الساعة العاشرة ليلاً، توقّف "العمّ سعيد" أمام سمّان المحلّة لشراء علبة سجائر. دقائق قليلة سُمع صوت رشقات ناريّة. إلتفتت إبنته التي كانت ترافقه في السيّارة إلى الخلف لتجد زوجها الذي "هجرته" يُحدّق بها ويهزّ برأسه. أيقنت الإبنة المفجوعة وهي تتلمس دماء والدها الحارّة أنّ "شريك العمر" قرّر وضع حدّ لمن يُشعرها وجوده بالأمان كي لا يكون سندها الذي تتّكئ عليه بعد اليوم.

إنطلق الجاني بسيّارته بسرعة جنونيّة واختفى مع السواد القاتم الذي كان يلفّ حي التعمير لتبدأ التحقيقات المكثّفة. المتهم م. الأحمديّة متأهّل من ع. حرب وله منها ثلاثة أولاد وهما يقيمان في منزلهما في بلدة شارون. كانت تحصل بين الحين والآخر خلافات بين الطرفين، حيث تغادر الزوجة إلى منزل أهلها في قبرشمول بسبب تصرّفاته السيئة . تطوّر الخلاف الأخير بين الشريكين إلى أقصى حدّ حتّى أقامت الزوجة دعوى نفقة على زوجها، وصدر حكم قضائي ألزمه بدفع 700 ألف ليرة شهريّاً لصالحها، الأمر الذي لم يرق للزوج فبدأ يتّصل بوالدها يهدّده ويتوعده.

يوم الحادث، توجّهت الزوجة مع والديها إلى منزل شقيقها في عرمون بسيارة "ب أم" عائدة للأب، وبوصولهم إلى دكان سمانة في حي التعمير توقّف الأخير لشراء علبة سجائر وترجّل من السيّارة. شاهدت الإبنة والدها الستيني يُؤشّر بيديه ممتعضاً، إلتفتت إلى الوراء فلمحت زوجها المتهم يجلس في "جيب شيروكيه" ركنه خلفهم. سمعت رشقاً ناريّاً، خرجت من السيّارة فوراً لتجد والدها مرميّاً على الأرض مُضرجاً بالدماء، أيقنت حينها أنّ زوجها هو من أطلق النار فبدأت بالصراخ، فيما راح الأخير يُحدّق بها ويهزّ رأسه لبضع دقائق قبل أن يُغادر المكان باتجاه طريق عاليه وكان برفقته شخص يجلس إلى جانبه، ثمّ حضرت سيّارة إسعاف ونقلت المجني عليه إلى المستشفى وما لبث أن فارق الحياة.

الشخص الذي كان يُرافق الجاني بسيّارته أكّد أنّ الجاني هو صديقه وقد طلب منه مرافقته للسهر في منزل عديله في عرمون، وقبل وصولهما شاهدا سيّارة "ب.أم" حمراء اللون، لحقها الجاني حتى بلدة قبرشمول وعلم منه أنّ بداخلها والد زوجته وزوجته ووالدتها وأنّه يرغب بالتكلّم مع زوجته. وبعدما أوقف السيارة واتجه نحو سيارة عمّه. دار جدال بينهما، ليرجع المتهم إلى سيّارته ويسحب سلاحه الحربيّ ويطلق 7 رصاصات نارية باتجاه حميه فأصابه في بطنه ووجهه وفخده ويده وأرداه ولاذ بالفرار نحو بلدة بيصور بسرعة جنونيّة ومن ثمّ إلى صوفر. ركن الجاني السيّارة ثمّ توجّه مع صديقه إلى الأحراج حتى وصلا إلى وادي شارون وبقيا معا مدّة أسبوع، ليغادر بعدها ويترك صديقه، الذي أكدّ أنّه لم يكن يعرف بوجود سلاح في السيّارة ولم يستطع منع مطلق النار من إتمام فعله.

الجاني قال أنّ زوجته إتّصلت به لملاقاتها في منزل صهرها للتحدث في خلافاتهما، وأنّه التقى بها وبحمويه في عرمون، فتبع سيّارتهم لكنّ حماه راح يُكيل له الشتائم فأوقف السيّارة ونزل منها بعدما ركن خلفه، وأعلمه أنّه يريد حلّ النزاع لكّن عمّه استمرّ بالتهجّم عليه، عندها سحب بندقيته لإخافته لكنّ الأخير حاول إنتزاعها منه فانطلقت منها عدة رشقات وسقط أرضاً. اتجه بعدها نحو وادي شارون وكانت الساعة حوالي الحادية عشرة والنصف ليلا، ومكث هناك 6 أيّام ثمّ غادر إلى بلدة عميق في البقاع سيراً على الأقدام ورمى البندقيّة، ومن هناك دخل سوريا بطريقة غير شرعيّة وأقام في محافظة السويداء لدى شقيقته وعاد بالطريقة نفسها لتسليم نفسه.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمّود، وبعد 11 سنة من وقوع الجريمة أصدرت حكمها على المتهم وقضت بإنزال عقوبة الإعدام به، بعدما تمنّع المتّهم عن حضور الجلسات الأخيرة للمحاكمة، رغم أنّه كان حاضراً في جلسة 17 تشرين الأول الماضي، فتقرّر محاكمته غيابيّاً واعتباره فاراً من وجه العدالة وإنفاذ مذكرة إلقاء القبض بحقّه.