فتحت تصريحات أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السبت الماضي، والتي قال فيها إن "واشنطن كان عليها أن تأخذ احتياطيات الخام العراقية"، باب التساؤل واسعا عن طبيعة العلاقة بين البلدين في المستقبل.
 
ورد رئيس الوزراء العراقي على تلك التصريحات، أمس الثلاثاء، بالقول إن "نفط العراق للعراقيين وأي كلام خلاف ذلك غير مقبول، ولا أتصور أن أي مسؤول في العالم يدعي امتلاك شيء ليس له".
 
وبالتزامن مع تصريحات الرئيس الأميركي، فقد رجح أيهم السامرائي الوزير العراقي الأسبق، السبت، أن يقوم ترامب بإرسال نحو 25 ألف جندي قريبا لتصحيح الأوضاع في العراق.
 
ونقل السياسي العراقي المقرب من الحزب الجمهوري الأميركي، ما أسماها "تسريبات سياسية" بأن طاقما جديدا لحكم العراق ستمهد له الإدارة الأميركية برئاسة ترامب لتصحيح أخطاء الإدارات السابقة.
 
وفي تحليل لتصريحات ترامب ورد العبادي عليه، وما سبقها من تصريحات للوزير السابق، رأى مراقبون أنه من المبكر التكهن بسياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه العراق، لكن البعض منهم لم يسبتعد أن يقدم ترامب على أي خطوة كان قد وعد بها.
المحلل السياسي العراقي الدكتور يحيى الكبيسي، قال إن "ترامب تحدث في سياق حملته الانتخابية عن قضايا كثيرة واضح أنه لا علم له بها، وقضية نفط العراق واحدة منها".
 
وأضاف أنه "لا يمكن لترامب تحقيق أي منها لأنها غير منطقية، ويمكن أن نأخذ تأجيل قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، على أنها مؤشر لتراجع ترامب عن تصريحاته المثيرة للجدل التي ساقها في حملته الانتخابية".
 
ورأى المبيسي، أن رد العبادي على هذه المقولة أراد من خلالها الدخول في جو "الدعاية" ليس أكثر، لأنه في ظل المزايدات الموجودة داخل العراق أصبح على العبادي بأن يذكر الجميع بحرصه على نفط العراق.
 
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خطار أبو دياب إن "ترامب قبل أن يصبح رئيسا قال إنه ضد حرب العراق، لكنه الآن تحت عنوان أميركا أولا يريد استرداد كل ما دفعته أميركا، وهذا لا ينطبق فقط على العراق، وإنما على مناطق كثيرة في العالم".
وأضاف: "وفي جرد الحساب لا نعلم هل سيكون على أيام إدارة بريمر، أم على أيام الإدارة المباشرة للعراق وبعدها، لا نعلم من دفع أكثر، لكن الجانب الأميركي يقول إن تكاليف حربه في العراق بلغت آلاف البلايين من الدولارات".
 
وشدد أبو دياب على أن "الأهم الآن هو أن نفط العراق ضائع اليوم وعلى العبادي أن يفتش عليه، والأهم من ذلك أن مع ترامب كل شيء يجوز لأننا أمام شخص يعني ما يقول".
 
هل يغزو ترامب العراق؟
 
 
وعلى صعيد ما صرح به الوزير العراقي الأسبق، قال الكبيسي إن "الولايات المتحدة لن تفكر بالذهاب إلى حرب خارجية لسنوات طويلة، لأن درس العراق كان قاسيا بالنسبة لهم. وبعد حرب فيتنام صبر الأميركيون كثيرا للقيام بعدها بغزو العراق".
وأشار إلى أن "ترامب انتقد غزو العراق أساسا في حملته الانتخابية، فكيف يقدم على مثل هذا النوع مرة أخرى؟"
 
ولفت الكبيسي إلى أن أيهم السامرائي نقل بعض الحوارات التي تدور داخل أروقة الحزب الجمهوري، لكن تحول هذه الحوارات إلى إجراءات هذا موضوع آخر تماما، مشددا على أن الحديث عن غزو العراق في الوقت الحالي غير ممكن لأن الأميركيين تورطوا في غزوه سابقا.
 
وأوضح أن "ترامب لم يحدد طبيعة سياسته نحو العراق وكل ما قاله في حملته الانتخابية كان كلاما متناثرا حول الغزو والنفط في العراق وطبيعة الحكم الجديدة في البلد، ولم يطرح أي استراتيجية للسياسة الأميركية بشأن العراق".
 
وأردف الكبيسي: "علينا أن ننتظر على الأقل ثلاثة أشهر بينما تتبلور السياسة الجديدة لإدارة ترامب حول العراق، الموضوع الأهم لديها هو إيران وبطبيعة الحال موضوع العراق مرتبط مع إيران ولا يوجد شيء واضح حتى الآن عن كيف سيتم الفصل بين الملفين".
إلى ذلك اتفق أستاذ العلاقات الدولية مع هذا الرأي بالقول إن "نهج الانعزال أو الانسحاب من النزاعات الذي بدأ به أوباما، هو نهج مؤسساتي ولا أظن أن ترامب سيخوض معارك من أجل إجبار العراق لتسديد ماله بالنفط".
 
لكن ترامب، بحسب أبو دياب، عنده إجراءات أخرى، إذ أن المرحلة السابقة كانت تشهد تعاونا أميركيا إيرانيا في العراق، وسنرى الآن كيف سيكون الأمر لاحقا.
 
وأضاف أن "العبادي يخشى داخليا لأنه أتى بتسوية فهو يسعى للحفاظ على موقعه، ولا يمكننا الآن التكهن بكل ما يريده ترامب ليست حتى الآن هناك خطط مرسومة نهائية بالنسبة للعراق".
 
واستدرك أبو دياب قائلا: "لكن سياسة ترامب العالمية بشكل عام هي: "ما لنا لنا وحدنا، وما لكم لنا ولكم"، لذا لا يستبعد أبدا وفق هذه المقاييس أن لا يتكلم فقط عن العراق بل ربما عن مال كل العرب".
وكان ترامب لمح، في حديث مع مسؤولين من الاستخبارات الأميركية السبت الماضي، إلى أن واشنطن كان يجب أن تأخذ النفط العراقي عام 2003، لافتا إلى أن أخذ نفط العراق كان من الممكن أن يحول دون صعود تنظيم الدولة، من خلال حرمانه من مصدر التمويل.