قال الرئيس اللبناني العماد ميشال عون: «إننا اليوم أمام مشروع كبير، ووصولنا إلى رئاسة الجمهورية ليس الهدف بل الهدف أن نبدأ في بناء وطن قوي عبر تعزيز وحدته الوطنية لأن الوطن القوي يحتاج إلى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون جميعاً». وأضاف: «ما في رأس رح يخرق سقف الدستور من الآن فصاعداً».
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله أمس في القصر الجمهوري في بعبدا في يوم «التهنئة الشعبية» لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية، آلافاً من اللبنانيين غالبيتهم من «التيار الوطني الحر» الذي أسسه من منفاه الباريسي عام 1994 بصورة غير قانونية، ليصبح قانونياً فور حصوله على الترخيص بإنشائه من وزارة الداخلية عام 2006 (راجع ص 5).
وأطل عون على مهنئيه للمرة الأولى من بعبدا ببزة مدنية بعدما كان يطل على أنصاره ومحازبيه من «قصر الشعب»، أي في المكان ذاته ببزة عسكرية، إبان توليه رئاسة الحكومة العسكرية حتى اضطر إلى مغادرة القصر إلى السفارة الفرنسية ومن ثم إلى باريس، بعد العملية العسكرية التي أطاحته في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 1990.
وأطل الرئيس عون على مهنّئيه وسط الهتاف والتصفيق رافعاً يديه، محيّياً المشاركين كما اعتاد أن يفعل في الثمانينات، راسماً شارة النصر ومخاطباً إياهم: «اعتدتم أن تروني في بزة أخرى، إلا أن الكلمة والفكر لم يتغيرا يا شعب لبنان العظيم، ولا يجوز في أي ذكرى وطنية إلا أن نذكر الشهداء والمفقودين من جيشنا وأحبائنا العسكريين ولكن نريد أن نُكمل الحياة مع الأحياء».
وزاد: «سنبدأ اليوم مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن». واستدرك أن لبنان «بُني على الوحدة الوطنية التي ستعطينا القوة في الوطن والتزامنا تجاه أرضنا واستقلالنا، والشعب اللبناني سيحترم القوانين التي تشكّل العقد بين اللبنانيين، الحافظة لحقوقهم وستظهر للبنانيين عدالة وقوى أمنية غير مسيّسة وغير تابعة للقوى السياسية لأنها مؤتمنة على احترام القوانين».
وتوقف الرئيس عون أمام ما ينتظر لبنان من مشاريع، وقال: «نعلم أن لدى المجتمع اللبناني حاجات بدائية غير متوافرة بعد، وتم إسقاط المشاريع ووقفها بكيدية سياسية لعرقلة عملنا، أي الكهرباء والمياه وتحسين أوضاع الطرفين وهذه من أول الأمور التي سنباشر في تأمينها».
وتابع: «وصلنا إلى السلطة ولدينا خطط تنموية مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا ولن نكون مرتهنين لأي بلد آخر، ونتعاطى مع الآخرين بصداقة ومحبة، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول أخرى، وأن الفساد سيُستأصل وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الأمر».
على صعيد الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري، علمت «الحياة» من مصادر نيابية أنه أعدّ خريطة طريق للمشاورات التي سيقوم بها لدى الكتل النيابية، بدءاً برئيس المجلس النيابي نبيه بري لما له من دور في تذليل ما سيواجهه الحريري من صعوبات في إشراك «حزب الله» وتيار «المردة» والحزب «السوري القومي الاجتماعي» و «الكتائب» في الحكومة.
وأكدت المصادر النيابية أن لقاء الحريري - بري لا يأتي في سياق تذليل عقدة التوزير وتوزيع الحقائب الوزارية، وإنما في قدرة رئيس البرلمان على تسهيل مهمته لدى الكتل التي اقترعت بورقة «بيضاء» في انتخاب الرئيس عون لضمان تحقيق توازن في التمثيل لتشكل حكومة وفاق جامعة ما أمكن، قادرة على إحياء مشروع الدولة والنهوض بالبلد، بعدما شارف على الانهيار اقتصادياً ومالياً وسياسياً.