أظهر تقرير استخباري لمركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت بنيويورك، أن تنظيم الدولة كان أكثر إغراء في استقطاب المؤيدين من تنظيم القاعدة.


وأوضح التقرير الذي نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" أجزاء منه أن قوائم التجنيد في تنظيم الدولة لم تقتصر على الفقراء، بل ضمت حتى المتعلمين والمحامين والمهندسين وضباط الشرطة وفنيي الكمبيوتر والمهنيين، وهذا هو اللازم لبناء الدولة وفق رؤية زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي لشكل دولة الخلافة في العراق والشام".

وأشار المركز إلى قيامه بإجراء مقارنة بين سجلات المجندين في تنظيم الدولة وسجلات تنظيم القاعدة في العراق سابقا، التي تزعمها أيضا أبو بكر البغدادي.

وكشفت المقارنة أن الفروقات بين القاعدة و"الدولة" كبيرة؛ فـ"جيش تنظيم الدولة الإرهابي بدأ بالسيطرة على أراض عام 2011 في العراق وسوريا، لكن في المقابل كانت القاعدة وهي أقل إغراء وتنظيما وجاذبية".

وظهر في المقارنة أن عناصر تنظيم القاعدة انحدر معظمهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والأوروبيون كانوا بأعداد قليلة، لكن في المقابل فإن تنظيم الدولة استقطب 126 شخصا من فرنسا و210 من روسيا و163 من الصين، التي لم يسبق أن انتسب للقاعدة أي من مواطنيها.

وقدرت الإحصاءات في التقرير أن مقاتلي "الدولة" ينحدرون من 50 بلدا بما مجمله 20 ألف مقاتل، عدا عن الجماعات الأخرى الموالية للتنظيم في ليبيا وسيناء وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان.

ولفت التقرير إلى أن استقطاب التنظيم لكفاءات من أجل بناء مجتمعه بشكل كامل، فهناك 629 من رجال الأعمال و76 من عناصر الشرطة والجيش، و103 شخصيات ماهرة من ذوي الياقات البيضاء، بينهم محامون ومهندسون وخبراء تكنولوجيا ومعلومات بالإضافة إلى 69 مهنيا و28 إعلاميا.

وأضاف أن التنظيم كان قادرا خلال السنوات الماضية على بناء مجتمعه من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، بعيدة المدى عبر نشر إعلانات تقول إن "الدولة الإسلامية" تستعد لتكوين مجتمع قادر على غزو العالم.

أرض ودولة

المختص في شؤون الجماعات الإسلامية صلاح الدين الجورشي يقول، إن هناك ثلاثة عوامل جعلت تنظيم الدولة أكثر إغراء في استقطاب المؤيدين والمنخرطين في صفوفه.

وقال الجورشي إن العامل الأول هو قيام تنظيم الدولة بـ"إعادة صياغة مشروع تنظيم القاعدة عبر ربطه بهدف يعتقد بأنه قابل للتنفيذ، ويتثمل الهدف بإقامة دولة على الأرض، ولأجل ذلك قام بتعجيل الانتقال المباشر من القيام بضربات عسكرية متفرقة ضد الخصوم، كما كانت تعمل القاعدة إلى إنشاء دولة ينضم إليها كل الحالمين بها".

وأشار الجورشي إلى أن العامل الثاني الذي خدم "الدولة" وجعل منها عامل جذب، التطورات الميدانية التي وقعت في العراق وسوريا وتمكنه من السيطرة على الأرض، وبالتالي أصبحت الأرض هي النواة العملية والميدانية لبناء أمة جديدة"

ولفت إلى أن العامل الثالث "عملية الشحن للعناصر حتى يكونوا مستعدين لمواجهة الجميع على عكس القاعدة التي كانت ترتب الأولويات، وتحاول تصنيف خصومها وتتجه للعمل ضدهم وفق الأهمية والترتيب".

وأشار إلى أن التنظيم يملك ماكنة إعلامية تعمل بشتى الوسائل والأدوات على استقطاب وتجنيد أشخاص جدد قادرين على تحقيق ما يريده بأبسط الطرق.

مقاتل متعدد الخصومات

وشدد الجورشي على أن استراتيجية التنظيم التي جعلت من "المواجهة الشاملة ضد الغرب والشيعة والأنظمة العربية، شجعت أعدادا كبيرة ممن لديهم خصومات على الانضمام إليه، وقام التنظيم بصناعة أشخاص لديهم إمكانية لخوض مواجهة شاملة مع جميع الأطراف".

وأضاف: "مهما كانت خصومات الأشخاص، فإن تنظيم الدولة وفر البيئة والمجال لكل من يريد العمل وتحقيق أهدافه وأهداف التنظيم في آن واحد وبأي وسيلة كانت".

ويرى الجورشي أن التنظيم تميز عن القاعدة بـ"تبسيط عملية التجنيد وجعل العنصر المنضم شخصا فاعلا قادرا على القيام بعمل خلال فترة زمنية قصيرة".

وقال: "تنظيم الدولة وفر منهجية تقضي بانتقال المنخرط في صفوفه خلال شهرين أو ثلاثة إلى مرحلة الاندماج الحركي التنظيمي دون الحاجة إلى تدريب طويل المدى".

وأوضح أن "المنخرط ربما يحتل مركزا ووظيفة في التنظيم بشكل سريع كأن يكون إعلاميا أو طبيبا أو شرطيا أو حتى مقاتلا خلال مدة قصيرة، دون إهدار الوقت في عمليات تدريب وتجهيز نظري".

وأضاف أن العمل التنظيمي في "الدولة" أصبح "أبسط وأسرع، وتحمل المسؤولية المباشرة واستلام المهام أصبح أسرع، على خلاف القاعدة التي كانت تعتمد في التجنيد على عمليات معقدة تبعا لاستراتيجية عمل التنظيم التي كانت تختار أهدافها بعناية".

(واشنطن تايمز ـ عربي 21)