اخترق الرئيس بري حاجز الطوق المضروب على تولّي النساء مناصب قيادية أو وزارية، فعيّن السيدة عناية عزالدين وزيرة لشؤون التنمية، فأثارت بحجابها بعض الإشكالات.
 


أولاً: إشكالية ارتداء الحجاب الدائمة
منذ أن أثار داعية تحرُّر المرأة قاسم أمين  قضية حرية المرأة ، وحقّها في الخروج والاختلاط والتعلُّم والعمل خلال النصف الأول من القرن العشرين، وقضيّتا النقاب والحجاب مطروحتان بحدّة على الأوساط الاجتماعية والثقافية والدينية في العالم العربي والإسلامي، فالبعض يرى أنّ النقاب، أي الرداء الذي يُغطّي كامل الجسم بما فيه الوجه، هو أمر شرعي وإلزامي، والبعض الآخر اكتفى بالحجاب، الذي يُغطّي كامل الجسم مع جواز كشف الوجه واليدين، مع مراعاة الاحتشام المفروض في مختلف الأحوال. والحجاب، فضلاً عن النقاب، لا يروق للناشطين في مجال حقوق المرأة، فهو رمز ديني عائق أمام تحرُّر المرأة من ربقة الاستعباد المزمن المضروب على جسدها وحرّيتها؛ فالمرأة ،في نظر هؤلاء الناشطين، حُرّة بالتصرف في لباسها وغطائها وجسدها بما لا يعيق حريتها في التعلّم والعمل والإنتاج والانخراط في كافة النشاطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية، وهذا يتناقض وموجبات الشرع الإسلامي عند المحافظين والأصوليين، حيث يفرض على المرأة المسلمة أن "تقرّ" في بيتها، وألا تخرج منه إلاّ لضرورة ماسّة، وإذا خرجت عليها أن تنتقب، أي يُغطّيها النقاب فلا يعرفها أحد، حتى إذا ما التزمت بالنقاب، فلا مجال بعد ذلك للخوض في مسائل الاختلاط والعمل وما يتفرّع عن ذلك، حتى إذا عزمت السفر (بما في ذلك بقصد الحجّ) عليها أن تكون برفقة "محرم" أي رجل من محارمها ليرافقها في سفرها. أمّا الذين يتساهلون في أمور الشرع والدين، فيذهبون للقول بأنّ النقاب لم يُفرض إلاّ على نساء النبي اللاتي عليهن أن "يدنين من جلابيبهنّ، ويقرن في بيوتهنّ"، في حين تكتفي المرأة المسلمة  بالحجاب الذي يُغطّي شعرها مع عنقها بالكامل، ويبقى وجهها حاسراً مع يديها، ويمكنها بعد ذلك أن تخرج للتعلّم والعمل وارتياد الأماكن العامة والأسواق، حيث لا يكون على الاختلاط من حرج؛ وربما تتزيّن ، وربما تذهب حدّ التّبرُّج  كما هو شائعٌ هذه الأيام مع وجود الحجاب، وهذا يلقى طبعاً اعتراضات المحافظين والسلفيين ومعظم رجال الدين، ولكن دون جدوى أو فائدة، فالإشكالية قائمة، طالما أنّ المرأة خرجت واختلطت ودخلت ميدان العمل والإنتاج، فلن يتمكن أحدٌ من وقف تداعيات هذا الأمر، فربّما ارتقت إلى عضوٍ فاعل في حزب مسلم ، وقد تتسلّم حقيبة وزارية.

إقرأ أيضا : فعَلتها «أمل»... حيث لم يجرؤ آخرون

ثانياً: وزيرة مُحجّبة..هل يُرضي ذلك طموح اللبنانيات؟
وأخيراً، وبحمد الله، تجلس أنثى على مقعد وزاري بجانب تسعة وعشرين ذكراً، مضافاً إليهم فخامة الرئيس، طبعاً، معالي الوزيرة عزالدين لم تعرف مشاكل الاختلاط والتّزمُّت الديني، فهي تحمل شهادة عالية، وتملك مركز استثماري طبي، وهي ناشطة سياسية، تشغل عضوية المكتب السياسي لحركة أمل، ولا ندري ما إذا كانت تعاني من إشكالية مصافحة الرجال، فالامتناع عن مصافحة الرجال غالباً ما يصاحب الحجاب ويُلازمُه، وهذا، إن وُجد، يُسبّب إحراجات بروتوكولية واجتماعية لمعالي الوزيرة، فهي ستضطر يومياً وتكراراً لخذل من يمدّون أيديهم للمصافحة، ومن ثمّ توالي الاعتذارات، وهذا مثالٌ من أمثلة عدّة لا تُحصى، وكان الله بعون الوزيرة. 

ويبقى السؤال مطروحاً: 
هل صورة  المرأة المحجبة في الصورة التذكارية لمجلس الوزراء هي التي تُرضي طموح اللبنانيات؟ أم أنّ الحجاب ما زال مضروباً على المرأة اللبنانية، وإن بأشكال مختلفة، وصُور عديدة؟