أولاً: حُصّة ألان عون...
يبدو أنّنا سنترحّم باكراً على رؤساء الجمهورية السابقين الذين شغلوا المنصب وغادروه كفافاً لا لهم ولا عليهم، ولم يسمع أحدٌ من المواطنين بأبنائهم وأصهرتهم وأتباعهم، ونخصّ بالذكر الراحلين: اللواء فؤاد شهاب وشارل حلو والياس سركيس.
مناسبة هذا القول ظهور النائب ألان عون ليعلن بالفم الملآن : نريد حصتنا، كاملة غير منقوصة، ومع أنّه يُقرّ بأن لا فيتو على أحد، ويتواضع بقبول حكومة وحدة وطنية، إلاّ أنّنا نريد حصتنا، تتعثّر ولادة حكومة، يتعثّر البلد، يتعثر الاقتصاد، آخر همّ النائب عون، المهم أخذ حصة تيار الإصلاح والتغيير، وكان الوزير أبو صعب قد سبقه في الإصرار على أخذ حصة الرئيس، كاملة وغير منقوصة أيضاً، حتى الدكتور جعجع، الناسك القديم (شلح قبعه ونزل مع ربعه) وبات يطالب بحُصّة وازنة للقوات، لأنّها صاحبة الفضل الاول برئاسة الجنرال عون، والرئيس نبيه بري حُصته محفوظة، ويحاول حفظ حصة حليفه الوزير فرنجية، أمّا الرئيس سعد الحريري فتكفيه هذه الأيام النمرة رقم ثلاثة. وهكذا يبدو أنّ الله جلّ جلاله ساخط هذه الأيام على اللبنانيين بعد انحباس المطر وتعثّر ولادة الحكومة، وذلك تصديقاً لحديث منسوبٍ للنبي محمد (ص): إذا رضي الله على قومٍ أنزل عليهم المطر في وقته، وجعل المال في سُمحائهم، واستعمل عليهم خيارهم؛ وإذا سخط على قومٍ أنزل عليهم المطر في غير وقته، وجعل المال في بُخلائهم، واستعمل عليهم شرارهم.
ثانياً: حقوق الشعب الضائعة...
هذا الشعب الذي زحف إلى بيت الشعب (قصر بعبدا) هو الغائب الأول عن هموم المُنكبّين على تأليف الحكومة العتيدة، غائب بكل فئاته وطبقاته، لا أحد يهتم بالمصائب المتراكمة فوق رأسه منذ أيام الحرب الأهلية، يهتمّون بحصصهم ومصالحهم وعيونهم شاخصة على الاستحقاق النيابي القادم، الشعب في عُرفهم وتصرفاتهم وقواميسهم غير موجود أصلاً، ولا يليق بكرامتهم أن ينزلوا إلى مستواه، شعب المدن الذي تخمّرت النفايات في أحيائه، ولم تهتزّ شعرة في هيكل النظام، شعب الأرياف الذي يطالب بدعم التفاح والموز والقمح والبطاطا والزيتون والألبان، الشعب الذي يكدح للحصول على لقمة عيش كريمة، والحكام غارقون في الفساد والنهب المنظّم، ولا يجتمعون إلاّ عندما يستشعرون خللاً ما في بنية النظام، وقد ينذر بوقف استئثارهم وسلطتهم، وعندها قد يُلوّحون بالعصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية، فتظهر "إبداعات الميثاقية"  وحقوق المسيحيين، ليتُمّ سحبها عندما تمرّ صفقات النهب والسرقات، أو عندما يصل الرئيس القوي في طائفته إلى مُبتغاه، عندها فقط يمكن الحديث عن "الحصّة الضائعة" التي يبحث عنها نائب الإصلاح والتغيير الأستاذ ألان عون.