اعتبر الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن أن إعلان وقف إطلاق النار في سوريا يمثل تحولاً في ميزان القوى لصالح الرئيس بشار الأسد رئيس النظام السوري وضد قوى المعارضة السورية المسلحة، بحسب ما نشره كوكبيرن في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.


وأضاف أن وقف إطلاق النار الجديد الذي أُعلن في سوريا لا يعني بأي حال من الأحوال نهاية الحرب ولكنه يمثل تطوراً حاسماً في الحرب الأهلية الطويلة المستمرة منذ خمس سنوات، خاصة أن هذا الاتفاق لا يشمل كلاً من تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، وهما من كبرى الجماعات المسلحة في سوريا.

وبيّن كوكبيرن أن عدم شمول النصرة وتنظيم الدولة يمكن أن يتسبب في فشل الاتفاق، ولكن الأهم من ذلك هو أن وقف إطلاق النار يترسخ سريعاً.

ما جرى في حلب كان رسالة لكل المعارضة السورية، أن الدول التي عُدّت صديقة للمعارضة لم تقدم شيئاً لها ولم تتمكن من إنقاذها، عكس ما فعلته روسيا وايران والعراق وحزب الله ، فلقد قدموا كل شيء ممكن من أجل أن ينتصر الأسد، ومن ثم جاء الاتفاق عقب ما جرى في حلب.

ولكن، ليس ما جرى في حلب هو الدافع الوحيد لتوقيع المعارضة السورية على اتفاق وقف إطلاق النار، وإنما أيضاً هناك متغير وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في واشنطن، ومعروف عن ترامب أنه رافض لكل الجماعات السورية المعارضة، وأنه أعلن نيته إعطاء روسيا دوراً أكبر في سوريا لملاحقة تنظيم داعش.

ويرى الكاتب أنه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية غير مشارِكة في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع مؤخراً بين روسيا وتركيا وإيران لحل الأزمة في سوريا، فإن الواضح أن تداعيات ذلك في واشنطن كانت واضحة، خاصة أن جزءاً من ذلك يأتي في إطار الحرب السياسية داخل أروقة البيت الأبيض بين الإدارة التي تستعد للمغادرة وإدارة دونالد ترامب القادمة.

العلاقات الروسية-الأميركية في سوريا هي خليط من التنافس والتعاون، وربما كان من أهم القرارات التي اتخذت من قِبل الرئيس باراك أوباما عام 2013 هو أن بلاده لن تتدخل عسكرياً ضد الأسد، وأنه أعلن قبوله بالتدخل العسكري الروسي في أيلول 2015.

درجة التعاون الأميركي-الروسي ستبقى محل صراع بين مراكز القوى في واشنطن، وهذا ربما كان أحد الأسباب التي أدت إلى انهيار وقف إطلاق النار في سوريا أيلول الماضي، وهو الاتفاق الذي وُقّع بين روسيا وأمريكا قبل أن تتهم واشنطن طائرات روسية وسورية بقصف شاحنات أغذية كانت متجهة إلى شرقي حلب، في وقت اتهمت موسكو الولايات المتحدة بقصف موقع عسكري لقوات النظام أدى إلى مقتل 62 جندياً.

ويرى الكاتب أن الاتفاق سيصطدم بجملة مشاكل؛ منها أن تنظيم داعش ما زال قوياً وقادراً على شن الهجمات، ففي حين كانت القوات النظامية والميليشيات التابعة لها، وبدعم من الطيران الروسي، تحاصر مناطق شرقي حلب حيث تتحصن المعارضة، نجح التنظيم في السيطرة على مدينة تدمر إثر هجوم خاطف.

وهذا في وقت يدافع التنظيم بقوة وشراسة عن الموصل، فبعد نحو شهرين ونصف الشهر، فشلت القوات العراقية والميلشيات الداعمة لها في استعادة الموصل رغم أن التقديرات كانت تشير إلى أن المعركة لن تحتاج أكثر من شهرين.

الحرب في كل من العراق وسوريا ما زالت مليئة بالمفاجآت، بحسب الكاتب، الذي يعتقد أن الكثير منها ما زالت مفاجآت غير سارة وأن إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب ستكتشفها لاحقاً.

(الخليج اونلاين)