يرى محلل سياسي خبير في شؤون الطوائف أن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يواجه اليوم عدة مشاكل أساسية وكلها من النوع البنيوي والذي يقارب أنه تهديد وجودي لدور المختارة:
 
أولى هذه المشاكل هو عدم قدرة المختارة على التكيف مع قانون انتخابي جديد في لبنان، خاصة قانونا من نوع النسبية.
 
فهذا القانون يفتت الديموغرافيا السياسية الجنبلاطية الضئيلة والمتداخلة مع البنى الاجتماعية والسياسية المسيحية والسنية.. ثاني هذه المشاكل أن جنبلاط يعاني من أن معادلة تعويض ضآلة الحجم الدرزي يكبر الدور السياسي للمختارة.
 
وهذه هي أكبر مشاكل جنبلاط الحالية.
 
والواقع أن انفراط عقد اصطفافي 8 و14 آذار كان له ضحية كبرى هو دور وليد جنبلاط
كبيضة قبان بين المحورين.
ومع تبدد هذين الاصطفافين، فإن جنبلاط تقلص دوره وبدا أنه معروض عليه واحد من خيارين: إما البحث عن طرف كبير داخلي يقدم له الحماية السياسية، أو أن يحاول القتال بشراسة من أجل عدم الإصلاح السياسي للنظام، أي الإبقاء على قانون الستين.
 
وبهذا الخيار سيبدو جنبلاط أنه قوة للدفاع عن الماضي.
 
أما المشكلة الثالثة، فتتعلق بأن المختارة الإقليمية أصيبت منذ الأحداث السورية بانهيار كامل.
فجنبلاط قدم نفسه خلال العقود الماضية بأنه زعيم إقليمي لدروز المنطقة وليس فقط لدروز لبنان.
وهذا المعنى سقط تماما الآن، حيث لم يعد للدرزي إلا معناه اللبناني وحتى الشوفي.
وثمة رسائل أخرى عن تبدل الزمن ومعادلاته وصلت لجنبلاط في الفترة القريبة الماضية، وكان منها وليس فقط أبرزها أن الأرض الديموغرافية في لبنان لم تعد تقف على أرض أول طائفتين مؤسستين للبنان الحديث، أي الموارنة والدروز، بل أصبحت تقف على أرض جديدة وفدت إليها من تطورات حصلت في المنطقة، والمقصود هنا الأرض الشيعية والسنية.
تبدل الزمن، وتبدلت معادلاته السياسية،.
 
وما كان في العام 1943 صحيحا أصبح الآن خطأ، وما كان أثناء اتفاق الطائف ثوابت أصبح بعد اتفاق الدوحة مسألة فيها نظر.
وما كان قبل الحرب السورية واشتعال الفتنة السنية الشيعية معادلة محسومة أصبح الآن هباء منثورا.
 
فجأة خسر جنبلاط دوره بيضة القبان بين 8 و14 آذار، وخسر الدروز دور طائفة التوازن بين المسيحيين والمسلمين كما كان حال المختارة أيام كمال جنبلاط، وخسر مكانته كعامل توازن بين السنية الحريرية وشيعة حزب الله كما كان حاله منذ انسحاب السوريين من لبنان.
 
هواية التغريد على «تويتر» التي يكثر جنبلاط من ممارساتها في هذه الآونة، باتت تشبه نوعا من نزعته لكتابة مذكراته على الورق الإلكتروني.
وحرصه على نشر رسوم تاريخية تروي قصة انهيارات أمم أو صعود أخرى، أو نشر رسوم لشخصيات تجسد معنى العقم السياسي، كلها محاولات من سيد المختارة لنقل ما في داخله من هواجس الى جهة لا يعرفها، لذلك يستعيض عنها بمخاطبة التاريخ وكتابة الهواجس.
 
المصدر: الانباء