يلتزم حزب الله الصمت حيال التعهد الروسي الأخير إلى الكيان الإسرائيلي بمنع تطوير أسلحة حزب الله، رغم التحالف القائم بين موسكو وطهران، والتشارك الحاصل مع حزب الله في المعارك الدائرة لصالح النظام في سوريا. 

 وكان السفير الروسي لدى إسرائيل، ألكسندر شين، قال في حديث لوكالة "إنترفاكس" إن إسرائيل تعرب عن قلقها بشأن تقارب روسيا وإيران حول سوريا، مضيفا أن تل أبيب تعتبر تسليم أسلحة حديثة لـ"حزب الله" اللبناني، وإنشاء قاعدة معادية لإسرائيل في منطقة الجولان بمشاركة "حزب الله" وإيران، "خطوطا حمراء" بالنسبة لها.

وأكد السفير: "نحن نأخذ في الاعتبار مصالح الأمن الإسرائيلي، ونضمن عدم وصول أسلحة روسية إلى "حزب الله" يمكن أن توجه في الاتجاه الإسرائيلي".

وأكد شين أن روسيا وإسرائيل ستجريان في نهاية شباط/ فبراير الجاري مشاورات في مجال مكافحة الإرهاب على مستوى نائبي وزيري الخارجية.

وحول الموقف الروسي المطمئن لإسرائيل، قال عضو المكتب السياسي لحركة أمل، حسن قبلان، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "موقف حزب الله يعبر عنه بنفسه، لكن من الواضح أن سقف الموقف الروسي متعلق بالمصالح، وهو ما تقرأه إيران في تحالفها مع روسيا، والمبني على مكافحة الإرهاب وقطع طريقه إلى الدول الروسية، وتعزيز قاعدة طرطوس العسكرية، عبر إيجاد منفذ له على حوض البحر الأبيض المتوسط"، على حد تعبيره.

وتابع: "حزب الله عقلاني في قراءته السياسية، ويتمتع بقيادات تبتعد عن الخطابات الانفعالية، وهم يدركون بأن للروس مصالح في إسرائيل، من بينها وجود أكثر من مليون روسي يهودي في إسرائيل"، مؤكدا أن "البيانات والاحتجاجات لم تعد مجدية كثيرا، خصوصا أن الروس لا يكترثون بردود الفعل العربية تجاه مواقفهم وخياراتهم؛ بسبب حالة الوهن التي تكابدها الأمة العربية"، كما قال.
 
وشدد قبلان أن مشكلة العلاقات عميقة بين العرب عموما وروسيا، وقال: "الموقف العربي تجاه الروس حاليا والاتحاد السوفياتي السابق ومنظومته الفكرية -المتمثلة بالاشتراكية- كان يتأرجح بين معاداة موسكو أو الحذر منها، بناء على التركيبة التي تحكم أغلبية الأنظمة العربية وأيديولوجياتها، باستثناء مصر في عهد رئيسها الأسبق جمال عبد الناصر، بعد أن أوصد الغرب أبوابه بوجهه"، وفق قوله.

واعتبر قبلان أن "الحركة الصهيونية، وتاليا إسرائيل، تمكنوا من إنشاء شبكة علاقات أكثر عمقا من العرب الذين يمّموا وجوههم نحو الغرب تحديدا، وهذا ما يثبت فشل العرب عموما في تمتين علاقاته مع روسيا".

ورأى قبلان "أن المال العربي تواطأ سابقا بشن حرب ضد روسيا في أفغانستان لم يستفد منها العرب، بل استفادت منها الولايات المتحدة، وقد أضاع العرب فرصة أن يكون لديهم حليف كالاتحاد السوفياتي"، بحسب تعبيره.

وشدد قبلان أن النظام الروسي الحالي ينتهج سياسة المصالح في نسج علاقاته وتحالفاته الخارجية، وقال: "النظام الدولي برمته قائم على نظام المصالح، أكثر مما هو عليه في الشعارات والأيديولوجيات السياسية والأخلاقية"، على حد تعبيره.

وكان مصدر رسمي من السفارة الروسية في بيروت صرح لوسيلة إعلامية لبنانية، الشهر الفائت، بأن "علاقات روسية مع حزب الله تتسم بالاحترام المتبادل"، مؤكدا أن "موسكو لا تطلب من حزب الله الخروج من سوريا؛ لأنها أساسا لم تطلب منه دخولها، بل إن الطلب أتى من الحكومة السورية وبشكل رسمي"، على حد قوله.

روسيا تنسق مع إسرائيل دائما

من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور باسكال مونان، في تصريحات لـ"عربي21": "شهدت التحركات والاتصالات الروسية السابقة المعلنة وغير المعلنة مع إسرائيل تمهيدا للتدخل الروسي المباشر في الصراع داخل سوريا"، مشيرا إلى "أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طمأن إسرائيل من أن الدخول الروسي إلى سوريا لن يتجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية".

وتدخلت روسيا رسميا في سوريا عندما شن سلاح الجو التابع لها ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2015، بعد أن طلب رئيس النظام السوري بشار الأسد دعما عسكريا من موسكو من أجل كبح الثورة السورية، حيث وافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.

الخطوط الحمراء الإسرائيلية

ولفت مونان إلى أن التنسيق قائم بين الطرفين الروسي- الإسرائيلي، وقال: "عندما تشن الطائرات الإسرائيلية غارات في الأراضي السورية لأهداف معينة (غارات ضد أفراد ومصالح لحزب الله)، لا تتدخل أو تعبر موسكو عن أي انتقاد صريح أو غير صريح، ما يؤكد أن اللعبة القائمة محترمة من تل أبيب وموسكو".

وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، رحب مرات عدة بمشاركة روسيا عسكريا في سوريا، وقال إنها عامل إيجابي وليست وليدة الساعة، بل تمّ التحضير لها مع الدول المعنية.

وأشار مونان إلى أن "حلفاء روسيا في سوريا، ومن بينهم حزب الله، ملتزمون بالخطوط الحمراء الروسية- الإسرائيلية"، لافتا إلى أن "إسرائيل نفذت هجمات ضد أهداف بفعل شكها بأن ثمة تجاوز لما تم الاتفاق عليه مع موسكو".