عقبات التأليف ما زالت , ولا حكومة قبل الاستقلال

 

السفير :

تسارع إيقاع مفاوضات تأليف الحكومة أمس، وبدا أن «الهيكل العظمي» لمجلس الوزراء قد اكتمل، في انتظار أن يكتسي بـ «اللحم الوزاري» الحي خلال الساعات المقبلة.
وأعطت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري للرئيس ميشال عون ليل أمس إشارة واضحة الى ان طبخة التأليف بلغت مرحلة متقدمة، وانها اقتربت من لحظة إنضاجها، بعد أن تُستكمل مقاديرها الدقيقة و «رشة» الملح السياسي عليها.
وقد حمل الحريري معه الى قصر بعبدا مسودة تشكيلة وزارية، تضمنت التوازنات والأحجام النهائية التي ستستقر عليها الحكومة، فيما يبقى توزع الحقائب قابلا للأخذ والرد حتى اللحظة الاخيرة، أما أسماء الوزراء فسيُترك لكل طرف سياسي أن يختار من يمثله طبقا لحصته من الحقائب، علما ان هناك أسماء باتت من الثوابت.
وكان لافتا للانتباه ان عون ألغى مواعيد له قبل ظهر اليوم، الأمر الذي أوحى بإمكان صدور مراسيم الحكومة هذا النهار، ما لم تطرأ أمور غير محسوبة، فيما رجح مطلعون على مسار المفاوضات أن تولد الحكومة في نهاية الاسبوع.
حقيبة «المردة»
وبينما باتت عقدة «القوات اللبنانية» قابلة للحلحلة، علمت «السفير» أن مبدأ حصول «تيار المردة» على حقيبة أساسية بات محسوما وان النقاش انتقل الى التفاصيل، خصوصا ان هناك نوعية معينة من الحقائب الاساسية لا يحبذها النائب سليمان فرنجية، وبالتالي فإن التفاوض معه يتركز على تحديد طبيعة الوزارة التي ستؤول الى تياره، علما أن هناك مسعى لتجيير «الطاقة» الى بنشعي، لكن البت في هوية الحقيبة يتوقف على ما ستنتهي اليه ورشة الضم والفرز، لـ«العقارات الوزارية».
وأكدت مصادر مقربة من «المردة» لـ«السفير» أن الامور على طريق الحل في وقت قريب، مشددة على أن ثنائي «حركة أمل» ـ «حزب الله» يدعم بقوة مطلب فرنجية وأن الرئيس الحريري حريص بدوره على مشاركة «المردة» في الحكومة.
وفيما يصر «الثنائي الشيعي» على منح «المردة» حقيبة أساسية، الى حد ربط المشاركة في الحكومة بحصول فرنجية على مطلبه، لا تزال «القوات» تحاول الحؤول دون إعطاء حقيبة وازنة لـ«المردة»، معتبرة أن ما يطالب به يتجاوز حجمه السياسي والنيابي.
حلحلة «قواتية»
على مسار آخر، أبلغت مصادر مواكبة للمفاوضات الحكومية «السفير» أن الاجتماع الذي عقد أمس في وزارة الخارجية بين كل من الوزير جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان ومسؤول الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي استكمل مناقشة العرض المقدم لـ «القوات» والمتعلق بحصولها على موقع نائب رئيس الحكومة وحقيبتين وزاريتين أساسيتين، في مقابل تخليها عن الحقيبة السيادية.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن الامور لم تنته بعد 100 في المئة، ولا يزال هناك أخذ ورد على مستوى الحصة المسيحية والعقد ليست محصورة في مكان واحد.
وأوضحت المصادر أن صيغة الاتفاق النهائية مع «القوات» تتوقف على ما ستنتهي اليه مفاوضات الحريري مع كل من «الكتائب» و «المردة»، لتتم بعد ذلك ذلك «جوجلة» نهائية وحاسمة للحقائب وكيفية توزعها، لكنْ إجمالاً، هناك تقدم في المشاورات مع معراب ضمن الاتجاه المحدد.
ووفق ما أقفلت عليه بورصة التوزير البارحة، بقيت الأرجحية لتولي غسان حاصباني منصب نائب رئيس الحكومة وابراهيم نجار «العدل» وملحم رياشي «الإعلام» عن «القوات»، فيما استمر التداول باسم الياس بوصعب لوزارة الدفاع التي ستكون من حصة رئيس الجمهورية.
«صحة» جنبلاط
وغداة مطالبة النائب وليد جنبلاط بالحصول على حقيبة «الصحة» بدل الشؤون الاجتماعية، قالت أوساط قيادية في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ «السفير» إنه عندما عُرضت «الشؤون الاجتماعية» على النائب وليد جنبلاط، ظن للوهلة الاولى انها خيار مناسب، مستندا الى التجربة السابقة لوائل ابو فاعور فيها قبل بضع سنوات، ولكن تبين انها تفتقر الآن الى الإمكانيات، ويبدو أن رشيد درباس عانى من هذا الوضع، فارتأى جنبلاط الاحتفاظ بوزارة الصحة التي أثبت ابو فاعور من خلالها أنه للجميع، وهذا ما سيكون عليه مروان حمادة ايضا.
وأكدت الاوساط ان جنبلاط لا يريد أن يتسبب بأي زعل مع الرئيس سعد الحريري، ولكن هذه حكومة العهد الجديد، ويجب أن تنطوي على حد أدنى من الإنصاف، وإذا كانت الحقائب السيادية تقتصر على الرجال العظام في هذه الدولة، فلا بأس أن يُعطى الدروز حقيبة خدماتية، كالصحة التي أدارها الحزب التقدمي بكفاءة.
وتابعت الأوساط: صحيح أن الدروز هم طائفة صغيرة في هذا النظام الطائفي، ولكن ذلك لا يعني أن تتم التسويات الحكومية على حسابهم.
وردا على سؤال عما إذا كان المقعد الدرزي الثاني سيبقى ضمن حصة جنبلاط أم سيؤول الى النائب طلال ارسلان، أكدت أوساط «التقدمي» أن المقعدين سيكونان لكل من مروان حمادة وأيمن شقير، مشددة على أن جنبلاط وارسلان واحد، وسيستمران معا، وتعاونهما لا يتوقف على حقيبة وزارية. ولفتت الاوساط الانتباه الى أن تركيبة الـ24 وزيرا فرضت هذه المعادلة في التوزيع الدرزي، بينما كان بالإمكان ان يتمثل ارسلان في تشكيلة الـ30 وزيرا التي لم تُعتمد.
ملف أمهز
على صعيد آخر، وفي أقلّ من 24 ساعة، أنهت «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الدّاخلي تحقيقاتها مع الموقوف كامل أمهز، وأحالته إلى المحكمة العسكريّة، حيث بات ليلته الأولى في نظارة المحكمة بعدما ادّعى عليه معاون مفوّض الحكومة في «العسكريّة» القاضي فادي عقيقي.
وعلمت «السفير» أنّ ملفّ أمهز يتمحور حول التهرب الجمركي وجرم إعطاء الرشى إلى عناصر أمنية تمّ القبض عليهم أثناء تهريبهم حقيبتي مخدّرات (لا تعودان لأمهز)، واعترفوا خلال التحقيقات معهم بأنّهم يعملون في إدخال معدّات إلكترونية وأجهزة خلوية لأمهز.
وعلى ضوء هذه الإفادة، ادعى عليه عقيقي بالجناية المنصوص عنها بالمادة 352 والتي تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة من 3 سنوات إلى 15 سنة. ويمكن منحه أسباباً تخفيفيّة لتصل إلى سنة واحدة (وممكن أيضاً تغيير الوصف الجرمي من جناية إلى جنحة). ثمّ حوّل الملفّ إلى قاضي التّحقيق العسكريّ الأوّل القاضي رياض أبو غيدا.
ووفق المعلومات، فإنّ ملفّ أمهز يبدو كبيراً وقد وصل إلى قلم أبو غيدا الذي سيطلع على الملفّ اليوم ويعين جلسة قريبة للاستماع إلى أمهز بحضور محاميه قبل إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه أو تركه.
أمّا الملفّ الثاني، فقد وصل بعد ظهر أمس إلى مكتب المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي كان قد خرج من مكتبه، على أن يطلع على الملفّ اليوم أيضاً، ليدّعي على أمهز بجرم التهرّب من الضرائب والرسوم الجمركية، على الأغلب.
ويعتقد بعض المعنيين أنّه من الممكن أن يتوسّع ملفّ أمهز في «العسكريّة»، لتكرّ سبحات التوقيفات لعدد من الضباط والعسكريين المتورطين بجرم التماس رشى والقيام بعمل غير شرعي أثناء الوظيفة.
في المقابل، يؤكّد مقربون من أمهز براءته، مشيرين إلى أنّ العسكريّ الذي ضبط يهرب المخدّرات وأعطى إفادته ضدّه هو من بلدته ولكن لا تواصل بينهما منذ سنوات، بل على العكس هناك خلافات كبيرة من جراء الانتخابات البلدية في العام 2010، وقدّمت عائلته طعناً بالانتخابات السابقة. وبالتالي يشدّد هؤلاء على أنّه يلفّق هذه التّهم انتقاماً من أمهز.
وفي سياق متصل، تمكّنت زوجة أمهز ز. ف. من مواجهته وإحضار بعض الحاجيات، أمس، في «العسكريّة» وبوجود عناصر من الشرطة بعدما حصلت على إذن خطي من عقيقي.

 

النهار :

مع ان الزيارة الثالثة للرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة سعد الحريري لقصر بعبدا مساء أمس في اطار لقاءاته التشاورية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ تكليفه لم تكن "ثابتة" ولم يتصاعد معها الدخان الحكومي الابيض، فان مجمل المعطيات تشير الى ان الساعات المقبلة مرشحة لولادة الحكومة بعدما تقلصت الى حدود بعيدة العوائق التي تحول دون هذه الولادة.
الرئيس الحريري اكتفى بعد لقائه الرئيس عون بالقول: "ان ثمة تفاصيل يتم درسها في ما يخص التشكيلة الحكومية وان الاجواء ايجابية". وحين سئل عما اذا كانت ولادة الحكومة باتت قريبة، أجاب: "ان شاء الله خير".
وعلمت "النهار" ان الرئيس الحريري عرض لرئيس الجمهورية تصوراً أولياً للتشكيلة الحكومية وبحث معه في تفاصيلها. كما علم انه لا تزال هناك بعض النقاط العالقة والتي تحتاج الى مزيد من الاتصالات وخصوصاً في ما يتعلق بالوزارة الاساسية التي يصرّ عليها تيار "المردة" ليشارك في الحكومة وكذلك بمطالبة "القوات اللبنانية" بالوزارة السيادية، في حين ان وزارة الدفاع صارت مبتوتة للرئيس عون على ان تسند الى مرشح محايد من غير المحازبين. وقالت اوساط قريبة من الحريري لـ"النهار" إن العمل جار بهدوء وايجابية للوصول الى صيغة مناسبة.

 

التعقيدات الاخيرة
واتسمت حركة المشاورات والاتصالات المتصلة بعملية تأليف الحكومة أمس بحرارة عالية بدا معها الاتجاه مركزاً على انجاز الولادة الحكومية في الساعات المقبلة أوغداً الجمعة على ابعد تقدير في حين تبين لـ"النهار" ان زيارة الرئيس الحريري لقصر بعبدا مساء أملتها تعقيدات اللحظات الاخيرة اكثر منها مؤشرات انجاز التشكيلة. وكشفت مصادر مطلعة على جوانب كثيرة من اللقاءات والاتصالات التي حصلت أمس ومنها لقاء عقد في وزارة الخارجية بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري، إن عملية التأليف بدت عالقة عند نقطة محورية تتصل بالتفاهم المعقود بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" الامر الذي ضيق على الحريري، توسيع هامش حركته فيما هو يريد ان يضطلع بدوره كاملاً كرئيس مكلف من دون التسبب باشكالات في عملية التاليف. وبرزت هذه الناحية لدى اتجاه الحريري الى تشكيلة من 24 وزيراً بدل 30 وزيرا. ولذا اتسم لقاء الرئيس عون والرئيس المكلف باهمية لجهة التنسيق بينهما في معالجة هذه الناحية كما جوانب اخرى من التعقيدات، اذ قالت المصادر نفسها لـ"النهار" إن الرئيس عون والرئيس الحريري بدأا اجراء اتصالات تهدف الى انجاز اللمسات الاخيرة وتذليل ما تبقى من عقبات بغية استعجال الولادة في الساعات المقبلة. كما علمت "النهار" ان اللقاء الذي جمع مدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري ومستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ونائبه جوزف أبو خليل والدكتور ميشال أبو عبدالله تناول عملية التأليف ولكن لم تحسم بعد الحقيبة الوزارية التي ستؤول الى الكتائب وان تردد ان رئيس الحزب أبدى رغبته في ان يعطى الحزب حقيبة الصناعة.
وعلمت "النهار" ان تبديلات عدة طرأت أمس على توزيع الحقائب كان منها اعطاء حقيبة الاشغال العامة لتيار "المردة " والتربية لحركة "امل " التي ترشح لها حسن اللقيس. وتحدثت المعلومات عن تسوية لمطالب "القوات اللبنانية" انتهت بإعطائها منصب نائب رئيس الوزراء المرجح ان يسند الى غسان حاصباني، ووزير العدل للوزير السابق ابرهيم نجار، ووزارة الاعلام المرجح ان تسند الى ملحم رياشي. أما وزير الدفاع فسيكون من حصة رئيس الجمهورية بين السفير السابق انطوان شديد والوزير الياس بو صعب. أما الحقيبة المخصصة للنائب طلال ارسلان فلم تحل بعد وتنتظر موافقة النائب وليد جنبلاط على اعطائه المقعد الدرزي الثاني وقد يكون الشباب والرياضة.

 

تشكيلة
وتداولت أوساط سياسية تشكيلة ببعض الاسماء والحقائب تضمنت: علي حسن خليل (المال)، حسن اللقيس (التربية) علي عبدالله، علي فياض وحسين الحاج حسن، جبران باسيل (الخارجية)، بسام يمين (الاشغال)، غطاس خوري (الاقتصاد)، سليم الصايغ (حقيبة غير محددة)، بيار رفول (العمل)، جمال الجراح (الاتصالات)، نهاد المشنوق (الداخلية)، محمد كبارة (الشؤون الاجتماعية)، معين المرعبي (البيئة)، الياس بو صعب (الدفاع)، ابرهيم نجار (العدل)، غسان حاصباني (نائب رئيس الوزراء)، ملحم رياشي (الاعلام)، ميشال فرعون (السياحة)، مروان حمادة (الصحة)، أغوب بقرادونيان وجان أوغاسبيان.
في غضون ذلك، ترددت معلومات عن امكان قيام الرئيس عون اليوم بزيارته الاولى لبكركي بعد انتخابه. وكان رئيس الجمهورية شدد خلال لقائه أمس ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومجلس المفتين على التزامه تنفيذ خطاب القسم تنفيذاً كاملاً وقال: "سنواجه العقبات التي يمكن ان تعترضنا بالتعاون مع الجميع لان المسؤول لا يستطيع ان يفعل كل شيء وحده ويدي ممدودة الى الجميع كي نتعاون لتحقيق ما نراه ضروريا لمصلحة جميع اللبنانيين وفي مقدم ذلك تثبيت الاستقرار ومكافحة الفساد واصلاح القوانين وتفعيل عمل الادارات والمؤسسات".
وبرز في سياق التطورات المواكبة لانطلاق العهد الجديد توقيع اتفاق اطار بين رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر والسفير الايطالي ماسيمو ماروتي يتعلق بالاعتمادات الملحوظة في مؤتمر باريس 3 وتبلغ قيمتها 75 مليون أورو كقروض ميسرة لمساعدة لبنان وحضر التوقيع عدد من الوزراء المعنيين.

 

 

المستقبل :

كل المؤشرات تتقاطع عند تأكيد إيجابية الأجواء المواكبة لمسار التأليف الحكومي على وقع تسجيل خطوات متسارعة غير متسرعة على الطريق نحو رسم معالم التشكيلة الائتلافية المرتقبة. وإذا كان منسوب التفاؤل السياسي قد ارتفع بشكل ملحوظ أمس حتى بلغ سقف توقع ولادة الحكومة «خلال ساعات» كما نقل نواب لقاء الأربعاء في عين التينة بينما ذهب بعض وسائل الإعلام إلى حد إعلان التشكيلة الحكومية بأسمائها وحقائبها، عادت حركة المشاورات الأخيرة بين مختلف المقرات والأفرقاء لترسو ليلاً على خلاصة طبيعية وحيدة وأكيدة مفادها أنّ الطبخة الحكومية موضوعة على نار هادئة للحؤول دون إحراق المراحل بانتظار إنضاج بعض «التفاصيل»، التي لفت الرئيس المكلف سعد الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون مساءً في قصر بعبدا إلى أنها قيد الدرس، مع تأكيده في الوقت عينه أنّ «الأجواء إيجابية وإن شاء الله خيراً».

في الغضون، وعلى خط تفعيل الدور العربي الحاضن للبنان بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي والشروع في مرحلة إعادة الانتظام إلى مؤسسات الدولة بدءاً من الاستحقاق الحكومي، برزت أمس جولة وزير الخارجية المصري سامح شكري على الرؤساء الثلاثة وعدد من القيادات السياسية موفداً من الرئيس عبد الفتاح السيسي ناقلاً تهنئة القاهرة ودعمها للبنانيين «واهتمامها بالتطور الهام الذي شهده لبنان من خلال انتخاب رئيس الجمهورية» حسبما أعلن بعد زيارته قصر بعبدا، موضحاً أنه سلّم عون دعوة من السيسي «لزيارة مصر في أول فرصة مؤاتية»، في حين وعد رئيس الجمهورية بتلبية الدعوة مؤكداً أنّ «لبنان الذي تجاوز الظروف الصعبة ويستعيد اليوم دوره وحضوره هو سند للأخوة العرب».

ومن عين التينة لفت شكري بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أنّ «مصر تهتم بمكانة لبنان كدولة عربية عروبية«، متطلعاً إلى «استعادة زخم العلاقات المصرية – اللبنانية« وإلى «نجاح الرئيس المكلف في مهمته حتى تستعيد المؤسسات اللبنانية دورها«.

وإلى بيت الوسط حيث التقى الرئيس الحريري واستعرض معه تطورات الأوضاع المحلية والإقليمية، أعلن وزير الخارجية المصري أنه سلّم الرئيس المكلف «رسالة خطية من الرئيس السيسي للتهنئة على ما أنجزه لبنان على صعيد الاستحقاق الرئاسي وقرب الانتهاء من مشاورات تشكيل الحكومة«، لافتاً إلى أنّ النقاش مع الحريري تطرق كذلك إلى «التحديات المشتركة التي تواجه البلدين وأهمية أن تقوم العلاقات في ما بين الدول العربية على التضامن والعمل المشترك لتعزيز الأمن القومي العربي وحمايته من أي تدخلات من خارج الإقليم« مع تشديده في ما خص العلاقات المشتركة على أنّ «مصر ستكون داعمة للاستقرار في لبنان وستستمر في التواصل مع كافة الأطياف اللبنانية لما يحقق مصلحة الشعبين«.

كذلك شملت جولة الموفد المصري الداعمة للاستقرار اللبناني، كلاً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، فضلاً عن اللقاء الذي كان قد جمعه في مستهل الجولة مع نظيره وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.

 

الديار :

كل الأجواء الايجابية التي عُممت نهاراً عن ولادة سريعة للحكومة خلال 24او 48 ساعة، وتم تسريب مسودة لأسماء الوزراء تبين ان اعلان التشكيلة ما زال بحاجة لتذليل بعض «الصعوبات» التي ظهرت في اللحظات الاخيرة، في ظل رفض احد المراجع وصف التأخير بالعقدة دون ان يبدي خشيته من صعوبة الحل.
وفي المعلومات ان الاتصالات طوال نهار امس تكثفت بشكل غير عادي وعلى اكثر من محور وتولاها الرباعي جبران باسيل وعلي حسن خليل ونادر الحريري ووائل ابو فاعور للبحث في الحصة الدرزية وتم معالجة اعتراضات جنبلاط على عملية «الاجحاف» بحق الطائفة الدرزية وبمساندة من النائب طلال ارسلان، وحسم الموضوع بعودة وزارة الصحة الى «الكنف الجنبلاطي» فيما اشارت معلومات اخرى الى امكانية اسناد وزارة العدل للاشتراكي. وبعدها تم البحث بتمثيل «المردة» في ظل اصرار حركة أمل وحزب الله على توزير «الحليف» سليمان فرنجية وعدم مشاركتهما بالحكومة اذا لم يشارك فرنجية واعطاؤه حصة وازنة واساسية، وقد طالبت المردة بوزارة الاتصالات او الطاقة او الاشغال.
وذكر انه تم اسناد وزارة اساسية لفرنجية واعطاؤه إما الأشغال او الطاقة، كما تم حسم توزير حزب الكتائب على ان يتولاها الوزير السابق سليم الصايغ، وعممت الاجواء الايجابية وتم تسريب مسودة الوزراء واعلن الرئيس نبيه بري امام النواب عن امكانية ولادة الحكومة خلال 48 ساعة او 24 ساعة اذا صفت النيات.
لكن منسوب التفاؤل الايجابي الذي ساد صباحاً تراجع نسبياً خلال الليل دون ان يلغيه، وخصوصا مع مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا بعد لقائه الرئيس ميشال عون. وقد تم عرض المسودة التي تم تسريبها والتي دمجت فيها حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع حصة التيار الوطني الحر بشكل مخالف لكل الحكومات التي شكلت بعد الطائف، وحصل خلالها رئيس الجمهورية على حصة وزارية اقلها 3 وزراء، وهذا الامر مخالف للعرف الذي عمل فيه بعد الطائف اما العقدة الثانية فتمثلت بالاعتراض على اعطاء «المردة» وزارة اساسية وسيادية لان حجم كتلتها النيابية 3 نواب فقط، فيما كتلة اللقاء الديموقراطي التي تضم 11 نائباً بالكاد حصلت على الصحة. وبعد تغريدات جنبلاط وتهديده «بالويل والثبور وعظائم الامور» وهو الذي صوت للرئيس ميشال عون فيما النائب سليمان فرنجية عارض وصول الرئيس عون، وغاب عن الاستشارات النيابية في بعبدا، فيما شارك بالاستشارات في المجلس النيابي ووجه كلاماً ورسائل للرئيس عون من باب المجلس، وبالتالي كيف يعطى تيار المردة وزارة اساسية الاشغال او النفط؟ خصوصا ان التيار الوطني الحر يريد اسناد الطاقة لمستشار الوزير جبران باسيل السيد سيزار ابي خليل، حتى انه تم الاعتراض على اسناد الاشغال للمردة واعطائها وزارة التربية.
واللافت ان الاعتراض على اعصاء حصة وازنة لفرنجية كان ايضاً من الدكتور سمير جعجع الذي عمّم مقربون من القوات انه ما زال متمسكاً بحقيبة سيادية ولم يتراجع عن هذا الأمر، وقد لاقى الاعتراض القواتي تشجيعاً من التيار الوطني الحر.
هذه الامور قد تؤخر اعلان التشكيلة الى نهار الجمعة في ظل اصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اعلان التشكيلة قبل عيد الاستقلال وحصول العرض العسكري بمشاركة الجميع بالحكومة وهذا لا يعني الموافقة على حكومة «كيف ما كان».
هذه الاجواء الليلية السلبية نوعا ما كان قد سبقها اجواء مغايرة صباحاً عن التشكيلة غير النهائية للأسماء التي رست حتى ليل أمس على الشكل الاتي:
وزارة المالية - علي حسن خليل، وزارة الاشغال - ياسين جابر، وزارة الاقتصاد والتجارة - علي عبدالله، وزارة الخارجية والمغتربين - جبران باسيل، وزارة العمل - بيار رفول، وزارة الثقافة - غطاس خوري، وزارة الطاقة - بسام يمين، وزارة الصحة - مروان حمادة، وزارة الداخلية نهاد المشنوق، وزارة الشؤون الاجتماعية - محمد كبارة او معين المرعبي، وزارة البيئة - محمد كبارة او معين المرعبي، وزارة الدفاع - الياس ابو صعب او انطوان شديد، وزارة السياحة - ميشال فرعون، طلال ارسلان - وزير (لم يتضح بعد اي حقيبة وزارية سيستلم) ولم يسقط ايمن شقير، جمال الجراح - وزير (لم يتضح بعد اي حقيبة وزارية سيستلم)، سليم الصايغ الكتائب، ابراهيم نجار حصة القوات اللبنانية وزيراً للعدل، غسان حاصباني «القوات» نائب رئيس مجلس الوزراء، ملحم رياشي «قوات» للاعلام، اغوب بقرادونيان - طاشناق، جان اوغاسبيان وزيراً للتنمية الادارية.
على ان يسمي حزب الله ممثليه في الحكومة.
كما وزعت تشكيلة أخرى ضمت:
الحقائب السيادية: الخارجية (ماروني) من حصة التيار الوطني الحر - جبران باسيل، الدفاع (ارثوذكسي) من حصة رئيس الجمهورية - الاسم لم يحسم بعد، المال (شيعي) من حصة حركة امل - علي حسن خليل، الداخلية (سني) من حصة المستقبل - نهاد المشنوق.
حصة رئيس الجمهورية وزير الدفاع ووزير الاقليات.
حصة المستقبل: رئيس الحكومة - سعد الحريري، الاتصالات - جمال الجراح، الاقتصاد - غطاس خوري، العمل - محمد كبارة، زراعة - معين المرعبي، اضافة الى الداخلية لنهاد المشنوق.
حصة التيار الوطني الحر: الطاقة - سيزار بو خليل اضافة الى الخارجية لجبران باسيل.
حصة القوات اللبنانية: نائب رئيس مجلس وزراء ووزير اشغال - غسان حاصباني، الاعلام - ملحم رياشي، الشؤون الاجتماعية بيار ابو عاصي.
حصة حركة امل: الصحة - الاسم لم يحدد بعد، اضافة الى المال علي حسن خليل.
حصة الاشتراكي: وزارة العدل
حصة المردة: وزارة التربية
حصة حزب الله: حقيبة لمحمد فنيش وحقيبة لحسين الحاج حسن.
حصة المستقلين: السياحة - ميشال فرعون كما تم تسريب اسماء أخرى.
وفي ظل هذه الاجواء فان الصيغ الحكومية التي تم تسريبها تلاقي اعتراضات والأمور بحاجة الى غربلة جديدة للأسماء والحقائب والتوزيع وربما رفع عدد اعضاء الحكومة الى 30 وزيراً، واذا استمرت الاعتراضات والعراقيل فان المهل يمكن ان تأخذ مساراً آخر وتؤدي الى مسارب سلبية ربما الاعتذار واعادة التكليف مجدداً لاعطاء دفع ايجابي لتشكيل الحكومة وجعل كل القوى تراجع حساباتها وتخفّف من شهية الاستيزار.

 

الجمهورية :

مع تسارُع وتيرة المشاورات على جبهة التأليف الحكومي، ورهان الجميع على الأجواء الإيجابية السائدة، تترقب الأوساط السياسية ومعها اللبنانيون أن تبصر الحكومة العتيدة النور في أقرب وقت ممكن.

على وقعِ التقدّم في تركيب التشكيلة الوزارية الجديدة ودخولها مدار الصيَغ ما قبل النهائية، نشَطت حركة الاتصالات على أكثر من مستوى، فزار الرئيس المكلف سعد الحريري مساءً قصر بعبدا وأطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على نتائج الاتصالات الجارية لتأليف الحكومة، واكتفى الحريري لدى مغادرته القصر بالقول إنّ ثمّة تفاصيل يتمّ درسُها في شأن التشكيلة الوزارية، وإنّ الأجواء إيجابية. وعندما سُئل عمّا إذا كانت ولادة الحكومة باتت قريبة؟ أجاب: «ان شاء الله خير».

وفي المعلومات أنّ الحريري حمل مسوّدة تشكيلة وزارية إلى رئيس الجمهورية كان يُتوقع على أساسها أن تبصر حكومته النور خلال ساعات، وتتضمّن حقائب وزارية ثابتة وأخرى قيد النقاش والتغيير. وعُلم أنّه تمّ تذليل تسعين في المئة من العقبات، كما أنّ غالبية الأسماء باتت ثابتة.

وشهدت المشاورات الأخيرة والتي استمرّت حتى ساعة متقدّمة من الليل نقاشاً حول بعض الأسماء والحقائب، كحقيبة «المرَدة» التي يصرّ رئيس تيارها النائب سليمان فرنجية على وزارة الطاقة، بعدما حسِمت وزارة الأشغال لحركة «أمل».

ولكنّ معلومات شاعت ليلاً وتفيد أنّ الأشغال ستُسنَد إلى «المردة» مقابل إسناد حقيبة التربية إلى حركة «أمل».

وكانت قد رسَت الاتصالات الأخيرة على إعطاء 4 حقائب للشيعة (الماليّة، التربية، الزراعة والصناعة أو الاقتصاد) مع تركِ حقيبة لوزير شيعي يسمّيه رئيس الجمهورية، على أن يسمّي عون أيضاً وزيراً سنّياً (فيصل كرامي حقيبة الشباب والرياضة).

برّي

وفي المواقف، طمأنَ رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أنّ الأمور المتعلقة بتأليف الحكومة تسير في أجواء إيجابية، وأنّ بعض العقبات يجري تذليلها. وأملَ في أن تكون الولادة قريبة وقبل عيد الاستقلال.

ونَقل النواب عنه، بعد «لقاء الأربعاء» النيابي، أنّ هناك رغبة في تأليف الحكومة سريعاً للمباشرة في ورشة العمل المنتظرة لمعالجة القضايا والملفات الحيوية الملِحّة، والانصراف إلى درس وإقرار قانون الانتخاب الذي يجب أن يكون في مقدّمة الأولويات المطروحة.

حركة مشاورات

وفيما كان الرئيس المكلّف يجَوجل حصيلة جولات موفَديه إلى المراجع المعنية ويقارنها بحصيلة اتّصالاته المباشرة الخاصة بالتشكيلة الوزارية، رُصدت اتصالات مكثّفة لمدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره النائب السابق غطاس خوري مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، قبل أن يزور نادر الحريري عصراً الوزير جبران باسيل الذي كان قد أنهى لقاءً تقويمياً مع النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لتقويم حصيلة المشاورات في الساعات الأخيرة.

في الصيفي

ومِن وزارة الخارجية انتقلَ نادر الحريري إلى الصيفي للقاء رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، ووافاه خوري إلى هناك، ونَقلا إلى الجميّل رسالة مِن الحريري تحدّثت عن حصيلة المشاورات وحجمِ المصاعب التي تواجه بعضَ الطروحات على مستوى الحقائب والأسماء بفِعل تجدّد «الفيتوات» وحجمِ المطالب التي فرَضت إعادة طرح الصيغة الحكومية الموسّعة، الأمر الذي قاد إلى لقاءات مليئة بالعتب وغسلِ القلوب.

وقالت مصادر كتائبية لـ«الجمهورية» إنّ اللقاء لم يتطرّق إلى أيّ تشكيلة وزارية ولا إلى الحقيبة التي يمكن أن تُسند للكتائب، وإنّ ما هو مؤكّد الحرص على إشراك الكتائب في الحكومة بنحوٍ محترم. وأكّد موفدا الحريري أنّ الاتّصالات مستمرّة وهناك أكثر من مخرج يمكن التوصّل إليه من خلال توسيع التركيبة الحكومية إلى ثلاثينية.

رفضٌ درزي للتحجيم

وفي موقفٍ اعتراضيّ على توزيع الحقائب السيادية وحرمان طائفة الدروز منها، اعتبَر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّ التأخير في التأليف «ليس إقليمياً بل محلّي»، مؤكّداً حقّ «بعض الشرائح المغبونة أن تطالب بحقّها» وقال: «لو كنتُ أعتبر نفسي مغبوناً لكنتُ وافقتُ على وزارة الشؤون الاجتماعية، لكن أفرغتُ الشؤون من شؤونها، ولنبقَ على الصحّة لنعطيَ اللبنانيين الصحّة وهذا أفضل». وأوضَح» أنّ «التويتر» الذي أطلقته «كان مازحاً، ولا بدّ من قبول المزح بالمزح».

وكان جنبلاط قد رفضَ في تغريدة صباحية محاولات تحجيم الدروز عبر عرض وزارة الشؤون الاجتماعية عليهم، مطالباً بوزارة الصحة، وقال إنّ «كلّ فريق ينتزع ما يريد بالقوّة، وممنوع حتى التلميح إلى وزارة سيادية».

وفيما أيّد أرسلان كلام جنبلاط مشدّداً على أنّ الوزارات السيادية «ليست حكراً على أحد»، اتّهَم رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب جنبلاط بتحويل الدروز في لبنان «طائفةً هامشية في المعادلة».

«التيار الوطني»

وأعربَ باسيل عن أمله في «تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة لكلّ اللبنانيين تؤدّي واجبَها الأوّل بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري وفقاً لقانون انتخابات جديد يحقّق صحة التمثيل». وقال: «أصبح للبنان رأسٌ ورئيس بدأت معه مسيرة التلاقي والتعافي من خلال قرار لبناني جامع ميثاقي يَجمع كلّ اللبنانيين ويؤدي إلى إعادة لبنان إلى طريق الازدهار».

«القوات»

وأكّدت «القوات اللبنانية» التمسّك بحصتها الوزارية، وأوضَحت النائب ستريدا جعجع أنّ حجم «القوات» بات معروفاً، وهي تطالب بخمسة وزراء إذا تألّفَت الحكومة من 30 وزيراً، وبأربعة وزراء إذا كانت من 24 وزيراً. وقالت: «لم نشارك في الحكومات سابقاً للأسباب التي تعرفونها ولكن هذه المرّة سنَدخل وفق الحصة التي يحقّ لنا بها».

«الكتائب» و«القوات»

وعلى خط العلاقة بين حزبَي الكتائب و«القوات» التي شهدت توتّراً وسجالاً كلامياً في الفترة الأخيرة، اتّصل جعجع بالرئيس أمين الجميّل مثنياً على كلامه في القصر الجمهوري، مشيراً إلى أنّ «العلاقة الطبيعية بين «القوات» والكتائب هي القاعدة، والخلاف هو الاستثناء».

وأكّد جعجع «أنّ المنطلقات الفكرية والوطنية التي تجمع القوات والكتائب هي واحدة ويجب أن نحاول دائماً ترجمتها في حركتنا السياسية». واتّفق جعجع والجميّل على التواصل الدائم بينهما.

وجاءت خطوة جعجع عقب كلامِ للجميّل من قصر بعبدا أمس الأوّل شدّد فيه على وجوب «عدم نسيان التاريخ المشترك من النضال بين الحزبَين اللذين قدّما التضحيات ودفَعا ثمناً غالياً»، آملاً في أن يكون ما حصل «غيمة صيف».

دعم مصر

وفي سياق الدعم العربي للعهد الجديد، نَقل وزير الخارجية المصرية سامح شكري إلى عون، رسالة تهنئة من نظيره المصري عبد الفتّاح السيسي لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية، ودعوةً منه لزيارة القاهرة.

كذلك هنّأ المسؤولين اللبنانيين بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وعرَض معهم للتحديات التي تواجه لبنان ومصر والعالم العربي، ولا سيّما منها انتشار ظاهرة الإرهاب، مشدّداً على أهمّية استعادة التضامن العربي والعمل المشترك، كذلك تطرّقَ إلى «أهمّية حماية الأمن القومي العربي من أيّ تدخّلات من خارج الإقليم».

واعتبَر شكري بعد زيارته بعبدا وعين التينة و«بيت الوسط» وقصر بسترس ومعراب والصيفي وكليمنصو «أنّ استعادة مؤسسة الرئاسة موقعَها وقربَ تشكيل الحكومة، كلّها تؤشّر إلى استعادة استقرار لبنان». وأكّد اهتمام مصر باستقرار لبنان، وتأكيدَها الوقوفَ إلى جانبه «لاستكمال المسار السياسي وتحقيق الاستقرار»، واهتمامها بتعزيز العلاقات الثنائية على مختلف المستويات.

عون

وكان الرئيس عون قد جدّد التزامَه تنفيذ ما ورد في خطاب القسَم تنفيذاً كاملاً، وقال: «يدي ممدودة إلى الجميع لكي نتعاون لتحقيق ما نراه ضرورياً لمصلحة جميع اللبنانيين، وفي مقدّمة ذلك تثبيت الاستقرار ومكافحة الفساد وإصلاح القوانين وتفعيل عملِ الإدارات والمؤسسات، وكلّ ما يلزم لقيام الدولة القوية والقادرة والعادلة».

وأكّد أنّه سيَسهر «على تحقيق العدالة ورفعِ الظلم وتوفير إنماء متوازن في كلّ المناطق اللبنانية». وشدّد على أهمّية إصلاح أجهزة الدولة والإدارات والمؤسسات الاجتماعية والصحّية، وأكّد «أنّنا إذا لم نغيّر نهجَ الحكم وطريقة التفكير فلن نصل إلى أيّ مكان».

 

اللواء :

لم يدم «التوتر» الذي انطلق مع ساعات الصباح الأولى، على خلفية «تغريدات» رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط سوى بضع ساعات عجاف، معكراً أمزجة اللبنانيين التي كانت تتوقع ولادة مراسيم الحكومة بين الفينة والفينة.
انتهى ليل 15-16 تشرين ثاني على إبلاغ النائب جنبلاط ان «مطبخ» تشكيل الحكومة محشور بإعطاء حقيبة خدماتية «حرزانة» للثنائي الدرزي، وأن الرأي استقر على ان تسند حقيبة الشؤون الاجتماعية للنائب مروان حمادة، خلافاً لما كانت استقرت عليه المفاوضات بأن تعود وزارة الصحة أو الاتصالات للنائب حمادة، وتكون حصة الأمير طلال أرسلان وزارة الشباب والرياضة.
بدا الليل ثقيلاً على النائب جنبلاط، ومع ساعات الصباح بدأ بتغريداته التي انضم إليها لاحقاً كل من الأمير أرسلان ورئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهّاب.
قال جنبلاط في تغريدة الصباح: «كل فريق ينتزع ما يريد بالقوة (...) وبعد ان افرغت الشؤون الاجتماعية تعرض علينا»، مضيفاً في تغريدة ثانية: «أفضل عدم تحجيمنا، لذا اعهد إلى وائل أبو فاعور ومروان حمادة مهمة إعادة تصويب الأمور واعطائنا الحد الأدنى من الحقوق».
وأيد أرسلان مطالبة جنبلاط مذكراً بأن للدروز فضلاً على الدولة.
وفيما بدا ان عقدة درزية ظهرت إلى العلن، وسط أسئلة ارثوذكسية عن تغييب وزراء ونواب الطائفة عن الاتصالات والمشاورات، والكلام الذي تردّد عن ان لا تقدّم في ما خص حقيبة «المردة» في الحكومة، تحرّكت الاتصالات لتثمر بدءاً من الواحدة بعد ظهر امس، تعديلاً ايجابياً في «مزاج» التأليف لتنحسر العقد تدريجياً، وتتثبت التفاهمات التي حصلت، باعتبار ان «غداً لناظره قريب»، وأن الحكومة ستخرج إلى العلن بين 48 أو 72 ساعة، أي في موعد لا يتجاوز يوم السبت، ضمن تنازلات سياسية تنطلق من ان العهد يسلم بأن الحكومة هي امتداد لمجلس 2009، وبالتالي تراعي توازناته والكتل الممثلة فيه.
ونظراً لضيق الوقت، فالمهم الآن هو تأليف الحكومة وتمثيل الكتل التي كانت ممثلة في حكومة الرئيس تمام سلام، مع إضافة وزير من الحزب السوري القومي الاجتماعي إليها، بعد تمثيل «التيار الوطني الحر» و«القوات» و«المردة» و«الطاشناق» والكتائب.
الحريري في بعبدا
وشكلت زيارة الرئيس سعد الحريري الثانية إلى قصر بعبدا عند الثامنة مساءً، محطة تصب في خانة تسريع تأليف الحكومة، لكن المعطيات التي توافرت عن الزيارة والمداولات بين الرئيسين ميشال عون والحريري اشارت إلى ان العقد لم تذلل بعد، خاصة بعد اعلان الرئيس المكلف بأن هناك تفاصيل يتم درسها، وأن الأجواء إيجابية، مؤكداً إصراره على إصدار التشكيلة الحكومية قبل عيد الاستقلال.
وترددت معلومات عن فكرة جرى التداول فيها تقضي بأن يعاد النظر بعدد اعضاء الحكومة من 24 إلى 30 وزيراً، لكن هذه القضية بقيت في إطار الفكرة.
وكشفت مصادر المعلومات عن مجريات اليوم الطويل، مستبعدة ان تولد الحكومة قبل يوم السبت أو الأحد، بحيث تكون الثالثة ثابتة، أي زيارة الرئيس الحريري الثالثة إلى قصر بعبدا.
ورغم الاجتماعين اللذين عقدهما رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، المكلف بإجراء المفاوضات نيابة عن التيار مع كل من أمين سر تكتل الإصلاح والتغيير النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم رياشي، من جهة ومع مدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري من جهة أخرى، فإن العقبات التي برزت في الأيام الأولى لتأليف الحكومة لم تتحلحل بصورة كلية:
1- حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن «القوات اللبنانية» قد أجابت بعد على العرض الذي تلقته من الرئيس الحريري عبر مستشاره الدكتور غطاس خوري ونادر الحريري والذي يتعلق بإعطائها ثلاث حقائب مقابل التخلي عن المطالبة بحقيبة سيادية.
2- بالإضافة إلى هذه العقدة، يبدو ان الحقيبة التي ستكون من حصة «المردة» لا تزال موضع اعتراض من قبل الوزير باسيل وحزب «القوات»، فباسيل حسب المعلومات، يرفض إعطاء وزارة الطاقة والمياه إلى الشخص الذي اقترحه تيّار «المردة» لتمثيله بسّام يمين، متمسكاً بتوزير مستشاره في وزارة الطاقة سيزار أبي خليل.
وبما أن تيّار «المردة» رفض العرض الذي يقضي بأن يبقى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال روني عريجي حيث هو ممثلاً للتيار، فإن المفاوضات لم تستقر بعد على إحدى الحقائب الثلاث التي طالب بها ليتمثل في الحكومة ومن بينها الصحة والاتصالات والأشغال.
وفي ما خص وزارة التربية، فإن الوزارة لم تعرض على «المردة»، وإن كان مصدراً قيادياً في هذا التيار قال لـ«اللواء» أن لا مانع من تولي هذه الحقيبة.
3- وفي ما خصّ العقدة الجنبلاطية التي عاد ووصفها النائب جنبلاط «بالمزحة»، قال مصدر مطلع لـ«اللواء» أن معالجتها ممكنة، وأن وزارة الصحة من حصة النائب حمادة، كما جرى الاتفاق مسبقاً.
4- وفي ما خصّ مطالبة رئيس الجمهورية بأن يكون شيعياً وسنّياً من حصته المستقلة عن «التيار الوطني الحر»، علمت «اللواء» أن الرئيس نبيه برّي متمسك بثلاثة وزراء عن حركة «أمل» هم: علي حسن خليل للمالية، وياسين جابر للأشغال، وعلي حسين عبد الله للشباب والرياضة أو السياحة.
وفي المعلومات أيضاً، أن حزب الله إذا أراد التنازل عن وزير شيعي ليكون في حصة الرئيس عون لا يمانع، شرط أن يوزر النائب أسعد حردان عن أحد المقاعد الأرثوذكسية بدل هذا المقعد، حسب أوساط عين التينة.
وإذا ما اكتفى الحزب بوزير واحد، فمن المرجح أن يكون النائب علي فياض، على أن تسند إليه إما وزارة الصناعة أو الزراعة.
5- وشاعت معلومات ليل أمس، أن الوزير باسيل يعترض على أن يكون النائب غطاس خوري المقترح لوزارة الثقافة عن تيّار «المستقبل» والنائب الأرمني جان أوغاسبيان عن الأرمن والأقليات من حصة «المستقبل» أيضاً، أي أن يسمّي «المستقبل» وزيرين مسيحيين، في حين أن المطلوب تسمية خوري فقط، إذا ما اختار الرئيس عون شخصية سنّية لتوزيرها من حصته.
واستبعد مصدر مطلع على خط الاتصالات أن يتحوّل هذا الموضوع إلى عقدة.
التشكيلة
أما عن الصيغة أو التشكيلة، فمن المرجح أن تكون على الصورة التالية:
{ عن السنّة: الرئيس الحريري، نهاد المشنوق (الداخلية)، محمّد عبد اللطيف كبارة (للشؤون الاجتماعية)، معين المرعبي (البيئة) وجمال الجراح (الاتصالات).
{ الموارنة: جبران باسيل (الخارجية)، غطاس خوري (الثقافة)، سليم الصايغ (تربية وتعليم)، بيار رفول (العمل) وبسام يمين (لم تحسم الحقيبة بعد).
{ شيعة: علي حسن خليل (مالية)، ياسين جابر (الأشغال)، علي حسين عبد الله (سياحة أو الشباب والرياضة، علي فياض (صناعة أو زراعة) بالإضافة إلى شيعي خامس من حصة رئيس الجمهورية.
{ أرثوذكس: الياس بو صعب (الدفاع)، إبراهيم نجار (نائب رئيس الحكومة)، غسّان حاصباني (لم تحسم بعد في ضوء اعتراض حزب الله على إسناد حقيبة الاتصالات له).
{ كاثوليك: ميشال فرعون (اقتصاد أو سياحة من حصة «القوات»)، محلم رياشي (إعلام).
{ دروز: مروان حمادة (صحة)، طلال أرسلان.
{ أرمن آغوب بقرادونيان وجان أوغاسبيان (تنمية إدارية).
زيارة شكري
في هذا الوقت، جاءت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت، والدعوة التي حملها معه للرؤساء عون وبري والحريري من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة القاهرة، أول مقاربة عربية للتحولات اللبنانية الجديدة بعد انتخاب رئيس الجمهورية وإعادة إحياء المؤسسات الدستورية فيه.
وحرص الوزير شكري في اليوم الثاني من زيارته على القيام بجولة لقاءات شملت الرؤساء الثلاثة، من دون أن يتسنى له لقاء الرئيس سلام لوجوده خارج لبنان، بالإضافة إلى نظيره اللبناني باسيل وقيادات سياسية أمثال النائبين جنبلاط وسامي الجميّل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع.
في سياق رسالة الدعم والتضامن التي حملها من القيادة المصرية للبنان، وتأكيدها الوقوف إلى جانبه لاستكمال المسار السياسي وتحقيق الاستقرار، آملاً تشكيل حكومة ائتلافية وطنية تحافظ على مؤسسات الدولة، مشيراً إلى انه يتطلع إلى مزيد من التواصل على مستوى القمة بين البلدين من أجل تحقيق مصالحنا المشتركة.
أما الرئيس عون فأكد خلال اللقاء مع شكري على متانة العلاقات اللبنانية - المصرية وضرورة تعزيزها في المجالات كافة، شاكرا لنظيره المصري رسالة الدعم والتضامن مع لبنان والاهتمام باستقراره والدعوة التي وجهها اليه لزيارة القاهرة، واعدا بتلبيتها، مؤكدا ان لبنان تجاوز الظروف الصعبة التي مرّ بها وهو يستعيد اليوم دوره وحضوره انطلاقا من التلاقي الذي برز بين اللبنانيين حول خطاب القسم»، وهو الخطاب الذي تعهد، خلال استقباله مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع وفد من مجلس المفتين على تنفيذه كاملاً مهما واجهنا من عقبات.

 

الاخبار :

ما إن تبدأ عجلات تأليف الحكومة بالدوران حتى تتوقف عن العمل. وما إن يظن فريق ما أنّه ذلل عقبة حتى يجد نفسه أمام جدار. هكذا لم يُحسم بعد موضوع إسناد حقيبة أساسية إلى تيار المردة بعد أن علّقت مصادر التيار الوطني الحر عبر «الأخبار» أنها مع تلبية المطالب الطبيعية لكل فريق «ولكن لن نخ