الحكومة على نار حامية بعد تذليل عقبتي عين التينة والقوات

 

السفير :

لطالما نادى رئيس الجمهورية ميشال عون، منذ بداية الفراغ الرئاسي، بأولوية القانون الانتخابي على ما عداه، بما في ذلك رئاسة الجمهورية، بعنوان إعادة تكوين السلطة. لكن المؤسف لبنانياً أن ذاكرتنا مثقوبة، بدليل هذا التقاتل على مقاعد وحصص وأوزان لحكومة يفترض أن لا تعيش سوى بضعة أشهر، ما دامت حكومة انتخابات نيابية.
ولقد عاش لبنان هذه التجربة في العام 2005، في عز أزمته الوطنية التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فكانت حكومة نجيب ميقاتي التي طغى عليها الطابع التكنوقراطي، حكومة الانتخابات.. ونقطة على السطر.
لكأن الطبقة السياسية كلها ومن دون استثناء تعيش حالة من انفصام الشخصية. صارت الحكومة هي الهدف، وصارت الانتخابات ليس بقانونها وما تنتجه من تمثيل صحيح وعادل لجميع المكوّنات، بما فيها «طائفة العلمانيين»، بل بما يمكن أن تنتجه من توازنات تعيد سيطرة «الثنائي الماروني» على أغلبية المقاعد المسيحية، هي الهدف الأول والأخير. لكأن حرباً جديدة للإلغاء تطل برأسها، لكن هذه المرة ليس بالمدافع بل بقانون الستين الجائر ولو مع تعديلات بسيطة تنقل مقعدا مارونيا من طرابلس الى البترون وثانيا من البقاع الشمالي الى بشري!
صحيح أن انتخاب ميشال عون قد كسر مسارا سياسيا في التعامل مع المسيحيين بدأ في العام 1992، خصوصا في ضوء الخطأ الاستراتيجي المتمثل بمقاطعة الانتخابات، لكن الانتخابات المقبلة بلا قانون انتخابي جديد لا قيمة سياسية لها، بل ستعمّق المأزق المسيحي أكثر فأكثر، وعندها سيتجاوز الإحباط المسيحي، كل مشاهده السابقة، ويمكن أن يشكل بنتائجه خطراً كبيراً على الوجود المسيحي.. لا بل على لبنان.
قبيل الانتخابات النيابية في العام 2000، طلب الرئيس إميل لحود من دوائر النفوس إحصاء عدد الناخبين المسيحيين في لبنان، في معرض إحصاءات أشمل كان قد طلبها. كانت المفاجأة أن نسبة المسيحيين تساوي 23 في المئة من إجمالي عدد الناخبين. تلك الخلاصة، أرسلها لحود إلى المراجع الروحية المسيحية، مقدماً اقتراحاً واحداً: المصلحة الوحيدة للمسيحيين تكمن في تعزيز المواطنة والذهاب نحو تكريس الهوية الوطنية، بدلاً من البحث عن حصة طائفية في نظام سياسي طائفي متهالك لم يعد بمقدوره أن يحميهم.
بعد 16 عاماً، أعاد التحالف القواتي ـ العوني، نظرياً، للمسيحيين الثقة بحضورهم في الدولة وبقدرتهم على «استعادة» حقوقهم أو حصصهم، التي هُمشت مع اتفاق «الطائف»، وبالتالي طويت مرحلة «استتباع المسيحيين في الدولة لغير المسيحيين».
ومع وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا، فإن الضمور الذي أصاب صلاحيات رئيس الجمهورية في ذلك الاتفاق «سيكون بالإمكان تغطيته بالحيثية الشعبية التي يملكها عون وحده من بين الرؤساء الذين تعاقبوا على الرئاسة منذ بشير الجميل حتى الآن»، بحسب أحد المشاركين في مؤتمر الطائف.
مشهدية المناسبتين اللتين استضافهما القصر الجمهوري يمكن التوقف عندها طويلاً. لم يسبقه إليها أي من أولئك الرؤساء، فبدا أن القصر لم يُملأ منذ أيام ميشال عون سوى بميشال عون نفسه.. مع فارق 26 عاماً.
ولأن «الشعبية» تعوّض ضمور الصلاحيات، فإن سياق الأحداث يشير بوضوح إلى أن عون، متحالفاً مع «القوات»، لن يرضى بأقل من المناصفة الفعلية. لكن ذلك يطرح، ربطاً بالنظام الطائفي اللبناني، سؤالاً استطرادياً: إذا كانت المناصفة الشكلية منذ «الطائف» حتى اليوم قد عوّضت الخلل العددي بين المسلمين والمسيحيين، فهل المناصفة الفعلية ستعني إعادة فتح النقاش بمسألة الأعداد و«العدّاد» ونسبة الحصص في الدولة؟
يرفض مرجع رسمي ربط هذه بتلك، وإن كان يقر بأن المثالثة تبقى حلماً يراود كثيرين. لكنه يعود ويصوّب: من يملك سلطة القرار متمسك بالمناصفة ربما أكثر من المسيحيين.
إلا أن وزيراً سابقاً من المشاركين في مناقشات «الطائف» يفضّل، في رده، الذهاب إلى الأقصى: من يستطيع توفير أغلبية الثلثين في مجلس النواب لتعديل الدستور، يجب عليه ألا يتردد.
لكن زميلاً آخر له في مفاوضات مؤتمر الطائف، يرفض المسألة من حيث المبدأ، معتبراً أن أي نقاش يمس بالمناصفة هو مقاربة إستراتيجية خاطئة، إذ إن «فلسفة الطائف كلها انطلقت من مبدأ تجاوز العدد مقابل تقليص صلاحيات الرئيس». ويضيف: هذا يعني أن أي مس بمسألة العدد، يحتّم رد الصلاحيات إلى الرئيس، وبالتالي إعادة النظر بالنظام السياسي ونظام العيش المشترك برمّته.
حتى الآن، ما تزال ردة الفعل على «الانتفاضة المسيحية» محصورة ومضبوطة. لكن من يضمن المستقبل؟
هنا، يرتفع الصوت مجددا بأن لا خلاص للمسيحيين أو المسلمين من تقلبات الزمان سوى بالمواطنة وبالدولة المدنية.
لا تضيّعوا وقتكم. إلى حكومة تكنوقراط ببيان وزاري من سطر واحد: قانون انتخابي جديد وانتخابات نيابية قبل موعدها.. وإلا فحذار أخذ المسيحيين إلى مواسم إحباط جديدة!

 

النهار :

اذا كان "مشهد الاستقلال" الذي راهن عليه كثر لاخراج أزمة تأليف الحكومة من عنق الاجتماع الرباعي الرئاسي الذي ظلل استقبالات قصر بعبدا مرّ مخيباً، فيبدو ان الموجة الجديدة من الرهانات عادت لتتجدد في الساعات الاخيرة على طريقة "المشي على الحبل" المشدود. والحال أن المعطيات التي تحدثت أمس عن تقليص العقبات المتبقية أمام استكمال التركيبة الحكومية لتنحصر في ثلاث حقائب فقط، بات بمثابة الهامش الأخير الذي من شأنه ان يشكل اختباراً حاسماً لحقيقة المجريات التي حاصرت عملية التأليف. وهذا يعني ان أياماً قليلة قد تكون كافية لتبين ما اذا كانت معركة "الشهيات " المفتوحة والاحجام السياسية داخل الحكومة تقف وراء عرقلة التأليف، أم ان قطباً مخفية تطارد اقلاع عهد الرئيس ميشال عون وترسم خطوطها الحمر أمامه، علماً ان مزيداً من العرقلة المحتملة سيؤدي أيضاً الى اثارة شكوك كبيرة في استهداف شخص الرئيس المكلف سعد الحريري نفسه في مهمته. وقد رسخ هذا الانطباع تقاطع "اعلان النيات" الحسنة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل اللذين التقيا على تأكيد تقليص الفجوات أمام تأليف الحكومة مثبتين ضمناً طول باع كل منهما في مجريات التأليف سلبا أو ايجابا.
وقالت مصادر معنية بالمشاورات الجارية منذ الثلثاء الماضي لـ"النهار" إن عملية التأليف تكاد تنحصر في "مربع" النائب سليمان فرنجية الذي أفردت له نهائياً حقيبة التربية بعدما ثبتت حقيبة الأشغال في حصة الرئيس بري في مقابل افراد الصحة لـ"القوات اللبنانية " بدل الاشغال. وأشارت الى انه اذا توافرت نيات التسهيل فعلا فان توافقا لا يبدو صعبا بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس على وزير شيعي يعد من حصة الرئيس عون بعد التوافق بينهما على اسمه. لكن المفارقة التي رسمت علامات الشكوك حول مشروع المخرج الطروح تمثلت في ان اوساط "تيار المردة " أكدت ليلاً لـ"النهار" ان النائب فرنجية لم يتبلغ أي عرض جدي في صدد حقيبة التربية، علما انه لا يزال متمسكا باحدى الحقائب الثلاث الاتصالات أو الاشغال أو الطاقة. كما ان أوساط "القوات اللبنانية" اكدت بدورها انها لم تتبلغ تبديل حصتها في التشكيلة الحكومية.
في أي حال، لم يتجاوز الاجتماع الرباعي في قصر بعبدا الذي ضم رئيس الجمهورية الى الرؤساء بري والحريري وتمام سلام اطار كسر الجليد بين عون وبري. وبادر رئيس الجمهورية الى القول انه لا يتدخل في اسماء الوزراء. ثم قدم الحريري عرضاً لمجريات التأليف وما يعترضه من عقد. وجدد بري وعده بالتدخل لدى فرنجية لاقناعه بحقيبة التربية عند مشارفة عملية التأليف نهايتها، لكنه تشبث بحقيبة الأشغال. وبدا واضحاً ان احياء الحرارة في علاقة عون وبري ظل قاصرا عن تحقيق الاختراق الذي أمل فيه الحريري.

 

الرسالة القطرية
في غضون ذلك، اتخذت زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت أمس بعداً بارزاً لجهة الاحاطة الخليجية بالوضع في لبنان منذ انتخاب رئيس الجمهورية، وقد أتت بعد يومين فقط من زيارة الموفد الملكي السعودي أمير مكة خالد الفيصل للبنان. ونقل الوزير القطري رسالة الى رئيس الجمهورية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تضمنت دعوة الى زيارة قطر، ثم قام بجولة شملت الرؤساء بري وسلام والحريري والتقى ليلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كما التقى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.
وشدد الوزير القطري على ان موقف بلاده من لبنان " معروف وواضح من دعمه المستمر للشعب اللبناني". وتمنى ان "يتبع القرار الشجاع الذي انهى ازمة الفراغ بانتخاب الرئيس عون بقرار الذهاب الى تشكيل الحكومة تحت قيادة الرئيس الحريري ونحن سنستكمل دعمنا للأشقاء في لبنان وللحكومة اللبنانية".
ورأى الرئيس الحريري ان "الحراك الخليجي تجاه لبنان يدل على انفتاحه في اتجاه العودة الى لبنان الذي لم يتركه أساساً، لكن الازمات المتعاقبة في الداخل اللبناني وبخاصة الفراغ اوصلتنا الى الضياع ونرى الان بعد انتخاب الرئيس عون انه بات هناك أمل وعاد الامل لدى الخليجيين بان لبنان يتعافى". وأفاد انه ستكون للرئيس عون زيارات خليجية.
وعقب لقاء جعجع والوزير القطري سئل هو هدف زيارات المسؤولين الخليجيين للبنان هو "سحب الرئيس عون من الحضن الذي استدفأ فيه سنوات"، فأجاب جعجع :"لماذا هذا التفكير؟ هذه نظرة سلبية الى الأمور، فاليوم لدينا رئيس للجمهورية انتُخب حديثاً، فما الذي ننتظره ونتوقعه من كل دول العالم؟ لقد بدأت الزيارة الأولى من وزير خارجية إيران ثم تلتها زيارات من دول أخرى، ويجب ألا ننسى علاقات الصداقة بين لبنان ودول الخليج".

 

 

المستقبل :

من زيارة موفد خادم الحرمين الشريفين أمير مكة الأمير خالد الفيصل وما جسدته من ثقل وازن في ميزان الاحتضان العربي للعهد اللبناني الجديد، إلى زيارة موفد أمير قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وما كرسته من حرص خليجي متفاعل على إعادة الزخم للعلاقات العربية – اللبنانية، وصولاً إلى ما سيليهما من زيارات مماثلة في الأهداف الداعمة لاستنهاض الدولة في لبنان، مروراً بانعقاد مؤتمر اتحاد المصارف العربية اليوم في بيروت وما سيعقبه من انعكاسات ومؤشرات مالية واقتصادية إيجابية بدأت طلائعها تلوح في الأفق الوطني استثمارياً وتجارياً وسياحياً.. مسار واحد بخلاصة بديهية واحدة تؤكد انقشاع «غيمة الصيف» التي مرّت في فضاء العلاقات الرسمية بين لبنان ومحيطه العربي، ليعود معها إلى كنف العرب، مستعيداً بعد انقشاع مرحلة «الضياع» الرئاسي تموضعه الطبيعي المتماهي مع تاريخه العروبي والمتباهي بهويته العربية.

وأمس، أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن «حرص لبنان على متانة العلاقات اللبنانية – العربية وتعزيزها في المجالات كافة»، 

مشدداً أمام ضيفه القطري على أنّ «عودة الاستقرار السياسي والأمني إلى البلد تشكل حافزاً لعودة رعايا الدول الخليجية لزيارة لبنان«. في حين سلّم وزير خارجية قطر عون، خلال لقائه في القصر الجمهوري على رأس وفد، رسالة خطية من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يهنئه فيها بانتخابه ويدعوه لزيارة الدوحة، وأوضح موفد أمير قطر بعد اللقاء أنّ زيارته بيروت أتت لتهنئة اللبنانيين بتجاوز أزمة الفراغ الرئاسي «وبالقرارات الشجاعة» التي أدت إلى إنهائه، مبدياً أمل بلاده بأن يشكل انتخاب الرئيس عون «نقطة انطلاق لإعادة الاستقرار وإعادة إحياء المؤسسات وأن تُكلل هذه الجهود بتشكيل الحكومة اللبنانية لكي تعود الأمور إلى مجاريها».

وزير الخارجية القطري الذي زار رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام في المصيطبة، ونظيره الوزير جبران باسيل في قصر بسترس، كما استقبل في مقر إقامته في فندق فينيسيا كلاً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيسي حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وحزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والأمنية، زار مساءً الرئيس المكلف سعد الحريري في بيت الوسط واستعرض معه التطورات المحلية والإقليمية ثم أقام الحريري مأدبة عشاء تكريمية على شرفه والوفد المرافق استكملت خلالها مواضيع البحث.

وبعد اللقاء، أوضح الوزير القطري أنه نقل للرئيس المكلف تحيات الأمير تميم بن حمد مؤكداً على موقف الدوحة «الداعم للشعب اللبناني وخيارته» ومباركاً «القرار الشجاع الذي أنهى الفراغ» الرئاسي، مع الأمل بأن يوفّق الرئيس الحريري بجهوده لتشكيل حكومة «قوية داعمة للشعب اللبناني وللشعوب العربية كافة».

من ناحيته، لفت الحريري رداً على أسئلة الصحافيين إلى أنّ الحراك الخليجي باتجاه لبنان «يدل على أنّ الخليج منفتح باتجاه العودة إلى لبنان وهو في الأساس لم يتركه»، مشيراً إلى أنّ الفراغ الرئاسي «أوصلنا إلى الضياع واليوم بعد انتخاب رئيس الجمهورية عاد أمل اللبنانيين ببلدهم كما عاد الأمل إلى دول الخليج بأنّ لبنان يتعافى وقادر على أن يقف على رجليه». وإذ أكد العمل على طي صفحة سوء العلاقات اللبنانية – الخليجية باعتبارها «غيمة ومرّت»، شدد الحريري على أنّ «فخامة الرئيس ميشال عون حريص على العلاقات مع كل الدول العربية وبخاصة مع دول الخليج»، مضيفاً: «إن شاء الله ستكون له زيارات لهذه الدول ونحن كذلك».

وكان الحريري قد تلقى أمس الأول اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هنأه خلاله على تكليفه تشكيل الحكومة مؤكداً وقوف تركيا إلى جانب لبنان.

تفاؤل حكومي

توازياً، تواصل المشاورات الحكومية التي يقودها الرئيس المكلف مسارها نحو مرحلة التأليف المرتقب وسط أجواء تفاؤلية بقرب التوصل إلى تشكيلة ائتلافية تتيح انطلاقة إيجابية عملانية للعهد الجديد. وبرز في هذا الإطار أمس تقاطع تفاؤلي على خط عين التينة – الرابية، بحيث وصف رئيس المجلس النيابي خلال «لقاء الأربعاء» الأجواء المحيطة بعملية التأليف بـ«الإيجابية» آملاً «تفكيك العقد الصغيرة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن»، بينما أكد رئيس «التيار الوطني الحر» إثر ترؤس اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» أنّ عملية التأليف أضحت في «مكان متقدم جداً» موضحاً أنه «تم الاتفاق على الأجزاء الأساسية والكبيرة ولم يعد هناك سبب فعلي للتأخير في إعلان الحكومة ما عدا بعض التفاصيل»، مع توجيه باسيل رسائل إيجابية لافتة باتجاه بري دعا فيها إلى «الشراكة معه ومع الجميع» مشيراً في ما خصّ المهمة الأساس الملقاة على عاتق الحكومة العتيدة والمتمثلة بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية إلى «الاتفاق مع رئيس المجلس على قانون الانتخاب بشكل كامل».

 

الديار :

العاملون على «الطبخة الحكومية» اشاعوا اجواء تفاؤلية عن ولادة قريبة للحكومة وحاولوا حصر العقد باثنتين أو ثلاثة ووصفها بالتفاصيل الصغيرة، وهنا يطرح السؤال، اذا كانت العقد بسيطة الى هذا الحد ما الذي يمنع اعلان الحكومة والمباشرة بالعمل في ظل الكمّ الهائل من الاعمال التي تنتظرها وأولها اقرار قانون جديد للانتخابات؟
اللافت ان تأخير التشكيلة الحكومية ربما كان اكبر وأبعد من عقد وزارية بل له علاقة بتوجهات البلد في ظل ما يجري في المنطقة وعدم وضوح الأمور قبل اعلان الرئيس الأميركي الجديد ترامب سياستة الشرق اوسطية وتحديداً تجاه لبنان، حيث لم يشر بكل أحاديثه الى الموضوع اللبناني، وبالتالي يعبأ الفراغ بزيارات الدعم العربية والاقليمية والدولية للبنان من الموفد الرئاسي السوري الى وزير خارجية ايران الى موفد الملك السعودي سليمان بن عبد العزيز الى الموفد القطري بالاضافة الى وفود اوروبية ورسائل دعم من كل رؤساء العالم، حتى ان الدعم السعودي قد يترجم ايضاً بزيارة وفد عسكري سعودي اوائل الاسبوع المقبل لبحث الهبة العسكرية السعودية للجيش اللبناني.
هذا الدعم للبنان، حتى من الدول التي تخوض اشتباكاً كبيراً فيما بينها في سوريا والعراق وليبيا واليمن، لم يستثمره المسؤولون اللبنانيون للاسراع بتشكيل الحكومة والابقاء على الاجواء الايجابية التي رافقت انتخاب رئيس للجمهورية، حيث بدأت هذه الايجابيات تتراجع نوعاً ما في ظل التعقيدات الحكومية والأسماء التي حفظها اللبنانيون جيداً منذ الطائف، ولم تقدم للبلد الا المشاكل على الحصص واجواء طائفية وتراكم الديون والعجز في كل شيء.
الخلافات ما زالت على حالها، والعقد ليست بالجديدة ورغم ذلك لم تحل ولم يتم تدوير الزوايا، وهذا ما يؤكد ان الخلاف ابعد من حكومة وحقائب، حتى ان اللبنانيين الذين تفاءلوا بتلاقي الرؤساء الثلاثة في مناسبة الاستقلال واعلان ولادة الحكومة فوجئوا بأن الدخان الابيض لم يصدر بعد «خلوة السيارة» بين الرئيسين بري والحريري، ولا بعد الخلوة الثلاثية في بعبدا، مصحوبة بلقاءات مكثفة بين المستشارين.
وبالمقابل، فان المسؤولين يستعدون للسفر حيث يشارك وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر اغترابي في البرازيل ولن يعود قبل عدة ايام، كما اشارت المعلومات عن سفر ليومين او اكثر للرئيس سعد الحريري بسبب مواعيد مسبقة، اما النائب سليمان فرنجية فهو خارج البلاد وحلحلة عقدة المردة تنتظر عودته من الخارج، وهذا قد يؤدي الى تأخير الولادة الحكومية ربما لمنتصف الاسبوع المقبل الا اذا حصلت تطورات فوق العادة افضت الى ولادة قيصرية.
خلوة الرؤساء الثلاثة في بعبدا كانت ايجابية وتضمنت مقدمة اخبار OTV للمرة الاولى كلاماً ايجابياً تجاه الرئيس بري ومساهمته بفكفكة الالغام الصديقة، وبأنه متفائل كما كشف للزوار، وبأن الرئيس بري لا يكسر مونة فخامة الرئيس، ولو سمح الوقت «بالخبز والملح» وعدم التعب ربما كانت الولادة تمت نتيجة «المونة الرئاسية».
اما العقد فما زالت على حالها ومحورها حصة المردة الوازنة. وقد سلم الرئيس نبيه بري مطالبه للرئيس سعد الحريري وهو ينتظر جوابه والمطالب باتت معروفة، الاشغال والمالية لحركة أمل، وزيران لحزب الله هما محمد فنيش للشباب والرياضة وحسين الحاج حسن للزراعة والوزير الشيعي الخامس يسميه الرئيس نبيه بري، واذا تم التوافق على اعطاء شيعي لرئيس الجمهورية فان بري يسميه مقابل الحصول على وزير كاثوليكي هو ميشال موسى، وهذه المطالب بمثابة الشرط الاول اما الشرط الثاني حصول تيار المردة على حصة وازنة ووزارة اساسية من بين وزارات الصحة والطاقة والاتصالات على ان يتولى الرئيس بري اقناع فرنجية بأي تسوية لكن تحت سقف حصوله على وزارة وازنة حيث الرئيس بري ميال الى اعطاء فرنجية حقيبة الطاقة، وهذا ما يريده فرنجية لكن الامر يصطدم باصرار الوزير جبران باسيل على اعطاء الطاقة لمستشاره سيزار ابي خليل، لكن معلومات اخرى كشفت بأن الصيغة تضمنت اسناد التربية للمردة على ان يعالج الرئيس بري الموضوع مع فرنجية فور عودته من الخارج.
واشارت المعلومات ان الاتصالات الأخيرة افضت الى اعطاء الصحة للقوات اللبنانية كبديل عن الاشغال، فيما اكد النائب انطوان زهرا ان القوات اللبنانية قد توافق على الامر، لكن مصادر قواتية أكدت انه لم يطرح علينا اي شيء، وعندما يتم الحديث معنا في هذا الشأن لكل حادث حديث، علما ان النائب زهرا غمز من قناة الرئيس بري وانه يفاوض باسم 8 اذار وهو من يضع الشروط وهذا هو جهاده الأكبر الذي بدأ في 31 تشرين الأول.
ورداً على ما ذكر عن اتفاق بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري على وزارة الاشغال، فان مصادر الرئيس الحريري نفت اي اتفاق مع بري حول هذا الموضوع، ولا اتفاق ايضاً على وزارات الاشغال والتربية والصحة والرئيس الحريري يستكمل اتصالاته في موضوع الحقائب، وعندما تجهز الامور لديه سيرد على الرئيس بري ومطالبه، علماً ان الرئيس بري يؤكد دائما انه غير ملزم بأي اتفاقات ثنائية او ثلاثية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحتى تيار المستقبل قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها.
موضوع تشكيل الحكومة حسب مصادر متابعة يتطلب تنازلات متبادلة لم تحصل حتى الآن، رغم ان الوزير جبران باسيل أكد ان رئيس الجمهورية تنازل عن موقع نائب رئيس الحكومة الذي يكون من حصته وبات من حصة طرف آخر. كما ان الرئيس الحريري وافق فوراً على وزير سني يسميه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وافق على وزير مسيحي ضمن حصة المستقبل، وهكذا تكون الشراكة القائمة على التبادلية. وهنا يغمز باسيل من قناة الرئيس بري المصر على عدم اعطاء حصة شيعية لرئيس الجمهورية، وان تكون حصة المردة من الحصة المارونية، ورغم ذلك أصر باسيل على القول «ان الاجزاء الاساسية والكبيرة في موضوع الحكومة تم حلها ولا يوجد سبب فعلي للتأخير ما عدا بعض التفاصيل».
واذا استمرت التعقيدات والمحصورة بعقدة المردة يمكن ان يتم العودة الى التوزيع المعتمد في حكومة الرئيس تمام سلام، وان تعطى حصة الرئيس ميشال سليمان للرئيس ميشال عون وحصة الكتائب والوزير بطرس حرب للقوات اللبنانية، وكلها صيغ مطروحة للحل والكل متفائل لكن الجميع حاذر الدخول في مواعيد لتحديد الولادة.

ـ قطاع النقل ـ

من جهة اخرى، وفي ظل الكباش الحاصل على ملف تلزيم المعاينة الميكانيكية واقدام الشركة الجديدة التي نالت العقد على رفع الرسوم مقابل زيادة الخدمات ورفض قطاع النقل برئاسة بسام طليس رئيس قطاع النقل في حركة أمل للأمر ولجوء قطاع النقل الى اقفال ابواب المعاينات الميكانيكية منذ اكثر من شهر، مما فاقم المشكلة على المواطنين الذين سيدفعون المتأخرات المتراكمة، وهذا ما استدعى قراراً استثنائياً لوزارة الداخلية باتخاذ قرار لتسجيل السيارات لمدة 3 أشهر من دون معاينة ميكانيكية، لكن رئيس قطاع النقل بسام طليس اعتبر هذا الامر غير كاف وطالب بالغاء القرار كليا واعلن عن خطوات سيعلنها قطاع النقل اليوم لجهة اقفال مركز تسجيل السيارات في الدكوانة غداً والاعتصام امامه وهذا ما سيؤدي الى اقفال مداخل العاصمة الجمعة وتعطيل الحركة في البلد في ظل تحركات اصحاب «الفانات» على الطرقات الرئيسية، علما ان التيار الوطني الحر كان قد وصف مثل هذه التحركات بالمشبوهة والمعرقلة لمسيرة العهد عبر اقفال بيروت والتسبب بتعطيل مصالح الناس حيث من المفترض انتظار تشكيل الحكومة لمعالجة الامر وبالتالي فان المواطن هو مَن يدفع الثمن دائماً عبر احتجازه على الطرقات ودفع متأخرات الميكانيك.

ـ اضراب لعمال الكهرباء ـ

وفي موازاة تحرك قطاع النقل، المياومون القدامى في شركة كهرباء لبنان قاموا بالتحرك، وعمدوا مساء أمس الى اقفال دوائر جبل لبنان الاربع، واقفال دائرة صيدا على ان يتم اليوم اقفال كل المراكز مع تنفيذ اعتصامات في كافة المناطق واقفال صالة الزبائن المركزية اليوم رداً على المذكرة الجديدة التي تم بموجبها ادخال 200 مياوم جديد الذين سيعبئون المراكز الشاغرة في المؤسسة مما يقطع الطريق على تثبيت المياومين القدامى. وهذا ما سيفاقم موضوع الكهرباء وقد وجهت الدعوة للاضراب باسم المكتب العمالي لحركة أمل والاتحادات النقابية.

 

الجمهورية :

إذا ما اقترنت الايجابية التي طَفت في الساعات الأخيرة على سطح تأليف الحكومة بترجمة موضوعية، فمعنى ذلك انّ المخاض الجاري على تجاوز حقل التعقيدات التي برزت في الطريق، لن يطول أمده. وبالتالي، تصبح حكومة العهد الأولى على وشك الولادة، وخلال فترة لا تتجاوز آخر الشهر الجاري، وذلك بحسب ما يؤكد عاملون على خط التأليف لـ«الجمهورية»، بأنّ الجهود منصَبّة حالياً في هذا الاتجاه. على انّ أجواء الساعات الأخيرة لم تحمل معها ما يؤشّر الى انطلاقة فاعلة على خط فكفكة ما قيل انها عقد ما زالت ماثلة في الطريق، او متى سيبدأ التفكيك فعلاً، خصوصاً انّ هذا المسار، وعلى رغم الايجابيات الكلامية، ما زال يراوح في المربّع الأول.

في وقت يستمر فيه لبنان مع انطلاقة العهد الرئاسي الجديد، محلّ استقطاب عربي ودولي، وتجلّى أمس برسالة قطرية مباشرة عبّرت عنها زيارة وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ولقاؤه المسؤولين، كان الخط الداخلي يشهد برودة ملحوظة للجبهات الرئاسية التي لفحتها سخونة ملحوظة في الايام الاخيرة، شكّلت بدورها لحظة انتقال الجبهات السياسية كلها من التوتر خلف المتاريس السياسية، الى ضفة الايجابية التي انسحبت تلقائياً على ملف تأليف الحكومة، بإعادة التشديد على التعاون والتأكيد على النيات الحسنة المتبادلة، وكذلك اعادة تشغيل كاسحات الألغام من طريق الحكومة العتيدة، ولكن حتى الآن لم تظهر ايّ ترجمة فعلية او حقيقية لهذا التوجّه.

كسر الجليد

واذا كان الاحتفال بالاستقلال جمعَ الرؤساء على منصّة واحدة، فإنّ خلوة بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، والتي شارك فيها رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام، وكذلك «الخلوة السيّارة» الثنائية بين بري والحريري، شكلتا فرصة لكسر الجليد الذي تكوّن على الخطوط الرئاسية في الايام القليلة الماضية وهَدّد بتطويل أمد التأليف الى اجل غير مسمّى، وأعادتا فتح الباب لوضع قطار التأليف على السكة مجدداً.

وعلمت «الجمهورية» انّ أجواء الخلوتين بشكل عام اتّسمتا في الجانب الشخصي بمجاملات رئاسية وودية بمنسوب عال، وامّا في الجانب السياسي - الحكومي فكانت الايجابية قاعدة للنقاش، مع التأكيد على ضرورة التعاون بين الجميع، والاسهام، كلّ من موقعه ومحيطه، في فكفكة العقد وتذليل كل العقبات الموجودة، بما يسرّع في تأليف الحكومة، حتى ولو كان هذا التأليف ما يزال ضمن فترة السماح الطبيعية، على اعتبار انّ كل تأخير إضافي في توليد الحكومة فيه ضرر كبير على الجميع، وعلى البلد بوجه خاص.

وفيما بَدا الارتياح الى نتائج هذه الخلوة شاملاً كل الخطوط الرئاسية، خصوصاً انّ غيوم الاشتباك الرئاسي الاخير تبددت، وبالتالي لا ارتدادات او تداعيات له، على حدّ تعبير مصادر رئاسية، قال بري لـ«الجمهورية» انّ لقاءه مع عون والحريري كان طيباً، وتحديداً اللقاء مع رئيس الجمهورية الذي كان «منيح كتير».

زوّار بعبدا

ونقل زوّار بعبدا عن عون ارتياحه لأجواء اللقاءات التي جرت على هامش الاحتفال بالاستقلال و»النيّة التي عبّر عنها الجميع لإنهاء ملف التأليف لكي تتفرغ الحكومة لمرحلة ما بعد التأليف ومقاربة الملفات التي تنتظرها، من البيان الوزاري الى قانون الإنتخاب، مع الإشارة الى انّ خطاب القسم سيشكّل نواة هذا البيان ولن يكون هناك ايّ عائق امام القضايا التي سيتناولها، من دون ان يظهر تقدّم فريق على آخر. فعناوين خطاب القسم كافية ليتوفر الإجماع حولها بعيداً من النقاشات الذي كانت تستغرقه بعض العبارات مع تأليف أيّ حكومة».

وأكدت المصادر المعلومات التي يعكسها «بيت الوسط» و«لقاء الأربعاء النيابي» أنّه تمّ تذليل بعض العقد ويبقى البتّ بمصير وزارة الأشغال لمَن ستكون، لفرنجية او «القوات» او انها تبقى لبري؟ وعندها سيُصار الى إعلان التشكيلة النهائية التي قد تضم بعض الاسماء الجديدة ولكن ليس بالحجم الذي سيبتعد كثيراً عن اللائحة المتداولة التي بقيت بمعظمها على ما هي عليه».

الأسس وشيطان التفاصيل

وبحسب عاملين على خط التأليف، فإنّ الخلوات الرئاسية أعادت صوغ الأسس لاستئناف العمل على هذا الخط، وفق القواعد التالية:

- الايجابية المتبادلة والصادقة، ينبغي ان تحيط عنوان المقاربة السياسية من كل الاطراف.

- التعاون الكلي بين الرؤساء، والعمل، كلّ من جانبه على تذليل العقد، وكل ما يمكن ان يتسبّب في تأخير الولادة الميمونة للحكومة.

- تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذا المبدأ هو الذي ينبغي ان يحكم التأليف وان يغلّب على ايّ اعتبار آخر.
واللافت في اجواء الايجابية هذه، هو العزف السياسي على وتر التقدم في التأليف، ولكن مع الاشارة الى بعض التفاصيل التي ما زالت تعترض الولادة حتى الآن.

واللافت اكثر هو الخشية غير المعلنة من ان يكون الشيطان ما يزال كامناً في بعض هذه التفاصيل. ومن هنا، لم تحدد الجهات المتابعة في بعبدا او عين التينة او «بيت الوسط» ماهيّة هذه التفاصيل، كما لم تشر الى حجم الصعوبة في إمكان تذليلها، لا إن كانت سهلة الحل، او مستعصية.

وبحسب العاملين على خط التأليف، فإنّ التعقيدات المتبقية، والتي سمّيت «تفاصيل»، كامنة في أكثر من مكان، الا اذا كانت هذه التعقيدات سياسية تخفي اموراً وخفايا خلف الأكمة، علماً انّ بعض الاصوات تؤشّر الى ذلك، بين فريق يرى انّ ما يسمّيها

«المطالب التعجيزية» هي محاولة واضحة لإطفاء وهج العهد الرئاسي الجديد ووضع العصي في دواليب انطلاقته، وبين فريق يرى انّ هناك فريقاً يسعى الى التعطيل وعدم التسهيل تبعاً لعدم فهمه - حتى الآن - معنى التسوية التي حصلت وحجمها، وأنتجت الواقع الرئاسي والحكومي الجديد، وبين فريق يُلقي مسؤولية التعطيل على فريق يقصد تدجين العهد في مستهلّ انطلاقته، بدليل بعض العروض العسكرية التي طَفت فجأة على السطح، وانطوَت على رسائل داخلية، على حدّ ما يقول هؤلاء.

وامّا التعقيدات التي صار إسمها تفاصيل فهي، وكما يحددها عاملون على خط التأليف، كامنة في المواقع التالية:

- في عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» لناحية عدد الحقائب الوزارية التي ستُسند لها، ونوعيتها، وهو أمر ينبغي ان يبتّ فيه ما بين «التيار الوطني الحر» و«القوات» من جهة، وما بين تيار «المستقبل» و«القوات»، ومع سائر الاطراف.

- عقدة تمثيل «الكتائب»، حيث ما يزال هناك من يقول بتجاوز هذا التمثيل تبعاً للموقف الذي اتخذه الحزب ضد انتخاب عون رئيساً للجمهورية.

- عقدة تمثيل الحزب «القومي» حيث ما يزال هناك من يرفض إشراكه، وفي حال إشراكه فهذه الشراكة لن تكون من ضمن الحصة المسيحية بل يجب ان تكون من ضمن الحصة الشيعية.

- عقدة تمثيل شخصيات سنية خارج «المستقبل» وخصوصاً من كانت ضمن 8 آذار. والمطروح هنا من دون ان يبتّ في مبدأ التمثيل بعد، إسما الوزيرين السابقين عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي.

- عقدة تمثيل تيار «المردة» حيث ما زال يخضع هذا التمثيل لتجاذب بين من قائل بعدم التمثيل وبين قائل بضرورته، وإن أُشرِك بين قائل بإسناد وزارة أساسية له، وبين قائل بإسناد وزارة متواضعة، فيما النائب سليمان فرنجية يصرّ على وزارة اساسية رافضاً الطرح التي قدّم بتولّي «المردة» وزارة التربية. ومعلوم انّ فرنجية يتكىء في موقفه على دعم واضح من بري و«حزب الله» اللذين أعلنا صراحة ضرورة إنصافه بحقيبة مهمة، ورفض تحجيمه على حساب تضخيم أحجام آخرين، ورَبطا مشاركتيهما في الحكومة بمشاركته.

- عقدة إعادة الاعتبار الى حصة النائب وليد جنبلاط، الذي يشعر انها تتعرض للتآكل والتقزيم، بل وتخفيض رتبة حقائبه او حقيبتيه الوزاريّتين من وزارتين إحداهما مهمة، الى وزارتين ثانويتين. ويبدو انّ جنبلاط قد عبّر هذا الشعور في تغريدة أطلقها امس، وفيها صورة «غوريللا»، تاركاً لسائر الاطراف ان يسألوا عمّن هو المقصود في هذا الرسم؟

حركة مشاورات

وعلمت «الجمهورية» انّ الساعات الماضية شهدت حركة مشاورات ما بين عين التينة و«بيت الوسط» تولّاها الوزير علي حسن خليل الى جانب بروز دور للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي زار بري والتقى خليل، في وقت كانت اتصالات التأليف تركز على محاولة حسم الوزارة الاساسية التي ستسند لـ«القوات» وكذلك الوزارة الاساسية التي ستسند لـ«المردة».

واكدت المصادر انّ حقيبة العدل حسمت لجنبلاط فيما يجري البحث حول وزارات الطاقة والاتصالات والتربية، علماً انّ الحريري سبق واكد انّ وزارة الاتصالات تُسند الى «المستقبل» كما انّ فرنجية رفض وزارة التربية.

بري

وكان بري اكد انّ منسوب الايجابية أعلى من السلبية التي تكمن فقط في بعض التفاصيل. وأبدى تفاؤله بتشكيل الحكومة وجدّد تمسّكه بوزارة الاشغال. ونقل النواب عنه قوله: «هناك ورشة عمل تنتظر الحكومة الجديدة وفي مقدمها درس وإقرار قانون جديد للانتخابات»، مؤكداً انّ «هذا الموضوع يبقى على رأس المواضيع التي يجب إنجازها تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة».

باسيل

والأمر نفسه أكد عليه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي أشار بدوره الى انّ الاتفاق تمّ «على الاجزاء الاساسية والكبيرة ما عدا بعض التفاصيل التي يمكن ان تكون مهمة لدى البعض وأقل أهمية لدى البعض الآخر، وبالتالي لا سبب فعلياً لتأخّر اعلان الحكومة».

وإذ اشار الى انّ الحكومة هي من 24 وزيراً، كان لافتاً قوله «في هذه الحكومة لا أعراف ولا حجز وزارات لا لطوائف ولا لأحزاب لأنها حكومة انتقالية وليست معياراً»، وكذلك رفضه «الفيتو على أحد، أكان على مستوى التمثيل او نوع الحقيبة، الّا انّ هناك اعتبارات معينة ضمن ظرف سياسي معين لإراحة الجو العام».

«القوات»

وكان لافتاً للانتباه موقف عضو كتلة «القوات» النائب أنطوان زهرا الذي قال انّ مشكلة «القوات» ليست مع بري، «بل إنّ حقوقنا لدى رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية». وأكّد أنّ «القوات» تنازلت كفاية، ولن تتنازل من الآن وصاعداً».

 

 

اللواء :

بعد أسبوع يكون مر شهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، والسؤال، بعد أن مر عيد الاستقلال، ولم تتشكل الحكومة قبله، هل يمكن ان تؤلف قبل عيد الميلاد، أو في غضون الأسبوعين المقبلين، على حدّ توقعات شخصيات وزارية ونيابية وسياسية مطلعة على ملفات التشكيل وتعقيداتها؟
وعلى الرغم من تزعم الرئيس نبيه برّي أوساط المتفائلين بتجاوز «العقد الصغيرة» بعد الاتفاق على هيكل الحكومة الأساسي، فإن قريبين من الرئيس المكلف يكشفون ان «لا خرق جدياً حصل لا في خلوات بعبدا، ولا في رفقة السيّارة بين رئيسي المجلس والمكلف»، في ما خص الحقائب الخدماتية التي لا تزال الكتل على اختلاف مواقعها تتمسك بها، أو تناور حولها، لا سيما حقيبة الاشغال التي كشف النائب في كتلة «القوات اللبنانية» انطوان زهرا لمحطة M.T.V ان حزب «القوات» أبلغ رسمياً ان الاشغال والشؤون الاجتماعية والإعلام والسياحة (للوزير ميشال فرعون) هي من حصة القوات.. وعليه سمت «القوات» الأشخاص الذين سيتولون هذه الحقائب، وأعطت هذه الأسماء للرئيس المكلف، في حين أكّد الرئيس برّي، للمرة العاشرة، وامام نواب «لقاء الاربعاء» أمس انه متمسك بحقيبة الاشغال الى جانب المالية والصناعة والرياضة والشباب، على ان يسمي الشيعي الخامس في الحكومة عندما يصعد إلى قصر بعبدا لإصدار المراسيم.
دور باسيل
ولئن كان الرئيس ميشال عون صرف النظر، كما يقول زوّار بعبدا، عن توزير شيعي من حصته على غرار ما كان الحال مع الرئيس ميشال سليمان، واكتفى بالتبادلية مع تيّار «المستقبل» بتسمية سني، على ان يسمي الرئيس المكلف مسيحياً هو مستشاره النائب السابق غطاس خوري، على حدّ ما كشف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» وقبل سفره إلى البرازيل، فإن استفاضة الوزير باسيل في تقرير هيئة الحكومة، شكلها وعدد أعضائها وتوزيع حقائبها، وتحديد المسموح والممنوع في تأليف الحكومة الحالية وحكومات العهد المقبلة بعد الانتخابات، حول الوزارات والمفاوضات وقانون الانتخاب شكلت صدمة في الأوساط السياسية المتابعة لجهود التأليف.
وتساءلت هذه الأوساط: هل اصبح  الوزير باسيل هو الحاكم والحاكم المفرد في كل ما يتعلق بشؤون السياسة من الحكومة وقانون الانتخاب وغيرهما؟ والذي يتغنى كل يوم بالدستور والميثاق، في حين ان تصرفه هذا يُشكّل خرقاً فاضحاً للاعراف وتقاليد التأليف، وما يتعلق بها.
وتضيف هذه الأوساط ان المعني الأوّل بتشكيل الحكومة هو الرئيس المكلف، من الناحيتين السياسية والقانونية، ومن ناحية الصلاحيات وفقاً لدستور الطائف الذي رسم قواعد الممارسة السياسية في هذا البلد بعد انتهاء الحرب عام 1989، وتعلن الأطراف اللبنانية كافة وعلى اختلاف مشاربها وطوائفها التزامها بهذا الاتفاق.
ومن المفارقة، وفقاً لهذه الأوساط، ان يُطلق الوزير ورئيس «التيار الوطني الحر» التصريحات ويحدد المواصفات في حين يلتزم الرئيس الحريري الصمت، ويمضي في العمل الدؤوب لإنجاز التشكيلة، بعيداً عن الصخب الكلامي وحرصاً على حماية الطبخة الوزارية من العنتريات و«الفيتوات» المتبادلة.
وكان باسيل قال بعد اجتماع تكتل التغيير برئاسته انه «بعدما صحّح الخلل في الرئاسة وبدأ يصحح تدريجياً في الحكومة يأتي دور قانون الانتخاب»، معرباً عن سعادته في ما آل إليه الوضع المسيحي.
وقال باسيل: «الحكومة استثنائية والقواعد فيها بحكم الانتقال ليست قواعد تتبع ولا تعتمد كمعيار، ففي الحكومة قيد التشكيل لا أعراف ولا حجز لوزارات لا لطوائف ولا لاحزاب»، مشيراً إلى ان الانتخابات ستأتي في أيّار 2017 على أساس قانون سليم وتشكيل حكومات بعدها على أساس التمثيل الجديد.
وفي ما خص قانون الانتخاب دعا «لشراكة مع الرئيس برّي لانتاج قانون انتخاب عصري».
وأكّد من جهة الحكومة انه تمّ الاتفاق على الأجزاء الأساسية والكبيرة، ولا سبب فعلياً للتأخير في إعلان الحكومة، ما عدا بعض التفاصيل، لكن لا مشكل في أي وقت أو إيجابية ضمن حدّ معقول. (راجع ص 3)
العقد على حالها
في هذا الوقت، نقلت قناة «المنار» عن مرجع سياسي ان هناك عقداً أساسية في موضع تشكيل الحكومة قد حلت بنسبة 90 في المائة، منها الوزير المسيحي الثاني من حصة رئيس الجمهورية، والعقدة المتعلقة بموقف «القوات» والعقدة المتعلقة بتوزير «المردة».
في حين قالت مصادر عين التينة أن مرونة جنبلاطية ما طرأت في ما خص التساهل في حقيبة الصحة لصالح تيّار «المردة»، وعدم ممانعة من أن تكون وزارة العدل من حصته، بينما تحدثت مصادر أخرى عن أن من الأفكار المطروحة إعادة وزارة الصحة للرئيس برّي الذي لا يُبدي حماسة لهذه الوزارة، في حين ترددت أصداء أن مرجعاً رئاسياً غير متحمس لتمثيل الحزب «القومي» في الحكومة.
وإذا كان اليوم حافلاً بالمواعيد، سواء في قصر بعبدا أو «بيت الوسط»، فإن بيروت ستشهد مؤتمراً بالغ الأهمية مع تجدد الانفتاح العربي والخليجي على لبنان بعد ملء الشغور الرئاسي من خلال المؤتمر المصرفي الذي تنظمه جمعية المصارف في فندق «فينسيا»، في حضور شخصيات اقتصادية رفيعة لبنانية وعربية، وبمشاركة مباشرة من الرئيس المكلّف.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن تشهد الحركة العربية باتجاه بيروت سواء السياسية أو الديبلوماسية أو الاقتصادية تزخيماً لمساعي التأليف، من دون أن تسقط من حسابها احتمال أن يكون يوما الجمعة والسبت يومان محتملان لإصدار مراسيم الحكومة، لكن المصادر لم تكشف عن الحيثيات التي تجعلها تضرب مواعيد جديدة للتأليف، يتجنّب المعنيون الغوص فيها.
الموفد القطري
وعلى صعيد التحرّك العربي في اتجاه لبنان، كان الأبرز إعلان وزير الخارجية القطري حمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي أوفده أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن أمله في تأليف الحكومة في وقت قريب.
والأبرز في نشاط الوزير القطري تسليم الرئيس عون دعوة رسمية لزيارة الدوحة، في حين جدد رئيس الجمهورية على أهمية العلاقات اللبنانية - العربية وعودة الاستقرار السياسي والأمني في لبنان الذي يساهم في عودة الخليجيين.
ورأى الرئيس الحريري الحراك الخليجي الحاصل تجاه لبنان بأنه «يدل على أن الخليج منفتح باتجاه العودة إلى هذا البلد»، واصفاً انتخاب الرئيس عون بأنه أعاد للبنانيين الأمل لبلدهم، كما عاد الأمل إلى دول الخليج بأن هذا البلد قادر على أن يقف على رجليه، مشيراً إلى أن الوضع الماضي صفحة طويت وغيمة مرّت.
أما الوزير القطري فوصف القرار الذي أنهى الفراغ الرئاسي «بالشجاع»، وأكد أن قطر ستدعم الأشقاء في لبنان والحكومة اللبنانية، معرباً عن ثقته بأن «حكومة قوية ستؤلّف».
وفي دردشة مع الصحافيين في مقر اقامته في فندق «فينيسيا» حيث التقى رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، أكد ان قطر لم يكن لديها أي «فيتو» على سفر الرعايا إلى لبنان، نافياً أن يكون على علم بوجود «فيتو» خليجي، متمنياً أن يفتح باب التسوية الرئاسية في لبنان باب التسويات في المنطقة، كو