من مقره في معراب يدير رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ملف الحكومة بهدوئه المعتاد، ولا يخفي سروره بملء الشغور في رئاسة الجمهورية وانتخاب العماد ميشال عون.
ويرفض كل ما يتم تصويره عن أن حصارا ينفذ ضده ويواجهه لتمثيله في حكومة الرئيس سعد الحريري. ويقول لـ"النهار" في جلسة في مكتبه مساء أمس: "أنا لا أحاصر، ومن يتكئ ظهره على صخرة بعبدا لا يتضايق ولا يشعر بالتعب. هي متينة ونحن لن نقصر في إسنادها ودعمها. وأنا مطمئن".
ويتحدث بتفاؤل عن ولادة الحكومة المنتظرة التي يأمل منها ان تحقق الكثير إذا عمل ممثلوها جديا وكانوا في اطار فريق واحد ومتماسك لنقل البلاد من دولة فاشلة الى ناجحة وفاعلة.
لا يحدد جعجع مواعيد لإطلاق التشكيلة الحكومية، وهو يريدها من 24 وزيرا وليس من 30، وهذا ما قاله للحريري، "لكن اذا فضل الافرقاء الخيار الثاني فلا حول ولا قوة"، ولن يعترض على هذا الامر. ولا يؤيد فكرة "إشراك كل العالم". والحكومة في رأيه لا يمكن ان تكون كمجلس النواب الذي يمثل معظم القوى السياسية والطائفية في البلد. وان ما قصده منذ اليوم الاول لتكليف الحريري انه لا يميل الى حكومة "فضفاضة ومبهبطة"، بل ما يتمناه ويعمل عليه هو أن تكون منتجة ومنسجمة و"هذا هو بيت القصيد" بين القوى التي تتمثل فيها، ومن حق الجميع النقاش على الطاولة وإبداء كل الآراء، شرط التزام ما يصدر عنها في النهاية، فلا تكون كحكومة الرئيس تمّام سلام وما سبقها.
ويعترض على الكلام والمواقف التي صدرت وما زالت في حق "القوات"، والتي تتهمها بأنها "جوعانة" وتعمل على التهام الحقائب الوزارية، وان "القوات" تبقى في مقدم القوى السياسية والحزبية التي لم تلهث خلف المقاعد الوزارية منذ اطلاق اتفاق الطائف قبل 26 عاما، فنحن لم نشارك في حكومات عدة ولم نسأل عن حصص، والجميع يعلم الدور الذي أديناه وساهمنا فيه في ولادة هذا الاتفاق بين اللبنانيين".
وينفي جعجع كل الاتهامات التي توجه الى "القوات" بأنها اتفقت و"التيار الوطني الحر" على توزيع الحقائب بينهما قبل اتفاقهما على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، إنما ثمة جملة من الافكار والمبادئ تم وضعها للسير بها والعمل على تطبيقها.
أما بالنسبة الى التراشق في الايام الاخيرة بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال حقيبة المال، فيحرص جعجع على الكيمياء التي تجمعه و"الصديق نبيه بري"، وقد لمسها كل من شاهدهما حول طاولة الحوار، وتستمر الى اليوم. والواقع أن مطالبته بوزارة المال لم تأت من باب الوقوف في وجه بري، إنما انطلاقا من مبدأ تطبيق المداورة بين الافرقاء، وهذا ما يؤكده "التيار الوطني الحر" أيضاً.
ويعترف بأن هذه الحقيبة "محورية في الحكومة، وثمة فريق في "القوات" يحضر لها أكثر من اي حقيبة أخرى، ولكن اذا لم نحصل عليها فلن تقع حرب اهلية". ويرفض جعجع الدخول عبر صفحات الجرائد ووسائل الاعلام في حصة "القوات" في الحكومة المنتظرة، "فهذا الامر يناقش مع الرئيسين عون والحريري، ولست متمسكاً بأي شيء، ولن تكون العقد عند المسيحيين". ويدعو كل الغيارى والمحبين والخائفين على "القوات" الى الاطمئنان. وعند مفاتحته في أن حزبه ممنوع عليه تسلم أي من الحقائب السيادية، وان مطالبته بالمال موجهة الى رئيس الجمهورية وليست في اتجاه بري، ليحصل على واحدة من وزارتي الخارجية او الدفاع، يرد: "مرة اخرى اقول إن هذا الموضوع نبحثه مع الرئيسين عون والحريري".
ولم يشأ جعجع الخوض في مسألة انه يريد ابعاد "تيار المردة" وحزبي الكتائب والقومي عن الحكومة، لكنه يبعث برسالة الى بري مؤداها أنه يبدو في موقع "أبي كل المحرومين والمظلومين في البلد". ويعترض بشدة على من يقول له إن كتلته مؤلفة من ثمانية نواب وأنه يطالب بحصة اكبر من حجمه. وينتظر بفارغ الصبر ان تصل حكومة الحريري الى قانون انتخاب عادل تجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، ليلمس الجميع حضور "القوات" وحجم تمثيلها الحقيقي. ويقدم نفسه على أنه في مقدم القوى الساعية "مئة في المئة" للتوصل الى قانون جديد بدل الابقاء على الستين.
وعن البيان الوزاري، ومنعا لوقوع أفرقاء الحكومة في "مطباته"، يدعو الى الاخذ بخطاب القسم وما ورد فيه ووضعه في البيان، ولا سيما أنه كان محل ترحيب وتقدير واشادة من "حزب الله"، وهذا "ما سمعناه من الشيخ نعيم قاسم، فنكون على الاقل قد اتفقنا نحن والحزب هنا على هذه النقطة" بدل الغرق في ثالوث "الشعب والجيش والمقاومة"، علما أن الخلاف في استراتجيات الطرفين سيبقى قائماً.
ويرحب جعجع بجلوس وزراء "القوات" والحزب الى طاولة الحكومة المقبلة، جازما بأنه وعون والحريري سخوضون حرباً "لا هوادة فيها على الفساد. وأمام العهد فرصة ذهبية" للتصدي للفساد في الوزارات، "واذا تم تطبيق هذا الامر فسنوفر ما لا يقل عن مليار دولار في السنة الواحدة".
يبقى أنه لم يحدد بعد هوية ممثليه في الحكومة، وعندما تحدد حقائب "القوات" يسقط الأسماء عليها.
وماذا عن حال 14 آذار بعد الهزات التي أصابت أركانها يا حكيم؟ يودعنا بعبارة "هيكلية 14 آذار انتهت لكن مشروعها باق".

 

النهار