يتوجه وفد من أكراد سوريا للولايات المتحدة نهاية شهر شباط الجاري 2017، للقاء عدد من السياسيين الأميركيين، بعد قبول طلب سابق تقدموا به للزيارة، التي من المنتظر أن تناقش مستجدات الأوضاع على الساحة السورية والكردية، بحسب قيادي بالمجلس الوطني الكردي السوري.

يأتي ذلك بالتزامن مع اقتراح للرئيس الأميركي بإقامة منطقة آمنة داخل سوريا لكن دون تحديد مكان تطبيقه، وهو ما ترك الأمر خاضعاً لتكهنات عديدة، خصوصًا في ظل الترحيب التركي والتحفظ الروسي.

وكان المجلس الوطني الكردي، قد أرسل خلال الانتخابات الأميركية الأخيرة (تشرين الثاني 2016) طلباً لزيارة دبلوماسية إلى الولايات المتحدة، لعقد بعض اللقاءات مع سياسيين ودبلوماسيين أميركيين.

وكشف مسؤول مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي، كاميران حاجو عن برنامج الزيارة عبر لقاءات عدّة ستتضمن الوقوف على المتغيرات الحاصلة في الساحة السورية، والتحالفات الدولية الأخيرة التي نتجت عنها مشاورات "أستانة" وقبلها لقاءات مؤتمر جنيف، والحديث عن مستقبل الشكل السوري، هذا على صعيد الحالة السورية العامة.

وفيما يتعلق بالمستوى الكردي، ذكر حاجو أن زيارتهم ستتضمن مناقشة المجلس لفكرة الفيدرالية على أنها الشكل الأنسب لسوريا، والأنسب للأكراد في سوريا، "من المهم أن نطلع على رؤية الولايات المتحدة حول مشروع الفيدرالية وإمكانيته لمستقبل سوريا".

لدى المجلس الوطني الكردي هدفان آخران، أحدهما الحديث عن قوة عسكرية كردية تسمى "بيشمركة روج"، وهي قوة عسكرية مؤلفة من مقاتلين أكراد سوريين منشقين عن النظام السوري يتم تدريبهم في كردستان العراق، ويعتبر المجلس الوطني الكردي أنها قوى تتبعه.

أما الهدف الآخر، بحسب حاجو، فهو سماع ومناقشة رؤية الإدارة الأميركية الجديدة حول سوريا، والتعرف إن كانت هناك فروقات بين سياسات القيادة الحالية والسابقة.

الدعوة وقرار ترامب

وسبق قبول دعوات المجلس الوطني الكردي للقاءات على الصعيد الدبلوماسي لمكتب العلاقات الخارجية في المجلس الكردي، شملت، بحسب حاجو، لقاء ممثلين ودبلوماسيين ومسؤولين عن دول أوروبية واسكندنافية، مع بناء علاقات مع تركيا، معتبراً أن الولايات المتحدة من الدول المهمة التي يجب بناء علاقات معها بشكل دائم "لقد أرسلنا خلال مرحلة الانتخابات الأميركية الأخيرة برسالة عبر مندوبين في وزارة الخارجية، وطالبنا بإجراء لقاءات في واشنطن، فتم قبول الدعوة قبل نحو أسبوعين".

خطة عمل المجلس الوطني الكردي، في الزيارة المرتقبة، ستشمل لقاءات مع أعضاء في الكونغرس، وبعض السيناتورات، إضافة إلى لقاءات مع مراكز أبحاث ودراسات، كما ذكر حاجو.

لكن ربما يعرقل الزيارة، القرارات الأخيرة المتعلقة بمنع دخول مواطنين من بعض الجنسيات إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يمنع زيارة بعض أعضاء وفد المجلس الكردي.

وقال القيادي في المجلس الوطني الكردي، وعضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري "حواس عكيد"، إنه يوجد بين الوفد شخصيات تحمل الجنسية والجواز الأوروبيين، يحق لهم السفر إلى الولايات المتحدة في حال فُرض القرار بمنع السوريين. فيما ذكر حاجو أن جهوداً من قبل الخارجية الأميركية تعمل على عدم فرض القرار على حاملي الجواز السوري ضمن وفد المجلس.

ويضم وفد المجلس الوطني الكردي الذي من المفترض أن يزور واشنطن كلاً من رئيس المجلس الوطني الكردي، إبراهيم برو، ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية، كاميران حاجو، وعضو مكتب العلاقات الخارجية، سيامند حاجو. على أن يسبقهم وفدٌ تقني بينهم حواس عكيد، الذي يقول إن بعض الأشخاص سيسبقون الوفد بالزيارة، لتحضير أجندة اللقاءات وتجهيز برنامج العمل.

الهدف ليس الحديث حول الـ"مناطق آمنة"

ونفى حاجو الأنباء التي تم تداولها بأن زيارة وفد المجلس إلى الولايات المتحدة الأميركية هي لمناقشة المناطق الآمنة، التي تم الحديث عنها بخصوص سوريا.

وقال "الحديث عن المناطق الآمنة تم بعد قبول دعوة المجلس الوطني الكردي إلى الولايات المتحدة الأميركية، فكيف يكون صلب زيارتنا عن ذلك".

لكنه لم ينكر أن يتم خلال الزيارة مناقشة التصريحات المتعلقة بـ"المناطق الآمنة"، وما الهدف منها والمقصود بها "سيكون من الجيد لو أننا نفهم المقصد من المناطق الآمنة، حتى قبل زيارتنا".

عن دعم الولايات المتحدة لـ"بيشمركة روج"

أُطلقت بعض التصريحات بالتزامن مع نقل وسائل إعلام عن قياديين أكراد، أن الولايات المتحدة الأميركية تقوم بتدريب مقاتلين أكراد تحت اسم "بيشمركة روج" انشقوا عن النظام السوري، وأن تدريبهم يتم في كردستان العراق، الأمر الذي لم يؤكده حاجو كمعلومة.

وأوضح أن مقاتلي "بيشمركة روج" شاركوا بمعارك إلى جانب بيشمركة إقليم كردستان في معارك ضد تنظيم داعش "صحيح أن الأميركان يقومون بتدريب بيشمركة إقليم كردستان، لكن لم يحدث أن قاموا بشكل مباشر بتدريب مقاتلي بيشمركة روج"، حسب وصفه.

نفي تدريب الولايات المتحدة لـ"بيشمركة روج" لم يمنع حاجو من البوح بأن لقاءات واشنطن مع المسؤولين الأميركيين سيتخللها الحديث عن مستقبل تلك القوات، قائلًا "سنعمل على الحديث عن دعم تلك القوات، وأن تكون قوى داخل مناطق كردستان سوريا مستقبلاً".

يعتقد حاجو أن قبول الولايات المتحدة بزيارة وفد من المجلس الوطني الكردي إلى أميركا، أمرٌ مهم، ويأتي كاعتراف بدور المجلس المهم في الساحتين السورية والكردية، ويعتقد أن هذه الزيارة ستشكل أرضية جيدة للمجلس الكردي بالتعامل والعلاقات مع القوى الدولية.

كما يعتقد أن الولايات المتحدة ستدعم المجلس لأن الأخير يمتلك رؤى وإيماناً بمفهوم الديمقراطية، ويضيف أن هذا عكس التعامل مع "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الحزب الذي يعتبر وصيف المجلس في الساحة الكردية في سوريا ويقود الحكومة الحالية على الأرض)، قائلاً: "الولايات المتحدة الأميركية دعمت القوى العسكرية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، لكنها لا تدعم الحزب سياسياً".

ونفى حاجو أيضاً بعض الأخبار التي تم تداولها بأن جهات دولية تسعى للعمل على تقارب بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي.

المجلس الوطني الكردي هو حليف داخل الائتلاف الوطني السوري، وقد حضر ممثلان اثنان عن المجلس ضمن الوفد التقني في مشاورات أستانا التي قادها من جانب المعارضة وفد عسكري، لكن لا يتوافق البرنامج السياسي للمجلس الكردي مع رؤى غالبية قوى المعارضة السورية، من بين ذلك طرح المجلس لفكرة الفيدرالية التي ترفضها المعارضة السورية، يقول "حاجو" إنهم ليس لديهم أي اعتراض على شكل العلاقة مع المعارضة السورية، وهي علاقة تشمل التوافقات، "لكن المجلس الكردي لا يتنازل عن رؤيته بما يتعلق بمستقبل (كردستان سوريا)، وحتى شكل الدولة التي يؤمن المجلس بأن تكون فيدرالية".

(huffpostarabi)