تطرّقت صحيفة "لو موند" الفرنسية إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد سنتين ونصف تقريباً من الشغور الرئاسي، لافتةً إلى أنّ الفريق السياسي الموالي لإيران فاز بالتحصيل الحاصل بوصول الجنرال السابق إلى قصر بعبدا، وإلى أنّ تخلّي السعودية عن بلاد الأرز سهَّل تبوأ الأخير المنصب الأعلى في لبنان.


في تقريرها، اعتبرت الصحيفة أنّ فوز عون حليف "حزب الله"، الذي يقاتل في سوريا إلى جانب الرئيس بشار الأسد، يعكس التوازنات الإقليمية التي تجلّت مؤخراً، فحالياً "ترجح كفة إيران وحلفائها"، مؤكدةً أنّها غير متفاجئة من توقيت انتخابه الذي يتزامن مع إحراز القوات الموالية للنظام تقدماً ميدانياً أولاً، ومع تراجع عدد المنادين بتنحي الأسد ثانياً.

وعلى رغم مما أوردته الصحيفة أعلاه، رأت أنّ وصول عون إلى قصر بعبدا لا يعني أنّ "محور المقاومة" قد فاز بالضربة القاضية، فسيتبوأ خصمه الرئيس سعد الحريري، الموالي للسعودية والقوى الغربية، منصب رئيس الحكومة، وهذا الخبر لن ينزل برداً وسلاماً على دمشق، التي تعتبره عدواً لها، على حدّ قولها.

عن رئيس تيار "المردة" المقرّب من الأسد، سليمان فرنجية، أوضحت الصحيفة أنّ عدداً كبيراً من الأفرقاء السياسيين كانوا يفضلون وصوله إلى سدة الرئاسة، مشيرةً إلى أنّ الحريري اتخذ شخصياً قرار دعم ترشيح عون بعد تسمية فرنجية، على رغم معارضته مصالح المملكة العربية السعودية وخدمته مصالح إيران في المنطقة.

على هذا المستوى، نقلت الصحيفة عن ديبلوماسي عربي سابق، مطلِّع على التطورات السياسية اللبنانية، اعتباره أنّ الحريري في خطر، "فأهانته السعودية، التي لا تعتبره قوياً بما فيه الكفاية لمواجهة حزب الله"، مستطرداً بالقول "الحريري بحاجة إلى تبوأ منصب رئاسة الحكومة مجدداً، لوضع حدّ لتراجعه السياسي والاقتصادي، وهذا ما دفعه إلى "لبننة" الانتخابات الرئاسية".

وفي سياق حديثها عن أزمة "سعودي أوجيه" المالية وقرار السعودية تعليق هبة الأسلحة الفرنسية للجيش اللبناني، اللذين "أبرزا نفور الرياض من الحريري"، أشارت الصحيفة إلى أنّ المملكة لم تعارض القرار الذي اتخذه الحريري بمفرده، ولكنها لم تقدّم له ضمانات، لافتة إلى أنّها تنتهج سياسة عدائية إزاء لبنان مؤخراً.

على هذا الصعيد، أوضح رامي خوري، الباحث في العلاقات الدولية، في الجامعة الأميركية في بيروت، أنّ السعودية تعبت من حلفائها السنة في لبنان، وهي حالياً مهتمة بتطورات أخرى تشهدها المنطقة، كما في اليمن وسوريا، مضيفاً إنّ لبنان، على مستوى المنطقة، لم يعد يضطلع بأهمية كبرى كما سابقاً، إذ أصبح ملفه ثانوياً. في المقابل، أكّد الديبلوماسي العربي السابق، أنّ السعودية ما زالت بعيدة كلّ البعد عن الاستسلام، على رغم خسارتها، متحدثاً عن "عامل الحريري الذي غيّر المعادلة".

وتعقيباً على ما سبق، حذرت الصحيفة من أن يدفع لبنان ثمن المنافسة على الزعامة الإقليمية التي توقعت استمرارها بين إيران والسعودية، متسائلة عن الموقف الذي سيتخذه الرئيس الجديد إزاء "حزب الله" المصنّف إرهابياً في دول الخليج العربي، في قمة الجامعة العربية المزمع عقدها في آذار المقبل.

( "لبنان 24" - Le monde)