وسط تصاعد «العمليات الإرهابية» التي تستهدف تركيا وبغداد وسوريا، وتمادي خروقات وقف النار التي تُهدّد مؤتمر «أستانا» بين النظام والمعارضة السورية، وعلى وقع تصاعد حدة الخلافات الدبلوماسية بين أنقرة وطهران على خلفية هذه الخروقات، وإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان معالجة الإرهاب في تركيا يبدأ من حلب، انعقد المجلس الأعلى للدفاع في بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون، وحضور الرئيس سعد الحريري والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية والقضائية.
وتركز الاجتماع حول تثبت الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان، انطلاقاً من الكلام الذي قاله الرئيس عون للمجتمعين من ان «لبنان يواجه خطرين الأوّل مصدره دولة عدوة معلنة هي إسرائيل، والثاني هو الإرهاب الذي لا دين له ولا قواعد».
وشدّد الرئيس عون على ان المسؤولية تقضي مواجهة هذين العدوين، والحفاظ على أمن البلد وسلامة المواطنين والمقيمين والزائرين.
وعلمت «اللواء» انه جرى خلال الاجتماع بحث تفصيلي بالوضع الأمني، واتفق على تعزيز التنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية، مع الاشارة الى ان مدير جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة شارك في الاجتماع لأول مرّة في هكذا نوع من الاجتماعات منذ فترة طويلة.
واثير خلال الاجتماع موضوع وثائق الاتصال وارتباطه بالاجراءات الأمنية الاستباقية، واتفق حسب المعلومات، على التنسيق بين الأجهزة حول هذا الموضوع.
كما توقف المجتمعون عند «الدور الجبار» الذي تقوم به كافة الأجهزة على كافة الأراضي اللبنانية لاكتشاف مسبق لشبكات إرهابية كانت تخطط لعمليات وجرى احباطها، وانقذ البلد من نتائجها المدمرة.
وأشارت المعلومات إلى ان موضوع وثائق الاتصال سيكون موضع متابعة بين الوزراء المعنيين والأجهزة المختصة، لأن الجيش لا يقبل بإلغاء كل وثائق الاتصال بالجملة لأن لكل حالة خصوصيتها.
وتوقفت المصادر الوزارية عند دور الأجهزة الأمنية في عيدي الميلاد ورأس السنة، والذي وصفته بأنه كان «جباراً»، وأن ذلك يعد مثالاً يحتذى للاجراءات الدائمة، واصفة المناقشات بأنها كانت «إيجابية ومفيدة»، الا انها نفت ان يكون موضوع جهاز أمن الدولة قد تمّ التطرق إليه، مشيرة إلى ان مجرّد حضور اللواء قرعة يعني التسليم بدوره ومسؤولياته.
الى ذلك، ابلغ الرئيس عون اهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» الذين استقبل وفداً منهم قبل الظهر، في حضور ابراهيم ان قضية العسكريين لم تغب يوماً عن اهتماماته، لا سيما وانه يتابع هذا الملف الحساس منذ اللحظة الاولى لحصول الخطف، وسيبقى الاهتمام نفسه بهذه القضية الى حين جلاء مصير العسكريين، مشيراً الى ان معالجة هذه المسألة تتم بدقة لأنها ليست مع دولة او تنظيم حزبي معروف بل مع عصابات مسلحة ارهابية تختطف وتقتل ولا تلتزم بأي شيء.
وفي أوّل إشارة رسمية الي ما يمكن أن تتطرق إليه المحادثات خلال جولته الخليجية التي سيبدأها بالمملكة العربية السعودية، ثم يليها زيارة لدولة قطر، أكد الرئيس عون لوفد الأهالي إلى انه سيحمل قضية العسكريين المخطوفين في رحلاته إلى الخارج، سعياً لأي مساعدة ممكنة.
اجتماعات السراي
وبعد أقل من يوم على تأليف اللجان المتعلقة بالتنقيب عن النفط في البحر والاحكام الضريبية لهذا القطاع، والمعاينة الميكانيكية، ترأس الرئيس الحريري الاجتماعات الأولى لهذه اللجان الثلاث.
فبالنسبة لموضوع الموارد البترولية، بحثت اللجنة إدخال بعض التعديلات على مشروع القانون الخاص به والذي كان تقدّم به سابقاً وزير الطاقة السابق ارتيور نظريان.
وعلمت «اللواء» ان أعضاء اللجنة تسلموا من الوزير سيزار أبي خليل وهيئة إدارة قطاع البترول صياغة جديدة لمشروع القانون، على ان يعاد درسه في الاجتماع الثاني للجنة، بعد ان تكون لجنة الاحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية أنهت مهمتها، والتي كانت اجتمعت بمشاركة وزير المال علي حسن خليل والوزير أبي خليل.
وكان الرئيس الحريري استهل الاجتماعات مساء أمس، بدرس موضوع المناقصة العمومية لتلزيم وتطوير وتشغيل محطات المعاينة والكشف الميكانيكي للمركبات الآلية.
ووصفت مصادر المجتمعين لـ«اللواء» ان كل وزير أبدى رأيه في الملف، وأن الأجواء اتسمت بالايجابية، واتفق على التأني بدراسته لإزالة الشوائب، وأن تأخذ المناقشات وقتها.
وتزامن اجتماع لجنة المعاينة، مع ازدحام غير طبيعي امام مراكز المعاينة الميكانيكية، والتي سجلت أمس، وضعاً حدا بوزير الداخلية على إصدار قرار سمح بموجبه، وبصورة استثنائية، ولغاية 27 شباط استيفاء رسوم السير السنوية (الميكانيك) دون إخضاع الآليات للمعاينة الميكانيكية، وذلك عن العام 2016 والأعوام السابقة، فقط للآليات التي سبق لها ان خضعت للمعاينة خلال العام 2015.
زيارة السعودية
ومع هذه الأجواء الانفراجية، اكتملت التحضيرات لزيارة الرئيس عون والوفد الوزاري المرافق للمملكة العربية السعودية، الاثنين المقبل، وتستمر حتى الثلاثاء، حيث يلتقي كبار القادة السعوديين، وفي مقدمهم الملك سلمان بن عبد العزيز وكبار معاونيه، وأبناء الجالية اللبنانية العاملة في المملكة.
وعشية الزيارة، أعلن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس ان الهيئات الاقتصادية والقطاع التجاري يعوّلان كثيراً على الزيارة الرئاسية الأولى للمملكة لجهة ترميم العلاقات الثنائية بين البلدين، وعودة الرعايا السعوديين والخليجيين إلى هذا البلد، فضلاً عن الدعم السعودي الدائم السياسي والاقتصادي والعمراني له.
اما القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد البخاري، فقد أكّد من جهته ان زيارة الرئيس عون ستكون لها مردود إيجابي على العلاقات اللبنانية – السعودية.
وأشار خلال حفل تكريمي أقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، إلى ان المملكة لم ولن تتخلى عن لبنان.
وكشف عن عبارة قالها الملك الراحل عبد العزيز للرئيس الراحل كميل شمعون، تأكيداً على مدى اهتمامه بلبنان: «انتم يا لبنانيين مسلمين ومسيحيين كلكم في بيت واحد ان اتفقتم على قلب رجل واحد».
سلامة
وفي إطار اقتصادي منفصل، طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى انه باق في منصبه حتى 31/7 من العام الحالي، بموجب قرار تعيينه وعملاً بقانون النقد والتسليف، متوقعاً نمواً أفضل في العام الجاري ومدافعاً عن الهندسة المالية التي اعتمدها لتوفير السيولة للدولة ومنع تعرض الليرة اللبنانية للاهتزاز.
وكشف ان ما حكي عن عقوبات أميركية جديدة يندرج في سياق الإشاعات، والحسابات التي يجب اقفالها، بحسب القانون الأميركي يجب ان تكون كبيرة ولها صلة بمؤسسات أو أشخاص مدرجين على اللوائح.
وبالنسبة لموضوع سلسلة الرتب والرواتب، أعاد سلامة التذكير، باقتراحه تقسيط هذه السلسلة لأننا نريد ان تتحقق، الا انه قال، في سياق مقابلته مع برنامج «كلام الناس» عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، «اننا كنا واقعيين ويعود للدولة ان تتخذ القرار بشأنها».
وإذ نفى صحة ما يقال ان لبنان مفلس، شدّد على ان عنوانه الأساسي في مصرف لبنان هو الحفاظ على استقرار الليرة، مشيراً إلى ان ما كتب في بعض الصحف حول التلاعب بالليرة أمر غير وارد إطلاقاً، و«أنا لن أتوج مسيرتي به».
وأكّد سلامة انه خلال الفترة التي سبق انتخاب الرئيس عون طرح اسمه للرئاسة، إلا انه لم يسع لها، معتبراً انه من الطبيعي ان تدرس الحكومة مسألة إعادة تسمية حاكم مصرف لبنان عند انتهاء ولايته.