ورد في صحيفة "المستقبل": هو شعور ممزوج بالغيظ والانضباط الذاتي، تلك كانت حال رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله، الذي حاول كتم غيظه في جوفه عندما راح يتصفح افادة الموقوف السوري شادي جنيد التي تتضمن صورا ملونة تظهر عملية اعدام العسكري الشهيد عباس مدلج والتي شارك فيها الموقوف نفسه، وفي اغتيال احد عناصر شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي الشهيد زاهر عز الدين.
 
لم تكن هاتان الجريمتان الموثقتان بالصور، هما الوحيدتين اللتين ارتكبهما جنيد، فثمة اعدامات اخرى قام منفردا بارتكابها رميا بالرصاص طالت عناصر من النظام السوري، لتتبدل بعد ذلك طرق تنفيذه لاعدامات اخرى ذبحا في منطقة الغوطة الشرقية، فـ"ذبح المرتدين محلل شرعا" بعدما تلقى دروسا في اصول الذبح على يد معتصم الشيخ ادريس. هكذا يعتبر المتهم الذي لطالما "رغب بذبح احد" فكان له ما اراد.
في اعترافات المتهم الاولية امام مديرية المخابرات في الجيش، تفاصيل ووقائع واثباتات مستقاة من صور فوتوغرافية، صورٌ تقشعر لها الابدان لقساوتها والتي تبيّن عملية ذبح الشهيد مدلج، كما تظهر المتهم وهو يجرّ الشهيد الى عملية الذبح والى جانبه الموقوف بلال ميقاتي الذي كان له دور ايضا فيها وفي جريمة ذبح العسكري الشهيد علي السيد.
 
يُنكر المتهم جنيد جميع اعترافاته الاولية اثناء استجوابه امس امام المحكمة بحضور وكيله المحامي فايز ايعالي، إنكار انسحب ايضا على صورته حيث يظهر بلحية كثيفة وبحوزته بندقية حربية. قال المتهم عن صورته تلك: "ليس انا" ليعود ويظهر في صورة اخرى عرضت عليه ايضا وهو يجر الشهيد مدلج ليجيب: "والله العظيم ليس انا من في الصورة".
 
انكار المتهم واصراره على نفي اعترافاته الاولية تحت ذريعة التعذيب، دفع برئيس المحكمة الى سؤاله عن سبب اعترافه وتأييد افادته الاولية امام قاضي التحقيق، فهل ان قاضي التحقيق ضربك ايضا، سأله رئيس المحكمة، فلم يجب المتهم انما التزم بالصمت كما فعل حين سئل: من اين اتت اعترافاته اذا. وتدخل ممثل النيابة العامة القاضي كمال نصار متسائلا بدوره: كيف تعترف بجريمة قتل اذا لم ترتكبها، فما هذا المنطق الذي تتحدث به".
وفي ظل اصرار المتهم على الانكار، حاول رئيس المحكمة اكثر من مرة وبطرق عديدة ان يدفعه الى قول الحقيقة لان "الانكار لن يفيدك" في ضوء المعطيات الواردة في الملف ، فـ"الانسب لك ان تقول ما هي الاسباب التي دفعتك الى ما قمت به وهل انت نادم"، سأله رئيس "العسكرية" ليأتي الجواب هو هو "لو عامل شي بقول وما في شي من هالحكي".
 
وكان المتهم الذي يحاكم في ملف متفرع عن ملف "احداث عرسال 2" قد افاد انه دخل الى لبنان بشكل نظامي منذ بدء الاحداث في سوريا نافيا مشاركته في اي معارك في سوريا او مشاركته في عملية اسر العسكريين او في "معركة عرسال 2".
 
وسئل المتهم عما ذكره اوليا حول مشاركته في الهجوم على مركز للجيش في وادي عطا واسر 16 عسكريا من قبل جبهة النصرة فيما اسرت مجموعته اربعة ليجيب: "ما عندي علم".
 
ولدى عرض صورة تحمل رسمه جرى سحبهما من قرص مدمج مع مجموعة من الصور، نفلى المتهم بان تكون عائدة له.
 
وبعد ان استمهل المحامي ايعالي للاطلاع على الصور وللمرافعة ارجئت الجلسة الى الثالث والعشرين من شباط المقبل.
وللتاريخ عينه، ارجأت المحكمة النظر في ملف "احداث عرسال 2"، الذي يتضمن 110 متهمين بينهم 64 موقوفا احضر منهم امس 39 فقط بعدما تمنع الـ 25 الاخرين عن المثول امام المحكمة احتجاجا على التدابير التي اتخذتها القوى الامنية اثناء سوقهم بتكبيل ايديهم وارجلهم تفاديا لمحاولات الفرار بعد المحاولة الفاشلة التي قام بها سجينان من سجن زحلة السبت الماضي.
 
واعتبر عدد من وكلاء الدفاع عن المتهمين ان "هذه الاحتياطات هي زائدة عن اللزوم"، وفق تعبيرهم فيما طلب ممثل النيابة العامة القاضي كمال نصار مراجعة المديرية العامة لقوى الامن الداخلي.
 
وفي ملف آخر متفرع عن "احداث عرسال 2"، استجوبت المحكمة المتهم السوري القاصر ماهر قطرب بحضور مندوبة الاحداث نسرين فرحات التي طلبت احالة الملف الى محكمة الاحداث كون المتهم يحاكم وحيدا في الملف فيما طلب ممثل النيابة العامة ضم الملف الى الملف الاساسي، على ان تبت المحكمة في ذلك لاحقا.
وباستجوابه نفى المتهم مشاركته في احداث عرسال وزعم انه اختبأ حينها في ملجأ ملاصق لمخيم ابو عبادة ولم يغادره، وان ما ورد في افادته الاولية من اعترافات مفصلة جاء نتيجة الضرب الذي تعرض له. وقال عن نشأت حمود انه اب بلدته ولا يعرف انه كان اميرا في النصرة وقد قُتل في عرسال برصاصتين.
 
وعن الاسماء التي ذكرها التي تؤلف مجموعته المسماة "مجموعة العمدة" التي انتمى اليها وشارك من خلالها في الهجوم على مركز للجيش في وادي الحصن واحتلاله بعد قتل عسكريين واسر اخرين، قال المتهم ان الاسماء تلك "ركّبها" وليست صحيحة وقد ذكرها تحت الضرب.
 
وسئل: من قام اذا بالمعركة وقتل واسر عسكريين فاجاب: "لا اعرف نحن هربنا من سوريا بعد تدمير منازلنا من قبل الارهابيين الذين لا اعرفهم لانني كنت حينها قاصرا. واوضح المتهم انه اوقف على حاجز الجيش في اللبوة منذ عامين ونصف.
ونظرت المحكمة في ملف ثالث متفرع عن احداث عرسال فاستجوبت فيه الموقوف السوري القاصر سومر العلي بحضور مندوبة الاحداث فزعم بانه خيّر في التحقيق الاولي بان يعترف بانه من الجيش الحر او النصرة او داعش فاختار "الحر". وكغيره من المستجوبين تراجع المتهم عن اعترافاته الاولية التي اقر فيها بالتحاقه بمجموعة شاركت في الهجوم على مركز للجيش في عرسال. وبادره حينها رئيس المحكمة بالسؤال عن سبب اختيار المحقق له ليلصق به تهمة هو بريء منها في حين ان ثمة اكثر من مليون ونصف سوري في لبنان فاجاب: "هذا ما حصل معي".
 
وافاد المتهم انه اوقف في مركز عمله في مخرطة تعود لربيع مصطفى الحجيري ولم يغادر منزله اثناء المعركة.
 
وقررت المحكمة استدعاء صاحب المخرطة للاستماع الى افادته كشاهد.
 
وباستجواب المتهم محمد الرفاعي في ملف اخر متفرع افاد بانه انشق عن الجيش السوري والتحق بـ"الحر" بقصد الحماية. و"تحت الضرب" اعترف المتهم بالانتماء الى النصرة بعدما اقنعه قريبه ابو جعفر بذلك وبسبب خلاف الاخير مع ابو مالك التلة التحق ومجموعته بداعش ضمن مجموعة يرأسها ابو حسن الفلسطيني واستقروا في جرود الرهوة . وقال المتهم انه اثناء الاحداث كان مريضا بسبب اصابته بسرطان الدم حيث عولج في مستشفى الجامعة الاميركية قبل توقيفه فيما حاليا لا تتم معالجته في السجن.
وقررت المحكمة تسطير كتاب الى ادارة السجن لعرض المتهم على طبيب اختصاصي ورفع تقرير بحالته الصحية الى المحكمة.
 
وتحدث موقوف اخر بملف متفرع ايضا عن مرضه الذي دفعه الذهاب من طرابلس الى عرسال للعلاج في مستشفى الرحمة نافيا انتماءه الى "لواء فجر الاسلام" الذي يرئسه عماد جمعة. وعاد المتهم الذي اصيب بشظية في عينه ادت الى استئصالها، ليقول بانه استلم مهمة ادارة مستودع في التنظيم المذكور حيث كانت مهمته تأمين الطعام للمسلحين انما بسبب اصابته لم يشارك في احداث عرسال. وعن مبايعته للشيخ السوري ابو عمر "باليد" اوضح المتهم انه اجبر على ذلك وقد بقي مع داعش تسعة اشهر وترك المجموعة قبل عيد الاضحى عام 2015.
 
وحكمت المحكمة في ملف اخر على الموقوف صفوح الملحم بالسجن مدة سنة بعدما استجوبته بالمشاركة في احداث عرسال حيث افاد بانه يوم المعركة حضر ابو حازم شقيق "المقنع" وجمع عشرين مسلحا مصرحا بانه ينوي قتال الجيش بعد توقيف عماد جمعة وتوجه ومجموعته الى عرسال فيما بقي المتهم في جرود المعرة مقر المجموعة لانه لم يكن مسلحا. وقد سمع المتهم حينها ان ابو حازم اسر اربعة عسكريين وان داعش طلبت من المقنع استلامهم فسلمها ثلاثة ثم الرابع. واضاف بانه كان في احدى الخيم عندما هجمت داعش عليهم واعدمت المقنع فيما خيرت الاخرين بين المبايعة والرحيل فتوجه هو حينها الى عرسال ومنها الى طرابلس فالفيدار حيث عمل هناك.