مساعي التأليف مستمرة , ووالحقائب السيادية تؤجل التأليف

 

السفير  :

مجدداً، يجد أهل السياسة أنفسهم قيد اختبار أهليتهم، في غياب الراعي الخارجي الذي كان يتولى، سواء بطلب منهم أو بالنيابة عنهم، مهمات الإدارة السياسية في «لحظات» الرئاسة والنيابة والحكومات والتعيينات.
وفي انتظار ما قد يحمله الأسبوع الجديد من تطورات على صعيد التأليف الحكومي، بعدما باتت العقد محصورة ومحددة، خصوصاً في الساحة المسيحية، بدأت رئاسة الجمهورية التحضير لأول رحلة خارجية يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى العاصمة السعودية، في ظل تقديرات بأن يتم تحديد موعدها النهائي بعد الانتهاء من عملية التأليف الحكومي والتقاط الصورة التذكارية ونيل الحكومة ثقة المجلس النيابي.
والسبب أنه في الزيارات البروتوكولية، يرافق رئيس الجمهورية، عدد من الوزراء، وبينهم وزير الخارجية، ولا يجوز تقديمهم بوصفهم وزراء تصريف أعمال، كما أن أي وزير جديد تبقى صفته منتقصة إذا لم تكن الحكومة قد نالت ثقة السلطة التشريعية، لذلك، كانت البداية من عند إبداء العماد عون رغبته بزيارة السعودية. وهي خطوة كانت منتظرة من الرياض، على أن يتولى موفد سعودي لاحقاً زيارة بيروت لتقديم التهنئة الرسمية على غرار الإيرانيين والسوريين، وفي الوقت نفسه، توجيه دعوة ملكية إلى رئيس الجمهورية لزيارة المملكة.
وفي هذا السياق، جاءت زيارة القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، أمس، إلى وزارة الخارجية، حيث سلم وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، رسالتين، الأولى من «السلطات السعودية»، والثانية، من نظيره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
ولا تستخدم وزارة الخارجية عادة تعبير رسالة من «السلطات السعودية»، لكن المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية تعمّد هذه الصياغة الملتبسة من أجل عدم إحراج قيادة المملكة، في حال استجد ما يمنع عون من تأجيل الزيارة، علماً أن كل المؤشرات تصب في اتجاه حصول الزيارة.
ووفق مصادر مقربة من وزير الخارجية، فإن عون يريد لزيارته أن لا تقتصر على الجانب الرسمي البروتوكولي، بل أن تتخذ طابعاً سياسياً بامتياز وأن يتخللها إعلان سعودي عن الإفراج عن هبة الثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية. وهي النقطة التي أثارها الفرنسيون مع السلطات اللبنانية، على أن يتكامل جهد العاصمتين اللبنانية والفرنسية في الاتجاه نفسه.
ومن المتوقع أن يسعى لبنان خلال الزيارة الى تشجيع السلطات السعودية على إعادة الاعتبار الى منحة المليار دولار التي كان السعوديون قد خصّوا بها الرئيس الحريري، غداة المواجهة العسكرية بين الجيش اللبناني و «داعش» في عرسال قبل أكثر من سنتين، قبل أن يبادروا مع التغيير الذي حصل في المملكة مطلع العام 2015، الى تجميدها، علماً أن الحكومة اللبنانية كانت قد أبرمت عقوداً مع جهات خارجية، وضِع بعضها موضع التنفيذ (الباسبورات البيومترية للأمن العام) وتمّ تجميد بعضها الآخر (أسلحة الجيش عن طريق الأميركيين بقيمة نحو نصف مليار دولار).
هل يمكن أن تقتصر أهداف الرحلة العونية المرتقبة الى الرياض على هذه العناوين، أم يمكن للعهد اللبناني الجديد أن يحمل ملفات أخرى؟
يقول مرجع لبناني واسع الاطلاع لـ «السفير» إن زيارتَيْ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لبيروت، تقاطعتا عند جملة كررها الإثنان، أمام أكثر من مسؤول لبناني. وهي وجوب تعميم النموذج اللبناني الرئاسي ـ الحكومي، في أكثر من بلد عربي، وبالتالي، الدعوة الى تكريس الحلول السياسية التوافقية للأزمات في اليمن وسوريا والعراق والبحرين، خصوصاً بعدما أثبتت الوقائع على مدى السنوات الماضية استحالة الحسم العسكري.
ويستشهد المرجع اللبناني، الذي كان قد اجتمع بالبابا فرنسيس، مرتين خلال العام الحالي، بما قاله الحبر الأعظم قبل شهور عدة في معرض تعليقه على ترشح الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية إن شخصاً يفكر ببناء الجدران وليس الجسور «ليس مسيحياً».
يضيف المرجع اللبناني أن العماد عون، ومن موقعه اللبناني ـ العربي ـ المسيحي، «سيأخذ على عاتقه أن يكون مبادراً الى مد الجسور بين السنة والشيعة، فيزور الرياض ويُكمل من بعدها إلى طهران، في محاولة لإبراز دور ريادي جديد للمسيحيين في المنطقة، بحيث يتحوّلوا إلى صمام أمان، في ظل احتدام الصراع بين الكتلتين السنية والشيعية».
ويشير المرجع نفسه الى أن عون «لن يكون، بحكم شخصيته، في موقع المتلقي، بل سيكون في موقع المبادر، ولعل البداية تكون من سوريا، حيث تؤهله علاقاته الوطيدة بالنظامين السوري والإيراني من جهة، وعلاقته المستجدة بالنظام الرسمي الخليجي من جهة ثانية، للبحث عن قواسم مشتركة، من شأنها أن تشكل قوة دفع للحل السياسي في سوريا، خصوصاً أن لبنان صاحب مصلحة في إنهاء مأساة باتت تشكل خطراً وجودياً عليه».
ويجزم المرجع بأن عون الرئيس «سيكون غير عون رئيس أكبر تكتّل مسيحي، ومن هنا، تبرز مسؤوليته الأساسية، في تسريع انعقاد طاولة الحوار الوطني في بعبدا، بعد تأليف الحكومة الجديدة ونيلها الثقة، من أجل تعزيز المشتركات بين اللبنانيين، وخصوصا بين المكونين الشيعي والسني، مستفيداً من دور وازن لمكونات أخرى، وأبرزها المكون الدرزي الذي لطالما تصدّى لهذه المهمة التاريخية في السنوات الأخيرة».
من جهة ثانية، أجرى الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاً هاتفياً مساء أمس، بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هنأه خلاله بفوزه في الانتخابات الرئاسية، «وكان الاتصال مناسبة لعرض سريع للعلاقات اللبنانية الأميركية ولآفاق التعاون بين لبنان والإدارة الأميركية الجديدة، وتمّ الاتفاق على متابعة التواصل والتشاور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين والصداقة بينهما»، كما جاء في البيان الذي وزّعه المكتب الإعلامي للحريري.

 

النهار :

بعد اسبوع من انتهاء الاستشارات النيابية التي اجراها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وشروعه في رحلة تأليف الحكومة الجديدة، لا تبدو عقبات التأليف خارج اطار التقديرات الواقعية ضمن هذا الحيز الزمني القصير وإن يكن الانطباع الذي شاع عن موعد 22 تشرين الثاني لانجاز التشكيلة الحكومية بدا بمثابة سقف تتمحور عليه المساعي لدفع القوى السياسية الى تخفيف اشتراطاتها ومطالبها المتشابكة. ولكن ما بدأ يرفع وتيرة التساؤلات وبعض الشكوك حيال مسار المشاورات الجارية في اليومين الأخيرين لم يكن بسبب التعقيدات الطبيعية الناجمة عن اتساع المشاركة السياسية في الحكومة وما يتطلبه ذلك من "هندسة " معقدة للتوفيق بين "غابة " المطالب والحقائب والتوزير، وانما بسبب بروز اتجاهات من شأنها ان تستحضر منطق فرض "الفيتوات" ولو ان أيا من المعنيين السياسيين بتعقيدات التأليف لا يعترف بوجود "فيتوات" وينفي ان يكون أي فريق ذاهبا الى التسبب بمشكلة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيكون أي تأخير متماد في تشكيل الحكومة بمثابة عرقلة مبكرة لاقلاع عهده.
وتقول مصادر وثيقة الصلة بالمشاورات الجارية لتذليل عقبات التأليف ان الساعات الأخيرة لم تشهد أي جديد بارز من شأنه ان يشجع على تحديد سقف زمني واضح لاخراج عملية التأليف من مرحلتها الاولى المتعلقة بتوزيع الحقائب الوزارية على مختلف القوى السياسية والكتل النيابية تمهيداً لاسقاط اسماء الوزراء على الحقائب في المرحلة التالية. ومع انها تؤكد ان الرئيس الحريري لا يسلم بوجود "فيتوات " كما ان أوساطه تنفي وجودها، فان المصادر تلفت الى ان العقدة الاساسية التي لا تزال تدور حولها المشاورات تتمثل في تعذر التوافق حتى الآن على توزيع الحقائب السيادية الاربع باعتبار ان شد الحبال الجاري بين بعض القوى على هذه الحقائب يكتسب بعداً يتجاوز تأليف الحكومة الى ما يخشى ان يكون تصفية حسابات سياسية موروثة تضع الرئيس المكلف ومن خلاله العهد أمام استحقاق حساس ودقيق. وتوضح المصادر ان هذا البعد بدأ يتضح اكثر فاكثر مع تشبث الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله " بالاحتفاظ بحقيبة المال كثابتة غير قابلة للتفاوض وقت أبلغ المعنيون مباشرة ومداورة رفض هذا الفريق أو أحد طرفيه على الاقل أن تنال "القوات اللبنانية " حقيبة سيادية بالاضافة الى رفض مبطن لمنحها حقيبة الاتصالات. وتشير المصادر الى ان هذا الامر يجري التعامل معه بكثير من الدراية والتريث من جانب الرئيس المكلف وخصوصا في ظل تمسك الثنائي "التيار الوطني الحر " و"القوات اللبنانية " بالمداورة أولاً وباحقية حصول "القوات " مبدئيا على حقيبة سيادية تالياً، واذا قتضى الامر لاحقاً تسوية ما يفرضها توزيع الحقائب بين القوى المسيحية تجري معالجة الامر بالتوافق بين هذه القوى وكل من الرئيسين عون والحريري ولكن بعد اسقاط منطق "الفيتو " الذي يرفضه "التيار " و"القوات". وفي ظل هذه المعطيات تحدثت المصادر نفسها عن صعوبة توقع التعجيل في مشاورات التأليف قبل حل عقدة الحقائب السيادية وقالت ان اللقاء المحتمل لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف في وقت قريب قد يدفع نحو تطوير المعالجات باعتبار ان عملية التأليف باتت حالياً امام استحقاق المواءمة بين مجموعة توافقات ثنائية لا بد من أخذها في الحسابات وأبرزها التوافقات القائمة بين "التيار الوطني الحر" وكل من "القوات " و"حزب الله" من جهة وتلك القائمة بين "التيار" والحريري نفسه من جهة اخرى بالاضافة الى مطالب سائر القوى في التوزير والحقائب.

 

"القوات" والكتائب
واسترعى الانتباه وسط هذا المناخ تصاعد سجال جديد بين "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب على خلفية اتهام رئيس الكتائب النائب سامي الجميل "القوات" بالعمل على اقصاء الكتائب عن التمثيل الحكومي. واذ ردت "القوات" عبر موقعها الالكتروني أولاً ومن ثم بلسان النائب انطوان زهرا على الجميل نافية اي اتجاهات الى اي عزل سياسي، أكدت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة ان الخط البياني العام الذي تسير ضمنه العملية يهدف الى تمثيل أكبر قاعدة سياسية ممكنة لتأمين انطلاقة قوية للعهد والحكومة وليس هناك اي مؤشر لاستبعاد أي فريق.وقالت ان ما يجري بين "القوات " والكتائب يعنيهما وحدهما ولا يؤثر على مجريات التأليف. ولم تسقط هذه الاوساط احتمال ان يشهد الاسبوع المقبل تطورات ايجابية على صعيد الولادة الحكومية قبل ذكرى الاستقلال باعتبار انه لا يزال هناك متسع من الوقت لحلحلة العقد قبل 22 تشرين الثاني.

 

السعودية
في غضون ذلك، اتخذت زيارة القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري أمس لوزير الخارجية جبران باسيل بعداً بارزاً اذ أعلن رسمياً ان البخاري نقل الى باسيل رسالتين من السلطات السعودية ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير لم يكشف مضمونهما. وتحدثت معلومات عن اتصال الرسالتين بزيارة محتملة للرئيس عون للمملكة وكذلك بموضوع الهبة السعودية المجمدة للجيش اللبناني.

الحريري وترامب
الى ذلك، أفاد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري ليلاً أنه أجرى اتصالا هاتفيا مساء أمس بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هنأه خلاله بفوزه. وكان الاتصال مناسبة لعرض سريع للعلاقات اللبنانية - الأميركية ولآفاق التعاون بين لبنان والإدارة الأميركية الجديدة. وتم الاتفاق على متابعة التواصل والتشاور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين والصداقة بينهما.

 

 

المستقبل :

في السياق الحكومي، تسير عملية التأليف بتأنٍ وترقب بين الدهاليز السياسية والمطلبية المتقاطعة حيناً والمتعارضة أحياناً بين الأفرقاء وصولاً إلى أرضية مشتركة تتيح بناء شراكة حكومية عادلة وقادرة على تزخيم عجلات العهد وتفعيل محركاته الانتاجية والإصلاحية. أما في الإطار العريض للمشهد الوطني الهادف إلى تحصين الساحة الداخلية وتعزيز حضور الدولة اللبنانية في عواصم القرار الدولي، فبرز أمس، بعد أقل من 72 ساعة على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، الاتصال الهاتفي الذي أجراه ليلاً الرئيس المكلف سعد الحريري بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتهنئته بفوزه في الانتخابات، وأوضح المكتب الإعلامي للحريري أنّ الاتصال شكّل مناسبة «لعرض سريع للعلاقات اللبنانية - الأميركية ولآفاق التعاون بين لبنان والإدارة الأميركية الجديدة»، مع الإشارة إلى أنه جرى الاتفاق بين الجانبين على «متابعة التواصل والتشاور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين والصداقة بينهما».

تزامناً، وعلى مستوى إعادة تفعيل الحضور العربي على الساحة الوطنية بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي والشروع في تأليف حكومة جديدة تمهّد لانتظام العمل المؤسساتي في البلد، لفت الانتباه أمس حراك سعودي متفاعل سياسياً واقتصادياً جسدته حركة القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، سواءً باتجاه وزارة الخارجية ناقلاً إلى الوزير جبران باسيل رسالتين الأولى من السلطات في المملكة العربية السعودية والثانية من نظيره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أو نحو دائرة تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين من خلال زيارته مكاتب مجموعة الاقتصاد والأعمال 

برفقة الملحق التجاري في السفارة السعودية سالم الشهراني والمستشار الاقتصادي مروان الصالح، بحيث كان في استقبال الوفد السعودي الرئيس التنفيذي للمجموعة ورئيس مجلس الأعمال السعودي - اللبناني رؤوف أبو زكي في حضور شخصيات رسمية ومصرفية إلى جانب رؤساء هيئات ومؤسسات الإدارة والأعمال. في حين كانت كلمة للبخاري خلال اللقاء أكد فيها أهمية المبادرات الهادفة إلى تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية السعودية – اللبنانية، معولاً على ضرورة عقد مثل هذه اللقاءات «في هذه المرحلة من أجل تحصين العلاقات بين البلدين الشقيقين وتذليل العقبات التي تحول دون تطويرها».

وإذ جدد التشديد على «حرص المملكة العربية السعودية الدائم بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على سيادة لبنان واستقراره السياسي والأمني والحفاظ على أفضل العلاقات معه»، أعرب البخاري عن تطلع بلاده «إلى غد أفضل للتعاون المشترك لما فيه خير البلدين الشقيقين من أجل إجلاء سحابة الصيف التي مرت في سماء هذه العلاقات».

الديار :

المؤشرات العربية والدولية تجاه العهد الجديد ودعمه تتواصل عبر الرسائل اليومية التي يتلقاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكلها تؤكد على دعم لبنان واستقراره وسيادته والبحث في دعمه اقتصاديا عبر باريس- 4، بالاضافة الى تأكيد الولايات المتحدة الاميركية على مواصلة دعم الجيش اللبناني. كما تلقى العهد رسائل دعم سورية وايرانية واستتبعت امس برسالة دعم سعودية نقلها القائم بالاعمال السعودي الى الوزير جبران باسيل. وتم البحث في الهبة السعودية للجيش اللبناني المقدرة بثلاثة مليارات دولار، وامكانية عودة الرياض عن تجميد الهبة. فيما اشارت معلومات الى توجيه المملكة العربية السعودية دعوة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارتها سينقلها موفد سعودي قد يصل بيروت خلال الايام المقبلة.
هذا التوجه العربي والدولي الداعم للعهد، لا تلاقيه داخليا الاطراف السياسية الا بمحاولاتها تأخير ولادة الحكومة عبر «فيتوات» متبادلة والتباطؤ بالاتصالات وافتعال عقد ستؤخر التكليف والسعي لعرقلة الاندفاعة الجديدة لرئيس الجمهورية الذي يعرف كل الخفايا«والمعرقلين»، وما حصل خلال الفترة الماضية من عمل المؤسسات. ولذلك يعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التأخير في تشكيل الحكومة هو ضد مصلحة العهد وانطلاقته. ولذا تؤكد مصادر للقصر الجمهوري ان كل ما يحكى عن «فيتوات» وضعها الرئيس ميشال عون على هذا الاسم او ذاك او عـلى توزير تيار المردة غير صحيح، ولا تمت للحقيقة بصلة. وهي فيتوات مفتلعة. وعندما يحضر رئىس الحكومة المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا، ومن المتوقع الثلاثاء لعرض المسودة الاولية للتشكيلة الحكومية الذي توصل اليها مع الاطراف السياسية في البلاد، سيتحدث اذاك الرئىس ميشال عون عن شروطه اذا وجدت وعن موقفه من هذه التشكيلة. ولكن حتى الان، فإن فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يتدخل في الموضوع رغم موقفه بأن تضم التشكيلة اسماء تستطيع احداث موجة ايجابية لدى الرأي العام. وتشير المعلومات الى ان العقدة التي ما زالت تعترض اعلان التشكيلة الحكومية هي عقدة الوزارة السيادية للقوات اللبنانية. وفي المعلومات ان رئيس لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا ابلغ وزير الخارجية جبران باسيل رفض تسلم القوات أي حقيبة تتعاطى الشأن الامني. وفي المعلومات أيضاً ان وزارات الاتصالات والعدل والداخلية والخارجية والدفاع والمالية هي من الوزارات الممنوعة ان تتسلمها القوات اللبنانية، وهذا هو موقف كل قوى 8 آذار ومن يفاوض باسمهم.
وعلم ان الرئيس سعد الحريري طرح على القوات اللبنانية وزارات الصحة والاعلام ووزارة دولة، لكن القوات رفضت الامر وتمسكت بحقيبة سيادية يدرك الحريري انه من الصعوبة اعطاؤها للقوات. ولذلك قد تتجه القوات الى وضع فيتو مقابل على تسلم الرئيس نبيه بري وزارة المالية في حال استمر الفيتو الشيعي على اسناد اي وزارة سيادية للقوات.
اما من جهة رئىس مجلس النواب نبيه بري «الصامد» على موقفه بإسناد وزارة المال الى حركة امل والى الوزير الحالي علي حسن خليل، في ظل ما يحكى عن فيتوات على شخصه، خصوصا ان الرئيس بري دافع عن الوزير خليل معاونه السياسي والمكلف ملفات عديدة من قبل رئيس المجلس، ويتابع موضوع العلاقة بين المستقبل وحزب الله، وكذلك الملف الحكومي مع الوزير جبران باسيل ونادر الحريري. وهو موضع ثقة الرئىس  بري ولا يقبل الانتقاص من دوره، علما ان رئىس المجلس يعتبر الهجوم على خليل هجوماً مباشراً عليه، لكن بالواسطة.
وفي المعلومات ان الرئيس بري وحزب الله لن يعارضا ان يأخذ الرئىس عون وزيرا شيعيا، في ظل شبع حزب الله من «الاستيزار».
وفي المعلومات ايضاً ان هناك مخارج يتم بحثها بالنسبة للوزارة السيادية الرابعة بعد ان حسمت الداخلية للوزير نهاد المشنوق والخارجية للوزير جبران باسيل والمالية للوزير علي حسن خليل. وهناك بحث بأن يتولى وزارة الدفاع نائب رئىس مجلس الوزراء السابق عصام فارس الذي يرضي جميع الاطراف السياسية في البلاد، رغم ان الرئيس عصام فارس غير راغب في الامر حتى الان. واذا تولى الرئىس عصام فارس حقيبة سيادية كالدفاع، فهذا يعطي املا كبيرا للبنانيين والمستثمرين اذ ان الرئيس عصام فارس موضع اجماع من كل اللبنانيين. وهذا المخرج اعتمد في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما تم اسناد وزارة الداخلية للوزير مروان شربل الذي وافقت عليه كل الاطراف السياسية في البلاد، رغم انه كان يعتبر من حصة رئىس الجمهورية.
ورغم الحديث عن عقدة القوات اللبنانية وتأخير التشكيلة بسبب ذلك، فإن مصادر التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية تؤكد ان التحالف بينهما ثابت وقوي ولا يتأثر بالقال والقيل. والتيار الوطني الحر يدعم القوات اللبنانية في مطالبها الوزارية، مع احاديث عن امكانية تنازل التيار الوطني عن بعض حصصه للقوات اللبنانية. ويبدو ان تحالفهما ليس مقتصرا على الموضوع الرئاسي بل يتعداه الى الانتخابات النيابية وعودة المسيحيين الى الدولة، وبالتالي فإن البحث قائم بين الرئيس عون والدكتور جعجع على الحصة المسيحية وتوزيعها بما يرضي الجميع.
الوئام العوني - القواتي لم يتمدد الى الكتائب مع ظهورمناوشات قواتية كتائبية وصلت الى حد اتهام رئىس حزب الكتائب النائب سامي الجميل للقوات اللبنانية بمحاولة عزلها وتهميشها وحصر الوزارات فيها. وهذا ما يرفضه حزب الكتائب الذي يحتفظ بعلاقة ممتازة مع الرئيس المكلف سعد الحريري والذي يريد تمثيل الكتائب. لكن الامر يجابه برفض قواتي، وهذا ما نفاه النائب انطوان زهرا مؤكدا ان القوات اللبنانية لا تمانع بتوزير كتائبي، لكن على النائب سامي الجميل ان يدرك اننا نعيش اليوم في العام 2016 وليس في العام 1975، والكتائب كان تمثيلها في حكومة الرئيس تمام سلام بثلاثة وزراء، وكانت القوات خارج الحكومة ولم تعارض، لكن الامور مختلفة الان ونريد المشاركة، لاننا شركاء العهد ولو غضب كثيرون.
مصادر في 8 آذار كشفت اننا امام رئىس للجمهورية مختلف، ولا يمكن ان يوافق او يتنازل عن مبادئة وتمسكه بالدستور. وهو سيضع حتما فيتوات على اي اسم وزاري يعتبره غير جدير بالحقيبة الوزارية او له ملفات سابقة، وعندما سيطرح الرئيس المكلف مسودة التشكيلة على العماد عون عندئذ سنرى ماذا سيحدث.
علما ان قوى 8 آذار تتمسك بترشيح المردة، النائب طلال ارسلان، الوزير السابق عبد الرحيم مراد والحزب السوري القومي الاجتماعي. ويتولى الرئيس بري التفاوض في هذا الشأن، بعد ان حسم اسم الوزير السابق فيصل كرامي بأن يكون من حصة الرئيس ميشال عون. اما النائب وليد جنبلاط «الزاهد» بالمناصب والمتوجس من «حرتقات» الطفيليين فأعلن بوضوح انه يريد توزير مروان حماده وايمن شقير كوزير دولة، وسيعطي وزارة خدماتية للنائب طلال ارسلان وسيتولاها رجل الاعمال مروان خير الدين، وجنبلاط فاتح الحريري بحصة ارسلان وان لا مشكلة في الامر.
وبالتالي، فإن ورقة الاسماء باتت بمعظمها معروفة رغم نفي الرئيس المكلف لكل ما هو متداول، وتأكيده أن الاسماء لم يتم اسقاطها بعد على الحقائب، والاسماء المتداولة هي جبران باسيل، علي حسن خليل، علي العبدالله او غازي زعيتر، غطاس خوري، شامل روكز، ميشال فرعون، جان اوغاسبيان، وزير للطاشناق، نهاد المشنوق، جمال الجراح، محمد كباره، مصطفى علوش، ايمن شقير، مروان حماده، مروان خير الدين، بالاضافة الى من يختاره حزب الله.

 

الجمهورية :

بَدا أمس انّ تأليف الحكومة دخل في مرحلة الجمود السلبي، حيث لم يسجّل ايّ حراك علني يصبّ في هذا الاتجاه، او إشارات إيجابية من اي من المصادر المعنية بالتأليف، سواء من «بيت الوسط» او من قصر بعبدا او من عين التينة التي ينتظر فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري ما سيعرض عليه، فيما علم انّ «حزب الله» لم ولن يتدخل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي بدوره لم يتصل بالحزب الذي أوكل الى بري مهمة التفاوض عنه في موضوع التأليف. وعليه، تبقى الأمور ثابتة عند هذا الحد، ما دفع البعض الى استبعاد ولادة الحكومة العتيدة قبل عيد الاستقلال. وفي هذه الأثناء، أجرى الرئيس المكلف سعد الحريري إتصالاً هاتفياً بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هنأه خلاله على فوزه. وتمّ عرض سريع للعلاقات اللبنانية- الأميركية وآفاق التعاون بين لبنان والإدارة الأميركية الجديدة، وتم الاتفاق على متابعة التواصل والتشاور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين والصداقة بينهما.

في ظلّ الانشغال في تأليف الحكومة كان اللافت أمس زيارة رئيس البعثة الديبلوماسية السعودية في لبنان وليد البخاري لوزير الخارجية جبران باسيل حيث بحث معه في التطورات الجارية في لبنان والمنطقة، ونقل اليه رسالتين، الاولى من السلطات السعودية والثانية من نظيره السعودي عادل الجبير.

وأبدت مصادر وزارة الخارجيّة ارتياحها الى الاجواء التي سادت اللقاء، وقالت لـ«الجمهورية»: «الإيجابية طبعت المحادثات بين الرجلين، وجاء هذا اللقاء بعد التوتّر السابق بين لبنان ودول الخليج، فلا عودة الى الوراء، والعلاقات اللبنانية - السعودية عادت الى سكّتها الصحيحة، ولبنان متمسّك بأفضل العلاقات مع الرياض ودول الخليج».

التأليف

على جبهة تأليف الحكومة كشف زوّار قصر بعبدا لـ«الجمهورية» انّ الرئيس المكلف لم ينقل بعد الى رئيس الجمهورية اي تصوّر للتشكيلة الوزارية، لا على مستوى الحقائب ولا على مستوى الأسماء. ولفت هؤلاء الى انّ انعقاد لقاء قريب بين عون والحريري ليس محسوماً بعد، ولم تتبلّغ دوائر القصر الجمهوري ايّ رغبة من هذا النوع.

وتعليقاً على القول انّ الحكومة التي يجري تشكيلها اليوم هي حكومة العهد الأولى، قال هؤلاء الزوّار «انّ هذا التوصيف ليس في محله، فحكومة العهد الأولى هي التي ستشكّل عقب الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل».

وأكدوا مجدداً ان ليس لدى رئيس الجمهورية أيّ «فيتو» على احد، وهو يستهجن إصرار البعض على الحديث عن هذا «الفيتو»، وقد أبلغ موقفه هذا الى الحريري وكل من التقاه، لأنه بكل بساطة يريد حكومة جامعة تدير المرحلة الإنتقالية الممتدة من اليوم قبل الغد، الى حين إجراء الإنتخابات النيابية على أساس القانون الجديد للانتخاب، وعندها يمكن اعتبار الحكومة المقبلة أنها حكومة العهد وهي الحكومة التي ستتكوّن من مشهد سياسي وواقع جديدين».

ولذلك، أضاف زوّار بعبدا، على الجميع ان يتفهّموا انّ موقف رئيس الجمهورية هو تطبيق واضح لِما يقول به الدستور، وسيكون له موقف من ايّ تشكيلة وزارية متى عرضت عليه، وليس قبلها، او عبر وسائل الإعلام كما يريد البعض الذي يُغرِق البلد بالإشائعات ومنها الحديث عن «فيتوات» يضعها الرئيس في هذا الموضوع أو ذاك.

الحريري

في هذا الوقت، واظَب الرئيس المكلف على تفاؤله، مستمراً بزخم في اتصالاته ومشاوراته في شأن التأليف وهو يلمس نية جدية للتعاون لدى جميع الاطراف بما يساعد على تأليف الحكومة قريباً.

الّا انّ الحريري، وفق معلومات «الجمهورية»، هو الآن في طور استكشاف حقيقة المواقف والمطالب قبل ان يبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً بعد الحديث المتزايد عن انّ اتفاق «التيار الوطني الحر» مع «القوات اللبنانية» خلال مرحلة دعم ترشيح عون للرئاسة يلحظ ان تَتسلّم «القوات» حقيبة سيادية الأمر الذي يعارضه «حزب الله»، وقد تردّد على نطاق واسع انّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل أبلغ الى «القوات» عقب اجتماعه امس الاول مع مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، معارضة «حزب الله» ان تتسلّم «القوات» أيّ حقيبة سيادية.

ولذلك، تتواصل اتصالات الرئيس المكلف لفهم حقيقة المواقف والاتفاقات، علماً ان لا إشكالية عنده في أن تنال «القوات» حقيبة سيادية، لكنه في طور استكشاف حقيقة المواقف قبل غربلة الاسماء والحقائب.

وبناء عليه، يتبيّن انّ كل ما يتمّ التداول به في الاعلام من توزيع للحقائب وحسم أسماء للتوزير، هو غير دقيق، وكذلك حسم حصة الاطراف من الوزارات السيادية، خصوصاً في ضوء إصرار «التيار الحر» و«القوات» على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية.

وكانت مصادر مطلعة اكدت انه «على رغم حسم شكل الحكومة بحجمها الثلاثينيّ، فإنّ العقدة المستعصية ظلت تدور حول الحصص. وأشارت الى انه «تمّ التداول في أوساط الجميع بالطرح التالي: 3 وزراء مسيحيين، حصة رئيس الجمهورية، 4 وزراء لـ«التيار الوطني الحر»، 3 وزراء لـ«القوات اللبنانية» إضافة الى توزير الوزير ميشال فرعون، وزيران مسيحيان للحريري، ومقعد وزاري لحزب الكتائب وآخر لتيار «المردة». وأكدت انّ «هذه الصيغة لم يتم الاتفاق عليها حتى الآن كذلك لم تحظ بإجماع وتوافق».

واضافت هذه المصادر: «في المقابل، فإنّ حصة «حزب الله» وحركة «أمل» محسومة : 6 وزراء، و6 للسُنّة، و3 دروز، وتوزير النائب طلال ارسلان. إنما العقدة الأكثر استعصاء، والتي قد يطول حالها وتتطلّب تكثيف المشاورات، تبقى على خط «التيار الوطني الحر»ـ «القوات اللبنانية».

جنبلاط

في غضون ذلك، أبدى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط كل استعداد لتسهيل التأليف، وقد حضّ بدوره جميع الاطراف على هذا الاتجاه في اعتبار انّ الاوضاع لا تتحمّل ايّ تأخير وتشنّج وإرباك في ظل عهد جديد. ورحّب جنبلاط بتوزير ارسلان بحقيبة الى جانب حصته التي تضمّ وزيرين، من دون ان يكون أحدهما وزير دولة والآخر تسند اليه حقيبة خدماتية، إذ انّ المهم هو التسهيل.

وكان جنبلاط غرّد عبر «تويتر»، قائلاً: «بعض الطفيليين يعرقلون مسيرة التأليف لكن يجري التعامل معهم».

قانون الانتخاب

ومع عودة البعض الى الحديث عن التمديد لمجلس النواب يتأكد يوماً بعد يوم ان ليس في قاموس رئيس مجلس النواب ايّ تعبير إسمه التمديد للمجلس، وانّ الاولوية عنده الآن هي الدخول في إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية يتفق عليه خلال فترة ما قبل نهاية ولاية المجلس النيابي واذا كان هناك ما يستدعي تمديداً تقنياً للمهل فيمكن حصول تمديد تقني. وفي هذا السياق اكّد بري لـ»الجمهورية» انّ «تمديد ولاية المجلس الحالي بلا قانون انتخابات مستحيل، وليس وارداً ولن يكون وارداً».

توازياً، سألت «الجمهورية» مصادر في فريق 8 آذار عمّا اذا كان هناك تفاؤل بإعداد قانون انتخابي في الفترة المقبلة، فأجابت: «في ظل الاجواء السائدة حالياً والذهنية القائمة لدى بعض الاطراف، يبقى الوصول الى قانون إنتخابي أمراً بالغ الصعوبة».

وتخوّفت مصادر مراقبة من دخول لبنان في أزمة العودة الى قانون الستين، إزاء رفض بري للتمديد وغياب قانون إنتخابي جديد.

عون

وفي هذه الاجواء، دعا رئيس الجمهورية الى فصل الخيارات السياسية الخارجية عن الداخل اللبناني. واكّد «انّ ما من أحد سيمسّ بالمعتقد السياسي أو الديني للآخر، فذلك من الشروط الطبيعية للحياة المشتركة في لبنان».

وقد ظهرت ملامح الخطوط العريضة للسياسة الاقتصادية التي سيتبعها العهد الجديد من خلال ما أعلنه عون خلال استقباله الهيئات الاقتصادية في بعبدا، حيث تطرّق الى خطورة حجم الدين العام، وقال: «لا يجوز ان تبقى الليرة اللبنانية مدعومة بالدين الذي بلغ حجماً كبيراً، فتحسين وضعها يتمّ بالانتاج، فالاقتصاد هو الداعم الاول للعملة اللبنانية».

وأمل عون في أن يحصل تعاون مع الهيئات الاقتصادية، واعداً «بوَضع التشريعات اللازمة لهذا الموضوع». وطلب من هذه الهيئات تقديم «ورقة مختصرة من قبل كل قطاع اقتصادي تضمّ المبادئ العامة التي ترونها مهمة، وسنستفيد منها لنرى ما يمكن تحقيقه في مختلف هذه القطاعات». وأكّد أنّ «المعالجات الاقتصادية تتحقق تصاعدياً، وهي تحتاج الى وقت».

 

 

اللواء :

لا تخفي دوائر الرابية ان يكون هناك معرقلون لتأليف الحكومة، ولا يُخفي النائب وليد جنبلاط ان هناك «طفيليين» يعرقلون مسيرة التأليف، لكن يجري التعامل معهم، ولا تخفي أوساط عين التينة ان المسار الإيجابي بتشكيل الحكومة ما يزال محافظاً على زخمه، وأن رئيس المجلس نبيه برّي على تفاؤله واستعداده للمساعدة، كما انها لا تخفي ان هناك «مطبات» تحول دون الإسراع بتأليف الحكومة.
وسط هذه الصورة يستمر السجال مندلعاً بين كل من حزب الكتائب وتيار «المردة» من جهة وحزب «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، وكل طرف من الحزبين الأولين له اعتباراته وحساباته، والتي وإن اختلفت الا انها تتفق على التسليم بأن «القوات» لا ترغب في تمثيل هذين الحزبين اللذين امتنعا عن تسمية الرئيس ميشال عون، وتوزعت أصوات نوابهما بين الورقة البيضاء و«ثورة الأرز مستمرة».
وبين عض الأصابع ولعبتي توزيع الحقائب والوقت الضاغط، تأرجحت المعلومات حول مصير التشكيلة الوزارية، وموعد زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا، أو الذهاب إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بين من يعتقد ان الرئيس الحريري قد يزور بعبدا اليوم ومعه التشكيلة، وآخر يستبعد حدوث أي شيء إيجابي قبل أيام قليلة، مع إشارة مصدر مطلع لـ«اللواء» ان بعبدا لم ترصد أية حركة من الاتصالات أو المشاورات كانت دافعة تسريع التأليف أمس، فيما حرصت مصادر «بيت الوسط» على التأكيد بأن الدخان الأبيض لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت لتتظهر معه الصورة الواضحة للحكومة، مشيرة لـ«اللواء» إلى ان مسار التأليف يسلك الطريق الطبيعي والصحيح، مذكرة بأن تكليف الرئيس الحريري لم يتجاوز بعد الأيام العشرة، وهو (أي الرئيس الحريري) يعمل بصمت وهدوء ولا يبوح لأقرب المقربين منه إلى المرحلة التي وصل إليها في اتصالاته لتشكيل الحكومة.
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس الحريري أجرى مساء أمس اتصالاً هاتفياً بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هنأه خلاله على فوزه.
وأفاد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري ان الاتصال كان «مناسبة لعرض سريع للعلاقات اللبنانية الأميركية ولآفاق التعاون بين لبنان والادارة الأميركية الجديدة، وتم الاتفاق على متابعة التواصل والتشاور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين والصداقة بينهما».
رسالتان سعوديتان
وفيما كان الرئيس ميشال عون يُؤكّد امام وفدالهيئات الاقتصادية ان الذين اتصلوا به أو بعثوا ببرقيات تهنئة من رؤساء ومسؤولين في الدول العربية والأجنبية أكدوا مستقبل لبنان الأفضل، داعياً إلى فصل الخيارات السياسية الخارجية عن الداخل للبناني، كان القائم باعمال السفارة السعودية في بيروت وليد بخاري ينقل لوزير الخارجية والمغتربين رسالتين تتضمنان دعماً سعودياً ثابتاً للدولة اللبنانية والوفاق اللبناني، واستعداداً لتقديم ما يلزم من مساعدات لهذا البلد، مع الفرصة الجديدة التي وفرها انتخاب النائب عون رئيساً للجمهورية وتكليف الرئيس الحريري رئاسة الحكومة الجديدة.
الرسالة الأولى كانت من سلطات المملكة العربية السعودية، والثانية من وزير الخارجية السعوي عادل الجبير.
ووصفت محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» هذه الحركة بأنها «استعداد لبناني لعودة العلاقات الخليجية إلى طبيعتها، وعودة المساعدات السعودية إلى لبنان ومؤسساته العسكرية والامنية»، وصولاً إلى تتويج هذه الحركة بكلام عن «دعوة سعودية قد توجه إلى الرئيس عون لزيارة الرياض».
على ان الذي اثار اهتمام المراقبين، والذي من شأنه ان يكشف عن خلفيات قد تترتب على هذا الانفتاح، هو ما اوردته المحطة المذكورة، بعد ان اعترفت بأن مسار الحكومة الجديدة يبدو متأخراً عند «فيتوات» متبادلة من هنا و«شهيات» متزايدة من هناك، من أن «الأخطر هو أن تكون ثمة علاقة سببية بين عرقلة التشكيل وإحباط الإيجابيات الخارجية تجاه لبنان».
إنجازات التأليف
ومع ذلك، فإن مسار التشكيل الحكومي حافظ على إنجازات الأيام العشرة وكرّسها:
1- الاتفاق النهائي على توزيع الحقائب السيادية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بحيث أن تكون الداخلية والمالية من حصة السنّة والشيعة والخارجية والدفاع من حصة المسيحيين.
2- على أن يتكفّل «التيار الوطني الحر» بإرضاء حزب «القوات اللبنانية» ورئيسه سمير جعجع فيما لو ارتؤي أن الفرصة غير مؤاتية هذه المرة في إسناد حقيبة سيادية للقوات، وبالتالي البحث عن شخصية أرثوذكسية تنوب مكان وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال سمير مقبل، الذي يتعيّن أن يكون أرثوذكسياً، بعد أن صرف نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس النظر عن المشاركة في الحكومة هو شخصياً أو عبر أحد أنجاله.
3- أبلغ مصدر قواتي «اللواء» أن حصة الحزب ثلاثة وزراء يرجح أن يكونوا من النواب، بينهم وزير من زحلة، والإثنان أو الثلاثة الباقون من أصدقاء «القوات» بحيث تكون الحصة الوزارية خمسة أو أكثر، وهو ما أشارت إليه «اللواء» في عددها أمس.
وأشار هذا المصدر إلى أن البحث الآن يتركز على الحقيبة الأساسية التي ستسند إلى «القوات» من بين حقائب أخرى، حيث يتردد أنها التربية أو الصحة أو العدل، بعدما سلّمت القوات أن تكون الأشغال من حصة الرئيس برّي.
ومضى المصدر كاشفاً أن وزارة الاتصالات عرضت على «القوات» لكنها رفضت، على خلفية المحاكمات الجارية والملفات المالية المتصلة بالإنترنيت غير الشرعي وغيرها.
ووفقاً لهذا المصدر «القواتي» فإن الحزب لن يعرقل وسيتمثّل بالحكومة ولو لم تسند إليه الحقيبة السيادية.
ولم يغفل المصدر أن يُشير إلى أن الأسماء لم تسلّم بعد إلى الرئيس المكلف.
4- وفيما حص الحقائب التي ستكون من حصة الرئيس المكلّف أو تيّار «المستقبل» أو السنّة، أكد مصدر نيابي لـ«اللواء» أن الأسماء التي نشرت في «اللواء» تتمتع بدرجة من الدقة، مشيراً إلى أن أخذاً وردّا ما زال يتعلق بما إذا كانت طرابلس ستتمثل بوزيرين أو ثلاثة، بعدما حسم تمثيل عكار بأحد نواب الكتلة.
وقال هذا المصدر أن الهدف الأساسي من تمثيل طرابلس وعكار يعود إلى رفع الحرمان المزمن، وإنهاء حالة «الاغتراب» بين الجمهور في هاتين المحافظتين والكتلة الممثلة في المجلس النابي، بما في ذلك تيّار «المستقبل»، لافتاً إلى أنه للمرة الأولى منذ زمن بعيد ستتمثل عكار في الحكومة بنائب.
حكومة العهد أم حكومة المجلس؟
ومهما يكن من أمر، فإنه، حسب تقدير مصادر مطلعة لـ«اللواء» لم يطرأ أمس أي تطوّر يكسر حالة المراوحة السائدة حالياً في عملية تأليف الحكومة، وذلك بانتظار أن يطرح الرئيس المكلف الصيغ الأولية المتداولة لديه، سواء مع الرئيس عون أو مع الرئيس برّي.
ونفت المصادر أن يكون الرئيس الحريري طلب موعداً للقاء الرئيس عون اليوم، لكنها استدركت بأن الرئيس المكلّف لا يحتاج لموعد، وبإمكانه أن يصعد إلى بعبدا في أي وقت.
ونقل أحد أعضاء وفد الهيئات الاقتصادية الذي زار قصر بعبدا أمس للتهنئة، عن الرئيس عون قوله بأن الرئيس الحريري يقوم باتصالات من أجل تأليف الحكومة، وهو لا يوفّر جهداً لهذا الغرض، وأن الرئيس عون يقدّم بدوره كل التسهيلات الممكنة، ولا مشكلة لديه بالنسبة إلى هذه الحكومة، باعتبار أنها ستنبثق من توازنات المجلس النيابي الحالي، ومن الواقع السياسي القائم، وهو (أي الرئيس عون) لا يعتبرها حكومة العهد الأولى، وإنما الحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات النيابية المقبلة وما يمكن أن تفرزه من موازين قوى جديدة.
ويعتقد الرئيس عون، بحسب وفد الهيئات الاقتصادية، أن الحكومة الجديدة محكومة بسقف زمني محدد، وأمامها مهمة أساسية وهي إجراء الانتخابات، ولهذا السبب نلمس صعوبات في تشكيلها، على اعتبار أن كل فريق يحاول أن يحسّن أوراقه لكي يحصّن مواقعه في الانتخابات، لافتاً إلى أنه مهما كانت التجاذبات، فإن الحكومة لن تكون مختلفة عن الحكومات السابقة، سواء لجهة توازنات القوى داخلها أو حجم هذا التمثيل.
وأكد الرئيس عون أنه أبلغ جميع من يعنيهم أمر تأليف الحكومة، أن لا «فيتو» لديه على أحد، وأنه يترك للرئيس المكلف حرية التفاهم مع الجميع، على أن يعرض لديه التشكيلة التي يراها مناسبة، مع العلم أن الحكومة الجديدة لن ترضي الجميع، وسيكون أحد ما في النهاية «زعلان».
إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة، أنه بالنسبة لحقيبة المالية يجب التسليم بالأمر الواقع، وهو أن تكون من حصة الرئيس برّي، في حين أنه لا يمكن إعطاء جعجع حقيبة سيادية، ويمكن أن تكون لديه حقيبة أساسية من ضمن الحقائب الأساسية المعروفة، وتطرح على هذا الصعيد عدّة صيغ. 

 

البلد :

تتأرجح عملية التأليف بين خيارات االيجابية والتسهيل من ً حزب الله والمستقبل فيما يؤخر االطراف االسالمية وخصوصا تقدم التشكيلة االصرار القواتي على حصة كبيرة وعلى اقصاء ً امام المردة والكتائب، فيما يبدو التيار الوطني الحر محرجا تفاهماته الثالثة مع المستقبل والقوات وحزب الله. وتفيد المعطيات الحكومية ان الرئيس المكلف سعد الحريري ً في الخوض في تفاصيل الحقائب مع كثير من ً بعيدا قطع شوطا ً لكون عملية تأليف الحكومة االفرقاء السياسيين، ما شكل اثباتا تقترب من حصر العقد االخيرة ومحاولة حلها بإيجاد مخرج لها في االيام القليلة المقبلة، ما لم تبرز عقبات طارئة ال يمكن اسقاطها من الحساب حتى اللحظة االخيرة، بما يحقق تطلع اركان العهد الى مشاركة كاملة للسلطة في ذكرى االستقالل. ومع ان بعض غالة التفاؤل تحدث عن ثالثة او اربعة ايام للتوصل الى صيغة نهائية للحكومة العتيدة مستندين الى عبارة الرئيس الحريري ً ، فإن هذه التوقعات تبقى رهن نتائج االتصاالت ً جدا » قريبا المتسارعة لتذليل عقدتي »السيادية« القواتية او ما يوازيها، ّ على إسنادها والمالية لرئيس مجلس النواب نبيه بري المصر للوزير علي حسن خليل. وغرد رئيس »اللقاء الديمقراطي« النائب وليد جنبالط عبر حسابه على »تويتر« قائال: »بعض الطفيليين يعرقلون مسيرة التأليف لكن يجرى التعامل معهم«. وف�ي مؤشر انفراجي واع��د بعهد مثمر، كشفت مصادر دبلوماسية ، في اعقاب لقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل امس القائم باالعمال السعودي وليد البخاري الذي نقل رسالتين لباسيل، واحدة من السلطات السعودية والثانية من نظيره وزير الخارجية عادل الجبير، أن اجتماع باسيل - البخاري يأتي فيما يتم التحضير لزيارة يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباسيل الى السعودية متوقعة بعد اخرى مرتقبة لموفد سعودي الى لبنان لتهنئة عون سينقل خاللها دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، الى الرئيس المنتخب لزيارة المملكة. ولم تستبعد المصادر نفسها ان تفرج المملكة عن الهبة السعودية للجيش اللبناني التي جمدتها منذ اكثر من سنة، خالل وجود الوفد الرئاسي اللبناني في الرياض. ّ مة على البالد منذ انتخاب ُ خي ويبدو ان االجواء االيجابية الم الرئيس عون وتكليف الرئيس الحريري، إنسحبت على جلسة ُ قدت منذ يومين في عين التينة بين »تيار الحوار الثنائي التي ع ّ ل من جدول االعمال ً ان البند االو المستقبل« و«حزب الله«، خصوصا ُنجز مع انتخاب عون في 31 الفائت، بحسب ما ال