دعم عربي للعهد وعقبات الحقائب تؤجل التشكيل إلى ما بعد الاستقلال

 

السفير :

لم ينظر السعوديون بعين الرضا إلى أول زيارتي تهنئة إيرانية وسورية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لذلك، قرروا التعويض سريعا، فكانت زيارة سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أول دليل على صعوبة تحييد لبنان عن الاشتباك الإقليمي، ولو بروتوكولياً!
من الواضح أن خطاب التحييد الرسمي عن أزمات المنطقة وحرائقها، سيجعل لا لبنان فقط بل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تحديداً يسيران «بين الألغام»، فيما أظهر لقاء رئيس الحكومة المكلف مع سفراء دول خليجية أنّ دولهم قرأت بتوجّس وحذر كبيرين كل حرف من حروف وكلمات خطاب القسم الذي ألقاه عون أمام المجلس النيابي في جلسة الحادي والثلاثين من تشرين الأول الماضي.
وبينما تلقف الإيرانيون خطاب القسم بحماسة شديدة، فإنهم سجّلوا لرئيس الجمهورية لا تأييده فقط للمقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة وحماية لبنان من الأطماع الإسرائيلية في أرضه ومياهه وثرواته الطبيعية، بل العبارة التي قال فيها إنه سيتم التعامل مع الإرهاب «استباقياً وردعياً وتصدياً حتى القضاء عليه»، وهي جملة لم «يبلعها» كثيرون في الداخل والخارج.
من هذه الزاوية، مثلت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للبنان رسالة دعم للعهد الجديد، وهو الذي انتقل فوراً من مطار بيروت الى القصر الجمهوري، ناقلاً تهاني الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، موجهاً الدعوة الى عون لزيارة طهران في أقرب فرصة ممكنة.
وقبيل وصول ظريف الى القصر الجمهوري، كانت بيروت على موعد مع أول زيارة رسمية يقوم بها مسؤول سوري الى بيروت منذ الثلاثين من تموز 2010 يوم زار الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز القصر الجمهوري في بعبدا برفقة الرئيس السوري بشار الأسد في إطار «معادلة السين سين».
فقد سلم وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام، أمس، رسالة تهنئة من الرئيس الأسد الى نظيره اللبناني في حضور السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، وجاءت الرسالة بعد أسبوع من انتخاب عون ومن اتصال التهنئة الذي أجراه معه الأسد، وسبقه أكثر من اتصال من مسؤولين سياسيين وأمنيين في سوريا، عبّرت كلها عن حماسة دمشق لانتخاب عون رئيساً للجمهورية.
وشدد عزام على عمق العلاقات السورية اللبنانية والعلاقات الأخوية التي تربط عون بالأسد، متمنياً أن يحمل العهد الجديد الخير والاستقرار للبنان، نافياً أن تكون هناك صفحة قديمة في العلاقات بين البلدين «كي تكون هنالك صفحة جديدة، وطالما لدينا عدوّ واحد هو إسرائيل والإرهاب، فنحن مشتركون تماماً في تحديد هذا العدوّ وهذا هو المطلب النهائي لاستقرار بلدينا».
وعما إذا كانت سوريا ستهنئ الحريري بعد تشكيل الحكومة، قال عزام: «عندما يتم تشكيل الحكومة اللبنانية، فسيكون كل شيء في حينه».
ظريف أول زائر أجنبي
وفي زيارة هي الأولى لمسؤول أجنبي الى لبنان منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية، قدم وزير الخارجية الإيراني التهاني لعون، وذلك في إطار زيارة عمل على رأس وفد سياسي اقتصادي كبير، وذلك عشية افتتاح مؤتمر اقتصادي في بيروت يفتتح اليوم في فندق «الفينيسيا»، ويناقش آفاق الفرص الاستثمارية اللبنانية في إيران والفرص الاستثمارية الإيرانية في لبنان، خصوصاً في مجال الطاقة.
ولم يكتف الزائر الإيراني بتأكيد أنّ عدوّين أساسيين يتربصان بإيران ولبنان هما العدوان الصهيوني والتكفيري، «ولكن الأهم والأجدر هو وجود علاقات ومصالح سياسية واقتصادية وتاريخية وشعبية تجمع بلدينا ما يشكل أفقاً واسعاً لتطوير وتعزيز العلاقات على مختلف المستويات».
وقال ظريف إن ما ورد «من كلام دقيق وصائب وحكيم» في خطاب عون، يدل على «عمق النظرة السياسية الحكيمة الموجودة» لديه، ويدل على الأخطار الأساسية التي لا تهدد فقط إيران ولبنان بل كل دول هذه المنطقة والعالم.
وعلمت «السفير» أن ظريف تحدث طويلاً وبلغة إيجابية عن خطاب القسم، وما تضمنه من فقرات تؤكد توجهات الرئاسة ومواقفها المعروفة، وأشار ظريف الى الإرادة الحرّة التي ظهرت بانتخاب عون، وأبدى الاستعداد للتعاون في كافة المجالات، خصوصاً أن الشعب اللبناني عرف كيف يتجاوز الصعوبات بصموده وسيكون مع الرئيس عون أكثراً ثباتاً وصموداً في مواجهة الصعوبات والتحديات.
وشكر عون الضيف الإيراني على العاطفة التي أبداها، معرباً عن أمله تعزيز التعاون وتطوير العلاقات بين البلدين، وتطرق الجانبان الى الوضع في سوريا، وشدد على وجوب التوصل الى حلّ سياسي. وفي هذا السياق، أكد ظريف أن إيران تعمل لأجل هذا الأمر، وقال إن لبنان يستقبل النازحين السوريين لكن تداعيات النزوح هي مأساة كبيرة، وبالتالي فإن الحل في سوريا يعيد الاستقرار الى المنطقة كلها.
يذكر أن ظريف سيلتقي اليوم قياديين لبنانيين عدّة، أبرزهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فيما تردد ليلاً أنه اجتمع بالأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله.
عون الى الرياض.. قريباً!
في المقابل، وبينما اكتفى سفير الكويت عبد العال القناعي بعد اجتماعه وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي، برئيس الحكومة المكلف، أمس، بتأكيد دعم دول المجلس للبنان، قال الرئيس الحريري «إن دول مجلس التعاون الخليجي تشكل المدى الحيوي الاقتصادي للبنان لما توفره من فرص عمل للّبنانيين وأسواق لصادراتهم ومصادر للاستثمارات المباشرة في لبنان وروافد أساسية للسياحة فيه إضافة إلى كون الحكومات الخليجية وصناديقها التنموية المصدر الأول تاريخياً للمساعدات والتمويلات الميسرة لمشاريع إعادة الإعمار والتنمية في لبنان».
وقال الحريري: «رهاني شخصياً هو أنّ سُحُب الصيف التي عبرت سابقاً، قد ولّت إلى غير رجعة في العلاقات الأخوية اللبنانية ـ الخليجية».
وعلمت «السفير» أن ثمة توجهاً خليجياً لتوجيه دعوات رسمية الى عون، فيما ينتظر السعوديون أن تبادر دوائر رئاسة الجمهورية الى طلب تحديد مواعيد مع القيادة السعودية، لتبدأ التحضيرات للزيارة الرئاسية في أسرع وقت ممكن.
مؤتمر باريس 4.. تريّث فرنسي
وقالت مصادر ديبلوماسية أوروبية في بيروت لـ «السفير» أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيوجه قريباً دعوة الى عون للقيام بزيارة رسمية قبل نهاية العام الحالي، وذلك بالتزامن مع استعداد باريس لاستضافة اجتماع لمجموعة العمل الدولية من أجل لبنان قبل نهاية العام الحالي. وكشفت المصادر أن فكرة الدعوة الى عقد «باريس 4» طرحت في الدوائر الفرنسية فور انتخاب عون رئيساً للجمهورية، «لكن تقرر التريث ودرسها أكثر لأن المؤتمر يحتاج الى تحضيرات وجهود كبيرة، فيما ستكون فرنسا قد بدأت تنشغل في الانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع المقبل».
يذكر أن وزير الداخلية نهاد المشنوق، أعلن، أمس، أن الفرنسيين أبلغوا الحريري أنهم سيبدؤون ببذل جهد لعقد مؤتمر باريس 4 الذي من شأنه أن يشكل دعماً مادّياً من قبل كل الدول المعنية التي حضرت مؤتمرات باريس السابقة 1و2 و3.

 

النهار :

بعد اسبوع كامل من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بدا من الصعوبة بمكان تجاهل الدلالات الاقليمية والداخلية التي اكتسبتها "اطلالتان " ديبلوماسيتان لكل من دمشق وطهران في توقيت متزامن على المشهد اللبناني المنشغل بأصداء الحدث الرئاسي وبعملية تأليف الحكومة التي يعكف عليها الرئيس المكلف سعد الحريري. ذلك ان قصر بعبدا شهد امس الزيارة الاولى لمسؤول سوري للبنان منذ عام 2010، كما شهد الزيارة الاولى لمسؤول ايراني للبنان بعد انتخاب الرئيس عون. ونظراً الى "الخصوصية " المشتركة التي تجمع دمشق وطهران في "محور الممانعة " ان على الصعيد الاقليمي أم على مستوى العلاقات التي تربط النظام السوري وايران بفئات لبنانية معروفة، فان تزامن الزيارتين بدا "أقرب الى رسالة اقليمية من العاصمتين عن اتجاههما الى "احتضان " التطور اللبناني واثبات حضور ونفوذ كل منهما عند مشارف انطلاقة العهد والحكومة الجديدتين، مع فارق ان ما ينطبق على النظام السوري لا ينسحب تماما على ايران التي سيكون لموفدها لقاء والرئيس الحريري خلافا للموفد السوري الذي لم يقابل الا الرئيس عون. وفي أي حال، شكلت زيارتا كل من وزير شؤون رئاسة الجمهورية السوري منصور عزام ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للرئيس عون، مع انهما لم تكونا مفاجئتين، طليعة زيارات موفدين وزوار آخرين وان تكن مسارعة دمشق وطهران الى تهنئة الرئيس عون عدت في اطار اظهار "انتصار" لمحورهما على رغم حديث الوزير الايراني عن انتخابات رئاسية لبنانية من دون تدخل خارجي.
فالوزير السوري عزام الذي نقل رسالة تهنئة من الرئيس السوري بشار الاسد الى الرئيس عون، رفض القول بوجود "صفحة قديمة وصفحة جديدة " في العلاقات اللبنانية - السورية معتبراً ان "هناك صفحة مستمرة عنوانها المصلحة المشتركة للبلدين والامن والاستقرار ".
بينما نقل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الذي يزور بيروت على رأس وفد سيشارك ايضا في مؤتمر اقتصادي، الى الرئيس عون تهاني الرئيس الايراني حسن روحاني وحرص على التنويه " بالارادة الحرة والمستقلة والبعيدة عن أي تدخل خارجي للشعب اللبناني في تحقيق هذا الانجاز المهم"، ورأى ان انجاز الاستحقاق الرئاسي " يعد نصراً لكل اطياف الشعب اللبناني " وقال ان " تربص العدو الصهيوني والعدو التكفيري الارهابي بلبنان وايران يشكل عامل وحدة وتلاق وانسجام بين بلدينا ". كما أشاد بخطاب القسم للرئيس عون. وبعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس، من المقرر ان يلتقي وزير الخارجية الايراني اليوم الرئيس تمام سلام في المصيطبة، ثم الرئيس الحريري في "بيت الوسط" ومن ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.
ولعل المفارقة اللافتة التي واكبت زيارتي الموفدين السوري والايراني تمثلت في لقاء جمع الرئيس الحريري وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي وقد أكد لهم ان تولي العماد عون سدة الرئاسة والحكومة العتيدة الجاري تشكيلها " يمثلان فرصة لتجديد تأكيد هوية لبنان العربية ولاعادة الزخم والحرارة الى علاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي ". كما ان وزير الداخلية نهاد المشنوق اعلن ان الرئيس الحريري تبلغ من الفرنسيين انهم سيبدأون ببذل الجهد لعقد مؤتمر باريس 4 الذي من شأنه ان يشكل دعما ماديا من الدول المعنية كما يشكل دعما معنويا للعهد الجديد ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة المقبلة.

 

الملف الحكومي
اما في الملف الحكومي، فعلمت "النهار" ان الاتصالات الجارية لم تؤد بعد الى بلورة تصور اولي لشكل الحكومة المقبلة وتوزع الحصص فيها، علماً ان اجتماعا عقد ليل اول من امس بين المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري عرضا فيه عددا من الافكار. كذلك عقد اجتماع مماثل امس بين الوزير باسيل والسيد نادر الحريري في وزارة الخارجية وتركز على ملف تأليف الحكومة. وعلم ان الرئيس عون لم يمانع في تولي وزير شيعي حقيبة المال، لكنه يفضّل ان يتولاها وجه جديد، في حين ان الوزير علي حسن خليل لا يزال الاوفر حظاً في تسلم هذه الحقيبة كما يصر على ذلك الرئيس بري. وعلم أيضا ان بري يبدي اصرارا على الاتفاق على قانون الانتخاب وتعهد اجراء الانتخابات النيابية في موعدها بعد التوافق على البيان الوزاري الامر الذي يغني عن "الثلث الضامن"، لكن ذلك لا يلغي المطالبة باعطاء "تيار المردة " حقيبة أساسية وهو أمر اتفق عليه مع الرئيس الحريري، وتوزير النائبين اسعد حردان وطلال ارسلان. وقالت أوساط متابعة لـ"النهار" إن بورصة الاسماء لم تثبت بعد في انتظار توزيع الحقائب، وبعدها يتم " اسقاط " الاسماء عليها، وأكدت ان اسماء كثيرة يجري تداولها حاليا ليست مطروحة جدياً.

 

اطار وبورصة
وعلمت "النهار" أن الرئيس الحريري الذي وسع إطار الاتصالات مع الجهات الخليجية والدولية، يحرص بالتشاور مع الرئيس عون ومن خلال القنوات المفتوحة مع الرئيس بري على تحديد اطار عمل الحكومة الجديدة حيث يتم التركيز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية وحماية الوضع المالي وتفعيل المساعدات للاجئين السوريين والبيئة اللبنانية الحاضنة لهم.كما يتم التركيز على دورات تشريع واسعة وفتح دورات إستثنائية وإعداد قانون للانتخاب من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي.
وفي بورصة الترشيحات للحكومة الجديدة,علمت "النهار" ان "جبهة النضال الوطني" و"اللقاء الديموقراطي" سيتبنيان ترشيح أيمن شقير والنائبيّن مروان حمادة والامير طلال إرسلان. وتردد ان الدكتور غطاس خوري والنائب جان أوغاسبيان من الترشيحات المتداولة. ويدور بحث في الشخصية الاورثوذكسية التي ستتولى منصب نائب رئيس الوزراء ويتردد اسم الوزير الياس ابو صعب لهذا المنصب. كما تردد ان الوزير باسيل عائد الى الحكومة من دون تحديد حقيبته بعد.

 

 

المستقبل :

من تشديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خطاب «بيت الشعب» على وجوب عودة «لبنان المنفتح خصوصاً على العالم العربي»، إلى إعراب الرئيس المكلف سعد الحريري عن ثقته بأنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة العتيدة يجسدان فرصة «تجديد التأكيد على هوية لبنان العربية»، مروراً بإشارة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل إلى كون الرئيس عون لا يمكن أن يرى لبنان «من دون وجهه العربي وانتمائه العربي».. مؤشرات وطنية متقاطعة وقاطعة بأنّ العهد الجديد، رئاسةً وحكومة، يضع نصب عينيه إعادة تأكيد عروبة الهوية الوطنية وتبديد «سُحب الصيف» التي عكّرت صفو العلاقات اللبنانية – العربية وأضرّت بمصالح الوطن وأبنائه بجناحيهم المقيم والمغترب.

وبالتزامن مع إطلاع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مجلس الوزراء 

السعودي على فحوى اتصاله بعون «وتأكيده خلاله وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته»، أبدى الرئيس الحريري أمس أمام سفراء دول مجلس التعاون الخليجي رهانه الشخصي بأنّ «سُحُب الصيف التي عبرت سابقاً قد ولّت إلى غير رجعة في العلاقات الأخوية بيننا والقائمة على الاحترام الكامل لسيادة دولنا ومصالحها ومصالح مواطنيها«، مؤكداً في هذا الإطار أنّ تولي العماد عون سدة الرئاسة الأولى والحكومة المرتقب تشكيلها يمثلان ركيزتين أساسيتين «لإعادة الزخم والحرارة لعلاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون». 

وإذ عبّر الحريري عن القناعة الوطنية بأنّ دول الخليج العربي «تشكل المدى الحيوي الاقتصادي للبنان (...) والمحرك الأول للمساعدات الدولية على مواجهة أعباء النزوح وإعادة إطلاق عجلة التنمية»، شدد سفير الكويت عبد العال القناعي باسم السفراء الخليجيين بعد لقائهم الرئيس المكلف في بيت الوسط على وقوف كل دول مجلس التعاون «إلى جانب لبنان الشقيق في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى ازدهاره وتقدمه وأمنه واستقراره«، متوجهاً برسالة «تهنئة ودعم وتأييد إلى فخامة الرئيس ميشال عون وإلى دولة الرئيس المكلف الأخ سعد الحريري« من الدول الخليجية مع إبداء الأمل «بأن يتمكن في أقرب وقت من تشكيل حكومته والسير بهذا البلد إلى ما يتمناه كل مواطن لبناني شريف وهو الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي«.

وكما على المستوى العربي، كذلك على المستوى الدولي لفت الانتباه أمس ما نقله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من أنّ «الفرنسيين أبلغوا الرئيس الحريري أنهم سيبدأون ببذل جهد لعقد مؤتمر باريس - 4 الذي من شأنه أن يشكل دعماً مادياً من كل الدول المعنية التي حضرت مؤتمرات باريس السابقة 1 و2 و3، كما يشكل دعماً معنوياً للعهد الجديد ولرئيس جمهوريته ولرئيس حكومته ولحكومته المقبلة«.

ظريف في بيروت

في الغضون، برزت أمس زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت ناقلاً تهاني قيادة بلاده بإنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي أكد أنّ اللبنانيين تمكنوا من تحقيقه «بإرادتهم الحرة والمستقلة والبعيدة عن أي تدخل خارجي«، مشدداً إثر اجتماعه على رأس وفد برئيس الجمهورية في قصر بعبدا، على أنّ انتخاب الرئيس «بعد فترة الفراغ الطويلة نسبياً يُعد إنجازاً ونصراً لكل أطياف الشعب اللبناني«.

ولاحقاً، التقى وزير الخارجية الإيراني نظيره اللبناني في مبنى وزارة الخارجية حيث عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً رأى خلاله ظريف «آفاقاً واسعة من المصالح والفرص المشتركة بين البلدين الشقيقين لا سيما على مستوى العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري وخصوصاً في ظل الظروف السياسية الدولية الجديدة« في إشارة إلى مسألة رفع العقوبات الدولية عن طهران، بينما جدد باسيل الإشارة إلى كون زيارة وزير الخارجية الإيرانية تأتي في وقت «أثبت اللبنانيون أنّ الإرادة اللبنانية هي التي أدت إلى انتخاب رئيس للجمهورية«، مع تشديده على أنّ «ما حصل هو انتصار للغة الحوار التي يجب أن تُعتمد في مقابل لغة التحريض على الفتنة التي تستفحل في المنطقة« مؤكداً على وجوب حل الأزمات الإقليمية «من خلال الحلول السلمية والسياسية لأنّ العنف لن يوصل إلى أي نتيجة«.

 

الديار :

يبدو ان اجواء ايجابية تطل على لبنان من خلال السرعة في تشكيل الحكومة حيث اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري انه متفق مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني، لكن الرئيس بري اضاف، ان توزيع بعض الحقائب قد يؤدي الى مشاكل في شأنها مما سيؤثر على التشكيل الى ما بعد عيد الاستقلال، واذا كان الرئيس بري مستعجلاً والرئيس عون مستعجلا والرئيس الحريري ايضاً لن تبقى مشكلة في توزيع الحقائب والوزارات على الطوائف والمذاهب والاحزاب وعلى الارجح ستكون الحكومة من  30 وزيراً  ممثلين لاكثرية الكتل من المجلس النيابي وبذلك ينتفي وجود معارضة للحكومة. لكن من جهة اخرى، فان حزب الله الذي لم يمانع بترأس الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة سيكون دقيقاً داخل مجلس الوزراء لما يطرحه الحريري ودون تعطيل كيدي ولا تسهيل على «العمياني»، بل ان حزب الله سيراقب العمل ضمن الحكومة ويكون الموقف في غياب المعارضة التي كانت في الحكومات السابقة خاصة في حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث كان الرئيس السابق اميل لحود يعارض الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الاحزاب المؤيدة لسوريا، انما حزب الله سيلعب دوراً ايجابياً داخل الحكومة التي ستشكل مع التدقيق في كل قرار تتخذه.

ـ مؤتمر باريس ـ 4 ـ

ووفق التشكيلة الحكومية وتوزيع الحقائب سيتحدد وضع مؤتمر باريس -4، ذلك ان مؤتمر باريس - 4 ينتظر برامج الحكومة الحالية ومشاريع الوزارات التي سيقدمونها الى المؤتمر، اضافة الى نصائح مصرف لبنان كموقع استشاري علمي ومضطلع على الامور المالية والنقدية والاقتصادية، لكن يصادف سنة 2017 حصول الانتخابات الرئاسية في فرنسا، ولن يقدم الرئيس الحالي او المرشح للانتخابات الرئاسية اموالا لباريس - 4 لان فرنسا تعيش ازمة اقتصادية. هذا بالاضافة الى ان الاوضاع الاقتصادية للدول العربية غير جيدة،  فمصر ميؤوس منها اقتصادياً، والسعودية ضبطت موازنتها واصبح مصروفها محسوباً بكل دقة، ودولة الامارات وخاصة ابو ظبي لديها اموال لكنها من دون خطة كويتية - سعودية - اماراتية لن تقدم تبرعات للبنان. وما سيجري ان فرنسا ستضغط على السعودية لاعادة الهبة العسكرية للجيش اللبناني التي ما زال يجري تصنيعها في فرنسا بقيمة 3 مليارات دولار. كذلك سيقوم الاتحاد الاوروبي برفع القيود عن تصدير البضائع اللبنانية الى اوروبا وخصوصا المواد الصناعية والزراعية وغير ذلك كي ينتعش الاقتصاد اللبناني، واذا كانت الانتخابات الرئاسية ستحصل في فرنسا العام المقبل وستؤثر على باريس، فان الانتخابات الاميركية التي ستجري اليوم وتصدر نتائجها صباح الاربعاء ستعطي مؤشراً عما سيكون رئيس الولايات المتحدة، فاذا كانت هيلاري كلينتون فستهتم بلبنان لانها تعرف المنطقة ولبنان بشكل جيد وكانت تتابع كل التفاصيل عن لبنان مع السفير الاميركي السابق جيفري فيلتمان وحتى يومنا هذا، اما بالنسبة لترامب فهو يجهل وضع لبنان والمنطقة ولا ندري ماذا ستكون سياسته بشأن موقفه من لبنان وحكومة الرئيس ميشال عون، وهل ستزداد العلاقة قوة بين لبنان وواشنطن ام يقوم ترامب بأخذ مواقف انفعالية وعدائية ضد لبنان خاصة اذا استطاع اللوبي الصهيوني التأثير عليه.
اما اوروبا، فان فرنسا وايطاليا وخاصة المانيا واسبانيا وبعض الدول الاسكندنافية وسويسرا فانها  ستقدم مساعدات زهيدة للبنان، واذا استطاع باريس - 4 الحصول على 5 مليارات دولار سينتعش الاقتصاد اللبناني وتنتعش الموازنة، لكن القيمين على مؤتمر باريس - 4 سيضعون شروطاً لعملية الصرف ويريدون وضع مراقبين من قبلهم على كيفية صرف الاموال وتنفيذ المشاريع وليس كما حصل في باريس - 2، وباريس  - 3 حيث ذهبت الاموال هدراً وفساداً وضاعت على لبنان على عكس مؤتمر باريس - 1 الذي كان ناجحاً وادى الى انعاش الاقتصاد اللبناني.

ـ تشكيل الحكومة ـ

من جهة اخرى، وعلى صعيد تشكيل الحكومة فان وزارة الخارجية قد تكون بين حركة امل والقوات اللبنانية، لكن حركة امل قد تعطى وزارة المالية بعدما اصبح الوزير علي حسن خليل مضطلعاً على مالية الدولة وقام باداء ممتاز وضبط الامور لذلك فان الرئيس بري قد يتمسك بوزارة المالية، اما بالنسبة لوزارة الخارجية فاذا اخذ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزارة الدفاع فقد تكون الخارجية من حصة تيار المستقبل او القوات اللبنانية، وقد تشاور في هذا الامر الدكتور سمير جعجع مع الرئيس المكلف سعد الحريري خلال اجتماعهما في بيت الوسط بشأن الخارجية  واصر الدكتور جعجع على ان تلعب القوات اللبنانية دوراً اساسياً في الحكومة، بعدما رفض توزيرها في الحكومة السابقة، وتريد القوات اللبنانية مقعداً لمنصب وزاري يساوي وزارة اخرى خدماتية هامة، وقد يتولى حزب الله وزارة الاشغال اما الحزب القومي يعتقد ان توكل اليه وزارة الثقافة وعندها يتولى حزب الله وزارة العمل، اما حزب الكتائب فلن ينال حصة هامة في الحكومة على مستوى الحقائب السيادية وليس مستبعداً ان يقاطع حزب الكتائب الحكومة اذا لم يأخذ حصة وازنة داخلها، لكن لن تكون هنالك مشاكل كبرى في الحكومة لان عمرها ستة اشهر وستشرف على الانتخابات النيابية في ايار وبعدها سيتم تشكيل حكومة جديدة فعلية وتحكم لبنان وتكون السلطة التنفيذية فعلياً في يدها وتنفذ باريس - 4وتقوم بورشة اقتصادية اعمارية وكما هو متقف عليه بين فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس سعد الحريري.

ـ الزيارات الخارجية للبنان ـ

ارسل الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد الوزير المختص لشؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام الى بعبدا وقام بتهنئة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون  في حضور السفير السوري الدكتور علي عبد الكريم، كذلك وصل وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف حيث ان ايران تريد ان تعطي اشارة على مستوى عال ان وزير خارجيتها جاء لتهنئة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويعتبر محمد جواد ظريف احدى الشخصيات الهامة في ايران وقد لعب دوراً كبيراً لرفع العقوبات عن بلاده وفي الملف النووي ونسج علاقات مع الاتحاد الاوروبي اضافة الى روسيا وقام بتحسين العلاقات مع واشنطن. ولذلك فان زيارة محمد جواد ظريف قد تجد اهمية خاصة وعلى الارجح انه قابل سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله خلال ليل امس قبل ان يعود الى طهران.
وفي الوقت الذي وصل فيها وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف كان رئيس الحكومة سعد الحريري يجتمع بسفراء دول الخليج العربي الذين اكدوا وفق ما قاله سفراء خليجيون عرب بان العلاقات بين لبنان ودول الخليج ستعود وسيتم رفع حظر سفر الخليجيين الى لبنان، اضافة الى تشجيع الاستثمار على الساحة اللبنانية والتعامل بين المصارف اللبنانية القوية التي قاربت ودائعها بـ200 مليار دولار وبين مصارف السعودية، وهنالك مشاريع خصخصة بين لبنان والسعودية ستحصل وستشارك الكويت في اعادة الاعمار جراء ما تملكه من مؤسسات في لبنان بعدما  اهملت الموضوع 20 سنة. اما الامارات فستفتح ابوابها اكثر للبنانيين لكي يعملوا في مؤسساتها وشركاتها وقد اعطى السفراء الخليجيون العرب اشارة واضحة للرئيس الحريري بان ابعاد اللبنانيين عن دولة الامارات سيتوقف بشكل نهائي باستثناء ما يقر به القضاء من عمل سياسي يمنعه القانون في الامارات ولا يتم ابعاد اي لبناني على اساس الاشتباه به لانه يؤيد حزب الله، لكن اذا حكمت المحاكم على لبناني بانه يرتبط مباشرة بحزب الله عندها يتم ابعاده، وهذا الامر سيعطي الطمأنينة للبنانيين في السعودية وفي الكويت والامارات الذين يصل عددهم الى  650 الف لبناني يرسلون شهرياً الى لبنان 4 مليارات ونصف دولار كودائع الى المصارف وعائلاتهم وهذا ادى الى بقاء الاقتصاد اللبناني صامداً وقوياً نتيجة تدفق اموال اللبنانيين من الخليج العربي، ويمكن اعتبار زيارة وزير خارجية ايران محمود جواد ظريف لتهنئة العماد ميشال عون، وفي ذات الوقت اجتماع الرئيس الحريري بسفراء الخليج العربي ليست مصادفة بل اشارة الى التوازن في السياسة بين ايران ودول الخليج العربي.

ـ مندوبون ـ

وقد جاء مندوبو الديار بالمعلومات الآتية عن تشكيل الحكومة، وقال مصدر في القوات اللبنانية لــ«الديار» ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يسعى الى اعادة تطبيق الطائف بالشكل الصحيح وليس كما كان يطبق ويستخدم سابقا وذلك بهدف اعادة التوازن عند جميع الطوائف. اضف على ذلك ان الطائف اعطى رئيس الجمهورية صلاحية التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة وهذا الامر يعطيه النفوذ بارساء التمثيل الصحيح للاطراف الاساسية في لبنان. وتابع المصدر ان حزب القوات اللبنانية لديه عدد قليل من النواب نتيجة القانون الانتخابي الذي وضعه النظام السوري في ايام وجوده في لبنان والذي لا  يأتي بنواب يمثلون قاعدة شعبية كبيرة. من هنا، لا يمكن لاي طرف ان يعتبر ان القوات اللبنانية لا تمتلك الحق في المطالبة بحصة وزارية وازنة فقط لان عدد النواب القواتيين ليس بكثير. اضافة الى ذلك،لا يمكن ان يتحدث طرف عن اعطاء الحصة الوزارية قياسا بحجم الكتلة النيابية فلو اعتمدوا قانون النسبية كنا سنشهد تغيير توازنات في الكتلة النيابية والوزارية.
واشار المصدر القواتي ان الطائف نص على ان يكون نصف الوزراء مسيحيين والنصف الاخر مسلمين وهذا يؤكد ان من حقنا ان نطالب بحصة وزارية مناسبة تعكس التمثيل القواتي وفعاليتنا على الحياة السياسية اللبنانية.
وقال المصدر: «تعود الرئيسان بري والحريري أن يتقاسما حصة المسيحيين في الحكومة مع المسؤولين المسيحيين فيما لا يقبلان بأن يتقاسم المسيحيون حصتهم الوزارية. اما اليوم فقد تغييرت الامور، والقوات اللبنانية تحالفت مع التيار الوطني الحر وقد نتج من ذلك ترشيح القوات لعون رئيسا للجمهورية مقابل تعاون في اختيار الوزارت واعادة تنظيم وترتيب الدولة ومؤسساتها وتوزيع الحصص على قدر متساو بين القواتيين والعونيين».
واستطرد المصدر القواتي بالقول: «قبل ان يتكلموا عن حصتنا الوزارية، نريد ان نعلم هل سيعتمدون المداورة بما ان الرئيس ميشال عون يريد المداورة وهو متسمك بها لانه حريص على عدم السماح لاي طرف في احتكار اي وزارة له؟».
وختم المصدر بأن هناك قاعدتين اساسيتين يبني عليهما حزب القوات اللبنانية وهما:
1- القوات والتيار يمثلون اكثرية مسيحية ولذلك هما يطالبان بحصة تعكس هذه الاكثرية
2- تفاهم القوات والتيار على مشاركة متساوية في ما بينهما في اقتسام الحصة الوزارية.

ـ الموضوع الحكومي ـ

اما في موضوع الحكومة فان مصادر متابعة اشارت الى ان لا عقد في التأليف عند تيار المستقبل حيث يتجه الحريري الى اعادة توزير نهاد المشنوق للداخلية، بالاضافة الى غطاس خوري ومصطفى علوش وجمال الجراح. اما الرئيس نبيه بري فان اسناد وزارة المالية حسمت له وهناك اتجاه لتعيين نائب مصرف لبنان رائد شرف الدين وزيراً للمالية في ظل الفيتو الموضوع من قبل الرئيس ميشال عون على علي حسن خليل لجهة اتهامه بانه وراء تعطيل مشاريع اصلاح الكهرباء في الجية ومعمل دير عمار فيما يؤكد الوزير علي حسن خليل ان ديوان المحاسبة هو الذي اوقف الاموال. كما يتجه الرئيس الى تعيين ياسين جابر وايوب حميد واذا اخذ وزيراً مسيحياً سيكون للمردة. اما على الصعيد الدرزي فان التوزير حسم بتعيين تيمور جنبلاط ووائل ابو فاعور ومروان خير الدين من حصة الوزير ارسلان. اما على الصعيد المسيحي، فان القوات تتجه الى تعيين ملحم رياشي في الاعلام، وغسان حاصباني وعماد واكيم، اما التيار الوطني الحر سيتجه الى تعيين الياس بو صعب وشامل روكز وسليم جريصاتي بالاضافة الى من يسميهم العماد ميشال عون الذي يصر ان تكون حصته من كل الطوائف اللبنانية. 

ـ لقاء العماد عون وممثل الرئيس الاسد ـ

وعلى صعيد اللقاء، بين الرئيس عون وممثل الرئيس الاسد لقد اكد السفير السوري في لبنان الدكتور علي عبد الكريم  للديار ان اللقاء كان جيداً جداً وان الرئيس العماد عون اشاد بالعلاقة التي تربطه بالرئيس الاسد التي كانت وما زالت وستستمر  لان البلدين يواجهان عدواً واحداً هو الارهاب واسرائيل وهذا ما يفرض اقسى درجات التنسيق. وستعقد اجتماعات تنسيقية قريباً لحلحلة بعض القضايا. بالمقابل اشاد ممثل الرئيس السوري الاستاذ منصور عزام بالرئيس العماد عون وبالصداقة التي تربطه مع الرئيس الاسد وان سوريا مرتاحة ومطمئنة بوصول العماد عون الى بعبدا وان العلاقات ستشهد تحسناً في كل المجالات. وهذا ما يؤدي الى حلحلة بعض القضايا وتحديداً في ملف النازحين السوريين.

 

الجمهورية :

تتراكم الايجابيات يوماً بعد يوم، ويتلقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعماً إقليمياً عبّرت عنه زيارتا موفدي الرئيس الايراني حسن روحاني وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والرئيس السوري بشار الاسد وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام، الى قصر بعبدا، بالتوازي مع الدعم المباشر الذي نقله سفراء دول مجلس التعاون الخليجي للرئيس المكلف سعد الحريري، وكذلك مع الاندفاعة الدولية المستمرة حيال لبنان والتي قد تكون فعّالة ومباشرة في الفترة المقبلة. وسحبت هذه الايجابيات نفسها على طبخة التشكيل الحكومي، وسط مؤشرات من مختلف القوى السياسية عن نيّات تسهيلية تفضي الى ولادة وشيكة لحكومة العهد الاولى.

تعكس أوساط الرئيس المكلف أجواء تفيد بأنه يعكف على وضع اللمسات الاولى على شكل حكومته وخريطة التوزيع فيها، والاساس الذي ينطلق منه ان تكون حكومة متوازنة، على ان يعرضها على الرئيس عون بعد ان ينهي مشاوراته المرتقبة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

واكدت هذه الاوساط انّ الحريري قطع شوطاً لا بأس به في جوجلة المطالب التي تلقّاها من النواب في يومي الاستشارات. واضافت انّ الأجواء مريحة بما يؤشّر الى إمكانية تشكيل الحكومة بطريقة انسيابية بلا تعقيدات، وحتى ولو وجدت فلن تكون غير قابلة للمعالجة.

وتوقعت المصادر إعلان الحكومة خلال ايام إذا استمرت الاجواء المريحة، في ظل الدعم الكلي الذي يناله الحريري من عون، وكذلك الانفتاح الذي يُبديه بري، حيث يؤكد الحريري في مجالسه انه لن تكون هناك عقبة او إشكالات بينه وبين رئيس المجلس في ما خَصّ التشكيل الحكومي، وعلى وجه الخصوص ما يتصل بالحصة والنوعية التي سيحصل عليها بري في الحكومة المقبلة.

«المستقبل»

في غضون ذلك، تقول مصادر مواكبة لـ«الجمهورية» انّ الأرجحية هي لحكومة موسعة من ثلاثين وزيراً، وتبدو فيها حصة الحريري منجزة مع مراعاة تيار «المستقبل»، وكذلك الشخصيات السنّية خارج «التيار»، والأهمّ ما حُكي عن التزام جدّي من قبل الرئيس المكلف بتوزير تيار «المردة» في الحكومة.

بري

امّا رئيس مجلس النواب فتشير المصادر الى انّ أجواءه تؤكد انه في ظل حكومة ثلاثينية سيحصل الشيعة على ستة وزراء، بينهم ثلاثة لبري وثلاثة لـ«حزب الله». واكدت انّ وزارة المال ووزارة الاشغال او ما يعادلها من حصة بري تُضاف اليها وزارة ثالثة غير وزارة الطاقة التي يرفض ان تكون من حصته، في وقت انّ الحزب، وكما تؤكد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، يميل الى تمثيل حلفائه بحقيبة، وتحديداً الحزب «السوري القومي الاجتماعي».

جنبلاط

ولم يصدر عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ايّ كلام عن حصص وتوزيعات بل العكس، كان اوّل من نادى بضرورة التوقف عن طرح المطالب التعجيزية التي تؤخّر تشكيل الحكومة في رأيه، الى حدّ تعطيلها. وهو أكّد امس، أنه من المهم تفادي المعارك الجانبية في تشكيل الوزارة والاستفادة من لحظة التوافق.

وقالت المصادر نفسها انّ جنبلاط، ومن منطلق التسهيل لانطلاقة الحكومة، لن يمانع في ان تُسند حقيبة وزارية لرئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان، على ان يحصل الحزب «التقدمي» على حقيبتين.

«التيار الوطني الحر»

امّا حصة «التيار الوطني الحر» فمن الملاحظ انه يشوبها غموض متعمّد من قبل قيادة «التيار». وفي هذا المجال، تقول المصادر انه يُفترض ان يجَوجل «التيار» الحصة القواتية ـ العونية لقياس ما سيناله من حقائب، وكذلك ما ستناله «القوات». هذا في معزل عمّا يحكى عن حصة رئيس الجمهورية التي ليس هناك ايّ معلومات حاسمة حولها تؤكّدها أو تنفيها.

«الكتائب»

امّا تمثيل حزب «الكتائب» فيبقى رهناً بقرار الحزب في المشاركة وكذلك المشاورات بين القيادات المسيحية حول هذا الامر، في حين ما زالت حصة «القوات» موضع أخذ ورد في الاوساط القواتية، وكذلك على خطّي بيت الوسط ـ بعبدا.

وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل زار الحريري في «بيت الوسط» قبل يومين، وعُقد اجتماع وُصف بأنه في إطار المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف مع السياسيين والأقطاب من مختلف الأطراف.

وشدد الحريري أمام الجميّل على ضرورة مشاركة الحزب في الحكومة، متمنياً ان تتمثّل فيها مختلف الأطراف من دون استثناء تلبية لرغبته بأوسع تمثيل سياسي وحزبي ووطني.

«القوات»

وفي تمثيل «القوات»، علمت «الجمهورية» انّ الرئيس المكلف تلقّى من «القوات» مطالب أولية بعدد الحقائب ونوعيتها التي ترى انه من الضروري ان تُسند اليها. وهناك من تحدث عن أربع حقائب الى ست تطالب بها «القوات».

ومن المستبعد ان يكون في الامكان القبول بهذه النسبة التي رفضت أوساط «القوات» ان تؤكّدها او تنفيها، مشيرة الى انّ الامور ما زالت في بداية البحث ولا شيء محسوماً حتى الآن.

وكان رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع ردّ أمس على ما ورد على لسان رئيس مجلس النواب حول مطالب «القوات»، فقال عبر «تويتر»: 

«صديقي الرئيس نبيه بري، أثمِّن عالياً اهتمامك الدائم بنا في هذه الأيام وعدم إغفالك لنا، ولكن من الحب ما قتل»! ثم غرّد جعجع عبر «تويتر» قائلاً: «أقصى اهتمامي في الوقت الحاضر هو نجاح العهد الجديد. وسأعمل كلّ ما بوسعي لتحقيق ذلك».
وقد فُسّر موقف جعجع هذا، في أوساط مواكبة لحركة التأليف، بأنه خفض للسقف وعامل مسهّل للتشكيل.

الموفد السوري

وفي غمرة التطورات الاقليمية والانهماك الداخلي بالتأليف الحكومي، زار وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام، في حضور السفير السوري علي عبد الكريم علي، قصر بعبدا أمس، ونقل الى الرئيس عون تمنيات الرئيس السوري وتهانيه، مؤكداً علاقات الاخوة بين لبنان وسوريا.

كذلك اطّلع عون من الأمين العام لـ«المجلس الأعلى اللبناني - السوري» نصري خوري على عمل المجلس. وذكرت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الموفد السوري عرض مع عون التطورات في لبنان والمنطقة والوضع في سوريا وترددات ما يجري على الساحة اللبنانية ودول الجوار السوري.

ولفتت المصادر الى انّ البحث ظلّ في العموميات، وشرح الموفد الرئاسي الوضع في بلاده والمساعي المبذولة لوقف الحرب، مشدداً على «انّ الحلول السياسية معقدة وانّ التدخلات الخارجية فعلت فعلها بعدما تسببت باللجوء الى العنف، وهو أمر قاد الى استخدام القوة العسكرية».

وشكر عون للأسد تهنئته، وقدّم مقاربة للتطورات كما يراها لبنان من الجوانب السياسية والأمنية وملف النازحين خصوصاً، متمنياً ان تنجح المساعي الجارية لحلّ سلمي يُنهي ما تشهده سوريا من أعمال عنف.

وتوقفت المصادر أمام حجم الرسالة الديبلوماسية التي شكلتها الزيارة، فقالت «إنّ العلاقات بين لبنان وسوريا محكومة بالمواثيق العربية وهما بلدان مستقلان يتبادلان التمثيل الديبلوماسي منذ سنوات، بالإضافة الى انها محكومة باتفاقيات ومعاهدات ثنائية ما زالت قائمة بينهما. ولذلك، فإنّ الزيارة لا تحتمل ايّ تفسير او اجتهاد قد يلجأ اليه البعض، ولبنان لم يقطع العلاقات الديبلوماسية مع سوريا كما فعلت دول عربية أخرى».

الموفد الإيراني

في الموازاة، إستهلّ وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف زيارته أمس بلقاء الرئيس عون قبل ان يزور وزير الخارجية جبران باسيل، على ان يلتقي اليوم بري والحريري ورئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام، وشخصيات وفاعليات روحية.

وأكد ظريف من بعبدا انّ نجاح لبنان بإنجاح الاستحقاق الرئاسي بعد فراغ دام نحو سنتين ونصف يُعتبر نصراً لكل أطياف الشعب اللبناني. واعتبر انّ ما ورد من كلام حكيم في خطاب الرئيس عون يدلّ على عمق النظرة الحكيمة لديه.

الحريري

في هذا الوقت، أكد الحريري «انّ تولّي العماد عون سدة رئاسة الجمهورية والحكومة الجاري تشكيلها يمثّلان فرصة لتجديد التأكيد على هوية لبنان العربية ولإعادة الزخم والحرارة لعلاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي».

وقال الحريري الذي كان يتحدث خلال استقباله سفراء دول مجلس التعاون الخليجي: «انّ اللبنانيين أجمعوا على الترحيب بخطاب القسم للرئيس عون بكل مندرجاته بما فيها تلك المتعلقة منها بعلاقات لبنان العربية القائمة على أساس احترام ميثاق الجامعة العربية وبخاصة مادته الثامنة القائلة بعدم تدخّل الدول الاعضاء بشؤون بعضها بعضاً».

وشدّد على انّ «لبنان الذي يتطلّع إلى مساعدة المجتمع الدولي عموماً على مواجهة أعباء النزوح السوري وإعادة إطلاق عجلة التنمية في اقتصاده، يعلم أنّ المحرّك الأول لهذه المساعدات كان وسيبقى مجلس التعاون الخليجي ودوله وحكوماته وقياداته.

ورهاني شخصياً هو أنّ سُحُب الصيف التي عبرت سابقاً، قد وَلّت إلى غير رجعة في العلاقات الأخوية بيننا والقائمة على الاحترام الكامل لسيادة دولنا ومصالحها ومصالح مواطنيها، أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي».

 

 

اللواء :

بين استقبال الرئيس سعد الحريري سفراء دول مجلس التعاون الخليجي المعتمدين في لبنان، وتأكيده على «هوية لبنان العربية»، وأن «سُحب الصيف ولت إلى غير رجعة في العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون»، وتأكيد دول المجلس، بلسان سفير الكويت عبدالعال القناعي «وقوف دول المجلس قاطبة الى جانب لبنان»، وتهنئة الرئيس ميشال عون ودعمه والتمني للرئيس المكلف التمكن في اقرب وقت من تأليف حكومته، وبين هجمة محور إيران - سوريا باتجاه العهد الجديد لاستثمار دعم «حزب الله» في تسهيل وصول الرئيس عون إلى قصر بعبدا، بدا لبنان أمام مشهد مختلف عربياً واقليمياً وربماً دولياً، مع ما كشفه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق من ان باريس تستعد لتنظيم مؤتمر باريس -4 لتوفير الدعم الاقتصادي والسياسي للبنان، بعد طي صفحة الفراغ الرئاسي، وانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.
في هذا الوقت، كانت مساعي تأليف الحكومة تدخل في سباق مع الوقت، مع مرور مهلة الأسبوعين المتبقية قبل عيد الاستقلال يوم الثلاثاء في 22 تشرين الثاني، وسط استراحة في الاتصالات بين «بيت الوسط» و«عين التينة» ورهانات ليست واحدة على إنجاز تأليف الحكومة وإصدار مراسيمها، أو أخذ الوقت لمعالجة المشكلات الأساسية والطارئة بما خص الحقائب السيادية والخدماتية والحصص المسيحية، في ضوء ما يتظهر من اصرار فريق «تفاهم معراب» (أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) على الاستئثار بحصة المسيحيين في الحكومة، سواء كان عدد أعضائها 30 أو 32 وزيراً، الأمر الذي يعني إبعاد حزب الكتائب وتيار «المردة» ومسيحيي 14 آذار، بما في ذلك وزير الداخلية السابق الياس المر عن التشكيلة العتيدة.
معالجات العقد
وتكشف المعلومات المتوافرة عن الاتصالات، سواء المستترة أو الطافية على السطح، أن المعالجات تتركز على النقاط التالية:
1- ما تردّد عن حصة ل<