قصدت منطقة ضبيه للقاء أستاذتها في الجامعة، ولمّا ترجّلت من سيارة التاكسي، وحاولت اجتياز الاوتوستراد، صدمتها سيارة في ساقها قبل ان تجتازه وتلوذ بالفرار، لتصدمها سيارة ثانية، لكن هذه المرة كانت الضربة على رأسها، انتزعت روحها من جسدها، قبل ان يفرّ السائق أيضًا، فغرقت بدمها امام المارة إلى حين وصول سيارة الاسعاف التي عملت على نقل جثتها من المكان، هي ديما صفي الدين ابنة صور التي دفعت حياتها ثمن عدم استخدام جسر المشاة.
وقعت الكارثة صباح السبت الماضي، وماتت ديما ومعها ضمير سائقين، فضّلا الهرب على انقاذ ضحية ربما اخطأت عندما قرّرت تجاوز الاوتوستراد مشياً على الأقدام، لكن كما قالت نور شقيقتها لـ"النهار": "الكثير من الفتيات يخشين استخدام جسور المشاة في لبنان، لما يسمعنه عن تحرشات تحصل عليه، لعلّها نظرة خاطئة يجب تصحيحها، لكن بكلّ تأكيد اللوم الاكبر يقع على سائق السيارة الاولى التي صدمتها، فلو توقف ونقلها الى المستشفى لكانت بيننا الآن".
القوى الأمنية تعرفت على سائق السيارة الاولى التي صدمت ديما (19 عاماً) وهي بحسب مصدر امني "فتاة تعمل مندوبة مبيعات في شركة، إذ كانت تقود سيارة الشركة حين صدمت الضحية، وهي الآن متوارية عن الانظار". ولفتت نور الى انه "يجري الكشف على كاميرات المراقبة الموجودة في المكان، لمعرفة صاحب السيارة الثانية التي كانت السبب في مقتل شقيقتي".
غياب الالتزام بالقانون
رحلت ديما قبل ان تكمل احلامها، وتحصل على شهادة في الادب الانكليزي من جامعة هايكازيان، "أحبّت القراءة والكتابة، ولم تهوَ يوماً القيادة"، وفق نور.
يقول رئيس جمعية "اليازا" المحامي زياد عقل لـ"النهار": "يومياً لدينا ضحيتان أو ثلاثة، فحوالى 40 في المئة من مجمل ضحايا السير هم من المشاة، لذلك المطلوب تخفيف الاختلاط بين السيارات وبينهم"، واضاف "في قانون السير الجديد وضعنا شرعة للمشاة، لكن المشكلة انه لا يوجد التزام كافٍ من المواطنين بسلامتهم، كما ان السائقين لا يحترمون في كثير من الاحيان حق المشاة في استخدام الطريق، عدا عن تهوّر البعض اثناء القيادة لا سيما في الاحياء الضيقة والمدن".
الفصل بين السيارات والمشاة يحتاج كما شرح عقل الى "استثمارات من البلديات والدولة في البنى التحتية عبر بناء جسور وأرصفة". ولفت إلى أنّنا "نقترح وضع فاصلٍ وسطي تحت جسر المشاة لمنع الناس من اجتياز الاوتوستراد". وفيما يتعلق بمنطقة ضبيه، قال "يوجد جسور مشاة، لكننا بحاجة الى المزيد منها، واعلنت وزارة الاشغال الاسبوع الماضي عن 40 جسر مشاة يجري العمل على انجازها، نتمنى ان تنجح بهذه المسؤولية لأن هناك حاجة ماسة لها".
 
على من تقع المسؤولية؟
"طبيعة لبنان الجغرافية صعبة، لذلك نجد الاختلاط بين المشاة والسيارات، لكن قانون السير الجديد يمنع اجتياز الاوتوستراد، من هنا لا تقع المسؤولية دائما على السائق، ففي كثير من الاوقات تقع المسؤولية على الضحية، لكن يجب الاطلاع على كل حالة، اذ لا يمكننا التعميم"، بحسب عقل الذي تطرق الى واجب المواطنين إنقاذ المصابين، وقال: "قانون العقوبات واضح، امتناعنا عن مساعدة انسان بحاجة للمساعدة يعتبر جرمًا جزائيًّا، ومع ذلك هناك من يخشى العقاب في حال أسعف انساناً وهذا اعتقاد خاطئ، فالتحقيق معه ليس عقاباً".
ليست ديما الضحية الأولى ولن تكون الاخيرة، ما دام هناك اشخاص يجتازون الاوتوستراد مشياً على الأقدام، وسائقون دفنوا ضميرهم!