تحركت السعودية سريعا كأكبر منتج للنفط لمنع استغلال إيران تذبذب الإنتاج والأسعار لخرق اتفاق الجزائر الداعي إلى خفض الإنتاج، عن طريق تمرير شحنات أصغر لزبائن أصغر، ولكنها بالنهاية تزيد من كمية المعروض خارج الاتفاق.

واعتبرت مراجع مراقبة لأسواق النفط أن السعودية عازمة على التحرّك بفعالية لوقف فوضى الإنتاج والأسعار وإعادة ضبط القواعد الناظمة لحركة العرض والطلب، بعد أن تبينت صعوبة تنفيذ اتفاق الجزائر الذي تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي بين الدول الأعضاء في أوبك بشأن الاتفاق على كمية الإنتاج، لأسباب اقتصادية وأخرى سياسية.

وهدف الاجتماع السعودي الجزائري بين وزيري النفط في البلدين الأحد إلى حث إيران على الالتزام بالاتفاق والتي سبق وأن أعلنت الموافقة عليه.

ورأت هذه المراجع أن زيارة وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للجزائر والاجتماع مع نظيره نورالدين بوطرفة، ترمي إلى التوصل إلى توافق بين الدول المصدّرة، لا سيما تفعيل اتفاق الجزائر الذي تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي للتحكم في الإنتاج والذي وصف بـ”التاريخي” من أجل خفض الأسعار.

وكشف التقرير الشهري لأوبك أن توازنا هشا يكتنف سوق النفط في الأسعار والإنتاج والحصص، وهذا لا يؤثر على المنتج المتوسط مثل إيران، ولكنه يتسبب في أضرار ملموسة لدى السعودية وروسيا.

ودعا خالد الفالح وزير الطاقة السعودي الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى التوافق، معتبرا أنه “في ظل التذبذب الذي تشهده أسواق النفط، من الضروري الوصول إلى توافق بين دول أوبك والاتفاق على آلية فاعلة وأرقام محددة لتفعيل الاتفاق التاريخي الذي تم في الجزائر”.

وعبر الفالح عن تفاؤله “لأن الحكمة ستطغى على الدول بشكل عام في نهاية الأمر، وسنصل إلى اتفاق عادل ومتوازن”.


خالد الفالح: على دول أوبك الاتفاق على أرقام محددة لتفعيل اتفاق الجزائر التاريخي
وأكد وزير النفط الجزائري نورالدين بوطرفة أن اللقاء مع الفالح تمحور حول “الإجراءات الواجب اتخاذها للوصول إلى اتفاق في فيينا” بمناسبة الاجتماع المقرر في الفترة بين 28 و30 نوفمبر الجاري.

ولفت المراقبون إلى قول الوزير الجزائري إن الهدف هو “إعطاء رسالة للسوق مفادها أن أوبك مازالت موجودة وأن كل الدول الأعضاء ستطبق الاتفاق”، بما اعتبر اعترافا

من قبل دول المنظمة النفطية بأن أوبك لم تعد متحكمة بالسوق النفطي كما كانت في السابق.

ويبدو التحرّك السعودي وشيكا بعد أن كشف التقرير الشهري لأوبك الجمعة أن المنظمة ضخت كميات قياسية من النفط في أكتوبر بينما يسعى الكارتل إلى الحد من الإنتاج لدعم الأسعار. وذكر التقرير الذي نشر في فيينا أن دول الكارتل الـ14 استخرجت 33.64 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، بزيادة يومية قدرها 236 ألف برميل على مدى شهر.

ووفق الفالح، فإن اجتماع فيينا سيعمل على التوصل إلى “اتفاق عادل ومتوازن وبمساهمة جميع دول المنظمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستثناءات التي خصت بها كل من ليبيا ونيجيريا والسماح لهما برفع الإنتاج بعد الاستقرار الأمني والتجميد عند مستوى متفق عليه بالنسبة لإيران”.

وأوحت هذه التصريحات بالتعويل على التزام طهران بالاتفاقات لما فيه مصلحة كافة الدول المنتجة للنفط، لا سيما تلك المنضوية داخل أوبك.

وكانت وكالة الطاقة الدولية ذكرت الخميس أن إنتاج دول أوبك وصل إلى مستويات قياسية، ما يثير المخاوف من أن تواصل تخمة الإمدادات التأثير على الأسواق والضغط على الأسعار إلا إذا قررت المنظمة خفض الإنتاج. فيما تحدثت أنباء عن أن اجتماع أوبك آخر هذا الشهر يهدف إلى التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج إلى نحو 32.5 أو 33 مليون برميل يوميا.

وكانت السعودية قد استبقت التكتل الذي كانت تسعى إليه إيران مع حلفاء لها في المنظمة في اجتماع الجزائر التشاوري في سبتمبر الماضي لمواجهة الاتفاق الذي أبرمته الرياض مع موسكو قبل ذلك. وتقدمت الرياض حينها بعرض لتقليص إنتاجها إلى مستويات أدنى ممّا بلغه في وقت مبكر من هذا العام، في مقابل تثبيت إيران لإنتاجها عند مستوى 3.6 مليون برميل يوميا، بما أوحى بتفويت الفرصة على طهران لتشكيل التكتل من حلفاء داخل أوبك وخارجها، إلا أن طهران لم توافق على هذا العرض.

وسعى الاتفاق السعودي الروسي الذي سمي “أوبك1+” ووقعه وزيرا النفط السعودي خالد الفالح ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووليّ وليّ عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في أوائل سبتمبر الماضي، إلى إنهاء الاصطفافات التقليدية بين الدول المنتجة للبترول، لصالح تحالف جديد بموازاة أو مقابل تكتل آخر تدفع إليه إيران من داخل أوبك وخارجها يجمعها مع العراق وعمان والجزائر ونيجيريا وفنزويلا، بما قد يشبه تواجها بين كبار الدول المنتجة من جهة وتلك الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى.

وتحاول إيران خلق تكتل بحجم إنتاج يعادل الإنتاج السعودي البالغ 12 مليون برميل يوميا أو الروسي الذي يقترب منه. ومن خلال جمع منتجين متوسطين (2-3 مليون برميل يوميا)، تأمل إيران أن يكون التكتل طرفا ثالثا ضاغطا أمام العملاقين.

 

صحيفة العرب