كاد انعدام مشهد السياح أن يصبح عادياً في لبنان لولا أن انتخاب رئيس جديد للبلاد صوّب البوصلة لتشهد شوارع بيروت وفنادقها اختراقاً سعودياً وكويتياً لمشهد احتكره العراقيون والسوريون فترة طويلة امتدت من تاريخ بدء الحرب في سوريا، مروراً بالازمات السياسية الداخلية، وصولاً الى الأزمة الاخيرة مع الخليجيين.

في ضوء انتخاب رئيس للجمهورية والعمل على تشكيل حكومة جديدة، من البديهي أن تتكوّن مناعة داخلية لتوفير استقرار سياسي وامني واقتصادي يسمح باستقطاب السياح، ورفع عدد القادمين في الفترة المقبلة. وبحسب المعطيات الناتجة من حركة ما بعد انتخاب الرئيس، يلاحظ من حركة المطار بأن ثمة اقبالاً للرعايا الخليجيين على لبنان وخصوصاً السعوديين، بما يؤشّر الى فتح صفحة جديدة مع لبنان بدأت ملامحها تظهر في اللقاءات والاتصالات الدائرة، ومنها اللقاء الذي جمع ممثل اتحاد النقابات السياحية وديع كنعان مع القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري وكانت نتائجه ايجابية، وفق ما يؤكد كنعان الذي يشير الى هاجسين للنقابة اليوم، الاول هو وضع سياسية سياحية متكاملة تستند الى مكامن القوة الاقتصادية والامنية، والثاني هو العمل على فتح اسواق جديدة.
واذا كان المعنيون ينظرون بتفاؤل الى ما سيحققه القطاع السياحي من نتائج ايجابية، إلا أن البعض الآخر يؤكد أنه لا يمكن الركون كثيراً الى النتائج التي سيحققها القطاع، وخصوصاً الفنادق خلال هذه الفترة. وبرأي كنعان فإن "القطاع الفندقي يحتاج الى 3 سنوات من الاستقرار والدعم ليستعيد عافيته، ويصبح داعماً اساسياً للاقتصاد، بالتكامل مع القطاعات السياحية الاخرى".
وفي الانتظار، يتطلع كنعان بتفاؤل الى الحركة التي تشهدها الفنادق اليوم اذ يبلغ معدل الاشغال فيها حالياً 70% غالبية شاغليها من الجنسية العراقية وبعض السوريين والخليجيين. وإذ يعزو الاقبال العراقي الى انخفاض سعر بطاقات تذاكر الطيران التي لا تتعدى الـ 150 دولاراً ومن ضمنها الضرائب في مطاري بغداد وبيروت، يحذر من أنه اذا ما استمر اقفال الطريق البري، "فسنواصل خسارتنا الكبيرة للزوار الاردنيين والعراقيين والايرانيين وسواهم، الذين يناهز عددهم الـ500 ألف زائر عبر البر".
إلا أن مشهد الخليجيين في الفنادق لم ينسحب على قطاع الشقق المفروشة، وهذا يبدو بديهياً وفق نقيب أصحاب الشقق المفروشة زياد اللبّان الذي يوضح ان غالبية نزلاء الشقق المفروشة من العائلات الذين لا يزورون لبنان في هذه الفترة. وفي حين يقدر نسبة الاشغال حالياً في القطاع بين 40 و 50%، يشير اللبّان الى أن 90% منهم من العراقيين و10% من السوريين، معرباً عن ثقته بتغيير "الواقع السياحي في لبنان استناداً الى التفاؤل الذي نتج من انتخاب رئيس جديد".


قرارات وقوانين مطلوبة
يترقب القطاع السياحي العهد الجديد لينطلق نحو تعويض بعض ما فاته في الاعوام الماضية. فالقطاع الفندقي صمد وكافح بـ"اللحم الحيّ" لفترة من الزمن قبل ان ينتكس بعد العام 2005، اذ اقفل عدد من الفنادق نهائياً، لا سيما فنادق الـ 5 نجوم في بيروت التي اقفلت بعض طوابقها، فيما عمد بعضها الآخر الى اعتماد الـlow season في وقت الذروة. ووفق دراسة أجرتها شركة الاستشارات والتدقيق "ارنست آند يونغ" Ernst & Young عن القطاع الفندقي في منطقة الشرق الأوسط وأوردتها النشرة الاسبوعية لبنك بيبلوس Lebanon this week، بلغ إشغال الفنادق في بيروت 58% في الأشهر العشرة الأولى من 2016، ولم تسجّل بذلك أي تغيير عن النسبة التي بلغتها في الفترة عينها من العام 2015. وبلغ معدل سعر الليلة في فنادق بيروت 138 دولاراً في الأشهر العشرة الأولى من2016، علماً أن معدّل سعر الغرفة انخفض 16.5%عن الفترة عينها من 2015، ليمثل بذلك نسبة التراجع الأكبر بين كل أسواق المنطقة.
ويستند كنعان الى الدراسة التى وضعها عن القطاع ليؤكد أن المطلوب في المرحلة المقبلة رزمة قوانين وقرارات تساعده على النهوض وتحقيق النمو:
- قانون دعم القطاع السياحي وتشجيع الاستثمارات الجديدة لانشاء مؤسسات فندقية صغيرة ومتوسطة، بالتعاون مع "ايدال"، مع المحافظة على القوانين الداعمة المتوافرة حالياً.
- قانون تقسيط مستحقات الضمان على 20 عاماً، مع اعفاءات من الغرامات.
- قانون اعفاء الفنادق من الضريبة المضافة لمدة 3 سنوات.
- قانون اعفاء الفنادق من رسوم البلديات لمدة 3 سنوات.
- قانون يسمح بتقسيط مستحقات القطاع السياحي للبلديات لثلاث سنوات، مع العفو عن الغرامات.
- قانون يعيد حقوق القطاع السياحي والفندقي من عائدات كازينو لبنان تحديداً.
- قانون يحدد سعر مبيع الكيلوواط من الطاقة الكهربائية بمبلع 115 ليرة لبنان بدلاً من 140 ليرة للفنادق والمساكن السياحية التي تستمد الطاقة من التوتر المنخفض، لمدة ثلاث سنوات.
- قانون يحدد سعر مبيع الكيلوواط من الطاقة الكهربائية بمبلغ 50 ليرة لبنانية بدلاً من 80 ليرة في ساعات الليل، و160 ليرة بدلاً من 320 ليرة في ساعات الذروة.
- تعميم من مصرف لبنان يسمح بجدولة مستحقات القطاعات السياحية لدى المصارف لمدة لا تقل عن 7 سنوات مع فوائد مدعومة و3 سنوات سماح.
هذا ما هو المطلوب من الحكومة والعهد الجديد. أما على صعيد البيت الداخلي فأشار كنعان الى أننا "كقطاع سياحي خاص سنشجع ونسهم في اقامة معارض وملتقيات مشتركة بين لبنان ودول الخليج، في موازة تقديم اسعار خاصة وعروض للخليجيين واللبنانيين القادمين من دول الخليج"، متوقعاً ان يأتي المغتربون اللبنانيون الذين يعملون في دول الخليج بأعداد كبيرة الى لبنان خلال الاعياد.