطينيون بؤرة الاهتمام - بل بإمكان الإدارة أن تحقق إنجازا تاريخيا من خلال إحلال السلام بين إسرائيل ودول الخليج. وأعتقد أن الموضوع الأهم على الإطلاق هو السلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل".

وهذه رسالة مشابهة لتلك التي تسمعها الإدارة من الزعماء اليهود الآخرين الذين يتواصلون مع البيت الأبيض، ومفاد هذه الرسالة: على رسلكم، تمهلوا. يقول كلاين، الذي انتقد الإدارة أخيرا لأنها لم تذكر اليهود ضمن تصريح يندد بالمحرقة، بأنه أخبر مسؤولي البيت الأبيض في العديد من المحادثات التي جرت على مدى الشهور القليلة الماضية بأن الصفقة مستحيلة لأنها حرب دينية. وقال: "لقد قلت لهم بأنه لا ينبغي الضغط على إسرائيل للقيام بتنازلات من طرف واحد". وقال إن ردهم كان شبيها بما تحدث به كوشنر في لقائه مع سابان في الصيف الماضي. وأضاف كلاين: "يقولون بكل بساطة أنت تعرف بأننا ندعم إسرائيل وبأننا سنكون الصديق الوفي لإسرائيل".

يا ترى أي نوع من الرجال سيكون كوشنر كعاقد صفقات في الشرق الأوسط؟ لعل أفضل مرشد لنا في ذلك هو خبرته التي اكتسبها كرجل أعمال في مجال العقارات، وسجله في ذلك مختلط. أكبر عقار اشترته عائلته، وعنوانه رقم 666 فيفث أفينيو في عام 2007 مقابل 1.8 مليار دولار، ما لبث أن تحول إلى عبء - ولو جزئيا بسبب الركود. وفي عام 2013، اشترى كوشنر بالاشتراك مع مجموعة من المستثمرين خمسة عقارات في بروكلين بمبلغ 375 مليون دولار - وكان ذلك يزيد بما يقرب من خمسين مليون دولار عما كان يتوقع البائع. وبعد أن أخفقت شركة كوشنر في تحويل العقار إلى منطقة سكنية، ظلت كثير من المساحات التجارية في البناية القريبة من شاطئ بروكلين شاغرة لعدة شهور. (إلا أن العقار الآن مشغول بشكل شبه تام من قبل مستأجرين تجاريين والأمور في تحسن وازدهار.)

والآن، يراقب منافسوه القدماء عن كثب ليروا ما إذا كانت مهاراته التفاوضية في المسرح الدولي ستتفوق على ما قام به من أعمال في البلديات الخمس.

ولكن حتى الآن، وبالرغم من انفتاحه على الأقطار العربية والجهود التي يبذلها في محاولة لفهم الصورة الأكبر، يبدو أن كوشنر لم يسع إلى الاستفادة من توجيهات بعض الخبراء المخضرمين بشأن هذه القضية، ومنهم على سبيل المثال دينيس روس المفاوض في عملية السلام في الشرق الأوسط، والذي عمل ليس فقط تحت إدارة بيل كلينتون بل وأيضا تحت إدارتي كل من جورج دبليو بوش وباراك أوباما، حيث كان مستشارا في وزارة الخارجية ولدى مجلس الأمن القومي. قليلون سوى روس يعرفون التفاصيل الدقيقة لعملية السلام ولديهم اطلاع جيد على شخصيات مختلف اللاعبين المهمين في الجانبين.

قال روس أخيرا في إحدى المقابلات: "بكل وضوح، كان سيسعدني أن أتحدث مع أي شخص تناط به مسؤولية بهذا الخصوص أو له اهتمام بهذا الموضوع". وأضاف إن الأشخاص الوحيدين الذين تواصلوا معه حتى الآن كانوا بعض أعضاء فريق ترامب الانتقالي والذين لم يرافقوا ترامب إلى الإدارة الجديدة. ومضى روس يقول: "كتاباتي منشورة على الملأ، وحينما تنشر ما لديك فإنك تأمل بأن تساهم بمجموعة من الأفكار وبأن تلقى هذه الأفكار اهتمام الآخرين. حينما يرى الناس ذلك هم الذين يقررون من هو الشخص الذي يهتمون بالحديث معه ومتى يرغبون في التواصل معه".

من الجدير بالذكر أن كتابات روس تحذر فريق ترامب من مغبة نقل السفارة في إسرائيل، لأنهم في هذه الفترة في أمس الحاجة إلى أن تلعب الدول العربية دورا أكبر في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية. ومع ذلك، لا يستبعد روس إمكانية أن يلعب كوشنر دور الوسيط في عملية السلام وذلك على الرغم من البون الشاسع بين مستويات الخبرة التي يتمتع بها كل منهما.

وتابع روس متحدثا عن كوشنر: "سوف يعطي الانطباع بأنه صاحب قرار. ما يمكنني إخبارك به في هذا الجزء من العالم هو أنك إذا لم تكن تحظى بالأهلية فإنهم سيعرفون ذلك سريعا. ما سيمنحه فرصة العبور التلقائي في هذه الحالة هو الانطباع بأنه مقرب جدا من الرئيس".

إلا أن كثيرا من خطط كوشنر وترامب ماتزال في مرحلة "ومن يعلم". ولقد لاحظ عدد لا بأس به من خبراء السياسة الخارجية الباحثين عن علامات تدلهم على سياسة البيت الأبيض وكذلك عدد من الشخصيات التي سيكون من صميم عمليها التركيز على الشرق الأوسط بأن كوشنر فيما يبدو مثقل بأعباء المهام اليومية، فهو يحضر الاجتماعات مع زعماء الكونغرس وعليه من حين لآخر الاستعداد للظهور في الصور التي تلتقط بعد كل توقيع على أمر تنفيذي داخل المكتب البيضاوي.

يقول روس في ذلك: "إذا ما أراد أن يلعب هذا الدور فعليه أن يعلم أن ذلك يتطلب الكثير من الوقت والكثير من الاهتمام. ولربما بادر إلى تشكيل فريق توكل إليه هذه المسؤولية. ليس لدينا علم بأي من ذلك. ولا ندري أين يقع ذلك في سلم الأولويات لديه".

أما كيسنجر، الذي كان قد اجتمع مع الرئيس المنتخب ومع كوشنر داخل "ترامب تاور" أثناء المرحلة الانتقالية فقال إنه تكلم مع كوشنر بضع مرات، إلا أن الشرق الأوسط لم يذكر بتاتا في أي من نقاشاتهم. وقال كيسنجر: "لقد ناقشنا بعض المشاكل التنظيمية وبعض المشاكل المتعلقة بالسياسية تجاه مناطق أخرى من العالم، ولكن بشكل عام".

يقول مسؤولون في البيت الأبيض إن رصيد كوشنر الأساسي في العملية نابع من اعتباره شخصا يحظى بإنصات الرئيس له ونابع كذلك مما له من حظوة لديه. يقول مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض: "السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل يحظى بالثقة الكاملة لدى الرئيس، والجواب على ذلك هو نعم". ودافع هذا المسؤول عن أهلية كوشنر قائلا إن مهارته في الإنصات أكثر أهمية من أي خبرة يمكن أن تجتمع له حول المنطقة.

لربما كان لكوشنر ارتباط شخصي طويل الأمد مع إسرائيل - فقد كان نتنياهو قريبا جدا من والده تشارلز كوشنر منذ أن كان طفلا - ولكنه ليس المستشار الكبير الوحيد في البيت الأبيض الذي لديه وجهة نظر حول الموضوع. فقد كان كبير الاستراتيجيين ستيف بانون هو الذي قاد عملية إطلاق بريتبارت جيروساليم من خلال منصبه القديم كرئيس لمجلس إدارة الموقع الإخباري اليميني. وكانت الفكرة من الموقع هي تعديل ما كان يعتبره اليمين المتطرف انحيازا ضد إسرائيل في الأوساط الإعلامية السائدة - وأراد بانون توجيه رسالة، في نفس لحظة إطلاق المشروع، من خلال تسمية الموقع "بريتبارت جيروساليم" وليس "بريتبارت إسرائيل". يعتبر بانون وكوشنر حليفين، رؤيتهما موحدة حينما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.

ولكن، حتى وإن كانت أسئلة كثيرة ما تزال تنتظر الإجابة عليها، إلا أن خبراء السياسة الخارجية على استعداد لإعطاء كوشنر الفرصة وإحسان الظن به، والسبب وراء ذلك، ولو جزئيا، هو انخفاض مستوى التوقعات.

تقول كوري شاك، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية في إدارة جورج دبليو بوش، والتي جهرت في العام الماضي بدعمها لهيلاري كلينتون وألفت كتابا بالاشتراك مع وزير الدفاع جيمز ماتيس: "قد تسهم نظرة شخص جديد في تحرير بعض الأشياء الجديدة من عقالها. والحقيقة أن الكثير من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية تتعلق بالعقارات".

إلا أن ثمة حدود لما يمكن أن يؤثر به كوشنر على حماه، ففيما يتعلق بالمكسيك حيث قيل إن كوشنر كلف بمهمة ترميم العلاقات بعد ما لحق بها من أضرار بسبب النزاع حول فكرة ترامب التي تقترح إقامة جدار على الحدود بين البلدين، عارضه الرئيس أو قوض جهوده الدبلوماسية من خلال اللجوء إلى مزيد من التصريحات والتغريدات العدوانية. وما من شك في أن العمل الدبلوماسي المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط أكثر تعقيدا، بفضل السياسة غير المستقرة واللاعبين الأقوياء داخل المنطقة مثل السعوديين، الذين لن يروق لهم ما قد يتشكل من انطباع بأن ثمة إهانات توجه إليهم أو ثمة وعود منكوثة.

يبدو أن كوشنر مدرك لحدود نفوذه، فخلال اجتماعه بسابان، حيث تجنبا الحديث عن الانتخابات، حاول الممول الكبير لحملة كلينتون الحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالمنافسة الانتخابية من كبير مستشاري ترامب، حيث سأله سابان: "ما الذي يمكننا توقعه في المناظرات؟"

ارتسمت على ثغر كوشنر ابتسامة غامضة، وقال: "ومن يعلم؟"