بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، بدأ فصل حقيقي في الحياة السياسية لدونالد ترامب، الذي يواجه تحديات ومخاطر عديدة على المستويات كافة.
 
إنها التحديات، التي لم يشهدها رئيس أميركي من قبل، وبخاصة التحديات الداخلية ومعضلة كسب الرأي العام الأميركي خلال الأشهر الأولى من توليه المنصب لإثبات أن اختيارهم له كان في محله، وهذا ما يفسر اختياره وزراء ذوي خبرة كبيرة، وفق ما نشره موقع "فوكاتيف".
 
وأكد معهد "بروكينغز" أن ترامب وفريقه جلبوا معهم عدة افتراضات لتنفيذها عند دخولهم البيت الابيض. وأشار المعهد في تقريره إلى أن ترامب ومستشاريه كانوا قد وصفوا "الإسلام الراديكالي بالشر"، وانتقدوا إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لأنه لم يصف الإسلام الراديكالي بذلك الوصف. ويرى المعهد أن هذا الوصف للراديكالية الإسلامية بالشر سيساعد على رسم خريطة طريق، لأنه حدد العدو الحقيقي؛ ما يعني اتخاذ قرارات مصيرية في الفترة المقبلة لتوسيع الحرب على الإرهاب.
 
ويرى ترامب في الاتحاد الروسي حليفاً حقيقياً، بحسب ما نشره موقع "بوليتيكو"، الذي أشار تقريره إلى أن الرئيس الأميركي يرى في روسيا شريكاً منطقياً للولايات المتحدة. كما أن موقع "ذا أتلانتك" يرى أن وجود مايكل فلين مستشارا للأمن القومي الأميركي في إدارة ترامب ما هو إلا محاولة "ترامبية" للتقرب من روسيا، واعتبارها حليفاً وشريكاً حيوياً في محاربة الإرهاب وخصوصاً تنظيم "داعش"، وهذا ما فسر اختيار ريكس تيلرسون المقرب من روسيا وزيرا للخارجية، وفق الموقع.
 
وما ينتظر ترامب في الأيام المئة الأولى من ولايته الدستورية هو رفع العقوبات عن روسيا التي فرضتها الإدارة السابقة، وتحسين العلاقات بين الدولتين العظميين بشروط أميركية، كما أفاد بذلك تقرير لـ "معهد ويلسون"؛ حيث يريد ترامب وإدارته إعادة ضبط ايقاع العلاقات مع روسيا ومع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا ومحاولة إلغاء القرارات، التي اتخذها أوباما في الأيام الأخيرة، التي سبقت نهاية ولايته. ومنها قرار طرد عدد من الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة.
إلى ذلك، يخطط ترامب للإعلان عن بناء سور على طول الحدود الأميركية-المكسيكية بطول 2000 ميل. كما أنه سيصدر عددا من الأوامر الرئاسية، التي تتعلق بالهجرة وأمن الحدود في الأيام القليلة المقبلة. ومنها إخضاع القادمين إلى الولايات المتحدة من سبع دول ذات غالبية مسلمة في الشرق الأوسط وإفريقيا، هي: سوريا والعراق واليمن وإيران وليبيا والصومال والسودان، لـ "تدقيق مشدد". وهذا ترجمة لما تعهد به أثناء حملته الانتخابية. وعلقت "نيويورك تايمز" على ما تعهد به ترامب بالقول إن ترامب سيوقع قرارات تمنع إصدار تأشيرات الدخول لكل مواطني هذه الدول؛ ما يعني تقييد قدرة اللاجئين إلى حد بعيد على الوصول إلى الولايات المتحدة.
 
كما أن التعامل مع أوروبا سوف يشهد تحولًا نوعياً مقارنة بما كان عليه الأمر في ظل إدارة أوباما، وفق مجلة "نيويوركر"؛ لأن الرئيس السابق كان دوماً يؤكد ضرورة العمل مع الحلفاء في أوروبا ومساندتهم ضد التوسع الروسي ومحاولة تأمين احتياجات أوروبا من الغاز والاستغناء عن الغاز الروسي. أما ترامب، فيرى في روسيا حليفاً، وهذا ما يفسر غضبته على الاتحاد الأوروبي والتلويح بخفض مساهمة الولايات المتحدة في ميزانية حلف شمال الأطلسي.
 
ويمكن القول إن ترامب تبنى مجموعة من المواقف واتخذ عدة قرارات ونقض قرارات سلفه حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية؛ مركزاً على الوضع الاقتصادي الأميركي بدلا من الخارجي. وقام كذلك بترك الأمور لدول أخرى ومنها روسيا مع الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة بالدرجة الاولى لا أن تلعب أميركا دور شرطي العالم. وهذا ما يفسر موقفه من الرئيس السوري بشار الأسد؛ إذ يرى ترامب فيه رئيساً أكثر قبولاً من غيره، وأن نظامه أفضل بكثير من حالة الفوضى والفراغ السياسي. فهو لا يعتقد أن من الجيد رحيل الأسد. كما يرى أن تدخل روسيا في سوريا ضروري ومهم لمحاربة الإرهاب، لأن من مصلحة الولايات المتحدة والعالم أن يكون هناك رجال أقوياء في منطقة الشرق الأوسط، وإلا فستعم الفوضى وتهدَّد المصالح الأميركية هناك.