البيان الوزاري قاب قوسين أو أدنى , والثقة تنتظره الخلافات شكلية والكل راضخ

 

السفير :

لبنان الذي لم يسقط استقراره في مواسم الفراغ التي صارت تقاس بالسنوات، منذ عقد من الزمن حتى الأمس القريب، يبدو أنه على موعد مع إرادة وطنية ـ إقليمية ـ دولية، بتحصين استقراره وصيغته، حتى تكون «اللبننة» بحسناتها وعلاتها «نموذجا» يقتدى به، على مستوى الاقليم، وهي العبارة التي يرددها معظم الموفدين الأجانب إلى لبنان، وآخرهم معاون وزير خارجية إيران للشؤون العربية حسين جابر الأنصاري.
آخر دليل على هذا المنحى، توصل لجنة البيان الوزاري، مساء أمس، إلى مسودة أولى للبيان ستعرض على جلسة هي الثانية للحكومة، تعقد قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري، وتتوج بإنجاز البيان الوزاري وإحالته إلى البرلمان، حيث يفترض أن يوزع فورا على النواب، فيكون موعد انعقاد الهيئة العامة لمناقشة البيان وإعطاء الثقة للحكومة أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل، فتكون عيدية رأس السنة للبنانيين، اكتمال عقد مؤسساتهم الدستورية، لتبدأ بعد ذلك الرحلة الأصعب مع القانون الانتخابي والانتخابات النيابية.
وفيما كانت لجنة البيان الوزاري تتوافق على نص عمومي بخصوص القانون الانتخابي، أعلن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله تأييده لاعتماد النسبية الكاملة نظاما انتخابيا، وهو الخيار الذي تبناه قبله رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أن يعدل موقفه مؤخرا لاعتبارات جنبلاطية بقوله إن «الوصول الى النسبية الشاملة متعذر في الوقت الحاضر»، وهو موقف سبقه إليه كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط.
في غضون ذلك، لا أحد يملك الجواب حول الغاية من طرح رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل اقتراحات انتخابية يعرف قبل غيره أن المنابر ليست هي المكان الصالح لطرحها، خصوصا أنها جاءت لتنسف تفاهمات سابقة مع عين التينة، ولذلك، لم يتأخر الجواب من الرئيس نبيه بري الذي قال إن «هذه الاقتراحات لا تساهم إلا في الإبقاء على قانون الستين».
وإذا كانت الصيغة المختلطة (نسبي وأكثري) تُطرح بوصفها الحل في الظروف السياسية الحالية، فيما يتم التداول بقانون الستين كأمر واقع، بدا حديث جبران باسيل، أمس الأول، عن إعادة عدد أعضاء المجلس النيابي إلى 108 نواب، من خارج السياق تماماً، برغم «حرصه» على وضعه في خانة الإصلاح الانتخابي والعودة إلى الطائف، لكن هذا الطرح أعاد نبش أسئلة ومخاوف، متصلة بمعظمها بالتفاهمات العجائبية التي صاغها «التيار الحر» شرقا وغربا، من دون استبعاد الترابط القائم بين رفع هذا الشعار وبين السعي العوني ـ «القواتي» إلى تحقيق بعض المكاسب على هامش «قانون الستين»، كأن يتم نقل بعض المقاعد المسيحية، حيث الصوت المسلم هو المقرر إلى الدوائر ذات الأغلبية المسيحية، وفي الأولوية البترون لضمان مقعد «وزير البلاط».
نصرالله: استقرارنا راسخ
أما الرسالة الأبرز في كلمة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، خلال اللقاء الطلابي الجامعي، أمس، فقد تمثلت في دعوته الى اجراء حوار ‏شامل مع كل القوى السياسية حول قانون الانتخاب الذي يؤيده الحزب والذي يعتمد على النسبية الكاملة، مشيرا الى «اننا نتفهم مخاوف البعض وقلق البعض، ويجب ان ‏يؤخذ هذا بالاعتبار». ودعا نصرالله، في كلمته التي ركزت على الموضوع السوري، الى الجمع ما بين الصيغة والقانون الانتخابي الأمثل والأفضل، مع الأخذ بالهواجس ونقاط القلق «وسنحاول أن نصل إلى مكان ما».
وأبدى نصرالله تفاؤله استنادا الى أجواء النقاشات الطيبة والإيجابية والمنفتحة، وهذا يعني أن لبنان يدخل في مرحلة استقرار سياسي ـ أمني، «وهذه نتيجة طيبة بانتظار الانتخابات المقبلة التي يجب أن نحرص عليها جميعاً».
ودعا الى الإبقاء على الحذر «على المستوى الأمني، لأن الجماعات الإرهابية غاضبة من هزيمتها ومن فشلها، وأيضاً على المستوى السياسي حتى لا يكون هناك أحد ما في البلد ما زال يفكر أنه يعيش على الصراعات والحروب والنزاعات الداخلية».
وإذ أشار الى ان ثمة إيجابية على صعيد تأليف الحكومة كونها «لم تأخذ ‏شهرين او ثلاثة اشهر او ستة اشهر او 11 شهرا»، وأمل أن ينسحب ذلك على البيان الوزاري في ظل «النيات الطيبة والجيدة».
ونفى نصرالله بشدة أن يكون «حزب الله» «يريد السيطرة على البلد»، وأكد ان الحزب كان سيرفض لو قدم له عرض ان يكون رئيس الحكومة وكل الوزراء منه، وقال: أتمنى إذا كان هناك أحد ما في لبنان يفكر بهذه الطريقة وبهذه العقلية أن ينتهي من هذا الموضوع. نحن نريد الشراكة، وشراكة الجميع، نحن كنا نقاتل من أجل تمثيل الجميع في أي حكومة، هذا ليس لأننا نريد أن نسيطر على البلد، لأن هذا البلد خياره وقدره ومصلحته أن يشارك الكل.
وفي الموضوع السوري، ركز نصرالله على موضوع انتصار حلب، وقال إن «الذي جرى هو حرب حقيقية من أقسى الحروب التي شهدتها المنطقة خلال أعوام»، مشيرا الى ان «الهدف من هذه المعركة كان إسقاط حلب والسيطرة عليها».
واكد ان «ما قدمه العالم والدول العربية من دعم ومال وسلاح وذخيرة على المستوى المادي واللوجستي ومن دعم إعلامي وسياسي للحرب على سوريا خلال ستة أعوام يفوق بعشرات المرات، وغير قابل للقياس، بما قدمه العالم العربي من دعم للشعب الفلسطيني خلال أكثر من 60 عاماً».
وأشار الى التضليل الإعلامي الذي رافق معركة حلب، وأعطى أمثلة تلك الصور التي جيء بها من الضاحية الجنوبية وغزة «والأنكى أنه جيء بأطفال اليمن، وكل العالم يعرف أن آلاف الأطفال في اليمن يموتون جوعاً بسبب الحصار السعودي».
وعلى صعيد المشهد الإنساني، قال: اذكروا لي مدينة سيطر عليها «داعش» أو حاصرها أو سيطرت عليها «النصرة» وهذه الجماعات التكفيرية المسلحة ودخلت إليها وسمحت أن يخرج المدنيون منها سالمين، أو سمحت للمقاتلين الذين كانوا يقاتلون فيها أن يخرجوا سالمين، ليس بسلاحهم الفردي، لكن عزّلاً.
ونفى نصرالله حصول أي تغيير ديموغرافي في سوريا «وهذه خان الشيح بقي أهلها فيها، دمشق بقي أهلها فيها، محيط دمشق بقي أهله فيه، حلب أهلها فيها، غرب حلب أهلها كلهم فيها وشرق حلب أهلها سيعودون إليها، وفي أغلب المدن عادت الناس اليها». وأشار الى انه «يوجد استثناء في داريا نتيجة الوضع الامني، لكن الافق بأن الناس ستعود إليها في اي لحظة من اللحظات». وأضاف «نحن نقول لهم بأن أهل الفوعة وكفريا يريدون ان يخرجوا وأهل مضايا يبقون، أهل الزبداني يعودون، لا يريد احد ان يغير ديموغرافيا، لا النظام ولا حلفاء النظام. الذي غيّر الديموغرافية السورية هو الجماعات المسلحة».
وحول توصيف معركة حلب، قال نصرالله انها هزيمة كبرى للمشروع والمحور الآخر، «وببساطة هي انتصار كبير لهذه الجبهة المدافعة والمواجهة للارهاب، وهي تطور كبير وبالغ الاهمية، على المستوى العسكري والسياسي والمعنوي لجبهتنا».
وإذ أشار الى ان هذا لا يعني حسم المعركة، قال نصرالله «إنه بعد ‏حلب، يستطيع المرء أن يقول مطمئنا إن هدف اسقاط النظام سقط.. وهذه احدى الدلالات السياسية الكبرى ‏للانتصار بمعركة حلب».
وشدد على ان انتصار حلب لا يعني أن مشروع تدمير سوريا سقط، ‏وأن المشروع من أجل الحرب على سوريا انتهى. وقال «نعم نحن أمام مرحلة جديدة في الصراع وجبهتنا ‏تتقدم بشكل كبير جدا، بانجازاتها وانتصاراتها، ولكن المسؤولية والمواجهة ما ‏زالتا كبيرتين».
وأشار الى ان «المرحلة المقبلة يجب ان تتركز على تثبيت مدينة حلب، وعلى محيطها ‏وأمنها وأمانها لأنه من المؤكد أن الجماعات المسلحة ستعمل على استهداف المدينة ومحيطها، والرعاة الذين ليس لديهم مشكلة، لن يسلموا ولن يستسلموا ولذلك علينا ان نكون حذرين».
وقال إن «الأولوية يجب ان تكون تثبيت هذا الانجاز، ‏ترسيخ وتمكين هذا الانتصار ليبنى عليه ميدانيا، وأيضا ليبنى عليه سياسياً، من جهة أخرى انتصار حلب يمكن ان يفتح آفاقاً جديدة أمام حلول سياسية، أمام حل سياسي، أمام معالجات سياسية».
وأشار الى ان انتصار حلب وفشل المحور الآخر يمكن أن يدفعا ببعض الدول ‏لأن تصبح واقعية وان تنظر الى الامور بمنظار مختلف.
وكانت لافتة للنظر دعوة نصرالله الحكومة التركية «إلى موقف حاسم من داعش، سواء في الرقة أو في الموصل أو في شمال العراق، وإلى الخروج من الازدواجية، أن تقاتل تركيا داعش في مدينة الباب وتدعمها في الموصل، فهذا ليس لمصلحة تركيا».

 

النهار :

أنهت لجنة صياغة البيان الوزاري برئاسة الرئيس سعد الحريري عملها مساء أمس، وتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم لمناقشة مسودة البيان وإقراره، على ان يحدد الرئيس نبيه بري الثلثاء المقبل موعداً لجلسة طلب الحكومة ثقة مجلس النواب ونيلها في تواتر سريع يعوض "الوقت الذي استهلك لتشكيل الحكومة"، على حد قول الرئيس ميشال عون الذي أفاد أمس ان "البيان اعتمد في قسم منه خطاب القسم الذي وافق جميع الاطراف على مضمونه".
وعلمت "النهار" ان العمل يجري توازياً مع البحث الجدي في اعداد مسودة لقانون الانتخاب الجديد، بات مؤكداً انه سيرتكز في جانب منه على النسبية. وأبلغت مصادر متابعة "النهار" أن "انجاز العمل لن يطول على عكس ما يروج عن اتجاه الى اضاعة الوقت للعودة قسراً الى قانون الستين، وهو امر يرفضه رئيس الجمهورية تماما، ولن يقبل باعادة عقربي الساعة الى الوراء، وهو أمر صار موضع اجماع معظم الجهات السياسية والحزبية ".
كذلك علمت "النهار" أن الرئيس الحريري اتصل بعد اجتماع لجنة الصياغة بالرئيس عون وإتفقا على عقد جلسة لمجلس الوزراء الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا لمناقشة مشروع البيان وإقراره تمهيدا لإرساله الى الرئيس بري الذي سيتولى في وقت لاحق اليوم توزيعه على النواب تحضيرا لجلسات الثقة من الثلثاء الى الخميس المقبلين على أبعد تقدير.
ووصف وزير التربية والتعليم العالي وعضو لجنة صياغة البيان الوزاري مروان حماده لـ"النهار" الاجتماع الثاني الاخير للجنة بأنه سادته "روح بنّاءة". وقال إن مشروع البيان" لا ينطوي على مفاجآت وهو مستوحى من خطاب القسم للرئيس عون ومن البيان الوزاري للحكومة السابقة للرئيس تمام سلام". وأضاف أن اولويات الحكومة كما وردت في البيان تتضمن مشروع الموازنة والاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاستقرار وإعادة ثقة المستثمرين بلبنان ومعالجة أوضاع النازحين ومكافحة الارهاب وحماية القضاء".
وقال مصدر في اللجنة لـ"النهار" ان اعتراضاً قواتياً ظهر على موضوع المقاومة، لكن البيان قارب الموضوع من ناحية حق الدفاع والمقاومة في سبيل حماية لبنان واراضيه ومياهه وثرواته الطبيعية من أي اعتداء، واسترجاع كل أرض محتلة. وطلب وزير "القوات" في اللجنة التمهل إلى اليوم لإبداء رأي الحزب في الموضوع.

 

الطقس والمناخ
في مقابل الاجواء السياسية الايجابية، يبدو ان الميلاد سيكون أبيض، اذ توقعت مصلحة الارصاد الجوية ان يكون الطقس اليوم غائماً مع انخفاض بسيط لدرجات الحرارة وأمطار متفرّقة، تشتدّ غزارتها اعتباراً من بعد الظهر وتكون مصحوبة بعواصف رعديّة ورياح ناشطة، وتتساقط الثلوج على ارتفاع 1300 متر وما فوق وتتدنى تدريجاً لتلامس الـ 1100 متر ليلاً.
ويستمر الطقس غدا الاحد غائماً مع انخفاض اضافي وبسيط لدرجات الحرارة وأمطار تكون غزيرة أحياناً وترافقها عواصف رعدية ورياح ناشطة، كما تتساقط الثلوج على ارتفاع 1000 متر وما فوق.
ومع الابيض الذي سيكلل جبالنا مبشراً بتحريك موسم التزلج، أطلقت وزارة البيئة تقريراً "أسود" عن تغير المناخ، توقعت فيه فقدان موسم التزلج مع انخفاض 40 المئة من الغطاء الثلجي في لبنان وارتفاع مقداره درجتان مئويتان لدرجة الحرارة في السنوات المقبلة، مع هطول كمية أقل من الأمطار كما الثلوج. أضف ان الثلوج التي تتساقط حالياً على ارتفاع 1500 متر ستنتقل الى 1700 متر بحلول سنة 2050. وسينخفض عدد أيام وجود الغطاء الثلجي من 110 أيام الى 45 يوماً.
وفي التقرير ايضاً ان الثلوج ستذوب في وقت أبكر من فصل الربيع. وستؤثر هذه التغيرات على شحن معظم الينابيع، وتحدّ من إمدادات المياه المتاحة للري خلال فصل الصيف، وتزيد الفيضانات في الشتاء بنسبة تصل الى 30 في المئة. ويؤدي انخفاض هطول الأمطار الى تفاقم التحديات الحالية لتوافر المياه للزراعة والاستخدامات التجارية والسكنية. وستكون لذلك آثار سلبية على الأنهار والمياه الجوفية، وسيؤثر على توافر المياه خلال موسم الصيف وفترات الجفاف.
ومن انعكاسات هذا التغير المناخي زيادة الطلب على التبريد في الصيف، مع زيادة استهلاك الكهرباء بنسبة 5,8 في المئة لكل ثلاث درجات زيادة في درجة الحرارة. وستضعف السياحة الشتوية في الهواء الطلق مع تقصير موسم التزلج وستنعكس التأثيرات الأخرى على السياحة نتيجة التغيرات في النظم الايكولوجية، وفقدان المعالم الطبيعية، مثل الشواطئ العامة الرملية، والضرر الهيكلي على التراث الأثري في البلاد.
وستتأثر الغابات سلباً بتغيّر المناخ، خصوصاً أن الغابات الحالية تعاني التشرذم وتفشي الآفات، والحرائق، والممارسات غير المناسبة التي تتحدى بالفعل قدرتها على البقاء والتطوّر.
كما سيواجه لبنان زيادات في معدل الإصابة بالأمراض المعدية، والاعتلال، والوفيات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تواتر الظواهر المتطرفة، وزيادة سوء التغذية من الجفاف والفيضانات التي تؤثر على الزراعة، وقلّة توافر المياه النظيفة. وستسبب الزيادات في درجات الحرارة بما بين 2,483 و5,254 وفاة إضافية سنوياً بين 2010 و2030.
وإذا استمرت أيضاً الاتجاهات الحالية في انبعاث الغازات الدفيئة على حالها، سترتّب التغيرات المتوقعة في المناخ على الأرجح تكاليف اقتصادية على لبنان، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بنحو320 مليون دولار أميركي سنة 2020.
أما التكاليف غير المباشرة، فستترجم بكون التكاليف المباشرة ستبطئ النمو الاقتصادي في البلاد، وسيقلل النمو الأبطأ الناتج المحلي الإجمالي اللبناني نحو 1600 مليون دولار، أو ثلاثة في المئة بحلول سنة 2020 و14 في المئة سنة 2040، ومن شأن هذا الناتج المحلي الاجمالي الضائع أن يشكل الكلفة الحقيقية، ويحدّ من الرفاهية الاقتصادية للأسر والشركات والحكومة في لبنان.
وستتحمل الحكومة التكاليف الاجمالية المقدرة من الأضرار المباشرة والناتج المحلي الاجمالي الضائع، والبالغة 610 ملايين دولار أميركي في سنة 2020، كما ستتحمل الأسر تكاليف سنوية مقدارها 1500 دولار سنة 2020. وستعاني الأسر الريفية عموماً النسبة الكبرى من الانخفاض مقارنة بالأسر في المناطق الحضرية

 

 

المستقبل :

بسرعة قياسية يؤرَّخ لها في سجلّ الولادات الحكومية وتختزن في مدلولاتها الاستثنائية معالم طريق معبّد أمامها بالتقاطعات الإيجابية على مختلف الاتجاهات الوطنية والسياسية، أنجزت حكومة الرئيس سعد الحريري مسودة بيانها الوزاري مساء أمس لتجتمع فتناقشه وتقرّه صباح اليوم، حتى بات ينطبق القول بالفعل إنّ حكومة «استعادة الثقة»، كما تُسمّي نفسها في البيان، نجحت «بين ليلة وضحاها» في إنجازه وإقراره.. و«بين العيدين» ستنال الثقة على أساسه.

إذاً، لم تحتج لجنة البيان الوزاري برئاسة الحريري لأكثر من اجتماعين لصياغته بحبر التوافق السياسي المرتكز على روحية خطاب القسم وبعض «عبارات» بيان حكومة الرئيس تمام سلام تكريساً لمغادرة البيانات الوزارية معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي أكدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ بيان «استعادة الثقة» لم يأتِ على ذكرها.

وبُعيد انتهاء اجتماع اللجنة الذي دام لأكثر من ثلاث ساعات في السرايا الحكومية، 

أعلن وزير التربية مروان حمادة إنجاز مسودة البيان الوزاري، مشيراً إلى اتصال جرى خلال الاجتماع بين الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون تم الاتفاق خلاله على انعقاد مجلس الوزراء عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم «وإذا جرت الأمور بشكل طبيعي، كما هو متوقع، سيُحال البيان إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ومنه إلى المجلس النيابي، وتُعقد جلسات المناقشة والثقة الأسبوع المقبل بين العيدين». علماً أنّ مصادر اللجنة أفادت «المستقبل» أنّ المكونات الحكومية توافقت على مختلف عناوين البيان الوزاري العتيد باستثناء بند «الكوتا النسائية» الذي تقاطع كل من «حزب الله» و«القوات اللبنانية» عند تسجيل تحفظهما عليه لاعتبارات مختلفة ينطلق منها كل من الحزبين.

وكان عون قد شدد أمام زواره أمس أنّ «الوقت الذي استُهلك لتشكيل الحكومة سيعوض عنه من خلال الإسراع في إنجاز البيان الوزاري الذي اعتمد في قسم منه خطاب القسم»، معرباً عن تفاؤله «بتخطي أي أزمة لا سيما إذا ما توفرت الإرادة الوطنية الشاملة»، ومؤكداً الاستعداد للشروع في ورشة «إعادة النمو للوضع الاقتصادي ومقاومة التقسيم المعنوي الذي ساد في المرحلة السابقة».

قرار وقف الاستيطان

وليلاً، برز تطور بالغ الأهمية والدلالات على مستوى التعاطي الأممي والدولي مع القضية الفلسطينية، سارع إزاءه الرئيس الحريري إلى التنويه به من خلال الترحيب في تغريدة عبر «تويتر» بصدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بإجماع ١٤ عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية

 

الديار :

صوت مجلس الامن الدولي لصالح مشروع قرار يعتبر تاريخيا يطالب اسرائيل بوقف بناء المستوطنات الاسرائىلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وامتنعت واشنطن عن التصويت على مشروع القرار الذي يدين اسرائىل ويطالب بوقف المستوطنات بعد ان صوتت 14 دولة لصالحه.
ويعد الموقف الاميركي هذا تحركا نادرا من واشنطن التي تدافع عن اسرائىل امام مثل هذه القرارات واعتبره مراقبون «طلقة الوداع» من الرئيس باراك اوباما لرئيس الوزراء الاسرائىلي نتانياهو.
اما الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب فعلق على قرار مجلس الامن بشأن وقف الاستيطان بالقول: الامور ستكون مختلفة بعد 20 كانون الثاني.
هذا القرار التاريخي في مجلس الامن يشكل اكبر ادانة دولية للعدو الصهيوني الذي مارس كل انواع القتل والتشريد والابادة ضد الشعب الفلسطيني، مستندا الى غطاء دولي سقط للمرة الاولى وهذا اكبر انتكاسة للسياسة الخارجية لاسرائىل التي بدأ العالم بأسره يدرك مخاطرها على العالم اجمع، وللاسف فإن مصر التي طرحت المشروع عادت وسحبته جراء ضغوط ترامب ونتانياهو، فتقدمت فنزويلا ونيوزيلندا وماليزيا والسنغال الى هذه المهمة واصرت على التصويت على المشروع الذي اذهل العالم واصاب المسؤولين الاسرائىليين بالخيبة ولا شك في ان هذا الانتصار سيسجل في خانة الشعب الفلسطيني المقاوم الذي صنع المعجزات في تصديه للاحتلال الاسرائىلي.
ونقلت قناة سكاي نيوز عن وزير مقرب من نتانياهو قوله ان الولايات المتحدة تخلت عن اسرائىل كما اكد ان اسرائىل لن تلتزم بهذا القرار «المشين».
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤول رفيع المستوى اتهامه للرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري بالوقوف وراء مشروع القرار بشأن الاستيطان في مجلس الأمن.
يذكر أن الرئيس الاميركي المنتخب أجرى اتصالا هاتفيا ليلة الخميس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تناول مشروع  القرار المطروح أمام مجلس الأمن، حيث اتفق الجانبان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل مع القضية الفلسطينية لتحقيق تسوية شاملة.

ـ عباس: انتصار تاريخي ـ

بالمقابل، أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن قرار مجلس الأمن الدولي بإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والمطالبة بوقفه، هو «صفعة كبيرة للسياسة الاسرائيلية».
وقال أبو ردينة في تصريح لـ «وفا» تعقيبا على القرار الذي تبناه مجلس الأمن بغالبية 14 صوتا وامتناع واشنطن عن التصويت: إن «قرار مجلس الأمن صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين».
ولأول مرة منذ 36 عاما، صوّت 14 عضوا في مجلس الأمن لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأميركية لوحدها عن التصويت. وفور صدور القرار علا التصفيق في القاعة.
وقال مندوب ماليزيا، قبل بدء التصويت، إننا ننظر إلى تحرك من كل أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن قضية المستوطنات واتخاذ الإجراءات من أجل وقف الاستيطان، وأن يكون هناك إجراءات مباشرة لوقف أشكال العنف ضد المدنيين وأعمال الإرهاب والعمل من كل الأطراف ليتحقق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا المشروع يطالب بالعمل على وقف الاستيطان، مشيرا إلى أن هناك قلقاً تجاه ما يحصل على الأرض فيما يتعلق بالمستوطنات.
بدوره، قال مندوب نيوزلندا «إننا نأمل أن يصوّت مجلس الأمن لصالح قرار وقف الاستيطان، مشددا على ضرورة التركيز على قضية المستوطنات التي تهدد إمكانية قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، في حين أكد مندوب فنزويلا على ضرورة العمل من أجل السلام واتخاذ الإجراءات اللازمة للمساهمة في الوصول إلى حل سلمي للصراع.
بدورها، استعرضت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي السفيرة سامانثا باور،  عقب التصويت على القرار، مخاطر الاستيطان على حل الدولتين، وحتى على أمن إسرائيل.
وقالت: أي نشاط استيطاني غير ضروري ولا يؤدي إلى بناء الثقة، وهو يعيق الوصول إلى السلام، والرئيس الأسبق رونالد ريغن قال : سأنهي الصراع، وهو قدم مقترحا بهذا الإطار»، موضحة أن واشنطن ملتزمة بالسلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن موقف الولايات المتحدة طويل الأمد يقوم على أن الاستيطان يلحق الضرر بأمن إسرائيل، وبخاصة الذي يتم على أراضي 1967.
وأشارت إلى أن عدم إفشال مشروع القرار من قبل واشنطن هو سابقة منذ عام 1967 وأن الرئيس بارك أوباما يعكس بهذا الأمر موقف الولايات المتحدة، وهذا التصويت بالنسبة لنا مبني على قرارات الأمم المتحدة، وإسرائيل هي عضو في هذه المنظمة.
وتابعت مندوبة أميركا: عام 2016 يوجد 12 قراراً ضد إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان وهذا أكثر مما أتخذ ضد كوريا الشمالية وسوريا وغيرها من الدول، وأميركا تعمل لتجعل إسرائيل صديقة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ولتحصل المؤسسات الإسرائيلية على كافة الامتيازات من الأمم المتحدة.
وأشارت إلى وصول عدد المستوطنين في أراضي الضفة الغربية والقدس، إلى أكثر من 500 ألف مستوطن، بالإضافة إلى بناء الجدار الفاصل، مضيفة: ونذكر بأن الرباعية الدولية عبرت عن غضبها من الأنشطة الاستيطانية غير القانونية بنظر القانون الدولي.
وشددت على أن محاولة البرلمان الإسرائيلي لتشريع الاستيطان هو أمر غير مقبول، مشيرة إلى طبيعة السياسة التي تتبناها حكومة نتنياهو لدعم الاستيطان.
وقالت السفيرة باور: لا بد من العمل لوقف الاستيطان، والأمم المتحدة أدانت الاستيطان بشكل واضح. ومنذ عام 2011 زاد الاستيطان بشكل كبير، والرئيس الأميركي ووزير خارجيته أكدا أن الاستيطان يجعل حل الدولتين في خطر، وهذا القرار جاء لكي لا نحطم خيار حل الدولتين.
وأضافت: عندما حدث الوضع الإنساني في غزة لم يكن هناك تلكؤ في إنهاء هذا الوضع، كما كانت هناك تحركات لحماية أمن إسرائيل.
من جانبه، عقب مندوب مصر في مجلس الأمن، عمرو أبو العطا، على ما جرى بالقول: الاستيطان غير قانوني، وهو موقفنا الثابت ولا تغيير فيه».
وأضاف: يجب ان نتحلى بالحكمة وبالمعالجة الواقعية دون مزايدات وبخاصة قضية الاستيطان التي ترتبط بشكل مباشر بقضايا الحل الدائم.
وعقّب مندوب فرنسا في هذه الجلسة على نتيجة التصويت بقوله: إنه قرار تاريخي وهو القرار الأول الذي يتباه مجلس الأمن فيما يخص الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود، والموقف أصبح واضحا وشفافا.
وتابع: إن بناء المستوطنات يشكل خطرا على السلام، فكان لا بد من أن يمر بتوافق جماعي، فالاستيطان تسبب بتوتر على الأرض، وما يجري من توسع استيطاني هو مخالف لقرارات المجتمع الدولي.
وشدد على أن التدخل من قبل مجلس الأمن كان ضروريا لوضع حد لسياسة فرض الحقائق، منددا بفرض قيود على حرية الحركة، مضيفا: هذه سياسات غير قانونية.
بدوره، قال سفير الصين إننا نرحب بهذا القرار الخاص بالمستوطنات، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط والمنطقة، وأن إحقاق حقوق الفلسطينيين مصلحة دولية.
وأضاف أن التوسع الاستيطاني من شأنه أن يعقد المشكلة ويؤدي لانهيار الوضع الإنساني على الأرض، مؤكدا أن الصين دعمت مجلس الأمن في قراره تجاه القضية الفلسطينية.
وقال السفير الاسرائىلي لدى المنظمة الدولية ان بلاده توقعت ان تلجأ واشنطن للفيتو ضد هذا القرار المشين. واضاف : انا واثق بأن الادارة الاميركية الجديدة والامين العام الجديد للامم المتحدة سيبدآن مرحلة جديدة على صعيد العلاقات بين الامم المتحدة واسرائىل.

ـ جدل وضغوط ـ

وقبل التصويت، قال مسؤول إسرائيلي كبير رفض كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري «دبرا سرا مع الفلسطينيين ومن خلف ظهر إسرائيل قرارا متطرفا معاديا لها، سيفيد الإرهاب وحركة المقاطعة وسيكون له أثر فاعل على جعل الحائط الغربي (حائط البراق) جزءا من الأراضي الفلسطينية».
بدورها قالت القناة الثانية الإسرائيلية إن كيري رفض في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الالتزام باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد المشروع.
ودعا زعيم الديمقراطيين المقبل في مجلس الشيوخ الأميركي تشارلز شومر إدارة أوباما لاستخدام الفيتو، بينما قال مسؤولان غربيان إن واشنطن كانت تنوي الامتناع عن التصويت في خطوة نادرة.

ـ مشروع القرار ـ

ويدعو مشروع القرار إسرائيل إلى «وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها  القدس الشرقية»، حيث يعتبر أن هذه المستوطنات غير شرعية في نظر القانون الدولي سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أو لا، و«تعرض للخطر حل الدولتين».
يذكر أن واشنطن استخدمت في العام 2011، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية بعد أن رفض الفلسطينيون تسوية عرضتها واشنطن.
ويقيم نحو 570 ألف إسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب العام 1967.

 

الجمهورية :

يطلّ لبنان على عيد ميلاد يسوع، ويحدو كل اللبنانيين أمل في قيامة لبلدهم من تحت أنقاض السياسة بخلافاتها وتبايناتها وتعقيداتها التي لا حدّ لها، وعيونهم شاخصة الى انبلاج نور المخلص، يضيء عتمة الحياة المظلمة، ويرمي لهم حبل النجاة ويقودهم في طريق الخلاص الى برّ الأمان.

ينتظر اللبنانيون أن تكتمل فرحة العيد، بصفحة جديدة يفترض ان ينتقل اليها لبنان، توسّع المساحات المشتركة ونقاط الالتقاء بين مكوّنات المجتمع اللبناني. وهنا يكمن التحدي الكبير أمام الطاقم السياسي على كل مستوياته لكَسبه، بما يترجم آمال كل اللبنانيين وتطلعاتهم، ويقودهم الى كل ما يجمع.

والرهان في هذا المجال يبقى على الانطلاقة الحكومية الجديدة في سلوك خريطة طريق نحو الترجمة الحقيقية والجدية لمهمتها الجليلة التي تبدأ وتنتهي عند توفير الامن والامان للبنانيين، بعيداً من التذرّع بضيق الوقت، أو بمهمة محصورة بإعداد قانون الانتخابات من دون أي أمر آخر، او في التلهّي بالصغائر والمكايدات والمزايدات والاختلاف حتى على جنس الملائكة.

رسائل الميلاد

وعشيّة الميلاد، عَمت أجواء الفرح وترجمت بإضاءة المدن والبلدات من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بالبقاع والجبل وبيروت، وفي وقت يشعر مسيحيّو لبنان بالإرتياح النسبي نتيجة انتخاب رئيس الجمهورية، فإنّ هاجس الإرهاب المتفشّي الذي لا يفرّق بين مسلم ومسيحي ما زال مسيطراً، وقد عبّرت عن هذا الخوف رسائل الميلاد التي توجّه بها بطاركة الشرق قبَيل العيد.

وفي هذا الإطار، وبعدما عادت أضواء العيد الى قصر بعبدا، سيَتلو البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة الميلاد اليوم، حيث من المنتظر أن يركّز على الأبعاد الدينية والروحية لهذه المناسبة، ويتطرّق الى الوضع السياسي في لبنان خصوصاً بعد انتخاب رئيس الجمهورية وما يمثّل هذا الحدث من تغيّر إيجابي على صعيد عمل المؤسسات.

كذلك من المتوقّع أن يتناول التوازنات الداخلية وأهمية إجراء الانتخابات النيابية وإقرار قانون انتخاب عادل، إضافة الى انطلاقة الحكومة وأزمة النازحين والوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان.

كما سيحضر وضع المنطقة في رسالة سيّد الصرح، خصوصاً مع استمرار الحروب في الشرق وتهجير سكانه، واستمرار تدمير البشر والحجر.
وفي الجو الميلادي أيضاً، أقيم «ريسيتال» في القصر الجمهوري مساء أمس، تمنّى خلاله الرئيس ميشال عون أن تمرّ الاعياد بفرح على اللبنانيين وان نعمّر لبنان في الأيام المقبلة»، مُعايداً جميع اللبنانيين بمناسبة الأعياد.

على طريق الثقة

في السياسة، ها هي الحكومة تواصل خطوها في أجواء توافقية نحو إكمال بنيتها، وباتت قاب قوسين أو أدنى من الحصول على ثقة المجلس النيابي، ربما أواسط الاسبوع المقبل، بما يمنحها فيزا الانطلاق وتزييت عجلاتها ودخول حلبة السباق مع الوقت الضاغط في اتجاه أعداد موازنة عامة تملأ الفراغ المالي المستمر بلا موازنة منذ العام 2005، وكذلك في اتجاه إعداد قانون انتخابي جديد بديل لقانون الستين.

ولقد وضعت لجنة صياغة البيان الوزاري الصياغة النهائية للبيان في جلستها الثانية التي انعقدت في السراي الحكومي برئاسة الرئيس الحريري على مدى ثلاث ساعات.

وعلمت «الجمهورية» انّ النقاش كان هادئاً ولم يحصل فيه ايّ خلاف جوهري، باستثناء بعض التباين حول الموضوع المتعلّق بالمقاومة.
ومن المقرر ان يبتّ مجلس الوزراء بالبيان الوزاري في الجلسة التي تنعقد اليوم عند الحادية عشرة قبل الظهر في االقصر الجمهوري، لإقرار البيان، علماً انّ «القوات اللبنانية» وبحسب مصادر اللجنة، بقيت عبر ممثلها في اللجنة الوزير بيار ابي عاصي متمسّكة بموقفها لجهة اعتماد هذا البند بصيغته الواردة في خطاب القسم للرئيس عون، فيما وزيرا أمل علي حسن خليل و«حزب الله» محمد فنيش طلبا أن تكون الفقرة نفسها الواردة في بيان حكومة الرئيس تمام سلام، وأيّدهما في ذلك باقي الوزراء بمَن فيهم الرئيس الحريري. الّا انّ ابي عاصي طلب التريّث حتى اليوم لإعطاء جواب نهائي في جلسة مجلس الوزراء. وما عدا ذلك، جرى توافق على كل مندرجات البيان بشقّيه: السياسة العامة والسياسة الاقتصادية والمالية.

وأكدت المصادر لـ«الجمهورية» انّ البيان يقع في أربع صفحات فولسكاب، تتناول السياسة العامة وبرنامج الحكومة ودورها في مقاربتها. وقد اعتمد في ما خصّ المقاومة، الفقرة المدرجة في بيان حكومة الرئيس تمام سلام. امّا في الشق الانتخابي، فتضمّن فقرة مُستوحاة من وثيقة الوفاق الوطني التي تتحدث عن المعايير والتوازن وتؤكد على صحة التمثيل وسلامته. فيما خلا البيان من أية إشارة الى النأي بالنفس بل جَرى النص على مواجهة الارهاب، بحسب الصيغة الواردة في خطاب القسم.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: إنّ «القوات» سجّلت اعتراضاً شديد اللهجة على الفقرة التي في البيان الوزاري والمتصلة بـ«الحق بالمقاومة للشعب اللبناني»، وطالبَت باستبدالها بالفقرة التالية «الحقّ بالمقاومة للدولة اللبنانية»، واعتبرَت أنّ الصيغة الأولى تُشرّع الفوضى وتَفتح الوضعَ اللبناني على المجهول وتتجاهل تماماً وجودَ الدولة اللبنانية، وكأنّ لبنان هو العراق، حيث هناك مقاومة من دون دولة، فيما الصيغة الثانية التي أصرَّت «القوات» على اعتمادها تؤكّد على مرجعية الدولة اللبنانية، ومرجعية الدستور، ومرجعية القوانين المرعيّة، وأيّ كلام خلاف ذلك يَعني الإصرار على تغييبِ الدولة في لبنان».

وشدّدت هذه المصادر على «أنّ المطلوب اعتماد الفقرة الواردة في خطاب القسَم «أمّا في الصراع مع إسرائيل، فإنّنا لن نألوَ جهداً ولن نوفّر مقاومةً، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوّ لم يزَل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية»، حيث إنّ الرئيس عون يقول إنّ الدولة لن توفّر مقاومة، وبالتالي يفترض بالحكومة بدورها أن لا توفّر مقاومةً في سبيل تحرير ما تبقّى من أراض، وليس الذهاب إلى معادلات تطيح بوجود الدولة ودورها، وما ورَد في خطاب القسم لا يختلف عمّا ورَد أساساً في «اتفاق الطائف» لجهة أنّ المرجعية الوحيدة في استعادة الأرض هي الدولة اللبنانية، ولذلك يجب العودة باستمرار إلى اتفاق الطائف».

واعتبرَت مصادر «القوات» «أنّ الهدف من إدخال هذه الفقرة إحياء الانقسام الوطني في لبنان، لأنّ هذه الفقرة تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من المعادلة الانقسامية المعلومة «جيش وشعب ومقاومة»، فيما الأمل كان الابتعاد عن النقاط الخلافية والتركيز حصراً على المساحات المشتركة، والاستفادة من المناخات التفاؤلية التي ظهرَت مع تشكيل الحكومة، من أجل توظيفها في انطلاقةٍ واعدة للحكومة ومنتجة».

وأسفَت «لهذا النهج المعتمَد الذي يُصرّ على وضعِ العراقيل أمام العهد الجديد، ومِن الاعتراض على خطابَي القسَم والاستقلال، إلى تأخير تأليفِ الحكومة ووضعِ فيتوات وشروط وحواجز، وصولاً إلى تمرير جملة مفخّخة في البيان الوزاري كلُ الهدف منها مواصلة مناخات الاحتقان ومنعُ العهد الجديد من أن يَحكم ويُنجز».

ورأت المصادر نفسُها «أنّ ما ورد في المسوّدة يتناقض مع كلام السيّد حسن نصرالله الذي دعا إلى تجاوزِ الخلافات وأكّد أنّ الحكومة ليست حكومة «٨ آذار»، فيما الهدف من تضمين المسوّدة تلك الفقرة القول إنّ الحكومة هي حكومة «٨ آذار»، وهي ليست كذلك إطلاقاً».

ودعَت المصادر «القوى الحكومية إلى شطبِ هذه العبارة في جلسة اليوم واستبدالِها بحقّ الدولة، وخلافُ ذلك ستكون نقطةً سوداء وتؤشّر في وضوح إلى النيّات التعطيلية»، وقالت إنّ جلّ ما تريده «القوات» اعتماد خطاب القسَم نصّاً وروحاً، والابتعاد عن المعادلات الانقسامية التي ستنعكس سلباً على الانطلاقة الحكومية وانتظارات الناس وآمالِهم».

القانون الانتخابي

وعلى الخط الانتخابي، عكس الحوار الانتخابي ايجابيات حول اجتماع لجنة الخبراء الانتخابيين، بين «حزب الله» وحركة «امل» وتيار «المستقبل». وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري «إنّ الاجواء مريحة». والمنطق نفسه عكسه مطّلعون على موقف «حزب الله»، فيما تحدثت أوساط تيار «المستقبل» عن انفتاح ومرونة وصراحة في العمق.

لكن السِمة الجامعة بين هذا الثلاثي هي أنّ الامور ما زالت في بداياتها، لكن مبدأ اعتماد النسبية صار مفروغاً منه، خصوصاً انّ الجميع باتوا على يقين من انه لم يعد هناك مكان لقانون الستين، وإن استمر المنحى الايجابي غالباً على النقاشات التي تجري، فذلك يبشّر بالوصول الى إنجاز. وتحدث متابعون لهذا الحوار عن احتمال جدّي لتوسيع حلقته ليشمل الفرقاء الآخرين.

وفيما يبقى الحذر الانتخابي سائداً في كليمنصو، ويقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط خلف متراس الرفض للنظام النسبي باعتباره سيفاً مُهدِّداً، له بُعد وجودي له ولمَن يمثّل، فإنّ التطمينات المباشرة وغير المباشرة ما زالت تَرد إليه من عين التينة، وبرّي يتفهّم هواجس جنبلاط، ويؤكد انّ التوجّه الأكيد هو نحو قانون عصري وعادل يطمئن الجميع ويبدد الهواجس، وليس الى قانون يفاقم الانقسام ويزيد الهواجس.

والملاحظ في عين التينة، اندفاعة جدية من جانبها للتواصل مع الجميع، وتحديداً مع الحزب التقدمي الاشتراكي، للوصول الى مقاربة مشتركة حول القانون الانتخابي المختلط الذي اقترحه بري (64 نائباً ينتخبون على أساس النظام النسبي و64 نائباً ينتخبون على أساس النظام الأكثري)، مع مراعاة المبدأ الاساس وهو المناصفة. وكذلك حول المشروع القائم على التأهيل (أكثري على مستوى القضاء ونسبي على أساس المحافظة).

وتعكس عين التينة تأكيداً متجدداً من رئيس المجلس على الضرورة الملحّة للوصول الى قانون انتخابي في أسرع وقت ممكن، خصوصاً انّ المهل تُداهمنا، وكذلك التأكيد على انّ الطموح الاساس بالنسبة إليه يبقى الوصول في لحظة معينة الى اعتماد النسبية الشاملة باعتبارها الخيار الأفضل للبنان. الّا انّ بري لا يتمسّك بهذا الطموح الذي إذا ما تعَذّر بلوغه فلا بأس في أن نتدرّج في صعود السلم، وبالتالي المباشرة في تطبيق النسبية جزئياً على جرعات.

وعلى ما يؤكّد بري، يفترض ان يكون قانون الستين قد اصبح من الماضي، وللجميع من دون استثناء مصلحة في الخلاص منه، علماً انّ العودة اليه تعيد لبنان أولاً 67 سنة الى الوراء، وتُرخي تداعيات خطيرة على كل البلد وفي المقدمة على العهد وعلى كل الطبقة السياسية. وهذا يضع الجميع أمام حتمية الالتقاء على الدفع نحو قانون عصري يكون بمثابة إنجاز نوعي لا بل بمثابة أهم هدية نقدّمها الى اللبنانيين.

وهناك فرصة حقيقية للوصول الى هذا القانون، وهذا لا ينفي انّ إنجازه قد يحتاج الى بعض الوقت الاضافي، وهنا الحل موجود بحيث يُصار الى تأجيل تقني محدود جداً للانتخابات لشهر او شهرين او ثلاثة لاستكمال التحضيرات الاجرائية، على ان يتمّ النص على هذا التأجيل وسقفه في متن القانون الجديد، وذلك لكي يكون هذا التأجيل مطّاطاً وفضفاضاً.

نصر الله

وفي هذه الاجواء، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أمس، فتحدث عن البيان الوزاري وقانون الانتخاب ومعركة حلب.
واعتبر نصر الله انه «من المفترض ان لا يكون في البيان الوزاري صعوبات وعقد»، وشدّد على انه «لا يجوز ان تعتبر الحكومة نفسها حكومة انتخابات فقط»، و«يجب ان تتحمّل كامل المسؤولية تجاه الشعب اللبناني».

وفي مسألة قانون الانتخاب أعلن تأييده النسبية الكاملة، وفي الوقت نفسه شدّد على وجوب أخذ مخاوف البعض وقلقهم في الاعتبار، داعياً الى حوار ‏شامل مع كل القوى السياسية. وقال: «يعني نريد أن نجمع ما بين الصيغة والقانون الانتخابي الأمثَل والأحسن والأفضل، وفي الوقت نفسه نريد أن نأخذ الهواجس ونقاط القلق ونحاول أن نصل إلى مكان ما، لكن بالتأكيد ليس على قاعدة العودة إلى قانون الستين».

ورفض نصرالله مقولة انّ الحكومة هي حكومة «حزب الله»، ووصفَ الاتهامات بأنّ الحزب يريد السيطرة على البلد بأنها «اتهامات باطلة...».

 

 

اللواء :

جملة من الإيجابيات تجمعت فجأة، بالتزامن مع متغيرات دولية وإقليمية بالغة الدلالة، وفي مقدمها ما اعلنته شخصيات رسمية إسرائيلية من ان الولايات المتحدة الأميركية تخلت عن إسرائيل، بعدما امتنعت عن استخدام حق «الفيتو» لإسقاط قرار صدر عن مجلس الأمن الدولي بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فيما اتهم مسؤول إسرائيلي الرئيس الاميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري بالوقوف خلف «التحرك المشين» ضد إسرائيل في الأمم المتحدة.

(راجع الخبر في مكان اخر)

وجاء هذا التطور، في ظل حرص روسي عبّر عنه الرئيس فلاديمير بوتين، بأن يتقدّم الحل السياسي للحرب في سوريا، وحرص أيضاً على ان تكون العلاقة مع الإدارة الأميركية الجديدة افضل من سابقتها، في ظل تأكيد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على دور حيوي لبلاده في حل أزمات الشرق الأوسط.

وسارع الرئيس سعد الحريري إلى الترحيب بالقرار الأممي، وهو الأوّل من نوعه منذ ثماني سنوات.

وقال مصدر مطل