تصريحات رئيس الجمهورية في مقابلته التلفزيونية شكّلت خرقا كبيرا لمناخات الاستقرار السياسي، كما أن اعترافه بضعف الجهوزية لدى الجيش اللبناني وبوجود سلاح حزب الله كقوة مضافة إلى الجيش أدّت إلى مزيد من الإنقسام الداخلي، فهل كانت تصريحات رئيس الجمهورية منسجمة مع تطلعات العهد وخطاب القسم؟
 

أولاً: باسيل القوي في جبيل.
في غياب رئيس الجمهورية يصول الصهر الوزير جبران باسيل ويجول في منطقة جبيل، ويرفع سبّابته في وجه الفعاليات السياسية في البلد: أمامكم فترة زمنية قصيرة لإنجاز قانون انتخابي جديد، ونحن جاهزون لكافة الاحتمالات، النسبية أو الأكثرية أو المختلط، أمّا إذا حلّت "المهلُ القاتلة"، فالرئيس القوي القابع في بعبدا، يستطيع أن يتولّى أمر هذا القانون "اللعين" ، ولا بأس من مشاركة رئيس الحكومة في معالجة هذه المعضلة، وكما تمكّنا من إرغامكم على انتخاب الجنرال رئيساً للجمهورية، سنرغمكم على قبول القانون-الفرمان الذي سيصدر عن الصدر الأعظم المقيم في بعبدا، والوالي المقيم في بيت الوسط.
أمّا في اللقاء مع فاعليات جبيل ونوابها وبعض رجال الدين ، فباسيل يُخيّر الحاضرين بين مشاركة "وطنية" فعلية أو مشاركة شكلية، والمشاركة هي المرادف للميثاقية التي يُتاجر بها باسيل ،وطرح الخيار أمام الحاضرين ما هو إلاّ لعبة لفظية، في حين تبقى رسالة باسيل واضحة، لا خيار لكم سوى المشاركة التي نرضاها لنا، ونرتضيها لكم، فنحن نحيا في عصر الأقوياء، عصرنا الميمون.
ثانياً: الرئيس "الضعيف" في القاهرة.

إقرأ أيضًا: من وئام وهاب إلى غسان جواد مروراً بسالم زهران..السفسطة في أبهى حللها

 


فخامة الرئيس ميشال عون (أقوى ماروني هذه الأيام) لم يظهر للأسف على قُوّته المعهودة أثناء زيارته الحالية لمصر، وبدا الرئيس مُربكاً خلال مقابلة تلفزيونية عندما واجهته المذيعة بإعطاء رأيه بالرئيس بشار الأسد، فأيّد بقاءه على رأس النظام باعتباره الوحيد الذي يمتلك القوة الرئيسية في سوريا، ويعني بذلك الجيش العربي السوري، وهذا ربما مقبولٌ ومعقول بعد النجاحات الميدانية التي حقّقها النظام بفضل حلفائه الإيرانيين والروس، أمّا عن سلاح حزب الله في لبنان، فقد ذهب الرئيس إلى اعتبار هذا السلاح ضروري وشرعي لوظيفته الدفاعية ضد إسرائيل التي تحتل أراض لبنانية، والأهم من كل ذلك، وقبل كل ذلك، للضعف الملازم للجيش اللبناني، رئيس الجمهورية اللبنانية يُقرّ بضعف الجيش اللبناني، وبقوّة المقاومة ضمناً، وهذا ربما أيضاً مقبولٌ ومعقول باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلّحة ، وهو أدرى بشؤونها ومشاكلها، إلاّ أنّ ما فات فخامة الرئيس القول والاعتراف بأنّ سلاح حزب الله هو الذي حافظ ودافع عن الجيش العربي السوري حتى بات "قويّاً" وفاعلاً في بلده، وأنّ سلاح حزب الله هو الذي ساهم ويساهم بتحويل الجيش اللبناني "القوي" أيام عزّ قائده السابق الجنرال ميشال عون، إلى جيش "ضعيف" في ظل فخامة الرئيس، وولاية الصهر الميثاقي جبران باسيل.