رفع الرئيس المكلّف سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ـ في اجتماعهما الأخير ـ تشكيلة نهائية، لكن رئيس الجمهورية لم يوافق عليها واستمهل لدراسة التفاصيل المتعلقة ببعض الحقائب، وقال للحريري الذي بدا مصدوماً بردة الفعل الرئاسية: "اتركها عندي.. أنا ممنونك"، وفق ما ورد في صحيفة "السفير".


واللافت، أن الحريري، قبل أن يتوجه الى بعبدا، ليل أمس الأول، جرى تواصل بينه وبين الرئيس نبيه بري الذي كان يتوقع أن تُنجز الحكومة في الليلة نفسها (أمس الأول)، وذلك استناداً الى مداولاته مع الرئيس المكلف. وانتظر حتى لحظة خروج الأخير من القصر الجمهوري، ليتبين أن عبارة "إن شاء الله خيراً"، تعني أن أمراً استجد وتأجل معه الإعلان عن الحكومة.

صباح أمس، تجدد التواصل بين بري والحريري الذي أطلع رئيس المجلس على أجواء لقائه مع رئيس الجمهورية. في الخلاصة، تبين أن الشيطان يكمن في التفاصيل لا في العناوين، ولذلك، قال الرئيس المكلف إن الطبخة الحكومية لم تنضج بعد ولا يزال حسمها يحتاج الى بعض الوقت، من دون أن يلغي ذلك احتمال ولادة الحكومة قريبا (طبعا ما يزال الحريري يأمل ولادتها قبل عيد الاستقلال).

وفيما كان يجري الحديث حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الأول، عن حكومة من 24 وزيراً، فإن تطورات الساعات الأخيرة، وما تخللها من تعديلات في الحقائب لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، جعلت أحد المتابعين لمسار التأليف يرجح أكثر فرضية العودة الى حكومة الثلاثين وزيراً، خصوصاً أنها توفر فرصة أكبر لترضية خواطر معظم المكوّنات السياسية.

وظل الرئيس بري يتصرف حتى أمس، على قاعدة تفاهمه منذ اللحظة الأولى لمشاورات التأليف مع الحريري بأن "حركة أمل" تريد "المال" و"الأشغال"، إضافة الى حقيبة أخرى، على أن تكون حصة "حزب الله" هي "الشباب والرياضة"، و"الصناعة"، ما دام مخولاً بالتفاوض باسم الكتلتين وعلى قاعدة أن الحكومة المطروحة من 24 وزيراً، وقال للحريري: "أريد الوزارة المالية (وليس وزارة المال) وأريد العلي حسن خليل لها ونقطة على السطر"، في رسالة أراد من خلالها قطع الطريق على ما كان قد بلغه عن تفاهمات تجري من تحت الطاولة لإبقاء المالية بعهدة الطائفة الشيعية لكن بشرط عدم عودة خليل إليها!

وما قاله بري لعون والحريري لم يتراجع عنه باستعداده لتسهيل التأليف حتى الحد الأقصى الممكن، وهو كان لديه استعداد لإقناع سليمان فرنجية بإبداء مرونة، من قبيل أن يقبل بوزارة التربية على سبيل المثال لا الحصر، لو أن العقبة الأخيرة والوحيدة التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة تتصل بموقف زعيم "المردة"، "لكن ما دامت الأمور لم تصل بعد الى هذه المرحلة، فلماذا أتدخل.."؟

(السفير)