زار وزير الدولة لشؤون الخليج العربي تامر السبهان لبنان أواخر تشرين الأوّل الماضي، وبعد مغادرته بأيام انتهى الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وها هو اليوم يزور لبنان موفَداً ملكياً في خضمّ البحث المضني في قانون انتخاب جديد لإنجاز الانتخابات النيابية على أساسه، وثمّة مَن يتوقع أن يتمّ الاتفاق على هذا القانون إثر مغادرته بيروت. لا يُخفي السبهان تفاؤله بحصول الاتفاق على مِثل هذا القانون، مع أنّ محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين لم تتطرّق إليه «لأنه شأنٌ لبناني بحت». كما قال، لكنّه استطرد آملاً «أن تراعي الانتخابات المقبلة مصالحَ لبنان واللبنانيين» مؤكّداً أنّ المملكة «تدعم كلّ توجّه وأيَّ قانون انتخابي يحقّق العدالة للجميع». السبهان العارف جداً بشؤون لبنان الذي خَدم فيه طويلاً، ينفي «جملةً وتفصيلاً» أن يكون انتخاب عون رئيساً للجمهورية قد تمّ بالتنسيق بين الرياض وطهران «لأنّ سياسة المملكة عدمُ التدخّل في الشؤون الداخلية للدول، ومنها لبنان». ويُبدي السبهان ارتياحَه إلى نتائج محادثاته في بيروت وينوّه بعون «الرئيس لجميع اللبنانيين»، كذلك ينوّه برئيس مجلس النواب نبيه بري ويصفه بأنه «صمام أمان في لبنان»، وينوّه أيضاً برئيس الحكومة سعد الحريري مؤكّداً «دعم المملكة لتوجّهاته الوسطية والمعتدلة»، ويصفه بأنّه «زعامة وطنية مهمّة وحجر أساس يمكن الاعتماد عليه». كذلك ينوّه السبهان برئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «الصديق القديم» للمملكة وعلاقتُه بها استثنائية دائما»، مؤكداً «أنّ دوره محوريّ في لبنان ولا يمكن تهميشُه». إلتقَت «الجمهورية» الوزير السبهان، وكان لها معه هذا الحوار• ماهي طبيعة زيارتكم للبنان، وبأيّ انطباع خرجتُم في ضوء نتائج المحادثات التي أجريتموها في بيروت؟
ــ زيارتي للبنان هي امتداد لزيارة الرئيس ميشال عون للمملكة العربية السعودية ولمتابعة نتائجها ولتحقيق الاهداف التي اتّفِق عليها بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفخامة الرئيس اللبناني، والهدف من هذه الزيارة هو إعادة تقوية العلاقات الاستثنائية التي تربط المملكة بلبنان منذ عهد مؤسِّسها الملك عبد العزيز رحمَه الله وحتى اليوم، ووَجدنا كلّ المحبّة والتقدير والتفهّم لدى القيادة السياسية اللبنانية، وحرصَها وإصرارَها على تمتين هذه العلاقات وتعزيزها. ومِن هذا المنطلق تمّ البحث في عدد من القضايا التي تهمّ البلدين لإزالة ما في الأجواء مِن شوائب إن وُجدت.
• هل نقلتم رسالة معيّنة من خادم الحرمين الشريفين إلى المسؤولين اللبنانيين؟
ـ نَقلنا حرصَ المملكة العربية السعودية على وحدة لبنان ووحدة الصفّ اللبناني، وكما قال الملك سلمان، الرئيس ميشال عون هو رئيس لجميع اللبنانيين بجميع طوائفهم وعرقيّاتهم، ولدى الرئيس عون إصرار على أن يعطى كلّ لبنانيّ حقّه، وإنّه سيَسعى بكلّ جهد للمحافظة على لبنان واللبنانيين من أيّ مؤثّرات خارجية قد تَحدث. وتطرّقَ الرئيس عون إلى زيارة وزير الدفاع اللبناني للمملكة للاجتماع بسيّدي ولي ولي العهد ووزير الدفاع الامير محمد بن سلمان.
وتحدّث فخامة الرئيس عن الجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية ممثَّلةً بوزير الداخلية للمحافظة على الأمن في لبنان وتشديد الإجراءات التي تخدم السيّاح السعوديين والخليجيين الذين يزورون لبنان، وعن مدى حِرص القيادة السياسية في لبنان واللبنانيين عموماً على استقبال إخوانهم وتحقيق ما يرغبون به من لبنان.
وأطلعنا على الإجراءات التي تتّخذها الحكومة اللبنانية ووزارة الداخلية من أجل تسهيل دخول السيّاح عبر مطار رفيق الحريري الدولي وإنشاء مكتب لمتابعة كلّ المشكلات التي قد تَحدث، وأيضاً الإجراءات التي تقوم بها الجهات المختصة في لبنان لتأمين طريق المطار وإنارته، وأيضاً متابعة الأوضاع المتعلقة بالسيّاح على الأراضي اللبنانية.
وسمعنا من فخامة الرئيس ومن دولة رئيس الوزراء ما يُثلج صدورَنا في هذه الامور، وتحدّث فخامة الرئيس عن مشاركته في مؤتمر القمّة العربي المقرّرة هذه السنة في العاصمة الاردينة عمّان بعد انقطاع دامَ أكثر من عامين بسبب الشغور في كرسيّ الرئاسة اللبنانية، وشدّد على حِرص الجميع على العمل من اجلِ مصلحة الدول العربية جمعاء.
والتقيتُ بدولة الرئيس سعد الحريري وبحثتُ معه في كلّ القضايا المتعلقة بالاتفاقات الخاصة المعقودة بين البلدين وسبلِ تطوير العلاقات اللبنانية – السعودية وتعزيزها في شتّى المجالات. وأبلغنا إلى دولة الرئيس الحريري دعم المملكة لتوجهاته الوسطية والمعتدلة، وحرصِه على لمِّ الشمل اللبناني، وهو يمثّل زعامةً وطنية مهمّة وحجر أساس يمكن الاعتماد عليه».
• هل تطرّقَت محادثاتكم في لبنان إلى استحقاق الانتخابات النيابية والخلاف الدائر حول قانون الانتخاب الجديد؟
– الانتخابات هي شأن لبناني بحت، وأبدَينا أملنا في أن تكون هذه الانتخابات مراعيةً لمصالح لبنان واللبنانيين، وأن لا تكون مجحفةً في حقّ أيّ مكوّن لبناني، وبحسبِ ما ينصّ «اتفاق الطائف»، ونحن نؤمن بأنّ لبنان دولة مؤسساتية ودستورية وسوف تعمل من خلال ذلك، والمملكة تدعم كلّ توجّه وأيَّ قانون انتخاب يحقّق العدالة للجميع.
• هل أبديتم وجهة نظر معيّنة في شأن قانون الانتخاب وعبّرتم عن الرغبة في المساعدة على تقريب وجهات النظر اللبنانية حوله؟
– لم يتمّ التطرّق إلى تفاصيل القانون الانتخابي. فهو كما قلت شأنٌ لبناني بحت، ولا يمكن للمملكة أن تنتقد تدخّلات دول في الشأن اللبناني وتفعل هي الأمرَ نفسَه. نحن لدينا ثقة واحترام للبنان واللبنانيين.
• هل تناولت المحادثات مستقبلَ الوضع الإقليمي في ضوء سياسة الإدارة الأميركية الجديدة وما يمكن أن يكون لها من انعكاسات على لبنان؟
– نحن دائماً نتحدّث عن أنّ على الجميع أن يكونوا على حِرص تامّ وإلمام بكلّ المستجدّات الداخلية والإقليمية والدولية، ويجب على الجميع العمل بجهد كبير من أجل تحصين مجتمعاتنا ودولتنا من خطرِ التطرّف والطائفية وأن لا يستغلّ أحد هذه الأمور للإساءة لدولنا العربية.
• هل بحثتم مع المسؤولين اللبنانيين في ما ينبغي أن يكون عليه الموقف العربي من الأوضاع العربية والدولية في قمّة عمان؟
– لم نتحدّث أبداً عمّا سيكون عليه الموقف في القمّة العربية، فهذا الأمر متروك للقمّة ولوزراء الخارجية للتباحث فيه. لم يتمّ التطرّق إلى مِثل هذه الامور لأنّ زيارتنا للبنان محدّدة المعالم، وفي إطار معيّن.
• ماذا عن الهبة السعودية للقوات المسلّحة اللبنانية، هل مِن جديد في شأنها؟
– في إمكان السلطات اللبنانية ممثّلةً بوزير الدفاع البحث في هذا الموضوع مع سموّ سيّدي ولي ولي العهد ووزير الدفاع كونهما الجهة المختصّة بهذا الأمر.
• أيّ عنوان تعطيه لزيارتك للبنان؟
ـ كما قلت في مستهلّ حديثي، هذه الزيارة هي امتداد لزيارة فخامة الرئيس عون للمملكة، وسوف تكون هناك زيارات متتابعة ومستمرّة، لأنّ لبنان هو من الدول المهمّة لدى المملكة العربية السعودية. ونسعى لأن تكون علاقاتنا السياسية متميّزة مثلما هي العلاقات بين الشعبَين اللبناني والسعودي.
• متى سيكون السفير السعودي الجديد في بيروت، ومن هو؟
– السفير السعودي الجديد سيكون قريباً جداً في لبنان. أمّا من يكون كشخص، فهذا أمر تقرّره القيادة السياسية في المملكة، وأنا لست على اطّلاع في هذا الشأن.
• ماذا عن علاقة المملكة برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ستلتقيه غداً (اليوم)؟
– دولة الرئيس نبيه بري صمام أمان في لبنان، ودورُه محوريّ في لبنان والمنطقة، والمملكة تقدّر دائماً أدوارَه الإيجابية التي يقوم بها لمصلحة لبنان واللبنانيين.
• وماذا عن العلاقة مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي كان لكم لقاءٌ معه؟
– الأستاذ وليد جنبلاط هو صديق قديم للمملكة، وعلاقاته دائماً استثنائية معها، ودورُه محوريّ في لبنان ولا يمكن تهميشُه.
• هل نقلتم دعواتٍ لمسؤولين لبنانيين آخرين لزيارة المملكة، وهل سيزورها الرئيس الحريري والنائب جنبلاط؟
– المملكة العربية السعودية بلدٌ لجميع اللبنانيين، وأبوابُها مفتوحة أمام كلّ من يشاء زيارتَها، والرئيس الحريري والأستاذ جنبلاط وغيرُهما يمكنهم أن يزورو الرياض متى أرادوا.
• تداولَت أوساط إعلامية قبل أيام أنّ وصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية تمَّ بتنسيق بين المملكة العربية السعودية وإيران؟
– إنّنا ننفي هذا الأمر جملةً وتفصيلاً، فالمملكة لم تنسّق ولن تنسّق مع أحد في أيّ شأنٍ داخلي لأيّ دولة، لأنّ سياستها هي عدم التدخّلِ في الشؤون الداخلية للدول، ومنها لبنان.